شعبُ الله المختار.. سرديةٌ مرفوضة
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
يؤمنُ اليهودُ الصهاينةُ بأنهم شعبُ الله المختار، ويريدون من جميع الأمم والشعوب أن تؤمنَ بذلك -وهذا ما كان اليهود على وشك الوصول إليه– حتى لا يتمَّ الاعتراضُ على أي فعل يقومون به؛ ولذلك فَــإنَّ كُـلَّ ما يرتكبه الصهاينة من جرائمَ -في حق الشعوب الأُخرى، ومنها الشعب الفلسطيني والعربي- مبرّر ولا يجب الاعتراض عليه، ولديهم قدرةٌ كبيرة على ابتزاز الدول والشعوب، مستغلين ما جرى خلال الحرب العالمية الثانية من إبادة جماعية في حق اليهود، كما يزعمون، وبالرغم من التشكيك في أرقام الضحايا التي يوردُها الصهاينة إلَّا أنهم إلى اليوم ما زالوا يبتزون ألمانيا والدول الأُورُوبية الأُخرى؛ بسبب ما ارتكبه النازيون والذين تمت هزيمتهم خلال الحرب.
وخلال اجتماع الجمعية العامة في الأمم المتحدة الذي عُقدِ لمناقشة انضمام فلسطين للأمم المتحدة تحدث ممثل الكيان الصهيوني بكبر وغرور وذكر أن الأممَ المتحدة أُنشئت لحماية اليهود بعد أن تعرضوا لمذابح خلال الحرب، وأن القوانين الدولية وُجدت لحماية الكيان الصهيوني، وحذّر أعضاء الأمم المتحدة من اتِّخاذ أي قرار يمكن أن يؤثر على وجود هذا الكيان، وأشَارَ إلى أن الخطر ما زال يحدق به من كُـلّ جانب ويجب على الأعضاء دعم حقه في الدفاع عن نفسه بغض النظر عن الوسيلة أَو الأُسلُـوب الذي يستخدمه الكيان في تحقيق ذلك، وهذا الحديث يكشف مدى ارتباط الصهاينة بسردية شعب الله المختار.
ونجد أن الصهاينة ومن يدعمهم من دول وأفراد يستغربون عندما يتم الحديث عن الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين في غزة، ويعتبرون أن للصهاينة الحقَّ في قتل كُـلّ سكان غزة مقابل من قتل من اليهود في غلاف غزة في 7 أُكتوبر لاعتقادهم بأن شعبَ الله المختار يحق له حمايةُ نفسه بكل الوسائل المشروعة وغير والمشروعة، ولكن ما حدث من انتفاضة طلابية في الجامعات الأمريكية أقلق أُولئك جميعاً، فهذا الجيل يرى إبادة جماعية يرتكبُها الجيشُ الصهيوني في حق سكان غزة المدنيين ويجب منعها، وهم لا يؤمنون بالسردية الصهيونية ولا يشعرون بأن الكيان الصهيوني مقدَّس، وهؤلاء الطلاب هم من سَيُجبِرُ قادة بلدانهم على التراجع عن دعمهم للكيان الصهيوني، وهذا لم يكن متوقعاً لدى قادة الصهيونية العالمية وقادة ثلاثي الشر الداعم للوبي الصهيوني أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل”، وهذا الحراك الطلابي سيكون له تأثير كبير في المرحلة المقبلة من الصراع العربي الصهيوني.