الأمم المتحدة إلى القائمة السوداء بفضيحة تاريخية مشهودة
المنظمات الدولية تعتبر التراجع عارا ورضوخاً مخزيا لضغوط المال
الأمم المتحدة إلى القائمة السوداء
تقرير: إبراهيم السراجي
توجت الأمم المتحدة تواطؤها مع العدوان السعودي ضد الشعب اليمني على مدى أكثر من عام بخطوة جديدة ألحقت عاراً كبيراً بالمنظمة الأممية بحسب منظمات حقوق الانسان والحقوقيين إثر تراجعها الفاضح عن ادراج التحالف المعادي بقيادة السعودية في القائمة السوداء لقتل وتشويه أطفال اليمن، وهي الخطوة التي اعتبرها كثيرون بمثابة إدخال للمنظمة الأممية نفسها في القائمة السوداء أكثر من كونها إخراج لدول العدوان منها.
“مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بلغ مستوى جديد من التدني برضوخه للضغوط الكبية التي تمارسها السعودية.أطفال اليمن يستحقون أفضل من ذلك. بما ان قائمة العار التي تصدرها الأمم المتحدة صارت خاضعة للتوجيه السياسي، فهي حتماً فقدت مصداقيتها، فضلا عن أنها لطخت موروث الأمين العام في مجال حقوق الانسان”
بتلك الكلمات علق فيليب بولوبيون نائب مدير برنامج المرافعة بمنظمة هيومن رايتس ووتش الدولية لحقوق الانسان بعد إعلان الأمم المتحدة أنها ستقوم بمراجعة مشتركة مع العدوان بشأن التقرير الذي أدانه الأخير بقتل الأطفال وتشويههم.
- الأمم المتحدة تبرير الفضيحة بأخرى
تعرضت الأمم المتحدة لضغوط كبيرة من قبل اللوبي السعودي أجبرها على الرضوخ أمام المال الذي ينهمر عليها من النظام السعودي ومع إعلان تراجعها عن قرار إدراج العدوان في القائمة السوداء حاولت المنظمة تبرير تراجعها بفضيحة أخرى.
وفي محاولة للرد على سيل الانتقادات من قبل المنظمات الحقوقية للمنظمة الأممي قال المتحدث باسم الامين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك ان القرار ليس نهائيا ويمكن ان يعاد النظر فيه بناء على معلومات اضافية تنتظر الامم المتحدة الحصول عليها من التحالف قبل شهر اغسطس.
كما حاول المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ان يوحي بوجود احتمال كبير أن يتم اعادة التحالف السعودي للقائمة السوداء عندما أكد أن التقرير الذي أدان التحالف يستند الى “معلومات موثوق بها وذات مصداقية”.
وعندما يتحدث الناطق باسم بان كي مون أن المعلومات التي استندت المنظمة إليها في قرار إدراج العدوان بالقائمة السوداء هي معلومات موثوق بها وذات مصداقية فهنا وقعت المنظمة في فضيحة أخرى برضوخها للضغوط وتراجعها عن القرار المستند “لمعلومات موثوق بها”
- العار والخزي يلحقان بالأمم المتحدة
بحسب المنظمات الحقوقية فإن تراجع الأمم المتحدة عن قرارها لن يعني بأي حال من الأحوال تبرئة العدوان من قتل اليمنيين ولكن قرار التراجع أصبح وصمة عار ستلاحق المنظمة الأممية وتضرب مصداقيتها أمام شعوب العالم لعقود قادمة.
منظمة العفو الدولية كانت في طليعة المنظمات التي أثبتت بالأدلة أن تحالف العدوان ارتكب جرائم حرب في اليمن واستخدم القنابل العنقودية المحرمة بشكل عشوائي ضد المدنيين وكان صوتها عالٍ وهي تنادي مجلس الأمن بإلحاق العقوبات بالمتورطين بتلك الجرائم على رأسها الولايات المتحدة.
العفو الدولية شعرت بصدمة كبيرة من رضوخ الأمم المتحدة على حد سواء مع منظمة هيومن رايتس حيث اجمعتا على أن الأمم المتحدة ارتكبت جرماً كبيراً بحق الضحايا في اليمن.
