السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطوُّرات والمستجدَّات: سنعمل على تقوية المرحلة الرابعة والإعداد لما بعدها، للمرحلة الخامسة وخياراتُ الأعداء في هذه المرحلة ستفشل
الأمريكيُّ في وحشيته وعدوانيته وشراكته للعدو الإسرائيلي لا يزال مُستمرًّا في قمع طلاب الجامعات الأمريكية وإلى الآن لا يزال أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي ينادون بإبادة الشعب الفلسطيني
تصعيدُ العدوّ الإسرائيلي في رفح يعني أن تتجهَ جبهات الإسناد في لبنان والعراق واليمن إلى خطوات إضافية وإلى تصعيد مقابل ذلك التصعيد
الإخوة المجاهدون في غزة يقاتلون بفاعليةٍ واستبسالٍ وعودةُ القتال إلى جباليا وَحي الزيتون يُثبِتُ فشلَ العدوِّ الإسرائيلي
كلما ابتعد الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني مسافاتٍ أبعدَ من المحيط الهندي كلما ساهموا في تطوير قدراتنا الصاروخية وفي الطائرات المسيَّرة لتصل إلى مديات أبعد
من مصلحة كُـلّ الشركات التي تتبع لكل الدول أن تتوقفَ عن النقل لصالح العدوّ الإسرائيلي، سواءً باتّجاه البحر الأبيض المتوسط أَو في أي اتّجاه
الخروجُ المليوني المُستمرُّ أسبوعياً بشكلٍ عظيم يُظهِرُ مستوى التفاعلِ والتوجّـه الشعبي دون كلل أَو ملل، وأصبح هذا ضمن الالتزامات الشعبيّة، وهذا شيء عظيم
++++++
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبراهيمَ وَعَلَى آلِ إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولئك هُمُ الْمُعْتَدُونَ}[التوبة: الآية10]، صَدَقَ اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيم. في الشهر الثامن، وللأسبوع الثاني والثلاثين، ولليوم المائتين وثلاثةٍ وعشرين يوماً، في كُـلّ يومٍ منها والعدوّ الإسرائيلي يرتكب جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبلغت المجازر: أكثر من (ثلاثة آلاف ومِئة وخمسةٍ وثمانين مجزرةً)، كان يكفي أمام مجزرة واحدة أن تحَرّك الضمير الإنساني، أن تصدر المواقف القوية والحازمة؛ للسعي لمنع الاستمرار لتلك المجازر والجرائم الرهيبة، والشنيعة، والفظيعة، والمسيئة للمجتمع البشري بكله، وبلغ عدد الشهداء، والمفقودين، والجرحى، والأسرى، في الضفة والقطاع، وليست كذلك عملية حصر دقيقة، هناك نقص في العدد بالتأكيد، العدد الحقيقي أكثر من الإحصائيات، ولكنها إحصائيات تقريبية: حوالي (مِئة وثمانية وثلاثين ألفًا وسبعمِئة وخمسين فلسطينيًّا)، ومعظمهم أَيْـضاً على مستوى الشهداء، والمفقودين، والجرحى، أكثرهم من الأطفال والنساء.
وتيرة الإجرام الصهيوني تزداد يوماً بعد يوم، وتضاعفت عدد المجازر، حَيثُ بلغت عدد المجازر هذا الأسبوع فقط: حوالي خمسةٍ وأربعين مجزرة، أسفرت عن: أكثر من (ألف شهيدٍ وجريح)، مع تناثر الجثث في بعض الشوارع، ويمنع العدوّ أي طواقم إسعاف من الدخول إلى المناطق نفسها في أكثر الحالات.
إضافة إلى ذلك الحصار والتجويع، يستمر العدوّ الصهيوني المجرم في إغلاق جميع معابر قطاع غزة، وبعد احتلاله لمعبر رفح، كذلك عطَّله تماماً عن استقبال أية مساعدات عبره إلى داخل رفح وداخل القطاع بشكلٍ عام، ولم يسمح بدخول أية مساعدات نهائيًّا منذ احتلاله لمعبر رفح، بل ويرسل قطعانه من الصهاينة -الذين يسمون بالمستوطنين- لسرقة ونهب وحرق المساعدات على حدود قطاع غزة، يرسل حتى الأطفال منهم -من المستوطنين- يتم إشراكهم في تلك الأفعال الإجرامية، ولم يتركوا لهم الوقت ليكونوا مجرمين مستقبليين، يحرصون على تربيتهم على العدوان والكراهية منذ طفولتهم.
