مديرُ عام البرامج العامة بقناة “المسيرة” محسن الشامي: الأُمَّــة لو قدمت الثقافةَ القرآنيةَ بالشكل المطلوب لصدئت أسلحةُ أمريكا في البحر
المسيرة – حاوره منصور البكالي:
قال مديرُ عام البرامج العامة بقناة “المسيرة” الأُستاذ محسن الشامي: إنَّ “المشروعَ القرآنيَّ جاءَ في مرحلةٍ هي من أخطرُ المراحل في حلقات مسلسلِ المؤامرات الأمريكية الإسرائيلية للسيطرة الشاملة على المنطقة”.
وأكّـدَ أنَّ “الشهيدَ القائدَ انتصر للقضيةِ الفلسطينية، ودعا الأُمَّــةَ للتحَرّك لنصرة الشعب الفلسطيني”، موضحًا أن “القضية الفلسطينية تكاد تكونُ من أهمِّ الدوافع التي حرَّكت الشهيدَ القائدَ لمواجهة المؤامرات الأكثر خطورةً ووحشيةً على الأُمَّــة الإسلامية”.
إلى نص الحوار:
– ما أبرزُ الأسباب التي هيَّأت لولادةِ المشروع القرآني؟
من أهمِّ الأسباب التي حرَّكت الشهيدَ القائدَ حسين بدرالدين الحوثي -عليه السلام- بُعْدُ الأُمَّــة عن دينها، وانقطاع صِلتها بربها، وتنكُّرُها للثقلين العاصِمين لها من الضلال؛ فانطلق من خلال تقييمَه للحالةِ التي وصلت الأُمَّــة إليها، ومعرفته لأسبابها، وقدرته على تقديم المعالجات والحلول والمخارج لها من منطلق قرآني 100 %، عكستها ومثَّلتها دروسُه ومحاضراتُه التي هي من هدي القرآن الكريم.
فجاء المشروعُ القرآنيُّ في مرحلة من أخطر المراحل في حلقات مسلسل المؤامرات الأمريكية الإسرائيلية للسيطرة الشاملة على المنطقة وفق خطوات منظَّمة ومدروسة، وكانت المرحلة التي هي من أخطر المراحل ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حَيثُ توجّـهت أمريكا بكل ثقلِها وقدراتها وإمْكَاناتها على نحوٍ غير مسبوق، وتحَرّكت في كُـلّ الاتّجاهات لاحتلال المنطقة العربية تحت هذا الغطاء؛ فكانت ولادة المشروع القرآني حاجةً ومسؤولية، تنطلقُ من الوعي بالواقع ومشكلاته ومتطلباته وعلى نحوٍ واقعي وتدريجي وفاعل، له كُـلُّ المميزات التي يمكنُ أن تنشُدَها الأُمَّــةُ تجاه مشروع بنَّاء عظيم فعّال مفيد، يمكن أن تعتمدَ عليه وأن يُشكِّلَ مخرَجاً لها ومُعالجاً لكل إشكالاتها.
– كيف كان واقعُ الأُمَّــة قبل قدوم المشروع القرآني؟
كان الواقعُ بالنسبة للعرب والمسلمين أشبهَ ما يكون بالمتردية؛ فأمريكا حاضرة في المنطقة، وفرضت هيمنتها، وكثير من الثقافات الدخيلة التي أضعفت ارتباط الناس بالله، والثقة به، وأصبحوا يرون أمريكا إلهًا، وأنها تملكُ قوةً ونفوذاً.
ومن خلال تقييمِ الشهيد القائد لواقع الأُمَّــة، ونقاطِ القوة والضعف لديها ونقاط الضعف والقوة لدى اليهود وأهل الكتاب، وطبيعة الصراع معهم، أهدافه وأساليبه، بدأ بتصحيحِ الكثير من المفاهيم المغلوطة، في واقع الأُمَّــة اليوم، وقال إنه يجب أن تعود إلى الله؛ لأَنَّها فقدت عزتها؛ بسَببِ انفصالها عن الله، وهذا هو دأبُ اليهود، أولاً يفصِلون الأُمَّــة عن الله، وَإذَا ما فُصِلت عن الله تعرضت لضربتَينِ: ضربةٍ من جهة الله، وضربةٍ من جهتهم هم؛ لأَنَّهم لا يحظَون بالتأييدِ الإلهي والرعاية الإلهية.