تلك الصدمة ظهرت على تعليق منظمة العفو على قرار الأمم المتحدة وعنون خبراً بالقول “عار على الأمم المتحدة أن تسترضي الائتلاف الذي تتزعمه السعودية بشأن قضية قتل الأطفال إبان نزاع اليمن”
واعتبرت المنظمة “إن مصداقية الأمم المتحدة قد غدت على المحك عقب رضوخها على نحو مخزٍ أمام الضغوط لحذف الائتلاف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية من لائحة الأمم المتحدة للدول والجماعات التي تنتهك حقوق الأطفال إبان النزاعات”.
وأكدت أن قرار التراجع جاء “نتيجة ضغوط دبلوماسية مارستها السعودية، التي أغضبها توصل الأمم المتحدة إلى استخلاص بأن عمليات الائتلاف قد أدت إلى وفاة ومعاناة الأطفال في النزاع المسلح في اليمن”.
لم تجد المنظمة أي مبرر للأمم المتحدة التي انحازت للقاتل على حساب الضحية وهم الأطفال كما أنها ومن خلال تعليقها الغاضب على القرار المتراجع لم ترى أن المنظمة الأممية تملك تاريخاً نزيهاً في هذا الإطار لكنها رأت ان الخطوة الأخيرة جاءت على نحو فاضح لم يسبق له مثيل.
وفي هذا السياق يقول ريتشارد بينيت، ممثل منظمة العفو الدولية ورئيس مكتبها لدى الأمم المتحدة، إنه “لم يسبق للأمم المتحدة أن تخاذلت وانحنت أمام الضغوط على هذا النحو وغيرت تقريراً نشرته بنفسها بشأن الأطفال في النزاع المسلح. ومن غير المعقول أن يتم ذلك تحت ضغوط مارستها إحدى الدول عينها التي أتى التقرير على ذكرها”.
وأضاف “ومن شأن مثل هذا الاسترضاء الصريح أن تقوِّض عمل الأمم المتحدة من أجل حماية الأطفال الذين تتهددهم الحرب. ويتعين للحظر الذي أعلنه الأمين العام ألا يرضخ أمام الضغوط على نحو يقوض الدور المهم الذي تقوم به ممثله الخاص. فبإقدامه على ذلك، يكون قد ألحق أذى شديداً بمصداقية الأمم المتحدة وما تمثله”.
ومضى ريتشارد بينيت إلى القول: “إن الأمين العام، بتخطيه ما تم إقراره، قد استن سابقة خطيرة ستعرِّض حياة الأطفال في البلدان التي تشهد النزاعات لمخاطر أعظم”.
كما رأت المنظمة أن القرار المتراجع غير المبرر “مثال فاضح على صحة المطالبات بأن تنهض الأمم المتحدة بدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان وعن مبادئها هي نفسها-حتى لا تصبح وربما في الغد القريب جزءاً من المشكلة وليس من الحل.”
وبحسب المنظمة “وطبقاً للأمم المتحدة، فإن هذا الحذف مؤقت إلى حين الانتهاء من مراجعة نتائج التقرير على نحو مشترك مع سلطات المملكة العربية السعودية. ولكن الدبلوماسيين السعوديين في الأمم المتحدة سارعوا إلى إطلاق الأهازيج بعد أن رأوا في هذا نصراً معنوياً “لا راد له”.
- فشل أخلاقي يتعارض مع المعايير
منظمة أوكسفام لم تفوق للأمم المتحدة خطوة المخزية ورضوخها للنفوذ السياسي والمالي على حساب دماء الأطفال في اليمن.
ورداً على قرار المنظمة الأممي إزالة دول العدوان السعودي من القائمة السوداء المعنية بالأطفال والصراعات، قال سجاد محمد ساجد، المدير القطري لمنظمة أوكسفام في اليمن: “يبدو أن السلطة السياسية والنفوذ الدبلوماسي عاقا من واجب الأمم المتحدة لفضح المسؤولين عن قتل وتشويه أكثر من ألف من الأطفال في اليمن”.
وأضاف، أن “قرار شطب التحالف السعودي من القائمة السوداء يعد فشلاً أخلاقياً ويتعارض مع معايير الأمم المتحدة في الوقوف ضد تلك الانتهاكات”.
