احتجاجاتُ طلاب الجامعات فضحت حقيقة النظام الأمريكي
منير الشامي
لليوم الثالث واعتصامات طلاب وطالبات الجامعات الأمريكية المناهضة للعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة مُستمرّة وفي توسع وانتشار، كانت بدايتها من جامعة كاليفورنيا أكبر جامعة أمريكية، وكان أول المشاركين فيها أبناء كبار المسؤولين من طلبة الجامعة -أبناء أعضاء في الكونجرس الأمريكي وأبناء مدراء تنفيذيين في كبريات الشركات الأمريكية- وهذا بحسب ما أكّـده عدد من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي وما نشر في بعض المواقع الإخبارية الأمريكية.
وشهدت جامعات أُخرى بعدها اعتصامات طلابية فيها كجامعة كولومبيا، وجامعة تكساس، وجامعة إيموري في أطلنطا بولاية جورجيا وعدد من جامعات الولايات الأُخرى وصل عددها إلى ثماني جامعات في ثاني يوم وتزايدت في اليوم الثالث، حَيثُ شهدت جامعة جورج واشنطن وجامعة أوهايو اعتصامات جديدة للطلاب فيها، وما زالت اعتصامات طلاب الجامعات الأمريكية الداعمة لفلسطين والمناهضة للحرب في تزايد أكثر وانتشار أكبر في أمريكا وفي عدد من الدول الغربية كجامعة سدني في أستراليا، وجامعة السوربون ومعهد العلوم السياسية بفرنسا، وغيرهما وهو ما أكّـدته تقارير إخبارية أمريكية في عدد من وسائل الإعلام وما تناقلته عدد من الوكالات الإخبارية العالمية والقنوات الفضائية، والتي أضافت أن هدف الاعتصامات هو الاحتجاج على مجازر الإبادة الجماعية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في حق أبناء غزة، ولمطالبة الحكومة الأمريكية بوقف الحرب وإيقاف الدعم المالي والحربي الذي تقدمه لـ “إسرائيل” وتستخدمه في قتل أطفال ونساء وأبناء غزة، إضافة إلى مطالبة المعتصمين لجامعاتهم بوقف استثماراتها في شركات الأسلحة، ووقف تعاملاتها مع “إسرائيل” والشركات التي تتعامل معها وتعاونها مع الجامعات الإسرائيلية.
ومن الجدير ذكره أنه مع بداية هذا الحراك الطلابي المتزايد في الجامعات الأمريكية والغربية ظهر مؤخراً المجرم نتنياهو في تصريح علني بثته عدد من القنوات الإسرائيلية والأمريكية قال فيه إن ما تشهده الجامعات الأمريكية والغربية من حراك طلابي تضامناً مع أبناء غزة وللمطالبة بوقف الحرب فيها يعد معادَاة للسامية وطالب حكومات تلك الدول بفض تلك الاعتصامات بالقوة ومحاسبة المشاركين فيها.
الحكومة الأمريكية لم تتوانَ في الاستجابة لتصريحات نتن ياهو وبادرت سريعاً لتحريك قواتها الأمنية لمداهمة الجامعات وفض الاعتصامات في مختلف الولايات متجاهلة أن هذا الحراك الطلابي حرية يكفلها الدستور الأمريكي وينص على حمايتها وحقاً لا يجوز المساس به أَو وقفه ومنع إقامته؛ باعتبَاره شكلاً من أشكال حرية الرأي والتعبير وهو؛ ما أَدَّى إلى حدوث اشتباكات بين المعتصمين وقوات الأمن في مختلف الجامعات أقدمت بعده تلك القوات على استخدام القوة والعنف لقمع الاحتجاجات وعلى اعتقال عشرات الطلاب في كُـلّ جامعة، وبحسب وسائل إعلام أمريكية فَــإنَّ عدد الطلاب الذين تم اعتقالهم حتى مساء الخميس تجاوز الـ500 طالب وطالبة إضافة إلى اعتقال عدد من أكاديميي تلك الجامعات من بينهم رئيسة إحداها.
المشاهد القمعية لقوات الشرطة الأمريكية على طلاب جامعتها تناقلتها كُـلّ وسائل الإعلام العالمية والمواقع والقنوات الإخبارية وانتشرت في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ولاقت استياء واسعاً في الشارع الأمريكي وفي مختلف دول العالم وأثبتت للعالم أن النظام الأمريكي نظام عنصري قمعي مجرم وشريك رئيسي مباشر في العدوان على غزة، لا يحمي حريات ولا يدافع عن حقوق إنسان، وأن كل ما روجه لنفسه منذ عقود عن مبادئ الديمقراطية والمساواة، وعن حمايته للحريات ودفاعه عن حقوق الإنسان لا يعد سوى فقاقيع إعلامية يتغنى بها زيفاً أمام العالم، ولا وجود لها في واقعه، وفاقد الشيء لا يعطيه لا لأبنائه وشبابه ولا لشعبه ولا لغيرهم من الشعوب الأُخرى، وأثبت للعالم أَيْـضاً أنه نظام همجي غاشم فعلاً، فهو يرى كلمة الحقوق والحريات المشروعة والمكفولة لأبنائه ولكل شعوب العالم المستضعفة جرائم بينما يرى جرائم الحرب الوحشية للصهاينة على فلسطين منذ 75 عاماً وآخرها الحرب الوحشية الفظيعة على غزة والتي أدمت قلوب الملايين من شعوب العالم يراها من قبل 75 عاماً حقوقاً وحريات مشروعة للكيان الصهيوني المجرم، وكما لم يبال في انتهاكاته المُستمرّة للقانون الدولي ووقوفه المُستمرّ ضد إرادَة العالم خدمة لهذا الكيان لم ولن يبالي أَيْـضاً في انتهاك دستوره واختراق قوانين بلاده وقمع حريات شعبه طالما وذلك يخدم الصهيونية، وأمام هذا الموقف المتحيز على الشعب الأمريكي أن يسأل نفسه هل انتخب هذا النظام لخدمته هو أم انتخبه ليخدُمَ الصهيونية؟ وهل واجب النظام حمايته وحماية حرياته أم تسخير الشعب لخدمة إسرائيل؟ وهل الضرائب المجحفة التي يدفعها له لتحسين الخدمات للشعب الأمريكي أم لدعم الإجرام الصهيوني المتوحش وإعانته على ارتكاب أبشع جرائم الإبادة العرقية في حق الفلسطينيين وأبناء غزة وشعوب الدول؟!