الأمريكي له دورٌ أَسَاسيٌّ في كُـلّ ذلك، بقنابله الفتاكة والمدمّـرة، التي يصنعها لتدمير المدن، وقتل المدنيين في المدن، يعني: هناك في أمريكا اهتمام بهذا الجانب: كيف يصنعون قنابل قوية التدمير جِـدًّا للمدن، مخصصةً للمدن، أليس هذا توجُّـهاً إجرامياً عدوانياً؟! صناعة قنابل ذات قوة هائلة لتدمير المساكن والمباني في المدن، والأحياء في المدن، والشوارع، هذا هو استهداف للمدنيين، فهم منذ البداية يصنعون ما يهدفون بتصنيعه من السلاح المدمّـر، الهائل التدمير، القاتل بشكلٍ جماعي للمدن وسكان المدن، فهم يصنعون ويعدون العدة لقتل المجتمع البشري، واستهداف المدنيين، واستهداف سكان المدن، والرئيس الأمريكي بنفسه اعترف بهذه الحقيقة، وتحدث عن هذا النوع من القنابل، الذي هو مصنوعٌ خصيصاً لاستهداف المدن، ومعنى ذلك: وسكانها، هل يمكن استهدافها وتدميرها بشكلٍ كامل من دون سكانها؟! فالأمريكيُّ هو لديه هذا التوجّـه، جزءٌ من استراتيجيته، وأُسلُـوب يعود إلى تكتيكه الحربي: الاستهداف للمدن وسكانها المدنيين، بمن فيهم من الأطفال والنساء، والكبار والصغار، والجميع هدف لمثل ذلك النوع من القنابل.
على مستوى التجويع كذلك، الأمريكي هو الذي رتَّب الخطة باستهداف معبر رفح، وهو الذي قدَّم الخطة للإسرائيلي، وقدَّم له كُـلّ أشكال الدعم، وقدَّم له الخطة في التصعيد نحو رفح، كيف يكون، وكيف تكون الطريقة، ولذلك حتى في إحدى أشهر الصحف البريطانية، نقلت اعترافات عن من أسمتهم مسؤولين أمريكيين سابقين، يعترفون بأن واشنطن وفَّرت غطاءً لإسرائيل لإحداث مجاعةٍ بغزة، بجعل إدخَال المساعدات مستحيلاً، عبر عرقلة وقف إطلاق النار، هذا شيء واضح في أمريكا، أنَّ الأمريكي له دورٌ أَسَاسيٌّ وهو مشتركٌ أصلاً في تجويع الشعب الفلسطيني، في إبادة الأطفال والنساء، وفي تجويع من تبقى؛ بهَدفِ إبادتهم.
أمَّا فيما يتعلق بالنازحين ومعاناتهم، ومعظم أهالي غزة معظمهم أصبحوا نازحين، فحالة النزوح المُستمرّة للعائلات الفلسطينية، وهي تتنقل من منطقة إلى أُخرى، من مدينة إلى أُخرى، ومعظمهم كانوا قد نزحوا إلى رفح، والتكدس في رفح بمئات الآلاف من النازحين، ثم عندما اتجه العدوّ الإسرائيلي لاستهداف رفح بعدوانه البري، بدأت عملية النزوح من جديد من رفح، بعض العائلات الفلسطينية، بل الآلاف من العائلات الفلسطينية، عمليات النزوح بالنسبة لها تكرّرت كَثيراً، تنزح من مدينة إلى أُخرى، من منطقة إلى أُخرى، ثم تُستهدف، يحصل استهداف لتلك المنطقة بنفسها، ثم تضطر للنزوح، والنزوح في ظروف قاسية، ومعاناة، تحت القصف والاستهداف والتجويع، وبمشاكل كبيرة فيما يتعلق حتى بالنقل والتنقل، التنقل محفوف بالخطر، في حالة استهداف عشوائي، وإجرامي، ووحشي من قبل العدوّ الإسرائيلي للنازحين، بدون إمْكَانات، بدون مقوِّمات، يصلون إلى مناطق أُخرى، ليس لهم فيها أي مقوِّمات للحياة، فتعظم وتكبر المعاناة؛ وهو ما يسعى له العدوّ الإسرائيلي أَسَاساً، هو يسعى إلى أن يلحق بالشعب الفلسطيني أشد وأقسى أنواع المعاناة، هذه حالة إجرامية بالنسبة للعدو الإسرائيلي، نزعة إجرامية، ونفسية إجرامية.
كثير من العائلات الفلسطينية نزحت في العدوان على غزة أكثر من خمس مرات، تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، ومنظماته، وتقارير اليونيسيف تتحدث عن أنَّ نصف النازحين هم من الأطفال؛ لأن معظم النازحين من تلك العائلات معظمهم أطفال ونساء أَسَاساً، فغالبية النازحين عائلات، أطفال ونساء، ما يقارب الخمسمِئة ألف فلسطيني نزحوا من رفح؛ نتيجة توغل قوات العدوّ في شرق رفح، ونتيجةً للقصف الهمجي، وهذه مأساة ومعاناة كبيرة جِـدًّا.
مع اشتداد حرارة الصيف، تحولت خيام النازحين إلى ما يشبه الأفران من شدة الحرارة، يصعب البقاء فيها، ويضطر النازحون إلى البحث عن أماكن تحميهم من تلك الحرارة دون جدوى، هذا يؤثر حتى على المستوى الصحي، يؤثر عليهم، وهذا أَيْـضاً يدفع الأهالي للنزوح إلى أماكن مكتظة، والعيش في الشوارع، أَو في مبانٍ قيد الإنشاء، مع حالة النزوح التي أتت أَيْـضاً من شرق رفح، أثناء النزوح تلاحقهم طائرات العدوّ، حَيثُ أغارت على منزل في مخيم النصيرات، مكون من أربعة طوابق، كان يؤوي أكثر من مِئة نازح، المبنى بنفسه كان يؤوي عدداً كَبيراً من النازحين، أكثر من مِئة نازح قادمين من شرق رفح، وبمُجَـرّد وصولهم باغتهم طيران العدوّ الإسرائيلي بعدة غارات، حوَّلت المنزل إلى ركام، بعملية ترصد تام، هو ترصدهم وهم ينزحون، عندما وصلوا (أطفال، نساء، عائلات) ودخلوا إلى ذلك المبنى، قام بقتلهم بشكلٍ جماعي.
