العدو وأَدواته يعودون من نافذة المشتقات النفطية لافتعال أَزَمات غير مبررة ( تقرير )
صدى المسيرة/ تقرير/ رشيد الحداد
إرتفعت أَسعار البنزين والديزل بصورة مفاجئة إلى مستويات تفوق قدرات المواطن البسيط وتضيف عبئاً جديداً على واقعه المعيشي، تلك الارتفاعات التي أخذت في التصاعد منذ الأسبوع الماضي بعد سقوط المبررات كشفت عن وقوف مافيا النفط وراء المغالاة بعد أن سقطت خططهم الرعناء في رفع أَسعار المواد الغذائية إلى التفاصيل: ـ
تشيرُ التقاريرُ التي حصلت عليها “صدى المسيرة ” من الجهات الرسمية مؤسسة موانئ البحر الأَحمر عن استقبال أرصفة ميناء الحديدة 252 ألف طن من المشتقات النفطية، ووفق تلك البيانات فإن مادة الديزل احتلت التي احتلت المرتبة الأوْلَى في قائمة الاستهلاك خلال السنوات الماضية احتلت المرتبة الأوْلَى من إجمالي واردات المشتقات النفطية التابعة للتجار التي وصلت الموانئ المحلية ويأتي بعدها في المرتبة الثانية مادة البنزين.
ما تم استيراده التجار المستفيدين من قرار اللجنة الثورية العليا القاضي بتعويم المشتقات النفطية وفتح باب المنافسة للتجار للاستيراد شكّل 30% من إجمالي الاستهلاك خلال ذات الفترة، فوفق الاحصائيات الرسمية فإن معدلَ الاستهلاك العام للمشتقات النفطية خلال العام 3 ملايين طن، وبالتالي فإنَّ النقص الحاد في المشتقات النفطية تم توفيره من مصادر غير رسمية.
إبتزاز المواطن
خلالَ الأسبوع الماضي أكّد عددٌ من تجار المشتقات النفطية الحاصلين على تراخيص استيراد أن أَسعار البنزين والديزل ثابتة، ولكن ما حدث أن ملاك المحطات الذين يعملون بعيداً عن أعين الرقابة ظلوا يغالون في أَسعارها، فبينما الجهات الرسمية منشغلة في الدفاع عن لقمة عيش المواطن اليمني البسيط والحفاظ عليها من تلاعب التجار المتلاعبين خلال الأيام الماضية، عمدت عصابات المافيا على رفع أَسعار المشتقات النفطية مفتعلة أزمة أُخْرَى لا تقل خطورة عن الأزْمَة المفتعلة في أَسعار الصرف وأَسعار المواد الغذائية حيث تم رفع أَسعار البنزين في السوق الموازي من 4000 ريال للدبة سعر 20 لتراً إلى 6000 ريال بنسبة زياده 50%، وهو ما دفع المواطن إلى العزوف عن الشراء ليتراجع الطلب على المعروض في تلك المحطات إلى قرابة الـ 50 %، إلا أن مافيا النفط ظلت تراقب عودة الطلب تدريجياً، وهو ما أعدته مافيا النفط مؤشراً كافياً للرفع التدريجي لأَسعار المشتقات النفطية في السوق بالتزامن مع بدء العد التنازلي لقدوم شهر رمضان المبارك.
الأربعاء الماضي نزلت لجان رقابة مكونة من عدد من الجهات المختصة إلى السوق المحلي بأمانة العاصمة وشملت الحملة مراقبة أَسعار المشتقات النفطية والقبض على المغالين فيها، وهو ما قوبل بإغلاق شبه جماعي من الساعة العاشرة حتى الثالثة عصراً لمحطات الوقود المتلاعبة بالأَسعار مفتعلين أزمة، إلّا أن تلك المحطات فتحت أبوابها مساء نفس اليوم بالتدرج بعد اتفاق مافيا المشتقات النفطية على مقابلة الخطوة الرقابية بالتصعيد وتسليط وسائل إعْـلَام العدو على ذلك، حيث ارتفعت أَسعار الدبة البنزين سعة 20 لتراً بسعر 6500 ريال والدبة الديزل بـ 4000 ـ 5000 ريال وخلال أيام العطلة الأسبوعية يومي الخميس والجمعة الماضين رفع مافيا المشتقات النفطية أَسعارها إلى 7000 ريال للدبة البنزين سعة 20 لتراً بسعر اللتر الواحد 350 ريالاً.
تلك المغالاة في أَسعار المشتقات النفطية لم تكن مبررةً وهدفها المشترك جني المزيد من المال على حساب المواطن اليمني والايفاء بالتزامات تجار النفط المتواجدين في صنعاء لمافيا النفط المرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالعدوان وهادي ونجله جلال وحكومة نزلاء الفنادق.