وكان السائد في الغالب الأعم أن القضية الفلسطينية قضية مغلوب على أمرها، ولا بالإمْكَان أن تتحرّر فلسطين، وكأنها مشكلة سبَّبت حَرَجًا لغالبية الزعماء العرب، وأصبحوا يتعاملون مع القضية الفلسطينية وكأنها قضيةٌ غيرُ مكتوب لها الانتصارُ على الإطلاق.
في هذه الأثناء جاء الشهيدُ القائد وانتصر للقضية الفلسطينية، وأكّـد على أن القضية الفلسطينية هي الوجهةُ للأُمَّـة ويجب أن تتحَرّكَ الأُمَّــة لنُصرةِ الشعب الفلسطيني، ولم يكن اليمن منفصلاً عن الواقع يشكل عام، وأصبح الشعبُ اليمني يرى أن الدولة هي الحاميَ الحقيقيَّ لأمريكا، ولا يمكن لأحد أن يتحدثَ عن أمريكا، الشهيد القائد كسَرَ هذا الحاجز.
– ما هي رؤيةُ المشروع القرآني للنهوض بالأمة، كمشروع حضاري؟
رسم المشروعُ القرآنيُّ للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، مساراتٍ واضحةً ومحدّدةً للنهضة بالأمة، كمشروع واسع الأُفُق وعالميّ النظرة، تقوم أُسُسُ نهضة الأُمَّــة فيه على رؤيته وخلفيته الثقافية، والتربوية، والسياسية، والإعلامية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، والعسكرية بخلفية ومنطلقات الرؤية، والثقافة، والمنهجيّة القرآنية، حَيثُ استطاع أن يقدّم قراءة شاملةً للخطاب القرآني، ويعيد تقديمه في الواقع كمنهج للحياة ينهض بالأمة ويعيد بناءها ويحصّنها ضد الأخطار المحدقة بها ويستعيد رؤيتها لذاتها وللآخر ويستنهضها لمسؤولياتها ليس في مواجهة عدوها وحسب، بل ولدورها الرسالي والحضاري الحقيقي والمُغيَّب في هذه الحياة.
– ما مدى حضور القضية الفلسطينية في فكر وواقع المشروع القرآني؟ وما هي دلالاته؟
حضور القضية الفلسطينية في فكر وواقع المشروع القرآني، كبير وواسع، ويمكن القول إن القضية الفلسطينية تكاد تكون من أهم الدوافع والغايات التي حركت الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- لمواجهة المؤامرات والمخطّطات الأكثر خطورة ووحشية على الأُمَّــة الإسلامية، من بداية انطلاق المسيرة القرآنية حتى الآن.
ومن الأمثلة على هذا الحضور الموقفُ اليمني المتقدم في مساندة القضية الفلسطينية، عبر استهداف عمق الكيان الغاصب بالصواريخ البالستية والطيران المسيّر، ومنع الملاحة البحرية إلى فلسطين المحتلّة عبر البحرَينِ الأحمر والعربي، واستهداف السفن الإسرائيلية أَو الذاهبة إليها، وخطابات السيد القائد كُـلّ أسبوع، والمظاهرات الشعبيّة المواكبة لكل جمعة منذ بدأت معركة (طُـوفان الأقصى)، وقبل هذا كله “الهتاف بالشعار -مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية -توزيع ملازم الشهيد القائد للناس مجاناً وعلى أوسع نطاق -نشر محاضرات وخطابات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وعبر مختلف التقنيات الإعلامية الحديثة -إحياء الفعاليات والمهرجانات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني والتي لها صلة كبيرة بالقضية الفلسطينية”، مثل ذكرى الصرخة، يوم القدس العالمي -ذكرى الإسراء ٢٧ رجب من كُـلّ عام -مواكبة الأحداث والمستجدات في فلسطين بالمظاهرات -جمع التبرعات لصالح الشعب الفلسطيني على نطاق واسع رغم ظروف الشعب اليمني المحاصر -تسخير الوسائل الإعلامية اليمنية لصالح القضية الفلسطينية -الإنشاد والخطابة والشعر والزوامل وغيرها من الأعمال الفنية، خطب الجمعة، والمحاضرات والأعمال الثقافية بشكل عام -مواجهة العدوّ الإسرائيلي في ميدان المعركة البحرية والجوية”.
