تصعيدٌ جديدٌ وأيديولوجياتٌ خالفت التوقعات
أشجان الجرموزي
انقلب حال العالم رأساً على عقب وتغيرت موازين القوى الإقليمية، حرائق عالمية ناجمة عن غضب شعوب لم ترض بهدر الدماء ولو اختلفت الشرائع والديانات، عجز الساسة عن معرفة كنه هذا التحَرّك الواسع؛ لأَنَّ فاقد الشيء لا يعطيه ولا حتى يعرفه، فكل ما يقومون به ليس سوى تأجيج الأوضاع وسقي الكرة الأرضية بأنهار من دماء الأبرياء والمستضعفين، وبين كُـلّ ما يدور في الوقت الراهن جعل الله الغلبة لأوليائه وأعانهم ونكل بعدوه وعدوهم أشد تنكيل.
منذ الوهلة الأولى لم تئن غزة وحدها، كان اليمن الجريح يشاطرها الألم دمعة بدمعة وغصة تلو غصة، تحَرّك الجميع طوفاناً بشرياً عسكريًّا وسياسيًّا ومجتمعياً بكل الأطياف عدا ثلة مرتدة متعطشة للدماء جعلت الخضوع والخنوع ديدنها ومنهجها، دارت رحى الحرب واشتدت الفاقة وصار الأمر لا يطاق؛ فكان لا بُـدَّ من التصعيد والمواجهة الفعلية مع أبناء الشيطان وقرونه؛ لمساندة أبناء غزة، فشد اليمن على جرحه وضمده بالصبر والعزيمة، وهب متوكلاً على الله لنصرة المظلوم، وصار اليمن وجهاً لوجه ضد كيان العدوّ الإسرائيلي وكلّ مموليه من ثلاثي الشر وأذنابهم.
تصعيداً تلو التصعيد، تسعرت الحرب وهاجت البحار وتلاطمت المحيطات وصار البأس اليماني يتصدر أوج المعركة ويشكل فارقاً حساساً ومرعباً من أقصى الأرض إلى أقصاها، لم يعلم معظم سكان أقصى الكرة الأرضية أن على الخريطة دولة تسمى اليمن، وحال العدوان على غزة لم تقف مكتوفة الأيدي، تناست أوجاعها وحصارها وصرخت بأعلى صوت امتد صداه للعالم أجمع يا أهل غزة لستم وحدكم، الله معكم ونحن معكم، وصارت الأيديولوجية اليمنية تفرض نفسها وتبث رعبها لدول الغرب الذين عجزوا عن معرفة ماهية القوة التي تمتلكها هذه الدولة المحاصَرة، وكيف لها أن تشعل حرباً إقليمية وهي تحت وطأة الحصار!
تعددت مستويات التصعيد وبات تصعيد اليمن يشكل خطراً حقيقيًّا يرعب الكيان الغاصب وأمريكا ومن حولها، وأصبحت السفن التابعة لهم كأسماك ما إن تطأ المياه المحظور عليها عبورها حتى تبتلع طعم الأنصار وتصبح في خبر كان، وهَـا هو اليوم قائد الأنصار يحذر وينذر إن لم يكف العدوان الإسرائيلي الأمريكي عن قطاع غزة فسننتقل لمرحلة التصعيد الرابعة الأشد إيلاماً من سابقاتها، حَيثُ بات الأمريكي في تخبط واضح من جدوائية التصدي لمسيّرات وصواريخ اليمن ومحاصرتهم في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وُصُـولاً إلى المحيط الهندي بفضل الله وتأييده..
سينقشع ظلام الاحتلال وسترى غزة شمس الحرية رغماً عن الأوجاع والدمار والفقد، سيظل الأنصار درعاً مواجهاً لنصرة أهل فلسطين وقضيتهم الأسمى، ولن يكل أَو يمل حتى تصدح تكبيرات النصر من على الركام والمآذن، لن يكون اليمن إلا عقابًا مزلزلًا لقوى الكفر والطاغوت، وهيهات أن ترى غزة منا خذلاناً فالمخزون الاستراتيجي لقوة الردع اليمنية فاقت كُـلّ توقعات الأعداء ومن يشد على أيديهم، والقادم أمر وأنكى وأدهى.