إدارة العدو لأَزَمات المشتقات
في إطار إدارة الأَزَمات المشتقات النفطية في الداخل عمد العدو وأَدواته إلى ممارسة القرصنة البحرية على واردات شركة النفط اليمنية من النفط، ومن ثم انشأت عدداً من الشركات النفطية الوهمية التابعة لتجار نفط عُرفوا على مدى السنوات الماضية بهوامير النفط ومارسوا أبشع الجرائم بحق الاقتصاد الوطني، ومن تلك الجرائم تهريب المشتقات النفطية المدعومة من الداخل إلى الخارج، و خُصُوْصاً إلى دول القرن الافريقي وفرض عمولات على شركة النفط باعتبارهم وكلاء شركات دولية مخولة باستيراد النفط وتصديره وكانت هوامير الفساد أو ما يطلق عليهم بوسطاء الشراء يجنون 30 مليونَ دولار شهرياً، وبعد أن فقدو مصالحهم عقب انهيار منظومة الفساد الكبرى بعد ثورة 21 سبتمبر 2014، عادوا إلى الواجهة مرة أُخْرَى بطرق غير رسمية وتحت مسمياتٍ مختلفة مرتدين رداءَ الشرعية الزائفة خلال الفترة الماضية، وبضوء أخضر من العدوان السعودي الأمريكي يفرضون عمولاتٍ ماليةً كبيرة القيام بمهمة تسهيل دخول الشحنات النفطية المستوردة ومنحها تراخيص دخول أو التكفل بالاستيراد وتسليم الحمولات في ميناء الحديدة بأَسعار تفوق القيمة الحقيقية، ولذلك لا يستطيع أَي تاجر استيراد المشتقات النفطية بصورة مباشرة دون العودة إلى مافيا النفط الموالين للعدوان ومن يتمكن من الاستيراد لا يستطيع إدخال المشتقات إلى الموانئ المحلية ولا يحصل على ترخيص دخول إلّا بعد أن يتكبد خسائر فادحة.
ونظراً للقرصنة التي يتعرض لها تجار النفط المستوردون، عمد العدوان وأَدواته إلى ضخ كميات كبيرة عبر منفذ الوديعة من النفط والديزل القادمة من الأَرَاضي السعودية وتحمل تصاريح دخول من قبل غرفة عمليات العدوان المشتركة، وتصل تلك الكميات بصورة يومية إلى 5000 برميل بالإضَافَة إلى فتح أبواب تهريب المشتقات النفطية عبر سواحل حضرموت والمهرة والتي تقدر يومياً بما يزيد عن عشرين ألف طن وتوجه كُلّ تلك الكميات نحو المحافظات الشمالية؛ بهدف استنزاف العملة الصعبة وخُصُوْصاً أنها تباع بالريال السعودي.
ووفق مصادر مؤكدة فإن المليشيات الموالية للعدوان تفرض إتاوات تصلُ في كُلّ نقاطها المنتشرة من خارج منفذ الوديعة والعبر والرويك ثم صافر ومأرب حتى نقاط التماس مع الجيش واللجان الشعبية في محافظتي الجوف ومـارب قرابة الـ 500 ألف ريال على كُلّ قاطرة نفط.
الأزْمَة ضمن مخطط
من خلال إدارةِ العدو ومرتزقته لأَزَمات المشتقات النفطية في الداخل يتبين مدى سقوط قيم وأخلاق العدو الاستغلالية التي تسعى بشتى الطرق إلى استغلال الظروف المعاشة للشعب اليمن مقابلَ الثراء على حساب الكادحين، فبين تارةٍ وأُخْرَى يتعمد العدو وقف امدادات المشتقات النفطية حتى التي تصل الأَسْوَاق السوداء التي يديرُها، فالشهرُ الماضي تعمدت مليشيات العدو في محافظة مأرب الشهر الماضي احتجاز عشرات القاطرات المحملة بالمشتقات النفطية لعدة أيام وبتوجيهات من العدوان السعودي بغرَضِ افتعال أزمة مشتقات نفطية في العاصمة صنعاء، إلّا أن احتجازَ القاطرات الذي ظل لعدة أيام ويأتي ضمن مخطط اقتصادي كبير شمل ثبات أَسعار صرف العُملة فيما بعد والمواد الغذائية لم يتسبب بأزمة مشتقات في العاصمة كما كان العدو ومرتزقته يخططون، وهو ما دفع العدو إلى إعَادَة حساباته وبالتزامن مع محاولة العدو الأخيرة التلاعب بالورقة الاقتصادية بث شائعات بتوقف امدادات المشتقات النفطية عبر البحر لعدة أسابيع حتى يدفع مافيا المشتقات في الداخل إلى رفع أَسعارها دون مبرر والاسهام في إنجاح خطة ضرب الاقتصاد وتدمير الاستقرار المعيشي للمواطن اليمني، إلّا أن كُلَّ المبررات سقطت فاستيراد التجار للمشتقات لا زال سارياً دون تغيير رغم الصعوبات.
التعويمُ لا يعني الاستغلال
عندما أصدرت اللجنة الثورية العليا قرار تعويم المشتقات النفطية أقرت في نفس الوقت ضوابط تحفظ حق التاجر والمستهلك حتى لا يتحول إلى عرضة للابتزاز والمغالاة من قبل التجار، وخول القرار الجهة المسئولة عن منح تراخيص الاستيراد للتجار ممثلة بشركة النفط اليمنية متابعة الأَسعار في السوق العالمي ومدى موائمة أَسعار البيع في الداخل لها حتى لا يستغل المواطن اليمني، إلّا أن شركة النفط في ظلّ تعدد مصادر الاستيراد حاولت التنصل عن ذلك الدور الرقابي، وأعلنت عن ثبات أَسعار المشتقات النفطية واتهمت التجار بالابتزاز وتحميل المواطن اليمني ما لا يطيق تحمله، وقدمت نفسَها كبديل للقطاع الخاص بشرط تغطية البنك المركزي اليمني لواردتها.
قرارُ التعويم أتاح للتجار لأول مرة حق الاستيراد إلّا القرار في ظل الأَوْضَاع الاقتصادية الراهنة، بمثابة اختبار للتجار ومدى قدراتهم على إثبات للمجتمع والدولة انهم البديل الأنسب لشركة النفط اليمنية المخولة وفق القانون بتغطية كافة واردات البلاد بالمشتقات النفطية من الداخل أو الخارج، فنجاح القطاع الخاص في إثبات ذلك سيتيح المجال واسعاً لهم في المستقبل وفشلهم في إثبات ذلك، كما هو الحال سيفقدهم الامتياز الذي حصلوا علية بموجب قرار التعويم.