ومن أهم دلالات حضور القضية الفلسطينية في المشروع القرآني، أنها مظهر من مظاهر اتّجاه إرادَة الله -سبحانه وتعالى- ورحمته بعباده المستضعَفين في الأرض وهو القائل سبحانه: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَان وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ).
كما أن إطلاق المسيرة القرآنية كمشروع ثقافي وحركي وثوري وجهادي يعمل في وسط الأُمَّــة الإسلامية على مستوى كبير وواسع، يؤرَّخُ له ابتداءً من يوم القدس العالمي؛ ما يَدُلُّ دلالة عظيمة وبمُجَـرّد هذا التاريخ على عمقِ اهتمام هذه المسيرة بفلسطين والقدس وأنها في قلب اهتمامات هذه المسيرة.
– سيدي العزيز.. حدثنا عن الوسائل والإمْكَانات التي نهضت بالمشروع القرآني؟
بالنسبة للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -عليه السلام- بدأ تحَرُّكُه في هذا المشروع بالقرآن الكريم، وبيّن أن القرآن الكريم له دورٌ كبيرٌ في تنمية مستوى وعي الأُمَّــة؛ لأَنَّ المعركة هي في الأَسَاس معركة وعي اليوم، وعندما نلاحظ بداية المشروع كانت مساراته واضحة، صرخة في وجه المستكبرين، توزيع ملازم، إنفاق في سبيل الله، مقاطعة بضائع، وبدأت تتحَرّك، إعداد عُدة قدر المستطاع، تثقيف مُستمرّ عن طبيعة اليهود وخطورتهم، والأمّة اليوم بحاجة لهذا الوعي، ومما قاله الشهيد القائد عندما جاء الأمريكيون بأساطيلهم إلى البحر الأحمر: “دفعتهم ثقافة، وجاؤونا بثقافة ومفاهيمَ، أنت بحاجة إلى تقديم ثقافتك، ومفاهيمك، ولو قدمت الأُمَّــة الثقافة القرآنية بالشكل المطلوب لصدئت أسلحة أمريكا في البحر”؛ فالمعركة كانت في البداية معركة ثقافية بمعنى الكلمة.
– ما هي مميِّزاتُ المشروع القرآني؟
من مميزات المشروع القرآني أنه يمثّل صلةً بالله، والتمسك به يجعل الأُمَّــة على صلةٍ بالله، وتحظى بتأييده، ومعونته، ونصره، ورعايته، وبكل ما وعد به نتاج ذلك، كما أن له أهميّةً معنويةً عالية وهو مصدر لطاقة إيمانية هائلة، وهذا من متطلبات مواجهة التحدي الأمريكي والإسرائيلي وبتلك الهجمة والاستهداف الشامل.
وقال السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: إن المشروع القرآني “ضرورة للوعي الديني، وللوعي الشامل، في مقابل التضليل؛ لأَنَّ هناك تضليلًا لخدمة أمريكا بالعنوان الديني، مثلما يفعله التكفيريون، وبالعنوان الديني مثلما يفعِّلُه المنبطحون المستسلمون لأمريكا، المروِّجون لسيطرتها على الأُمَّــة بعناوينَ دينية؛ فالوعيُ الدينيُّ من خلال القرآن الكريم ضروريٌّ جِـدًّا للسلامة من ذلك التضليل وللوعي الشامل؛ لأَنَّ فيه تقييمًا كَبيراً عن الأعداء ومؤامراتهم ومخطّطاتهم، عن كُـلّ عوامل القوة، وعوامل الضعف، عن أسباب النهضة وكلّ ما تحتاجه الأُمَّــة في إطار الوعي الشامل”.
وشدّد قائدُ الثورةِ على أن المشروع القرآنيَّ ينسجم مع الهُــوِيَّة الإيمانية للشعب والأمّة، كلمة سواء بين كُـلّ المسلمين، لا يخص مذهباً معيناً، ولا عِرقاً معيناً، ولا فئةً معينة، ولا محافظةً معينة، ولا فئة اجتماعية معينة، إنه يخص كُـلّ المسلمين، بل هدىً للعالمين، وكلمة سواء يجتمع عليها المسلمون.
بل إن مميزاتِ المشروع القرآني أنه يفضحُ عناوين الآخرين، مثل عناوين الديمقراطية وحقوق الإنسان والكثير من “البروباغندا” التي طالما تغنَّى بها الأمريكي، والأنظمة الغربية، وأثبت العدوان على غزة سقوطَها وتلاشيَها أمام الموقف القرآني للشعب اليمني الفاعل في مساندة القضية الفلسطينية.
كما أنه مشروعٌ شاملٌ في عملية التحصين الداخلي على كُـلّ المستويات، الوعي والبصيرة والفهم وتزكية النفوس والتربية الأخلاقية الراقية والإحساس بالمسؤولية، والتعبئة القوية؛ فالتحصينُ الداخلي للأُمَّـة هو أكبرُ متطلباتِ الموقف والمعركة التي تتجهُ للاستهداف الداخلي.
– ما دورُ المشروع القرآني في تحصين شعوب الأُمَّــة تجاه أعدائها؟
المشروع القرآني هو مشروعٌ يقفُ خلفَه اللهُ، وحينما تتحَرّك تجدُ اللهَ معك وأن اللهُ سينصُرُك، وسيُعينُك.. هذا يعني بأنَّك حصلت على كُـلِّ الضمانات، ونلاحظ ذلك من خلال نقلةِ الشعب اليمني الذي لم يكن شيئاً قبل المشروع القرآني، وأصبحوا اليوم يمثلون رقماً صعباً، فأنت تتحَرّك والله -سبحانه وتعالى- من يبنيك ويبني قدراتك؛ لأَنَّ الله يريد أن يهيِّئَك لمرحلةٍ أكبرَ من المرحلة التي أنت فيها، ولدورٍ أكبرَ وأهمَّ من هذا الدور؛ ولذا المشروع القرآني عندما تتحَرّك به الأُمَّــة تحَرّكاً جاداً، تحَرّكاً عمليًّا بمعنى الكلمة، هو قادر على أن يكتسحَ الساحة، وأن يقدِّمَ نماذجَ راقية.
– ما الذي اكتسبه الشعبُ اليمني من المشروع القرآني؟
اكتسب شعبُنا اليمني من المشروع القرآني ثلاثَ ركائزَ أَسَاسيةً:- الركيزة الأولى: المنهجية، والركيزة الثانية: هي القيادة الحكيمة، الركيزة الثالثة: هي الأُمَّــة الواعية، ركائز أَسَاسية للمشروع القرآني؛ فالشعب اليمني بات يمتلك كُـلّ هذه الركائز بفضل الله.
وبات يمثل النموذج والقُدوة لبقية شعوب الأُمَّــة، انطلاقاً من قول الله تعالى: “وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّـة يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ، وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”، يقوم بواجباتها، ويتحَرّك اليوم للتعبير عن مسؤولياتها في “التبيين، والعدالة، وتقديم نموذج”، وهذا المشروعُ القرآنيُّ أكسب شعبَنا اليمنيَّ قدرتَه على التبيين لهدى الله وللمشروع العادل الذي يتحَرّكُ على أَسَاسه في ساحته وتعامله مع أعداء الأُمَّــة، واليوم بات الكل ينظر إلى الشعب اليمني كنموذج، ما الذي صنع للشعب اليمني هذه الطريقة؟ هي الثقافة القرآنية القائمة على ركائزها الثلاث.
– ما الذي دفع الشعب اليمني لأن يتصدر المواقف الإنسانية والأخلاقية المتقدمة على مستوى العالم في الوقوف مع القضية الفلسطينية؟
أولاً: شعوره بالمسؤولية، التي تحَرّكه فيها الكثير من الآيات القرآنية والمنطلقات القرآنية، التي تدفعه لأن يتحمل مسؤوليته، أمام الله وأمام دينه وأمام عباده المستضعفين.