ثم معاناتهم على مستوى الوضع الصحي، لم يبقَ سوى اثنين من المستشفيات تعمل بشكلٍ جزئي، وليس بشكلٍ كامل، من إجمالي (خمسةٍ وثلاثين مستشفى)، وهما مهدّدان بالخروج عن الخدمة؛ لنفاد الوقود، وعدم توفر الاحتياجات الضرورية من الأدوية وغيرها، ومهدّدان أَيْـضاً من جانب العدوّ الإسرائيلي.
هذه المأساة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، تزامنت في هذا الأسبوع مع ذكرى النكبة (الذكرى السادسة والسبعين للنكبة)، والنكبة في الواقع بدأت في فلسطين، وعانى الشعب الفلسطيني النكبة، منذ بدأ البريطاني باحتلاله لفلسطين، حَيثُ كان من ضمن الأهداف: الترتيب لتمكين اليهود من احتلال فلسطين، كان هذا واحداً من الأهداف لاحتلال البريطاني لفلسطين، هو يحسب حساب هذه المسألة، هناك مساعي سابقة قبل عملية الاحتلال البريطاني لفلسطين، رسَّخت هذا كمبدأ، وهدف أَسَاسي لدى البريطانيين.
سعى البريطاني بعد احتلاله لفلسطين، سعى لترتيب وتهيئة الظروف لذلك، من خلال جرائمه، سلوكه القمعي آنذاك، وهو يستهدف الأحرار من أبناء الشعب الفلسطيني، ويسعى إلى تهيئة الظروف بمحاولته أن يعيق على الشعب الفلسطيني أي تحَرّك جاد للتحرّر، أنشطة وأعمال ومؤامرات كثيرة اشتغل عليها البريطاني؛ بهَدفِ تهيئة الظروف لتمكين اليهود من احتلال فلسطين.
أيضاً التهيئة على مستوى المحيط العربي، البريطاني كما قام باحتلال فلسطين، واشتغل داخل فلسطين للتهيئة لذلك، لتهيئة الظروف للاحتلال من جهة اليهود الصهاينة لفلسطين، اشتغل أَيْـضاً منذ ذلك الآن، منذ ذلك الوقت في المحيط العربي، كيف يهيئ الظروف؛ حتى لا يكون هناك ردةُ فعل من المحيط العربي، ردة فعل قوية بالشكل الذي يدعم الشعب الفلسطيني، ويَحُوْل دون تحقيق الهدف البريطاني والصهيوني.
بعد وعد بلفور بدأت خطوات مكثّـفة لاستقدام اليهود الصهاينة إلى فلسطين، من أُورُوبا وبلدان كثيرة، منها: بلدان عربية، من الدول العربية، ومن تلك الخطوة نفسها، وهي بداية التنفيذ العملي للخطة الصهيونية البريطانية، التي تهدف إلى تحقيق ذلك الهدف: لاحتلال فلسطين، قصَّرت الدول العربية بلا استثناء، كُـلّ الدول العربية التي بدأ التفويج منها لليهود إلى فلسطين، لاحتلالها من جهة اليهود، التقصير منذ ذلك الوقت المبكر، وأمام كُـلّ خطوة، كُـلّ خطوة عملية كان ينفِّذها البريطاني، ومعه اليهود الصهاينة، كانت تقابل بتخاذل عربي، وتخاذل على مستوى البلدان الإسلامية، ولا يكون هناك أي تحَرّك في المقابل لإفشال العدوّ، أَو تحَرّك ضعيف، لا يصل إلى مستوى التحدي، ولا إلى مستوى التهديد.
بدأت بريطانيا للعمل في مسارَين بالنسبة للجانب العسكري، يعني: اشتغلت في كُـلّ المجالات، في المجال العسكري اشتغلت في مسارَين:
- أولهما: التشكيلُ العسكري في إطار الجيش البريطاني: قامت بتشكيل لواء عسكري من اليهود الصهاينة، ضمن الجيش البريطاني المحتلّ لفلسطين، إضافة إلى كتائب أُخرى، غير ذلك اللواء، ومن الملاحظ من تلك المرحلة المبكرة الاهتمام الأمريكي، بالرغم أنَّ أمريكا لم تكن قد برزت إلى الساحة الدولية بنفوذها، كما حصل فيما بعد الحرب العالمية الثانية، في المرحلة التي وصلت فيها إلى مستوى النفوذ الدولي الأوسع، والأشمل، والأكبر بين بقية الدول، لكن حتى في تلك المرحلة المبكرة، بدأ الاهتمام الأمريكي، وكان من ضمن المطالبين، في مقدِّمة من طالب بتشكيل كتائب عسكرية من اليهود الصهاينة، في إطار الجيش البريطاني المحتلّ لفلسطين، هم الأمريكيين، الأمريكي آنذاك طالب بتشكيل المزيد، وإلحاق المزيد من الصهاينة في إطار تشكيلهم ككتائب مقاتلة؛ مِن أجلِ إعدادهم للخطوات التالية.
