صنعاء تطلق أعمال مؤتمر “فلسطين قضية الأُمَّــة المركزية”.. إجماعٌ عالمي على وجوب مقارعة الاستكبار
بمشاركات عربية وإسلامية ودولية عُليا وحضور أقرباء رموز النضال العالمي..
المسيرة: خاص
أطلقت عاصمةُ الصمود صنعاء، الاثنين، أعمالَ وفعالياتِ المؤتمر العلمي الثاني الموسوم بـ”فلسطين قضية الأُمَّــة المركزية”، بمشاركة محلية وعربية وإسلامية ودولية واسعة، تحت شعار “لستم وحدكم”؛ وبغية تحقيق الأهداف المتمثلة في توضيح الرؤية القرآنية تجاه القضية الفلسطينية، وبيان مظلومية الشعب الفلسطيني وأساليب ووسائل العدوّ الصهيوني في المظلومية وتعميقها وكشف طبيعة الدور البريطاني والأمريكي في زرع كيان العدوّ الصهيوني.
وشهدت فعالية افتتاح المؤتمر الذي يستمر لأربعة أَيَّـام خلال الفترة من 22 – 25 رمضان، حضوراً واسعاً لقيادات الدولة وجموع العلماء والباحثين، وممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية والجاليات العربية بصنعاء والأحزاب والتنظيمات السياسية ورؤساء الجامعات الحكومية والأهلية وأكاديميين وسياسيين وناشطين وأدباء، في حين يتخلل المؤتمر على مدى الأربعة الأيّام 80 بحثاً ومشاركة علمية متوزعة على ستة محاور، شملت “الرؤيةَ القرآنية للقضية الفلسطينية، وجهاد أهل اليمن في فلسطين عبر التاريخ، وأطماع العدوّ الصهيوني في اليمن، وطبيعة الصراع مع العدوّ الصهيوني، وأهميّة شعار الصرخة والمقاطعة الاقتصادية، ودور اليمن السياسي والعسكري والشعبي في نصرة القضية الفلسطينية خَاصَّة بعد السابع من أُكتوبر 2023م”.
السكوتُ خيانة.. العلماءُ أولُ المسؤولين:
مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، ألقى في الافتتاح، كلمة دعا فيها –باسم رابطة علماء اليمن– علماء الأُمَّــة إلى تحمل المسؤولية والاضطلاع بدورهم وتبيان ما أنزل الله بوجوب نُصرة الأشقاء في غزة والأراضي المحتلّة المقهورين والمحرومين والمحاصرين، خَاصَّة في الأزهر الشريف والزيتونة والتجمعات العلمائية في كُـلّ مكان، مُشيراً إلى أن “الشعب اليمني، حَظِيَ بنعمة القيادة الثورية الحكيمة ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي وقف الموقفَ المشرِّفَ إلى جانب مظلومية الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة”.
وفي هذا السياق، قال مفتي الديار اليمنية: “إذا سكت العلماء عن هذا الواجب المقدس، فَــإنَّ ذلك يُعّد خيانة لله ولرسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- وللمؤمنين”، مُضيفاً إن “السكوت عما يجري في غزة خيانة وقد توعّد الله الساكتين والصامتين في هذا الظرف بالعذاب الأليم”.
واستنكر العلامة شمس الدين شرف الدين، حالة الجمود لدى بعض الأنظمة والشعوب على الرغم مما يرتكبه العدوّ الصهيوني من مجازر وحشية بحق شعب فلسطين، مؤكّـداً أن “واجب العلماء يحتم عليهم مستقبلاً وجوب التحَرّك لمناصرة فلسطين وقطاع غزة؛ استجابةً لقول الله تعالى: (وإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)”، محذراً من خطورة التقاعس والتنصل عن فريضة الجهاد التي أنزلها الله وجعلها على رأس العبادات.
لا مناصَ من دولة فلسطينية كاملة الجغرافيا والسيادة:
من جانبه بارك عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، انطلاق أعمال المؤتمر الثاني “فلسطين قضية الأُمَّــة المركزية”، مؤكّـداً أن “فلسطين تمثل حال الأحرار ومناصرتها تدل على قوة وعزيمة من يتحَرّك؛ مِن أجل نصرتها في مواجهة الطغيان العالمي، والقوى الدولية المستعمرة”.
وأوضح أن “الوقوف إلى جانب فلسطين، يعتبر موقفاً إنسانياً وقيمياً ومن أجل العدالة والحرية والانتصار للمظلومين في فلسطين”.