ثانياً: معرفته لطبيعة الصراع مع اليهود وخطورتهم، ولطبيعة السنن الإلهية.
ثالثاً: أصبحت علاقة الشعب اليمني بالله ثابتة، والشعب عندما يتحَرّك فهو يتحَرّك من منطلق الثقة بالله وبنصره وتأييده، إضافة إلى وعيه بخطورة العدوّ، وبخطورة التقصير، وهناك الكثير من الدوافع التي تدفعه للتحَرّك، أولها أنه شعب واعٍ، ثانيها: أنه شعب عنده توجّـه صادق للجهاد في فلسطين.
– ما هي الأبعاد الحقيقية للمشروع القرآني؟
للمشروع القرآني بُعْـــدان على المستوى الرسمي والمستوى الشعبي، وفي كُـلّ المجالات، له تأثيراتُه وأبعادُه السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.
فعلى المستوى الرسمي فالمشروع القرآني يقدّم القيادةَ في حكومة صنعاء، بأنها حُجّـةٌ على بقية الزعماء والملوك والأمراء.
وعلى المستوى الشعبي، إنه مليارٌ ونصفُ مليار مسلم، بإمْكَانهم الالتفاتُ إلى الشعب اليمني، ويفهمون أن الشعبَ اليمني حُجّـةٌ على بقية الشعوب، وبإمْكَانهم أن يكونَ لهم موقفٌ لمواجهة الباطل، لمواجهة اليهود والنصارى، لمواجهة أعداء الأُمَّــة، لمواجهة المجازر التي يرتكبها العدوّ الإسرائيلي في قطاع غزة، وفي كُـلّ المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية… إلخ، وفي كُـلّ المسارات العملية.
– كيف ينظُرُ المشروعُ القرآني إلى مصطلحاتِ التطبيع وعلاقاته الدولية والدبلوماسية مع كيان العدوّ الإسرائيلي والدول المعادية؟
يقول الشهيدُ القائدُ حول قول الله تعالى: “إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ”، وعندما يقول عنهم وهو يتحدث عن طباعهم ومسألة الحوار والمفاوضات معهم “أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ”، لو أن الأُمَّــة انطلقت من كُـلّ هذه الآيات لتعرف طبيعة اليهود ثم تعود إليها، لا يمكن أن تتأثرَ على الإطلاق، وعندما جاءت ثقافات أُخرى أفسحت المجال، وللأسف من بعض الأحاديث التي نسبت إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، زوراً وبهتاناً، مثل قولهم “إن الرسول كان يزورُ يهودياً، وإنه توفى ودرعُه مرهون عند يهودي”، هذه بنَوا عليها علاقاتٍ سياسيةً ودبلوماسية، وبنوا عليها نُظُمًا ومسارات، بينما الله سبحانه وتعالى يقول: “وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا، إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ”، وفي موضع آخر يقول تعالى: “وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ”، وهنا يبين لنا خطورتهم، ويحدّد من هم، ثم يأتي من يعطي تنظيرًا وربما يكيِّفُ هذه الآية القرآنية أَو تلك لصالح ولي أمره، فيكيِّفُها بالشكل الذي يخدم أجندة وأهدافَ اليهود وأدواتهم.
– ما مدى حاجةِ الأُمَّــة العربية والإسلامية للمشروع القرآني؟
الرؤيةُ القرآنية دائماً هي كُلُّها بصائر، كلها نور، كلها هداية، كلها توضيح، وحاجة الأُمَّــة اليوم إلى المشروع القرآني أكثر من حاجتها مثل ما يقول البعض إلى الوضوء للصلاة؛ لأَنَّ المشروعَ الفلاني هذا هو يبيّن لك أن الأُمَّــة قويةٌ وعزيزةٌ ونادرة بإمْكَانها أن تكسرَ حالة الصمت والجمود الآن الموجودة، وأنا أؤكّـد لك أنه في حال انتصر الشعب الفلسطيني انتصرت المقاومة بشكل عام، وهو انتصارٌ للشعب اليمني وموقفه المتقدم.
