رمضان.. زكاءُ النفس والمسارعة إلى إنفاق المال
القاضي/ حسين محمد المهدي
الصوم في رمضان يدفع إلى أغلى وأسمى ما يسعى الإنسان إلى تحقيقه من التقوى ومراقبة الله.
فمن راقب الله في خواطره عصمه في حركات جوارحه وسارع إلى الخيرات، واجتناب المقبحات.
وقد أثنى الله على أهل بيت نبي من أنبيائه زكريا عليه السلام بقوله سبحانه:
(إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ).
الصيام ينور القلوب.
ويصلح النفوس.
ويبعث على الجود والكرم والإيثار.
ومن آثر على نفسه استحق الفضيلة وبالغ في المروءة وقد أثنى الله على الأنصار بقوله:
(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أنفسهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
سعادة الإنسان لا تتحقّق بغير تضحية النفس في سبيل الغير.
فمواساة الغير وإدخَال السرور عليهم وقضاء حاجتهم فيه الخير الكبير والثناء الجميل وكثير ما يتحقّق ما فيه نفع للإنسان وسعادة في رمضان.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان.
وحين سئل: أي الناس أحب إلى الله، قال: أنفعهم للناس، وسئل عن أحب الأعمال إلى الله قال: سرور تدخله على مسلم
إن من أحب الأعمال إلى الله أن تدخل سرورا على مسلم تكشف عنه كربة، أَو تقضي عنه دينا، أَو تطرد عنه جوعا، كماء جاء في الحديث النبوي.
ولهذا يقول الحبيب المصطفى (من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا)
الحياة تمضي كأنها لحظة عمر الإنسان فحسب؟
ويكفي الإنسان في هذه اللحظة وهو يرى الناس في يوم صومهم وفيهم ذوي الجاجة فيسعى إلى قضى حوائجهم وإدخَال السرور عليهم.
وقد سئل النبي عليه الصلاة والسلام أية الأعمال أفضل قال: إدخَالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أَو كسوت عريته أَو قضيت له حاجة.
فالصائم ينفق المال في سبيل الله ويبتسم في وجه أخيه.
أحب الأعمال إلى الله التي ينبغي على الصائم أن يسارع إليها ويحافظ عليها إدخَال السرور على قلب المؤمن.
فذلك تعبير عن الرضا والشعور بالسعادة في يوم الصوم.
لقد جاء في الحديث (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)
فالحياة ماضية والدهر ذُو غِيَر
فلا تبتئس ولا تقنط من روح الله
(إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّـهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).
فالعاقل لا يحمل هموما في يوم صومه.
فإن ربًّا كفاك بالأمس ما كان
سيكفيك في غدٍ ما يكون
وللإمام علي عليه السلام:
رأيت الدهر مختلفا يدور
فلا حزن يدوم ولا سرور
وقد بنت الملوك به قصورا
ولم تبق الملوك ولا القصور
إن أجمل هدية يقدمها الإنسان لأخيه الإنسان هي إدخَال السرور والبهجة إلى نفسه يكشف كربة عنه.
أو بذل مَعونة.
أو معالجة مريض.
أو مواساة فقير.
أو كفالة يتيم.
أو إعانة متعلم.
أو ينفق على مجاهد في سبيل الله.
أو يدفع مالًا؛ مِن أجل تصنيع القوة والإعداد للجهاد في سبيل الله.
فكل ما يدخل السرور على المسلمين ويرفع مكانتهم فإنه من موجبات المغفرة والأمور الموصلة إلى رحمة الله، فقد جاء في الحديث (إن من موجبات المغفرة إدخَال السرور على أخيك المسلم) وجاء في حديث آخر (من ادخل على أهل بيت من المسلمين سرورا لم يرض الله له ثوابا إلا الجنة).
إن الأبرار هم الذين ينفقون أموالهم في وجوه البر، ويدخلون السرور على إخوانهم المسلمين (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافورًا عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّـهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يوماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يوماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً).
فكيف من ينفق المال في سبيل الله وفي سبيل إنفاذ المستضعفين في فلسطين ومن أجل إعانة المجاهدين على إنقاذ الأقصى وتحريره من دنس الصهيونية.
ومن أجل حفظ النفوس والبيوت والأعراض من تعسف الصهيونية.
ومن أجل تحرير الأرض وصيانة المقدسات.
إن حسنات انفاق المال في هذا الوجه مضاعفة بنص القرآن العظيم (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أموالهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُـلّ سُنْبُلَةٍ مِئة حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
لقد فاض المال عند قوم فبخلوا به عن إخراج ما افترض الله عليهم واوجبه، وذلك منذر بهلاكهم (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ).
انهم مدعوون اليوم للمسارعة بتمويل المجاهدين والوقوف معهم قبل أن يحل عليهم العذاب.
انه لا سبيل لنجاتهم واستعادة مجدهم إلَّا أن يضعوا أيديهم في أيدي المجاهدين في فلسطين ومحور المقاومة -اليمن لبنان العراق إيران سوريا- قبل أن تكون هذه الأموال حسرة ووبالا عليهم.
أما المجاهدون في فلسطين فإن الله ناصرهم واخذ بأيديهم وسيكون لهم بفضل الله العزة في الدنيا والآخرة.
وسيرى الناس الصهيونية اليهودية الأمريكية وأذنابها عما قريب بإذن الله وقد هزمت تجر اذيال الخزي والعار (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين).