التّسليمُ الإلهي وأهميتُهُ في أداء مسؤولية الاستخلاف في الأرض
هنادي محمّد
- على وجهِ الحكمة التي يمتلكُها عَلَمُ الهدى؛ اختار السيدُ القائدُ ضمن مشوار محاضراته في القصص القرآنية أن تكونَ قصةُ خلق الإنسان، وغاية خلقه، وما يتصل بها من تفاصيل خلق أبينا آدم -عليه السلّام-؛ لأَنَّها القصةُ القرآنية الأم إن صح التّعبير، مع ذلك لم تحظ بالاهتمام اللازم من جهتنا مع ما فيها من العبر التي تقينا من الشقاء، القصة التي إذَا ما استوعبناها جيِّدًا سنتمكّن من قطف ثمار العبر والدروس القادمة من القصص الآتية.
لعل أبرز ما أراد أن يوصلَهُ لنا السيد القائد -يحفظه الله ويرعاه- من المبادئ العظمى التي ذكرها، قضية التّسليم المطلق والكامل لله-جلّ شأنه- ولتوجيهاته وتعليماته وعلمه وحكمته في تدبير الأمور التي قد نرى بعضًا منها من زاوية واحدة، وبنفس نظرة ملائكة الله في مسألة خلق الإنسان؛ حَيثُ دفعهم قصور معرفتهم واستغرابهم وحيرتهم إلى أن ينبعث منهم تساؤلًا-وإن كان مع كامل عبوديتهم لله- كان يفترض ألّا يصدر منهم بحكم واقع مقتضى إيمانهم بالله.
مبدأ التسليم الإلهي وامتداداته، كالتسليم لرسول الله -صلوات اللهّ عليه وآله- ووصيّه وأعلام الدين والهُداة، يجب أن يعي المؤمنون أهميتهُ ويدركون خطورة عدم العمل به أَو الإخلال بمقتضاه؛ باعتباره من أهم ركائز رسالة الله.
كما أشار إلى أن دور الإنسان ومسؤوليته في الأرض مقدّسة، واستخلاف الله له كان تكريمًا وتشريفًا لهذا الكائن؛ فيفترض بنا أن نؤدي دورنا وفقًا لهدى الله ليتجلى لنا أهميّة هذا الدور الذي سينتهي بتقديم شهادة واضحة على كمال الله سبحانه وتعالى، والعكس من ذلك، انحرافنا عن خط الهداية، النور، ومخالفتنا لتوجيهات الله سيوصلنا إلى العذاب والشقاء، بما كسبت أيدينا.
وهنا يتضح حجم الترابط التكاملي بين مبدأ التسليم وبين سنّة الاستخلاف؛ حيثُ إن الثاني لن يتم إلّا بالأول.
الاستخلاف في الأرض فيه خيرٌ كثيرٌ للإنسان سيعلّمنا إياه سماحة القائد في محاضرته القادمة، بعد أن نكون قد أدركنا -بإذن الله- قيمتنا الإنسانية من بين الكائنات، الذي يحاول البعض الإتيان بتنظيرات وقصص ليس لها مستند علمي، تسيء إلى الإنسان ودوره حتى تتغير نظرته إلى نفسه، فيخّل بما أوكل إليه من مسؤوليات في إطار خلافة الأرض، والعاقبةُ للمتّقين.