– ما مدى قابلية الشعوب العربية اليوم للتحَرّك في الموقف الجهادي وفق المشروع القرآني وعالميته؟
الشعوبُ العربيةُ تعيشُ واقعَ الترقُّب والخوف من الأنظمة الحاكمة لها؛ وبسببِ الكثير من التشويش الذي يشوِّهُ حَمَلَةَ المشروع القرآني، وتنظر الشعوب بترقب إلى الأحداث، والأمّة في واقعها اليوم لديها توجّـه لمواجهة عدوها، لكن العوامل التي تؤثر عليها ماثلة في الحكومات وسياسات القمع وعوامل الترغيب والترهيب، إضافة إلى ضلوع الكثير من الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة.
– ما هي خيارات المشروع القرآني لتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني وبقية الأُمَّــة ومقدساتها من الهيمنة الأمريكية؟
المشروع القرآني ناقش الخيارات التي ينتظرها المسلمون لتحرير فلسطين، كالرهان على الزعماء العرب والمسلمين وجيوشهم، والرهان على المحاور أَو الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وانتهاء بما يسمى “عملية السلام” والوعود الأمريكية الخادعة، والتطبيع، وفنّد هذه الخياراتِ جميعاً، كما ناقش السببَ الأَسَاسي لهزائم العرب أمام “إسرائيل”، موضحًا أَنَّ المشكلةَ هي أن العربَ صرعوا الإسلامَ في نفوسهم قبل أن يصارعوا “إسرائيل”؛ لذلك فهم يتلقون الهزائم تلو الهزائم وخَلُصَ بأن العودة إلى الإسلام، إلى القرآن هي الحل وأن الطريقَ إلى ذلك هو تحَرّك الشعوب بنفسها، كما تحدث بعمق وتفصيل عن خطر اليهود وجنايتهم على البشرية جمعاءَ وضرورة العودة إلى القرآن في هذه المواجهة ضدهم، وقدَّمَ للعالم النموذجَ الأمثل في وقوف اليمن مع غزة منذ بدء معركة (طُـوفان الأقصى)”.
– ما هي الخطط والبرامج الاستراتيجية لتقديم المشروع القرآني في هذه المرحلة؟
نشتغل على ثلاثة مسارات؛ لأَنَّه لا يمكن أن نقدم الثقافة القرآنية لوحدها في واقعنا اليوم، وهناك الكثيرُ من القضايا الكبرى إذَا ما تحَرّك الناسُ لمواجهة هذا العدوّ تلقائياً، فالناس يبحثون عن ثقافتِك وتوجُّـهِك وموروثك الديني، ويبحثون عنك كحَلٍّ.
وأول مسارات العمل: هو مسار إبراز مظلومية القضية الفلسطينية، والناس بحاجة إليها.
ثانياً: إبراز الانتصارات الحاصلة.
ثالثاً: مواجهة الشُّبَه والدعايات، وهناك الكثيرُ من الشُّبَه والدعايات لخلط الأوراق، والناسُ بحاجة إلى أن يتحَرّكوا في هذه الثلاثة المسارات المهمة؛ لأَنَّ هناك شُغلاً مكثّـفاً من قبل العدوّ لضرب المقاومة في فكر الشعوب.
– ما دلالاتُ الظهور الأسبوعي المنتظِم لقائد الثورة وماذا يعني ذلك لصمود المقاومة في غزةَ واليمن وبقية المحور؟
ظهورُ قائد الثورة كُـلّ أسبوع؛ مِن أجلِ غزة ومتابعة آخر المستجدات والتطورات في مسارات المعركة مع أعداء الأُمَّــة أمريكا و”إسرائيل”، دليلٌ على استشعار المسؤولية، وأهميّة التوضيح لخطورة المرحلة وخطورة العدوّ وخطورة المؤامرة، وخطورة الخِذلان العربي والإسلامي ولإقامة الحُجّـة، ومن جهة أُخرى أن يحمِّلَ الشعوبَ العربية والإسلامية مسؤوليتَها تجاه القضية الفلسطينية، وفي المقابل يريدُ قائدُ الثورة أن يقولَ للشعب اليمني إن استمرارَ الثبات والصمود هو عنوان للمرحلة.
كما هو لرفع المعنويات وتعزيز الصمود، كشف وهن وضعف العدوّ، وشحذ همم الشعب اليمني المُستمرّ في التحشيد والمواجهة والدعم، والدورات القتالية والتدريبة.
– ما هي قراءتُكم لمستقبل المشروع القرآني بعد هذه المرحلة؟ وعلاقته بالصراع مع أهل الكتاب؟
بعد انتصار غزةَ الكُلُّ سيأتي إلى اليمن: نُخَبٌ سياسية، ثقافية، إعلامية، الكل يريد أن يهبطَ على مطار صنعاء ليسأل من أنتم؟ وهذه هي أحداثٌ وسُنَنٌ إلهية ذات أهميّة عالية؛ فالله -سبحانه وتعالى- عندما تحدث عن المسلمين وكانوا داخل المدينة محاصَرين من كُـلّ الاتّجاهات، ونزل قوله تعالى: “ألم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ”، إلى درجة أن البعضَ سخر من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
الصراعُ العالمي بشكل عام والصراعُ مع أهل الكتاب بشكل خاص، سيصنعُ انفراجةً للمستضعَفين داخل فلسطين وبقية الشعوب العربية؛ لأَنَّ الله -سُبحانَه وتعالى- من يدير المسألة.. إشكاليتُنا أن البعضَ ينظُرُ إلى الأحداث الجارية اليوم في الساحة العربية والإسلامية والعالمية بأن مبعثَها سياسي بحتٌ أَو اقتصادي بحت، وكأنه لا توجد لها سننٌ إلهية.
المشروعُ القرآني هو مشروع عالمي، الناس بحاجةٍ إلى أن يلتفتوا إلى المحاضرات أكثر، كيف قرأ الشهيدُ القائد الواقع؟ وكيف أصبح السيد عبدالملك -يحفظه الله- اليوم ينظرُ إلى الأحداث بطريقة عجيبة؟
عندما ينظر إلى الأحداث وكأنه يستقرئها، أنتم إذَا فعلتم كذا نحن سنعمل كذا؛ بمعنى أنه الرجل الوحيد في هذا العالم بكله الذي يقول: “لا، لأمريكا”؛ لذا هم عندما يتحدثون أنه صاحب القول والفعل، يده خفيفة على الزناد، هم يعرفون أن لديه معرفةً بالسنن الإلهية، ويوجدُ له ارتباطٌ بالإمام عليّ وفكره ووعيه وشجاعته.
وفي دائرة السنن الإلهية أن اللهَ -سبحانَه وتعالى- يحوِّلُ كُـلَّ شيء لصالحك، وأنت ما عليك إلا أن تتحَرّكَ وفقَها، (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ، مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) وتعني كلمةُ “فَأَتَاهُمُ اللَّهُ” هنا سنة إلهية، فأتاهم الله من حَيثُ لم يحتسبوا، المسألة فيها الله، الناس متى ما تحَرّكوا وفق السنة الإلهية: التزام، صبر، مثابرة، إنفاق، تسليم، والله سبحانه وتعالى هو الناصر، موسى كان معه عصا، الآلية التي يمتلكها موسى مع بني “إسرائيل” (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)؛ لأَنَّه عندما يكون عندك إيمان يكفيك ولو بندقية، لكن عندما يكون عندك دبابة بدون إيمان فلا فائدة.
– إلى أي مستوى وصل المشروع القرآني بمستوياته الثلاثة وأبعاده المحلية والإقليمية والدولية؟
المشروع القرآني ليس مشروعاً محلياً لمنطقة معينة، والنجاحات واضحة.. إنه المشروع الذي استطاع أن يكسر العزلة التي حاول العدوُّ فرضَها عليه أَيَّـام النظام السابق، وحاول الحدَّ من هذا المشروع تماماً، وأن يقضيَ عليه في البداية في المهد، وما بعد ثورة 21 سبتمبر دخل التحالفُ على الخط وكان الهدف هو إذَا لم ينهِ هذا المشروع القرآني، بتحجيمه أَو تقزيمه في إقليم من الأقاليم، وكان هذا ما يريدونه هو العودة إلى صعدة.