- في المسار الثاني: تشكيل عصابات: عصابات من اليهود الصهاينة، مع توفير التدريب والتسليح لها، ومع توفير الحماية لها، والإسناد في بعض عملياتها الإجرامية، واعتداءاتها على أبناء القرى من أبناء الشعب الفلسطيني، في بعض الحالات كانت تذهب تلك العصابات، ومع تلك العصابات حماية، تذهب قوة بريطانية لإسنادها، بدأت العصابات عدوانها على القرى الفلسطينية، والأحياء، وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بشكلٍ وحشيٍّ وفظيع، بشكلٍ رهيب جِـدًّا، ولكن الذاكرة العربية ضعيفة.
ومن أكبر الأخطاء، والتي وراءها جزءٌ من الإهمال، وعدم الاهتمام، وجزءٌ قد يعود في بعض البلدان إلى تواطؤٍ مقصود: تغييب تلك الأحداث، وتلك المراحل، وما حصل فيها ضد الشعب الفلسطيني، من المناهج الدراسية الرسمية في البلدان العربية وغيرها في العالم الإسلامي، في أكثر العالم الإسلامي.
الجرائم كانت تتم بشكل فظيع، وحشي، إجرامي، رهيب، بعض القرى الفلسطينية كانت تلك العصابات تقتل كُـلّ من فيها من أبنائها، تقتل الأطفال جميعاً، حتى الرُّضَّع، وتقتل الكبار والصغار، والنساء والرجال بشكلٍ جماعي، البعض كانت تحرقهم بالنيران، يجمعونهم في مكان واحد، ثم يقومون بإحراقهم، البعض كانوا يجمعونهم في مسجد (مسجد القرية)، ثم يقومون بإبادتهم في داخل المسجد، إمَّا إعداماً رمياً بالرصاص، في بعض القرى الفلسطينية تم إعدامهم بالسكاكين، والفؤوس، بطريقة وحشية وإجرامية، كانت العصابات اليهودية تذبح الأطفال الرُّضَّع بسكاكينها، وتقتل النساء بفؤوسها، وتقطع الرؤوس بخناجرها، وبوحشية فظيعة جِـدًّا.
في تلك المرحلة، هي من المراحل التي كانت عناوين الحقوق: حقوق الإنسان، وعناوين الديمقراطية، والحرية… وبقية العناوين المخادعة قد أصبحت موجودة في الغرب، أصبحت موجودة في أمريكا، أصبحت عناوين يتبجَّح بها الغرب، على أنها تعبِّر عن حضاريته، ومع ذلك لم يكن هناك أي موقف غربي تجاه تلك الجرائم الوحشية جِـدًّا، الفظيعة للغاية، بل كان الدعم مكثّـفاً من مختلف البلدان الغربية، للجمعيات والمؤسّسات والجهات التي تجمع التبرعات والدعم بكل أشكالهم للصهاينة، كان هناك دعم رسمي من الحكومات والأنظمة، ودعم شعبي يجمع من أوساط الشعوب الأُورُوبية، وفي أوساط الشعب الأمريكي، منظمات ومؤسّسات تجمع التبرعات، وحملات إعلامية مساندة وغير ذلك.
البعض من أبناء القرى أُبِيدُوا إعداماً بالدم البارد بالرصاص، البعض بالحرق بالنار، البعض القتل بتدمير بالديناميت، يجمعونهم في مكان ويفجرونهم بالديناميت، البعض بالفؤوس والسكاكين والخناجر، واستمرت تلك الحالة العدوانية الإجرامية على مدى سنوات، وكانت تتصاعد، كُـلّ عام ووتيرتها أكثر، وأفظع، وأقسى، وأسوأ، والبريطاني يوفِّر الحماية بجيشه المحتلّ لتلك العصابات.
عندما ثار الشعب الفلسطيني في عام 1936 ميلادية ثورةً قوية، بتحَرّك واسع في أوساط الشعب الفلسطيني، لم يحظَ بالدعم اللازم من جهة العرب، بل خذلوه، وتفرَّجوا عليه، ولم يقدموا الدعم الكافي، وإلَّا لو قدموا الدعم الكافي في تلك المرحلة المبكرة؛ لربما كان ذلك عاملاً مهماً في تفادي النكبة التي حصلت فيما بعد.