وقال محمد علي الحوثي: “نحن اليوم في هذا المؤتمر نقول قولنا ومبدأنا وقيّمنا وموقفنا كما تقوم به القوات المسلحة اليمنية والقوات الصاروخية والمسيّرات وغيرها من السلاح النوعي للجمهورية اليمنية”، معتبرًا اجتماع الأصوات الحرة من كافة دول العالم في المؤتمر، إنجازاً عظيماً في حَــدِّ ذاته لمناصرة فلسطين والوقوف في وجه الطغاة والمستكبرين، مُضيفاً “اجتماعنا اليوم إنجاز عظيم لأمة خنعت وأنظمة خضعت واستحوذت على مقدرات الشعوب؛ مِن أجل الحفاظ على الكراسي، وما نشاهده في الأردن أَو مصر وغيرها من السعوديّة والإمارات وغيرها من دول الخليج بالرغم مما يمتلكونه من مقدرات، إنما هو دليل على بيع القضية الفلسطينية وارتهان مفضوح للأمريكي والإسرائيلي”.
وجدَّد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية لدى الشعب اليمني، داعياً إلى دعم الشعب الفلسطيني بكل الوسائل والطرق المتاحة.
ونوّه إلى أن “الشعب اليمني لن يقبل بدولتَينِ فلسطينية وصهيونية على الأرض الفلسطينية إطلاقاً”، لافتاً إلى رفض اليمن للخطوات المشبوهة الداعية للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتصفية القضية الفلسطينية.
اليمن في مواجهة تاريخية ضد العدوّ ورعاته التاريخيين:
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال، الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، قد ألقى كلمة رحّب فيها بالحاضرين، معتبرًا “يوم انطلاق فعالياتِ المؤتمر العلمي الثاني من الأيّام المباركة في مسار نصرة القضية الفلسطينية”، موضحًا أن “انعقاد المؤتمر يأتي في إطار خطوات ترسيخ الحق ومناصرته؛ لكي تستنهض الأُمَّــة العربية والإسلامية وتوقظها من حالة السبات والصمت والخِذلان”.
ونوّه إلى أن “القادة الأحرارَ في صنعاء وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق وإيران، اختاروا الموقفَ المقاومَ في مواجهة المشاريع الصهيونية؛ بهَدفِ إفشالها، بينما تسجِّلُ الأنظمة العربية المتراخية والمطبّعة أسوأَ لحظات الخزي والعار في تاريخها وهي تشاهد أشلاء الشهداء من أبناء غزة تتناثر في كُـلّ مكان”، لافتاً إلى أن “النظام الرسمي العربي محكوم عليه بالفشل فيما المقاومة البطلة اختارت الكفاح والنضال والصبر والاستشهاد؛ باعتباره المسارَ السليمَ الذي يحقّق للشعب الفلسطيني حريته واستقلاله”.
وقال: “هناك مقاومة حرة شجاعة فيها المفكرين والسياسيين والقادة العسكريين وعلماء دين، الذين يقفون جميعاً إلى جانب الأشقاء في فلسطين، ومنها اليمن التي أبت أن تتركها لوحدها، حَيثُ تحَرّك جيشها البطل بهذه القوة والصلابة ليساند أشقائه الفلسطينيين”، مُضيفاً “تحَرّك جيشنا يعد الأول من نوعه في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الذي لم تقتصر مواجهته على العدوّ الصهيوني بل ويواجه اليوم في البحر الداعمين الرئيسيين للكيان أمريكا وبريطانيا وينكل بسفنهم وبوارجهم على هذا النحو الذي يشاهده العالم”.
شهادة مقاوم: اليمن شريك مباشر للجهاد الفلسطيني:
وفي خضم المؤتمر، أكّـد ممثل حركة حماس بصنعاء معاذ أبو شمالة، أن فلسطين ستظل قضية الأُمَّــة المركزية، منوِّهًا إلى أن ضميرها الحي بدد أوهام المشروع الصهيوني.
ولفت أبو شمالة إلى أن “فلسطين ستبقى بالمقاومة متواصلة حتى إنجاز التحرير وتحقيق عودة اللاجئين وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، على كامل التراب الفلسطيني”.
وثمَّن أبو شمالة موقف الشعب اليمني قيادة وحكومة وشعباً في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني بالفعل والوجدان ومشاركته فيه من خلال معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”، مجدّدًا التأكيد على أن “اليمن بفعله وموقفه المشرف أصبح اليوم شريك المقاومة في فلسطين ويرتجى منه أكثر من غيره”، متبعاً حديثه “اليمن وأهله هم أهل الإيمان والمدد وهم أولو قوة وأولو بأسٍ شديدٍ وهي من صفات الفاتحين للأقصى والقدس بإذن الله من جديد”.
واستهجن ممثل حركة حماس معاذ أبو شمالة، التخاذل العربي إزاء ما يرتكبه العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة والحصار والتجويع الممنهج الذي يمارسه كيان العدوّ بحق الفلسطينيين في غزة، مشيداً بالمواقف الداعمة للمقاومة الفلسطينية على مستوى العالم، لا سيَّما موقف جنوب إفريقيا وموقف اليمن.