وهنا نعودُ إلى ما بعد الحرب السادسة كان هناك حصارٌ أشبهُ ما يكون في إطار على صعدة ممنوع الدخول والخروج إلا تهريب، حينها نزلت الكثيرُ من القبائل، الكثير من الوفود من كُـلّ المحافظات، كان السؤال الأبرز لسانُ حال الجميع أنه: من أنتم؟ كيف انتصرتم؟ ما هي ثقافتكم؟ ما هي معجزتكم؟ ما هي قيادتكم؟
هذه الأسئلة ستكون عنوان المرحلة، وقد يأتي مثلاً من لبنان، من إيران، من تونس، سيأتون من كُـلّ مكان، ونحن الآن نسمع الكثير ممن يطرحون نفس هذه الأسئلة.
– ما أبرزُ التحديات التي تواجهُ المشروعَ القرآني اليوم؟
هناك الكثيرُ من التحديات، ليس أولها العقائدُ الباطلة والثقافات المغلوطة، والهيمنة الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والإعلامية للعدو، ولا آخرها تعرُّض القيم والمبادئ والنواميس الإنسانية والقيمية والفطرية للمجتمع البشري لأخطر عملية استهدافٍ غير مسبوقة بقيادة الصهيونية العالمية، والتي من مخرجاتها ما يجري اليوم من الجرائمِ والإبادة الجماعية للإنسانية في قطاع غزة، والموقف المخزي والفاضح للدول والحكومات العربية ودوائرها ونُخَبها الفكرية والدينية.
ولكن أمام المشروع القرآني تتحوَّلُ التحدياتُ إلى فُرَصٍ، وأحياناً قد تكون اختباراً للوصول إلى أهداف كبرى؛ فالقضية الفلسطينية على سبيل المثال تشكِّلُ منعطفاً خطيراً للأُمَّـة، ووقوفُ الشعب اليمني في صدارة الشعوب والدول لمواجهة خطورة اليهود والنصارى أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا، يعطي رسالةً بأن الشعبَ اليمني يخوضُ هذا المعترك، بما لديه من القدراتِ والإمْكَانات والثقافة القرآنية القوية والقادرة على أن تحصِّنَ الأُمَّــةَ بكُلِّها.
وما بعد معركة (طُـوفان الأقصى) ستتبخر الكثيرُ من التحديات السياسية والفكرية والعسكرية والاقتصادية، وستزيدُ المشروعَ القرآنيَّ أَلَقًا ونصرًا.
– المشروعُ القرآني إلى أين؟
المشروعُ القرآني تمكّن من إيجادِ الفلاح والفوز والنصر والتمكين في الدنيا، وكذلك الفوز -إن شاء الله- في الآخرة، والتجربة التي يعيشُها الشعب اليمني اليوم هي تجربةٌ عالميةٌ بعالمية القرآن الكريم؛ أي إنك على بُعدِ 2000 كيلو متر تواجه هذا العدوّ تقف مع الشعب الفلسطيني، هذا يعني أن المسافة الزمنية والجغرافيا لا شيء، إذَا الناس تجاوزوا هذه المرحلة؛ بمعنى أني لست بحاجة سنة لأصل إلى مكان كذا، أنت حين تقفُ مع القضايا الكبرى وتقدم ثقافتك، عندما يظهر القائدُ وهو يبيّن ويوجّه هنا الثقافة القرآنية، فأنت قدمت النموذجَ الراقي في حين أن الكثيرَ من الواعظين والمنظِّرين والعلماء حاولوا أن يزوِّروا الآياتِ القرآنيةَ وتفسيرَها لصالح الظالمين، لكنهم لم يصلوا إلى نتيجةٍ، بينما أنت حين تعطي آيةً قرآنيةً وتبيِّنُ عليها عمليًّا هو التقديمُ الحقيقيُّ للهدى.. الأُمَّــةُ الإسلاميةُ تحتاجُ اليومَ للمواقفِ العمليةِ وليس المنظِّرِينَ والواعظِين.