على طول امتداد تلك الثورة لم يحظَ بالدعم اللازم من جهة العرب، بل -في نهاية المطاف- طلب زعماء عرب، وحكام عرب، طلبوا من الثوار في تلك الثورة أن يتوقَّفوا عن ثورتهم، وأن يثقوا بالوعود البريطانية المخادعة، بالتوقف عن الاستمرار في استقبال اليهود، الذين يتم استقبالهم واستيفادهم لاحتلال فلسطين، وأنَّ بريطانيا أَيْـضاً ستذهب من فلسطين، وعود مخادعة، فتوجّـه البعض من الزعماء العرب وخاطبوا الثوار، وضغطوا عليهم، وطلبوا منهم أن يتوقفوا، فما الذي حصل؟ حصل بعد ذلك استيفاد المزيد من مئات الآلاف من اليهود لاحتلال فلسطين، واستمرت وتيرة الاغتصاب للأراضي، للقرى، للمنازل، القرى كانت تُدمّـر بالكامل، أكثر من خمسمِئة قرية، ومدن تُدمّـر الأحياء فيها، وقرى ومدن كان اليهود يحتلونها، ويأخذون البيوت، يغتصبون كُـلّ أملاك الشعب الفلسطيني، واستمرت هذه الحالة، استمرت باستمرار، إضافة إلى بناء ما يسمونه هم بالمستوطنات، وهي المغتصبات، التي يقومون ببنائها على الأراضي الفلسطينية المغتصبة أَيْـضاً، حتى إذَا وصل البريطاني إلى الاطمئنان تجاه تمكّن اليهود من السيطرة؛ وإنما يكفي الدعم المادي لهم، وتخذيل العرب، يعني: وصل البريطاني إلى أنَّ المرحلة في حجم ما قد وصل إلى فلسطين من اليهود الصهاينة المحتلّين المغتصبين، وقد أصبحوا بالملايين، وأصبحوا يمتلكون قوةً عسكريةً مدربة ومجهزة، من تلك الألوية والكتائب التي أشركها ضمن الجيش البريطاني المحتلّ، وأهَّلها في داخله عسكريًّا، ومن تلك العصابات أَيْـضاً، وأضعف الشعب الفلسطيني، وحرص على أن يوصله إلى أنهى مستوى من الضعف، وعدم التمكّن من المواجهة، وضَمِن التخاذل العربي، حينها قرّر أن يرحل، وأن يسلم فلسطين لتلك العصابات الإجرامية، والتشكيلات العسكرية، التي قد قام هو (البريطاني) بتشكيلها، وبنائها، وإعدادها، فرحل من فلسطين، وأعلن انسحابه، وسلَّم زمام الأمور إلى اليهود الصهاينة.
الجرائم الوحشية للإبادة الجماعية، والتهجير، التهجير المليوني، في أكبر عملية تطهير عرقي في القرن العشرين، هي وصمة عار على البريطاني والأمريكي؛ لأن كلاً منهم له دور أَسَاسي، في المقدِّمة: البريطاني، ثم الأمريكي، الذي بادر هو أَيْـضاً بادر في ذلك لدعم اليهود الصهاينة بكل أشكال الدعم، وتبنيهم، وُصُـولاً إلى نكبة 48، وُصُـولاً إلى احتلال 85 % من أرض فلسطين، وإعلان اليهود الصهاينة عن كيانهم.
ثم الذي حصل من بعد في قرار التقسيم، في موقف ما يسمى بالأمم المتحدة، من محاولة الإقرار للعدو الإسرائيلي، وشرعنة احتلاله، هذا من أغرب وأسوأ وأفظع الباطل الذي اعترفت به الأمم المتحدة، ومن العار على الأمم المتحدة أن تقبل بالعدوّ الإسرائيلي عضواً فيها، وهو كيانٌ، محتلّ، مغتصبٌ، إجراميٌّ، قائمٌ على الإجرام، والطغيان، والعدوان، والاغتصاب، أي شرعية لكل ما فعله؟! فعندما صدر قرار التقسيم، الذي حاولوا أن يصادروا من خلاله 85 % من أراضي فلسطين، من أراضي الشعب الفلسطيني، ومن أرض فلسطين التي هي للشعب الفلسطيني، أن يصادرها وأن يعترفوا بها للعدو الإسرائيلي؛ لأنه اغتصبها، وأخذها بالقوة، بدون وجه حق، بدون أي مشروعية، كان ذلك أَيْـضاً ظلماً على ظلم.
في تلك المرحلة الحسَّاسة لم يكن هناك أي تحَرّك عربي بالشكل المطلوب، كان هناك تحَرّك ضعيف، غير منظم، غير مرتب بالشكل المطلوب، ولم يكن مبنياً على أَسَاس الاستمرار، وعلى أَسَاس النفير العام في أوساط الشعوب للجهاد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بما تمثله المسألة من أهميّة كبرى لكل مسلم في العالم العربي وغيره، ما يربط الإنسان المسلم في العالم العربي وغيره بفلسطين، شعبٌ مسلم هو جزءٌ من هذه الأُمَّــة، أرضٌ هي جزءٌ من وطن المسلمين وبلاد المسلمين، مقدسات على رأسها المسجد الأقصى، مسرى النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والتحَرّك المبكر كان مسألةً مهمةً جِـدًّا، التحَرّك حتى في تلك المرحلة بما ينبغي، بما يفترض، بحجم التحدي والخطر، كان هو المفترض، ولكنه حصل تقصير كبير، وتفريط كبير.
استمرت النكبة، وُصُـولاً فيما بعد تلك الأعوام إلى احتلال العدوّ لبقية فلسطين، احتلال القدس، واحتلال بقية فلسطين، استمر الدور الغربي المساند، وفي المقدِّمة الأمريكي.
الأمريكي عندما أعلن العدوّ الإسرائيلي عن كيانه باسم دولة، بعد إحدى عشر دقيقة فقط اعترف الأمريكي به، وندم -من الظريف والغريب والشنيع في نفس الوقت- أنَّ الرئيس الأمريكي ندم على أنه تأخر إحدى عشر دقيقة في الاعتراف بالعدوّ الإسرائيلي، بالكيان الإسرائيلي باسم أنه دولة، أية دولة وهو مغتصب محتلّ؟! فالأمريكي اتَّجه لدعم وتبني العدوّ الإسرائيلي، وتبني جرائمه، وتبني محاولة فرضه في هذه البقعة من العالم العربي والإسلامي.
