التوبةُ والاستغفارُ في رمضان عنوان للفضيلة
القاضي/ حسين محمد المهدي
رمضان فرصةٌ للتخلص من الآثام والتطهر من الأدران؛ فإيمانُ الإنسان بأن الله -جل وعلا- يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات يجعله إنساناً قادراً على النهوض من كبوته والخروج من محنته (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوْ عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ).
التوبة نور يشرح الله بها الصدور، ويرفع الأوزار التي تقصم الظهور.
فبادر إليها أخي الصائم ولا تكن مسوفاً مغروراً، ففي الحديث (كلّ بني آدم خطّاء وخيرُ الخطائين التوابون)، وفي القرآن الحكيم: (وَتُوبُوا إلى اللَّـهِ جميعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
الاستغفار دواء الذنوب، وشفاء القلوب، وبه الخلاص من العيوب.
فبادر أخي الصائم إليه لتتخلص من كُـلّ بلاء ومحنة، وتحصل على كُـلّ خير ونعمة، ففي القرآن الحكيم (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَو يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفورًا رَحِيماً).
وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يُكثِرُ من قول: (سبحانَ الله وبحمده، استغفر الله وأتوب إليه).
أخي الصائم حينما تشعر برقابة الله عليك فَــإنَّك تقبل على الله بالاستغفار فيستقيم حالك، وتنتظم في سلك العارفين أعمالك؛ فالاستغفار من الذنب وسيلة لنيل رحمة الله، والإصرار عليه يكون سبباً لغضبه وعقابه (وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أنفسهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولئك جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ).
هذا هدى القرآن واضحٌ فَــإنَّ التماس ليلة القدر في العشر الأواخر وأوتارها فيه فرصةٌ للتخلص من الأوزار، والإيمان بفضل الله الكبير المتعال، والاستغفار من الذنوب.
العاقل من اقتنص الفرصة وهي سانحة، أما الإصرارُ على الذنوب فهو دأب المستكبرين وديدنهم، صدقوا الشيطان بما وعدهم به من الضلالات والعصيان، حتى ظهر الفساد في البر والبحر بفعل المستكبرين الصهاينة اليهود الذين ملأوا الأرض ظلماً وجوراً، وها هم يحتلون أرضَ الإسلام والمسجد الأقصى ويبغون في الأرض بغير الحق، فكم ظلموا وقتلوا في شعب فلسطين، مصرين، مستكبرين؛ فهؤلاء لا توبةَ لهم، ففي القرآن الحكيم (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الآن وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئك أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
فقتال هؤلاء الصهاينة وتحرير أرض فلسطين وجهادهم من أنفع القربات سارع إليه حزبُ الله وأنصاره وأحباؤه وأولياؤه من أبناء فلسطين ومحور المقاومة –اليمن، لبنان، العراق، إيران، سوريا- والنصر بإذن الله سيكون حليفهم.
والمتخاذلون ستدركُهم الحسرة والندامة فعما قريب تنقضي مدتهم، وتأفل أيامهم، ثم لا عشيرة تمنعهم، ولا مال ينفعهم وَيفديهم، ولا فصيلة تؤويهم، ولا عدة تحميهم!
فهل من سبيل إلى توبة هؤلاء المتخاذلين لنصرة فلسطين قبل تصرم الزمان وانقضاء الأوان؟
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).