بالمراكز الصيفية نحيي علومَ الدنيا والدين
ق. حسين بن محمد المهدي
بالمراكز الصيفية نحيي علوم الدنيا والدين، بالعلم تحيا الأمم وتنهض من كبوتها، وبالعلم يستطيع الإنسان إصلاح أمور الدنيا والدين، وبالعلم استطاع الإنسان أن يسخر الماء والهواء والبحار والكهرباء لمصلحته.
ولهذا وجب التعلم وسؤال أهل العلم (فَسْئَلُوا أهل الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
العلم كنز عظيم لا يفنى، والعقل ثوب جديد لا يبلى.
وهذا الإمام علي -رضي الله عنه- يقول: بالعلم حياة القلوب من الخطايا، ونور الأبصار من العمى، وقوة الأبدان على البنيان، وبالعلم يطاع الله ويعرف ويوحد، وبالعلم تفهم الأحكام ويفصل به بين الحلال والحرام، يمنحه الله السعداء ويحرم منه الأشقياء.
العلم زين بين الأخلاء، وسلاح على الأعداء، وحلية بين الإخوان، وصاحب في الغربة، ودليل على المروءة.
وفي المراكز الصيفية نقتطف العلم، وتحصد أثماره، فيعظم شأنك، وتصلح أمورك، ويرتفع شأنك.
تعلم فليس المرءُ يولد عالمًا
وليس أخو علم كمن هو جاهل
فرُبِّ كبير القوم لا علم عنده
صغيرٌ إذَا التفت عليه الجحافل
إن إكرام المعلم والإحسان إليه دليل على سمو النفس، وكرم الطبع، فالمعلم خير الآباء؛ لأَنَّ حياة الروح بالعلم، كما أن حياة الجسد بالروح..
من علم الناس كان خير أب
ذاك أبو الروح لا أبو النطف
ولا غرابة ممن لا يحب الله ولا الوطن إن رأيناه يشوه المراكز الصيفية ويسعى إلى اغتيال المعلم الذي يحمل القلم؛ فكأنه اغتال من يكون سبباً في الحياة الباقية.
وكم دأبت قوى العدوان على اليمن على اغتيال من يربي الأجيال على العلم وفضائل الأعمال وهم أكثر من إن نحصي عددهم في هذا المقال، ولكني ذكرت للعلامة أحمد بن محمد المهدي -رحمه الله- جهاده التربوي مع أنصار الله فاغتيل في مثل هذه الأيّام من السنة الأولى للحرب رحمهم الله ورفاقه الإجلاء.
فمن يقاتل اليمنيين ويختار اغتيال النبلاء من المربين لا يحب الوطن ولا المواطنين ولا يحب ازدهار مراكز العلم ولا إحياء المراكز الصيفية فهو يريد حرمان اليمن من العلماء والمعلمين، ماكثاً على وتيرة بغضه للبلاد، يقتل خير العباد، وكان سيد الشهداء والمربين السيد القائد الشهيد الحسين بن بدر الدين الحوثي -رحمه الله- ممن اصطلى بصلف المعتدين ونال الشهادة ليكون في أعلى عليين، قُدوة صالحة كما كان سيد الشهداء حمزة وعلي وَالحسين رضي الله عنهم.
أما خاتم النبيين فقد بلغ في رسالته العامة للعالمين أنه ليس من أهل هذه الملة من لا يعرف للعالم حقه، فقد جاء في الحديث الشريف (ليس من أمتي من لا يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه) وأحرار الأُمَّــة وعلماؤها وأصحاب الرأي فيها ينزهون أقلامهم عن الإساءة للعلماء ومراكز العلم.
فوجوب احترام من يعلم الناس الخير يعرفه الكافة، وهذا أمير الشعراء شوقي يقول:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أَو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفساً وعقولا
فهو الذي يبني الطباع قويمة
وهو الذي يبني النفوس عدولا
ويقيم منطق كُـلّ أعوج منطق
ويريه رأيا في الأمور أصيلا
أما القلوب السوداء والأقلام الحاقدة فدأبها تشويه مراكز العلم والإساءة للعلماء؛ فلتخرس الألسن المارقة والقلوب الحاقدة فيما تنفثه من سموم تجاه من يعلم الناس الخير في المراكز الصيفية وغيرها.
فطلب العلم وتعليمه مذهب الفاضل ودينه، فخذ الحكمة ممن تسمعها منه (الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها).
وحسب هؤلاء الذين يسعون لتشويه مكانة العلماء ما قاله ابن دريد:
جهلت فعاديت العلوم وأهلها
كذاك يعادي العلم من هو جاهله
وقال آخر:
جهلت أمراً فأبديت النكير له
والجاهلون لأهل العلم أعداء
وإذا التفتنا إلى الصهيونية اليهودية نجد أنها تسعى في الأرض فساداً وتحرص كما هو دأب أذنابها على اغتيال علماء الأُمَّــة والإساءة إليهم والتهميش لدورهم فقد حان الوقت لتوحد المسلمين وتوجيه سهامهم؛ مِن أجلِ تحرير فلسطين، ونقول لكل من يكيد مسيرة القرآن ومحاربة علماءه إن كيدهم ومكرهم إلى فشل (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ).
ونشد على أيدي المجاهدين والمناضلين في تعليم الناس الخير، أن جهادكم وعملكم في إحياء علوم الدنيا والدين ستتبوؤون به أعلى الدرجات، إن الله لا يضيع أجر المحسنين.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.. والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).