الدور الأمريكي بعد الاعتراف استمر بتقديم الدعم، وأخذ زمام المبادرة بدلاً عن البريطاني، البريطاني بقي دائماً إلى جانب العدوّ الإسرائيلي، ولكن الأمريكي أخذ الدور الأكبر في ذلك.
المجتمع الغربي تحَرّك في دعم اليهود الصهاينة بثلاثة دوافع: دافع الحقد والكراهية للمسلمين، وفي مقدِّمة المسلمين: العرب، وقبل أن تكون المسألة في تلك المرحلة المبكرة، هل يمكن أن يقولوا مثل ما يقولون الآن: [إنَّ المسألة إيرانية]؟ نظام الشاه، ومن قبله الأنظمة التي قبله، الأنظمة الملكية في إيران آنذاك، لم تكن على عداء مع أمريكا، الشاه الذي ثار عليه الإمام الخميني كان عميلاً لأمريكا، وكان حليفاً وصديقاً لإسرائيل، فالمسألة من قبل الثورة الإسلامية، الثورة الإسلامية تبنَّت الموقف الإسلامي لمساندة الشعب الفلسطيني، حتى قبل أن تنتصر في إيران، في مرحلة الثورة قبل انتصارها؛ ولذلك عندما يحاول الأمريكي والإسرائيلي أن يقولوا -ومن معهم من أبواقهم وعملائهم- أن يقولوا للشعوب العربية: [الموقف من العدوّ الإسرائيلي هي مسألة إيرانية، العرب ليس لهم قضية، العرب يفترض بهم أن يكونوا أصدقاء للعدو الإسرائيلي]! هذا خداع بسطحية وسذاجة، واستغباء واستحمار، واستحمار للشعوب العربية؛ لأن الكل يعرف أنَّ اليهود الصهاينة ابتدأوا بعدوانهم على من؟ على العرب الفلسطينيين، الشعب الفلسطيني العربي، وقتلوا العرب في محيط فلسطين: في لبنان، وسوريا، والأردن، ومصر، وقتلوا أَيْـضاً من الذين تحَرّكوا من البلدان العربية الأُخرى لنصرة إخوانهم الفلسطينيين في تحَرّك محدود، لم يكن بالمستوى المطلوب، لا من البلدان، ولا من الأنظمة والحكومات آنذاك، ولكن مشكلتهم من الأَسَاس هي اتَّجهت نحو العرب، استهدافهم للعرب، عدوانهم على العرب، قتلهم هو للعرب، فالعرب هم من يتحمَّلون هذه القضية، هي قضيتهم بالدرجة الأولى، ومسؤوليتهم بالدرجة الأولى.
الدور الإسلامي الذي قامت به الجمهورية الإسلامية في إيران، وأي دور إسلامي هو مساند، هو يتحَرّك؛ باعتبَارها قضية إسلامية دينية؛ لأن لها هذا العمق: هي قضية إسلامية دينية، ولكن على العرب أن يدركوا أنهم هم كانوا الضحية منذ البداية، كانوا أول من قُتِلوا، أول من احتُلَّت أوطانهم، أول من استهدفوا، ولا يزال الخطر عليهم قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، فالحقد الأمريكي الغربي الصهيوني، والمعتقد الباطل باسم الدين لدى الصهاينة (صهاينة اليهود، وصهاينة المسيحيين في المجتمعات الغربية)، الصهاينة منهم لديهم معتقدات تتعلق بمسألة تمكين العدوّ الإسرائيلي من السيطرة على فلسطين، والسيطرة على أجزاء واسعة من البلاد العربية بالتحديد، والسيطرة على العرب، وإذلال العرب، وإهانة العرب، وقتل العرب، وتدمير العرب، هناك معتقدات صهيونية في الوسط المسيحي لمن يعتنقونها، فئة منهم تعتنقها، وَأَيْـضاً في الوسط اليهودي، الصهاينة، اليهود لديهم هذا المعتقد، ومعهم من تصهين من أوساط المسيحيين، يحملون معتقدات حقد، كراهية، وقائمة على هذا الأَسَاس: على أَسَاس تمكين العدوّ الإسرائيلي من الاحتلال لفلسطين، ومن إذلال العرب، وتدمير العرب، وقتل العرب، والكراهية للعرب، والأطماع، هناك أطماع، هم فئة طامعة، اليهود الصهاينة طمَّاعون، أهل طمع وجشع، يطمعون بهذه البلاد، بثرواتها، بإمْكَاناتها، بموقعها، وكذلك الأمريكي هذا حاله، هذا حال الدول الأُورُوبية التي فيها نزعة استعمارية، وشهيتها مفتوحة إلى أبعد مدى في احتلال البلدان الأُخرى، في نهب ثرواتها، في السيطرة عليها، طالما أنَّ الظروف مهيأة لذلك، طالما لم يكن هناك في تلك البلدان -كما هو الحال في البلدان العربية- منعة، وعزة، وقوة، وتماسك، يدفع الأعداء، ويبطل مساعيهم، ويحفظ الأُمَّــة، ويحفظ أوطانها، وثرواتها، وحقوقها من سيطرتهم.