وتابع: “إن قتل الأطفال في منازلهم، وفي المدارس والمستشفيات لا ينبغي أن يستر الجناة تحت السجادة، وعندما تحدد الأمم المتحدة جرائم مثل هذه، فإنه يحتاج إلى العمل قدماً وليس التراجع، بغض النظر عن من هم الجناة”.
- الأمم المتحدة واحتراف الارتزاق وتجارة الدماء
إذا كانت المنظمات الحقوقية الأبرز عالمياً ترى أن الأمم المتحدة رضخت للضغوط والمال السعوديين وبذلك يجعل المنظمة على مستوى واحدٍ مع شركات المرتزقة التي تعاقدت مع العدوان لقتل اليمنيين من قبيل شركة “بلاك ووتر” أو “داين كورب” الامريكيتين إلا أن ذلك ليس مجرد تكهنات بل حقيقة شهدتها أروقة الأمم المتحدة وكشفتها مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية التي كشفت عن كواليس الضغوط التي تكللت برضوخ الأمم المتحدة.
ونشرت المجلة تقريراً حصرياً عن الكواليس التي تدور داخل أروقة الأمم المتحدة وبخصوص رفع الامم المتحدة، لدول العدوان من قائمة “أسوأ الدول انتهاكا في العالم لحقوق الطفل في مناطق النزاع”.
وقالت المجلة، إن الرياض – خليج السلاحف – حذرت من انها ستسحب مئات الملايين من الدولارات من البرامج التابعة للامم المتحدة اذا لم يرفع اسمها من القائمة السوداء لقتل وتشويه الأطفال في اليمن.
وكشفت المجلة أن السعودية، هددت هذا الاسبوع بقطع العلاقات مع الأمم المتحدة وقطع مئات الملايين من الدولارات في شكل مساعدات لبرامجها الإغاثية ومكافحة الإرهاب إذا لم يتم شطب الرياض وحلفاءها من القائمة السوداء للجماعات المتهمة بالإساءة للأطفال في النزاعات المسلحة.
وتباعا لذلك، أسقطت الامم المتحدة، السعودية من قائمة “أسوأ الدول انتهاكا في العالم لحقوق الطفل في مناطق النزاع”.
وكشفت المجلة أن كبار الدبلوماسيين السعوديين، حذروا كبار المسؤولين في الامم المتحدة ان الرياض ستستخدم نفوذها لإقناع الحكومات العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لقطع العلاقات مع الأمم المتحدة.
- مرتزقة الرياض وفطرة العمالة
وظفت دول العدوان وعلى رأسها النظام السعودي كل الإمكانيات للهجوم على الأمم المتحدة قبل أن تتراجع عن قرارها فعلى المستوى الإعلامي امتلأت وسائل إعلام العدوان بالهجوم على المنظمة الأممية وبالتضليل معاً وأنفق العدوان على ذلك الهجوم أموالاً طائلة لدرجة أن محرك البحث العالمي “غوغل” امتلأ بالإعلانات الممولة للمواد التي نشرها إعلام العدوان في سياق الهجوم على الأمم المتحدة على خلفية إدراج العدوان في القائمة السوداء.
ومع أن قرار الأمم المتحدة وضع تحالف العدوان وحكومة مرتزقة الرياض في القائمة السوداء وتراجعها أزال دول العدوان من القائمة ولم يحذف حكومة المرتزقة بل أبقى عليها ولكن إعلام المرتزقة انساق في الحملة ضد الأمم المتحدة معترضاً على إدراج العدوان وليس على إدراج المرتزقة.
أكثر من ذلك وطبقاً لفطرة العمالة التي تسير مرتزقة الرياض أنه ومع تراجع الأمم المتحدة عن ادراج العدوان في القائمة المذكورة توقفت وسائل الإعلام عن مهاجمة المنظمة الأممية بما في ذلك إعلام المرتزقة الذي كان في مهمة الدفاع عن إجرام العدوان وليس دفاعاً عن حكومة المرتزقة التي رضيت ببقائها في القائمة وبإزالة العدوان منها.