رمضانُ شهرُ القرآن والجهاد والمروءة والإحسان
القاضي/ حسين محمد المهدي
الصوم يهذّب الطباع ويزكّي النفس ويعين على مكارم الأخلاق؛ فإذا صمت صام سمعك وبصرك ولسانك عن كُـلّ ما يجرح ويفسد صيامك.
فالصائم يتحلى بالمروءة والوقار فلا يكون يوم صومه كيوم الإفطار، ويلتزم في وقته الذكر والاستغفار، ويطلب الخير من الكبير المتعال.
لا يدرك الصائم فضائل صومه وقيامه؛ إلا إذَا التزم بحفظ جوارحه ولسانه، واجتهد في حفظ حدوده وأحكامه، واستحضر ما خص الله به شهر الصيام من مضاعفة مثوبة الأعمال الصالحة.
فالمغبون من فرط فيه، والخاسر من فاته الربح حين لا يمكن تلافيه.
الصيام والقرآن يشفَّعان للعبد يوم القيامة فيشفعان.
رمضان شهر القرآن، فمن قرأ فيه حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها كما ورد في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
ولا تُضِعْ وقتك فيما لا نفع فيه.
فالوقت أنفع ما عنيت بحفظه.. وأراه أسرع ما عليك يضيع.
إن من النعم العظيمة أن يلتزم الصائم المروءة مع الحق سبحانه وتعالى، فيستحيي من اطلاعه عليه فيخلص في عمله ويصلح من عيوب نفسه.
ويستخدم المروءة مع الخلق فيلتزم معهم الأدب ويتخذ منهم مرآةً لنفسه؛ فكل ما كرهه من قول أَو فعل أَو خلق فليتجنبه، وما أحبه من ذلك فليفعله.
ففي المروءة والحفاظ عليها كمال المرء، واتصاف النفس بصفات الإنسان التي فارق بها الحيوان والبهيمة والشيطان.
فَــإنَّ للنفس داعٍ يدعوها إلى الأخلاق الحسنة، واجتناب كُـلّ قبيح.
باجتناب الدنايا والرذائل، وإتيان الفضائل والأخلاق الحسنة وذلك ما ينبغي أن يكون عليها الصائم.
وداعٍ يدعو النفس إلى الاتصاف بأخلاق الشياطين من الكبر والحسد والبغي بغير الحق، والفساد في الأرض وظلم الناس، وذلك ما ينبغي أن يجتنبه الصائم.
فالأخلاق الخبيثة التي تتصف بها الشياطين هي نفس الأخلاق التي تتصف بها الصهيونية اليهودية والتي تسير عليها فتسفك الدم الحرام وتقتل الشيوخ والصبية والنسوان في أرض فلسطين أرض الإسلام.
ومن المروءة كف يدها الظالمة ودفع بغيها وتحرير أرض فلسطين جهاداً في سبيل الله، ومنعاً للظلم عن عباد الله، وتخلقاً بالأخلاق الحسنة، واستحياء من نظر الله إلى الصائمين وهم لا يؤدون واجبهم، ولا يراعون نواميس الفطرة التي هي الدعامة الأولى لحفظ كيان الأمم.
فكيف يعلو بنيان الإنسانية وتستقيم أحوال الأُمَّــة الإسلامية وهي لا تأخذ على يد الظالم، ولا ترد كيد المعتدين، ولا تعين على مظلومية الشعب الفلسطيني وتحرير مقدساته.
وقد كانت؛ مِن أجل ذلك رسالة الأنبياء قائمة على حفظ الأخلاق الفاضلة، ومقارعة الأخلاق الخبيثة الفاسدة.
فقد بعث محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- ليتمم مكارم الأخلاق، ذلك أن الإنسان مركَّبٌ من جسد مدرك بالبصر، ومن روح ونفس تدرك بالبصيرة، ولكل واحد منهما هيئة وصورة إما جميلة وإما قبيحة.
فالصورة القبيحة التي أطلت بها الصهيونية يجب محاربتها فذلك دليل كمال الإيمان، والابتعاد عن خطوات الشيطان.
آن الأوان للمسلمين اكتمال مروءاتهم في شهر الصيام، والنفير لجهاد الظالمين في فلسطين وكسر شوكتهم، وإعلاء كلمة الحق والدين الذي يفدى بالأرواح والأولاد والآباء والأُمهات والأموال.
وقد هيأ الله رجالاً في فلسطين ومحور المقاومة من أنصار الله وحزبه من المؤمنين (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين.
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).