دعم الأمريكي وصل في تبنيه للصهيونية، وللعدو الإسرائيلي، ولدعم العدوّ الإسرائيلي، إلى درجة أن يكون أبرز وأول موضوع مهم في التنافس الانتخابي الرئاسي في أمريكا، ومنذ زمن، منذ زمن وهذه الحالة كما هي، عندما تأتي الانتخابات الأمريكية، يكون في مقدِّمة المواضيع، والأمور المهمة التي يتنافس عليها المترشحون للرئاسة في أمريكا: [من الذي سيقدِّم دعماً أكثر للعدو الإسرائيلي ضد العرب، وضد المسلمين]، فيتنافسون في ذلك، ويتفاخرون بما قد قدَّموا سابقًا، إذَا كان رئيس منهم قد ترشح سابقًا، وأصبح في الجولة الثانية، أَو في المرحلة الثانية، يتباهى بما قد قدَّم، وفيما بعد يفتخر حتى بعد خروجه من الرئاسة، وانتهاء فترته الرئاسية، يتباهى ويفتخر بأنه قدَّم أثناء فترة رئاسته لإسرائيل كذا وكذا وكذا، ويستمرون على ذلك، ويعتبرون ذلك مسألة التزام، وسقفهم في ذلك: أن يكون العدوّ الإسرائيلي متفوقاً على كُـلّ دول المنطقة، وأن تكون كُـلّ دول المنطقة بالنسبة له ضعيفة، ذليلة، خانعة، يستطيع أن يحقّق أي هدف تجاه أي بلد من بلدان المنطقة.
في العدوان على غزة يتكرّر المشهد الإجرامي، في النكبة التي امتدت واستمرت؛ لأنَّ الشعبَ الفلسطيني استمرت معاناتُه بشكلٍ يومي، في كُـلّ هذه الستة والسبعين عاماً وما قبلها، وهو يعاني بشكلٍ يومي، كُـلّ الممارسات الإجرامية: من قتل، من تدمير للمساكن، من تهجير من قرى، من احتلال أراضٍ أُخرى، ومزارع، من قلع لأشجار الزيتون لأكثر من مليوني شجرة زيتون قلعت، من -كذلك- السيطرة واغتصاب ممتلكات للشعب الفلسطيني، كُـلّ الممارسات الإجرامية استمرت بشكل يومي، في كُـلّ هذه العقود، والأمريكي يدعم، والتخاذل العربي يستمر، فالعدوان على غزة هو مرحلة من مراحل التصعيد للعدو الإسرائيلي، وهو تكريرٌ للمشهد الإجرامي، لكن بإمْكَانات أكثر، أكثر من ذلك الزمن، ما أصبح بيد الإسرائيلي، وما يقدِّمه له الأمريكي في عدوانه في هذه المرحلة على قطاع غزة، هو أكثر فتكاً، وتدميراً، وأكثر وسيلةً في إبادة الشعب الفلسطيني، فعَّالةً في ذلك في الإجرام، مما كان يمتلكه في تلك المراحل، وفي أية مرحلة قد مضت.
وكذلك الصمود من جانب الإخوة المجاهدين في كُـلّ الفصائل المقاتلة في قطاع غزة، وفي أوساط المجتمع الفلسطيني بشكلٍ عام، الصمود الفلسطيني، وثبات المجاهدين في هذه المرحلة، أكبر من أي مرحلة مضت في تاريخ الشعب الفلسطيني.
وإلى الآن لا يزال أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي ينادون بإبادة الشعب الفلسطيني، بمثل ما أبادوا به -الأمريكيون أنفسهم- بمثل ما أبادوا به سكان مدينتين في اليابان: (هيروشيما، ونجازاكي)، ويقترحون أن تتم الإبادة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بتلك الطريقة، دفعةً واحدة؛ لحسم المعركة كما يقولون.