وأوصل ممثلُ حماس رسالةً لكل المراهنين على خسارة مسار المقاومة، وأكّـد أنه “رغم مرور ستة أشهر على معركة (طُـوفان الأقصى) وما يزال الدعم الأمريكي اللا محدود مُستمرّاً للعدو الصهيوني عسكريًّا ومادياً وسياسيًّا إلا أن المقاومة الفلسطينية وتتصدى للعدوان الصهيوني بكل ما استطاعت من قوة؛ باعتبارها معركة تاريخية وثقتنا بالله كبيرة في النصر المؤزر”.
وعرّج أبو شمالة على جانب من الآلام القاسية التي يتجرعها الشعب الفلسطيني بغزة والضفة في ظل جرائم العدوّ مع التواطؤ الدولي والتخاذل العربي، مؤكّـداً أن معركة (طُـوفان الأقصى) ليست كبقية المعارك بل هي معركة فاصلة في تاريخ الصراع مع العدوّ الصهيوني، لافتاً إلى أن معركة الجوع التي يستخدمها العدوّ الصهيوني بلؤم، لا سيَّما في شمال قطاع غزة، صورة من حرب العدوّ للشعب الفلسطيني الصامد والمرابط.
ونوّه إلى ثبات المطالب الفلسطينية العادلة والمشروعة، المتمثلة في وقف العدوان وانسحاب العدوّ من غزة وإدخَال المساعدات وإغاثة الفلسطينيين وعودة المهجرين إلى ديارهم وبلادهم.
وفي ختام كلمته أكّـد ممثل حركة حماس بقوله: “إن موقف أهل اليمن سيبقى محفورًا في الذاكرة الفلسطينية وفي قلب وعقل كُـلّ عربي مسلم، وسيظل موقف الجمهورية اليمنية مشعلاً يضيء كُـلّ أحرار العالم من تحدي الظلم والجبروت الأمريكي”.
أحرار النضال العالمي يدعون للاقتدَاء بموقف اليمن:
إلى ذلك ألقى معاون رئيس الدائرة التنفيذية لحزب الله، عبدالله قصير، كلمة أوضح فيها أن “قضية فلسطين هي قضية الحق والعدالة والإنسانية”، منوِّهًا إلى أنه “من يقف مع القدس وفلسطين يقف مع الحق والإنسانية”.
وبيّن أن “مجازر الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني المدعوم أمريكياً وبريطانياً بحق الفلسطينيين بقطاع غزة في جرائم لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في بشاعتها ووحشيتها في ظل صمت دولي وخِـــذلان وتواطؤ عربي وإسلامي”.
وأشاد قصير بمواقف الشعب اليمني وقيادته الحكيمة في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة الفلسطينية والوقوف مع الحق والإنسانية لمواجهة الكيان الصهيوني.
وفيما أكّـد أن “العدوان والتجويع على أبناء غزة منذ ستة أشهر، يمثل عدواناً على القيم والإنسانية جمعاء، داعياً الجميع إلى مقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية والأمريكية؛ باعتبارها سلاحاً وموقفاً والعمل على تفعيل الجبهات الجهادية والعسكرية والسياسية والثقافية”.
وفي السياق ذاته، أُلقيت كلمات ومشاركات خارجية متلفزة لكوكبة من أحرار العالم المتضامنين مع غزة والمناصرين لمظلومية الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم “السياسي والبرلماني البريطاني جورج غالاوي، والفيلسوف الروسي أليكسندر دوغين مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والنائب البرلماني بجنوب إفريقيا زوليفليل مانديلا -حفيد زعيم جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، والكاتب والناشط السياسي الهندي توشار غاندي -حفيد الزعيم الروحي للهند المهاتما غاندي، ومن كوبا أليدا جيفارا -ابنة المناضل تشي جيفارا، والسياسي والصحافي العربي ناصر قنديل من لبنان.
وسلطت الكلمات والمشاركات الضوء على معاناة الفلسطينيين في غزة إزاء ما يتعرضون له من جرائم ومجازر يندى لها جبين الإنسانية من قبل العدوّ الصهيوني، داعية إلى توحيد صف الشعوب وأحرار العالم والوقوف مع الشعب الفلسطيني لنيل حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأشادت المشاركات والكلمات بموقف اليمن الشجاع والبطولي لمواجهة ثلاثي الشر “أمريكا وبريطانيا وإسرائيل” في البحر الأحمر ومنع عبور السفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية من البحرين الأحمر والعربي وكذا السفن المتجهة إلى الموانئ المحتلّة، موجهة الدعوة لكل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط للاقتدَاء باليمن وتوسيع المعركة لتشكيل ضغط عالمي باتّجاه إيقاف مجازر الإبادة الجماعية بحق أطفال ونساء غزة، ومواجهة الهيمنة الغربية والاستكبار العالمي.
وطالبت الكلمات والمشاركات أحرار العالم إلى توحيد الصفوف لإنهاء هيمنة القوة الغربية وتحقيق العدل والسلام في المنطقة؛ باعتبار المشكلة الإقليمية هي وراء كُـلّ المشاكل في العالم.