الحربُ الشيطانية “الناعمة” وعنصر استهدافها بالدرجة الأولى وكيفية مواجهتها
لؤي زيد بن علي الموشكي
صحيح أن كافة أفراد المجتمع يقعون تحتَ تأثير الحرب الناعمة؛ فالبعض قد يقبل قَيَمَ الآخرين، والبعض يرفضها إلا أن عنصر الشباب وعلى وجه الخصوص “الطالب الجامعي” هو العنصر الأَسَاسي في الحرب الناعمة وذلك لما يتمتع ويمتاز به هؤلاء من بناء فكري ونظري وثقافي ورؤى وبسبب ما يحملونه من قابلية للتغير الفكري وزيادة نسبة الاطلاع والانصدام بعدة ثقافات وعدة خيارات قد يتأثر بها بدون وعي وخَاصَّة إذَا لم تكن فيه “التزكية”، فإذا كان الطالب في بداية طريق تَشكل وبناء شخصيته واكتساب هُــوِيَّته وشق طريقه فليس من السهل إقناعه بثقافة وقيم الآباء والأجداد إن لم تُزرع فيه أَو اقتناعه بها إذَا ما وجدت ثقافات وقيم أُخرى يمكنها أن تشغل حيزاً من تفكيره وسلوكه وإرضاء لمتطلباته ودوافعه الغريزية.
وبشكل آخر وبعبارة أُخرى، الطالب الجامعي على وجه الخصوص أكثر استعداداً لقبول قيم الآخرين أكثر من غيرهم للأسباب التي ذكرت أعلاه، ومن هنا فالذي يمارس الحرب الشيطانية على الآخرين سيكون ناجحاً فيما لو ركز اهتمامه على عنصر الطالب الجامعي.
طبعًا الطلاب الجامعيون قد يكونون وسيلة لوجود الحرب الناعمة وتكديسها ونشرها.
وبنفس الوقت قد يكونون وسائل قوية لمواجهة هذه الحرب ودفعها والتصدي لها أقوى وأكثر من الوسائل الأُخرى، إذَا وجد التصميم ووجدت الإرادَة.
فمن المؤكّـد أنَّ إرادَة حرة موجودة لدينا في مواجهة الحرب الناعمة تجعلنا منتصرين بإذن الله تعالى؛ لأَنَّ التصميم هو البداية، هذه الحرب الناعمة مفتوحة على الأفكار والسلوك والمواقف والسياسية؛ لذلك يقع على عاتقنا نحن الشباب الجامعي مسؤولية كبيرة جِـدًّا.
الحرب الناعمة حالة تخريبية خطيرة تقضي قبل أي شيء على قيم الناس لذلك لا بدّ من النهوض للمواجهة لها، وبما أنّ أساليب الحرب الناعمة كثيرة ومتعددة ومتنوعة، فأكيد أن هناك أساليب كثيرة للمواجهة ومتعددة أَيْـضاً.
كيفية مواجهة الحرب الناعمة؟
يمكننا الخوض في أساليب المواجهة بالتركيز على عنصرَين رئيسيَّين:
الأول: العمل على تحصين ساحة الفرد والمجتمع.
الثاني: إفشال الأساليب التي يستعملها العدوّ، وهذا العنصر يتطلب منا متابعة مخطّطات العدوّ والتخطيط لطريقة الرد عليه.
ومن وجهة نظري، فَــإنَّ العنصر الأَسَاس في هذه الأساليب هو العمل على “تزكية النفس” تعميق تديّن الفرد وتعميق ثقافته وزيادة الوعي والبصيرة لديه، ولا معنى لمواجهة الحرب الناعمة دون هذا العنصر، حَيثُ ستكون كافة الجهود المبذولة لمواجهة الحرب الناعمة عبثية.
وهنا نشير باختصار إلى مجموعة من المعالجات (تم جمعها) التي يمكن اعتمادها لمواجهة هذه الحرب (الناعمة):
– الاقتناع والإيمان بأصل وجود الحرب الناعمة وديمومتها، والفهم العميق لطبيعتها ولآليّات واستراتيجيّات وتكتيكات عملها.
– اكتشاف وتلمّس المخطّطات ورؤية عمل العدوّ.
– الفهم الصحيح والتفصيليّ لآليّات عمل الحرب الناعمة.
– الوحدة والانسجام ضرورة لإفشال مخطّطات الحرب الناعمة.
– البصيرة والتشخيص الدقيق للقضايا والأحداث.
– الحضور في الساحة، والعمل على تقديم الصورة المشرقة للنظام الإسلاميّ وتلبية الاحتياجات الماديّة والمعنويّة المتوازنة التي تحقّق كرامة الشعب، ومواصلة تطوير جاذبية البرامج والخطط والمناهج وفق رؤية إبداعيّة اجتهاديّة منفتحة تلتزم الموازين والمعايير الإسلاميّة.
– معرفة أهداف الحرب الناعمة، وكشفها؛ لأَنَّ ذلك من العوامل المهمّة لإحباطها.
– تطوير كفاءة الإعلام الإسلاميّ وصناعة النموذج البديل.
– العمل على أسلمة التعليم الجامعيّ وعصرنته.
– الترويج لسياسة الاستهلاك البعيد عن الإسراف والتبذير والكماليّات والشكليّات.
– تقديم صورة موّحدة وواضحة عن الأفكار والعقائد والسلوكيّات والقيم المطلوبة في المجتمع.
– محاولة النفوذ إلى المنظومة القيميّة والفكريّة والثقافيّة للعدوّ والعمل على التأثير فيها.
– تحصين الساحة الداخليّة أمام الانحرافات.