بخمس عمليات خلال 72 ساعة: اليمن يطاردُ سفنَ ثلاثي الشر في البحرَينِ الأحمر والعربي والمحيط الهندي
– قصف سفينتين “إسرائيليتين” وسفينة بريطانية وفرقاطات حربية أمريكية
– استهدافُ السفينة “إم إس سي غرايس إف” قبالة كينيا يكشفُ تطوُّرًا كَبيرًا في القدرات البحرية اليمنية
المسيرة – صنعاء
أعلنت القواتُ المسلحة، الأحد، تنفيذَ خمس عمليات عسكرية نوعية استهدفت ثلاثَ سفن “إسرائيلية” وبريطانية إحداها في المحيط الهندي، وعدداً من السفن الحربية الأمريكية، موجِّهةً بذلك صفعةً جديدةً للتكهنات المضلِّلة التي حاول الجيشُ الأمريكي من خلالها التغطية على فشله الواضح والمعترَف به عبر الادِّعاء باحتمال انخفاض مخزون الترسانة اليمنية، حَيثُ أكّـدت العمليات الجديدة بوضوح أن القوات المسلحة لا تحتفظ فحسب بقدراتها، بل إن تلك القدرات تشهد تطوراً كَبيراً؛ ما يجعل ورطة الأمريكيين والبريطانيين والعدوّ الصهيوني أكثر سوءاً.
وقال المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، في بيان عسكري: “انتصاراً لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطينيِّ ورداً على العدوانِ الأمريكيِّ البريطانيِّ على بلدِنا، نفّذتِ القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ خمسَ عملياتٍ عسكريةٍ خلالَ الـ 72 ساعةً الماضيةِ”.
وأوضح أن “القوات البحرية نفذت بعونِ اللهِ تعالى عمليةَ استهداف لسفينةِ (هوب آيلاند) البريطانيةِ في البحرِ الأحمر وذلكَ بعددٍ منَ الصواريخِ البحريةِ المناسبة، وكانت الإصابة مباشرة بفضل الله”.
وَأَضَـافَ أنها نفَّذت أَيْـضاً “عمليتَي استهداف لسفينتَينِ إسرائيليتينِ كانتا متجهتَينِ إلى موانئِ فلسطينَ المحتلّةِ، الأولى (إم إس سي غرايس إف) في المحيط الهندي، والأُخرى (إم إس سي غينا) في البحرِ العربيِّ” مُشيراً إلى أن ذلك تم “بعددٍ منَ الصواريخِ الباليستيةِ والمجنَّحة وأن الضربات “حقّقت أهدافها بنجاحِ بفضلِ الله”.
وبحسب البيان فقد تولَّى سلاح الجو المسيَّر تنفيذ العمليتَينِ الرابعة والخامسة “ضد عدد منَ الفرقاطاتِ الحربيةِ الأمريكيةِ في البحرِ الأحمر وذلكَ بعددٍ من الطائراتِ المسيَّرةِ” مؤكّـداً أن “العمليات حقّقت أهدافَها بنجاح”.
مواصفاتُ السفن المستهدَفة:
وبحسب مواقع تتبُّع الملاحة؛ فَـإنَّ السفينةَ البريطانيةَ (هوب آيلاند) هي سفينةُ حاويات ترفعُ عَلَمَ جزر “مارشال” ويبلغ طولُها الإجمالي حوالي 231 متراً، وعرضها 32.3 متر، وكانت تبحر في البحر الأحمر باتّجاه باب المندب عندما تم استهدافها.
أما السفينة الإسرائيلية (إم إس سي غرايس إف) التي تم استهدافها في المحيط الهندي فهي أَيْـضاً سفينة حاويات، ترفع عَلَمَ “بنما” ويبلغ طولها الإجمالي حوالي 155 متراً، وعرضها 23 متراً، وتتواجد حَـاليًّا قبالة مومباسا، في كينيا، جنوبي إفريقيا.
وبحسب مواقع تتبع الملاحة فَـإنَّ السفينة “إم إس سي غينا” هي أَيْـضاً سفينة حاويات، ترفع علَم بنما، ويبلغ طولها الإجمالي حوالي 260 متراً، وعرضها 32.2 متر، وآخر ظهور لها سجل قبالة سلطنة عمان.
ولم تعلن القوات المسلحة هُــوِيَّةَ السفن الحربية الأمريكية التي تم استهدافها، لكن القيادة المركزية الأمريكية كانت أعلنت يوم الخميس الماضي، عن هجوم بصاروخ بالستي وطائرتَينِ مسيَّرتَينِ استهدفَ المدمّـرة “يو إس إس غريفلي” في البحر الأحمر.
استهدافٌ بحري طويل المدى:
وسبق أن أعلنت القواتُ المسلحة عن تنفيذ عمليات في المحيط الهندي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحديد هُــوِيَّة سفينة مستهدَفة في هذه الجبهة الجديدة التي فتحها اليمن لملاحقة السفن المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي إلى الطريق البديل حول رأس الرجاء الصالح؛ مِن أجل قطع الملاحة بين الشرق وكيان العدوّ بشكل كامل ومضاعفة خسائره الاقتصادية.
وتظهر مواقع تتبع الملاحة اختلالاً كَبيراً شهده مسارُ السفينة الإسرائيلية المستهدَفة “إم إس سي غرايس إف” قبالةَ سواحل مومباسا، في كينيا، جنوبي إفريقيا، حَيثُ أبحرت السفينة في مسارات دائرية وغير منتظمة لساعات، ولعل ذلك ناتج عن تعرضها للضربة ومحاولتها للتمويه خشية ضربة تعرضها لضربة أُخرى.
والمسافة بين موقع السفينة حَـاليًّا واليمن تصل إلى أكثر من 2000 كيلو متر؛ وهو ما يمثِّلُ مفاجأةً كبيرةً للصهاينة والأمريكيين والبريطانيين الذين حاولوا خلال الفترة الماضية التقليل من شأن الإعلان اليمني عن توسيع نطاق العمليات إلى المحيط الهندي، حَيثُ تؤكّـد هذه العملية وبشكل واضح أن اليمن لا يمتلك فحسب القدرة على إطلاق الصواريخ إلى هذا المدى، بل وإصابة أهداف بحرية متحَرّكة بدقة عالية.
ورطة ثلاثي الشر تزداد اتساعاً:
بيان القوات المسلحة أكّـد على “الاستمرار في تنفيذِ قرارِ منعِ الملاحةِ الإسرائيليةِ أَو المرتبطةِ بالعدوّ الإسرائيليِّ أَو المتجهةِ إلى موانئِ فلسطينَ المحتلّةِ في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي حتى إيقاف العدوانِ ورفعِ الحصارِ عنِ الشعبِ الفلسطينيِّ في قطاعِ غزة”.
وعلى ضوء العمليات الجديدة فَـإنَّ هذا التأكيد يضع الأعداء أمام حقيقة أن الكابوس اليمني لم ينته بعدُ، بل يتجه ليصبح أسوأ؛ فمع التصاعد الملحوظ في دقة ومدى العمليات التي تستهدف السفن المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي، ستضطر شركات الشحن في النهاية إلى فعل ما فعلته سابقًا إزاء التهديد في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو التوقُّفُ عن نقل أية شحنات من الشرق إلى موانئ فلسطين المحتلّة؛ وهو ما يعني إكمال قطع خطوط التجارة بين آسيا وكيان العدوّ بشكل كامل؛ فحتى الشحنات التي كان العدوّ يتحمل تكاليفها المرتفعة وتأخيراتها الطويلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح؛ مِن أجل جلب بعض البضائع ستنقطع؛ ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة المتواجدة أصلاً منذ أشهر؛ بسَببِ إغلاق طريق البحر الأحمر الرئيسي، ولن يكون ارتفاع الأسعار هو المشكلة الأكبر؛ إذ ستختفي العديدُ من المنتجات من الأسواق “الإسرائيلية” بشكل تام.
ولا يختلف الوضع بالنسبة للعدو الأمريكي الذي تمثل العمليات الجديدة صفعة خَاصَّة له، على خلفية التصريحات الأخيرة لقائد قواته الجوية في الشرق الأوسط والتي تكهن فيها بانخفاض مستوى مخزون الصواريخ والطائرات اليمنية، مستدلاً على ذلك بما زعم أنه “انخفاض وتيرة العمليات”؛ إذ يبدو بوضوح من خلال العمليات الجديدة أن القوات المسلحة توسِّعُ نطاقَ عملياتها إلى مَدَيَات غيرِ مسبوقة في أكثرَ من اتّجاه؛ وهو ما يعني أن القدرات العسكرية تزداد كثافة وتطوراً، وأن الانخفاض المؤقت في كثافة العمليات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، دليل على ندرة حركة السفن المرتبطة بالعدوّ في تلك المنطقة، وليس على ضعف القدرات اليمنية.
وبالإضافة إلى ذلك، فَـإنَّ مطاردة السفن المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي في البحر العربي والمحيط الهندي تجعل مأزق العدوّ الأمريكي أكثر صعوبة، فهو تورط في العدوان على اليمن بدافع حماية الملاحة الصهيونية عبر باب المندب، والآن بعد أن فشل وأصبحت سفنه التجارية والحربية تُستهدَفُ بشكل متواصل، فَـإنَّه ليس فقط عاجزاً عن حماية السفن المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي في المحيط الهندي، بل إنه عاجزٌ حتى عن إيجاد مخرج من ورطة باب المندب، ويعلم أن القوات المسلحة تستطيع أن تطارده مثلما تطارد السفن “الإسرائيلية”.
وتُظهِرُ عملية استهداف السفينة البريطانية “هوب آيلاند” في البحر الأحمر أن القواتِ المسلحة ليست غافلةً عن أية محاولات للتهريب عبر باب المندب، وأنها حريصةٌ على مواصلة إيلام العدوّ البريطاني، الذي اختار بنفسه أن يتورط إلى جانب الصهاينة والأمريكيين.