الأمريكي في وحشيته، وعدوانيته، وشراكته للعدو الإسرائيلي، لا يزال مُستمرّاً في قمع طلاب الجامعات الأمريكية، الطلاب والمدرِّسون الذين حركهم الضمير الإنساني؛ لهول وفظاعة الإجرام الصهيوني، الذي تشارك فيه السلطات الأمريكية ضد الشعب الفلسطيني في فلسطين وفي غزة، تحَرّكوا؛ فوُوجهوا بقمع، باضطهاد، بظلم من قِبَل السلطات الأمريكية، التحَرّك الجامعي على مدى شهر، أَو منذ قرابة شهر، وهو يعاني من القمع، من الاضطهاد، من سوء التعامل، من انتهاك الحقوق، الحقوق التي هي ثابتة لهم في الدستور الأمريكي، وفي القوانين الأمريكية، هذا هو الحال أَيْـضاً في بريطانيا، في بقية الدول الأُورُوبية، يهاجمون اعتصامات طلاب الجامعات بشرطتهم، يهاجمونهم بالضرب بالهراوات، بالكلاب أَيْـضاً في بعض البلدان، وفي نفس الوقت يقومون بضربهم، باعتقالهم، بتقييدهم بطريقة مذلة، ومهينة، وقاسية… وغير ذلك، اعتقالات وحملات إعلامية، إجراءات داخل الجامعات أَيْـضاً لمعاقبة الطلاب، البعض بفصلهم، البعض بحرمانهم أَيْـضاً من الشهادات الجامعية، إجراءات متنوعة، والآن مع كذلك قرب العطلة الصيفية هناك، هناك أَيْـضاً معاناة لهم (طلاب الجامعات)، نحن نأمل منهم حتى في العطلة الصيفية أن يواصلوا نشاطهم، إن كان في الجامعات، أَو في غير الجامعات، من المهم أن يواصلوا نشاطهم، طالما والعدوان مُستمرّ على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
بالرغم من حجم الإجرام، ومن التصعيد الأخير باتّجاه رفح، والأمريكي هو الذي رسم خطة وطريقة وكيفية العدوان الإسرائيلي البري باتّجاه رفح، ويتم وفق الطريقة التي خطط لها الأمريكي، وهذا واضح، هذا واضح، إلَّا أنَّ الإخوة المجاهدين في قطاع غزة من مختلف الفصائل، وفي مقدِّمة تلك الفصائل: كتائب القسام، وسرايا القدس… وبقية الفصائل التي تقف جنباً إلى جنب مجاهدةً في سبيل الله، صمودهم هو يحبط العدوّ الإسرائيلي، وصمودهم له نتيجته المهمة، وأثره العظيم، على مستوى هذه المرحلة المصيرية، المفصلية، المهمة جِـدًّا.
في هذا الأسبوع عاد القتال إلى جباليا، وإلى حي الزيتون، هذا يثبت فشل العدوّ الإسرائيلي، عندما تتكرّر المعركة في حيٍّ من الأحياء، وفي مخيم من المخيمات لخمس مرات، لمرات متتالية، في كُـلّ مرة يعلن الإسرائيلي أنه قد حسم المعركة، وسيطر على الوضع، ولم يعد هناك أحد، وأنه فكك -كما يقول- عشرين كتيبة من كتائب القسام، ثم يتضح عكس ما قاله تماماً، يتضح تواجد الإخوة المجاهدين بفاعلية، بتأثير، بقتال واستبسال وتنكيل للعدو الإسرائيلي، فهو يكذب بادِّعاءاته القضاء عليهم، أَو تفكيكهم، لا يزالون يكبِّدون العدوّ خسائر موجعة وفادحة في جنوده، ودباباته، وآلياته العسكرية، والمشاهد الإعلامية تثبت ذلك، تثبت مستوى التنكيل بالعدوّ، نجد في تلك الفيديوهات والمشاهد الإعلامية: الاشتباك المباشر، التصدي للدبابات، وكذلك استمرار القصف إلى عسقلان، إلى سيديروت، إلى بئر السبع… إلى غيرها، استهداف قرابة سبعين آلية هذا الأسبوع فقط من آليات العدوّ الإسرائيلي، يتضح من تلك المشاهد، ومن واقع الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، بالرغم من حجم العدوان والحصار، يتضح أنَّ معنوياتهم عالية، وهذه نقطة مهمة وجوهرية، {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: من الآية146]، ذلك الصبر العظيم، ذلك الصمود، تلك الروح المعنوية العالية، يتعلَّق بها الأمل في النصر من الله، والتأييد من الله، والمعونة من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يظهر تسابقهم للقتال وملاقاة العدوّ الصهيوني في مختلف محاور القتال، وبخبرة أكبر مما قد مضى، هم يكتسبون المزيد من الخبرة في التعامل مع هذا الوضع الذي هم فيه، ودراية أكبر، وتكتيكات محكمة، ويوقعون العدوّ في كمائن كثيرة، ويستهدفونه بفاعليةٍ عالية، وكان من ضمن ما لوحظ في هذا الأسبوع: الاستهداف لنائب مراقب المنظومة الدفاعية، المجرم [يوغيف بار شيشت]، وهذا هو يعد ثاني أكبر رتبة مما قد استهدفوا في العدوان الإسرائيلي في هذه المرحلة على قطاع غزة.
استمرار العدوّ الإسرائيلي في العدوان على غزة، وسعيه للتصعيد باتّجاه رفح، يعني: الاستنزاف له بشكلٍ أكبر، وأن يكون إخفاقه أكبر كلما طال الوقت، وفشله أكبر، وهزيمته المحتومة في نهاية المطاف، إضافة إلى تصعيد جبهات الإسناد؛ لأنه كلما طال أمد العدوان والحصار، واتَّجه العدوّ الإسرائيلي إلى خطوات جديدة، بمثل ما يفعله الآن بتصعيده باتّجاه رفح، هذا يعني أن تتجه جبهات الإسناد في لبنان، في العراق، في اليمن، إلى خطوات إضافية، وإلى تصعيد في مقابل ذلك التصعيد.
ولذلك نجد في الجبهة اللبنانية في هذا الأسبوع عمليات كثيرة، وفعَّالة، ومنكِّلة بالعدوّ، والجبهة اللبنانية جبهة ذات أهميّة كبيرة؛ لأنها جبهة مباشرة، وتأثيرها امتد على مستوى شمال فلسطين من جهة، وعلى مستوى واقع العدوّ بشكلٍ عام، وما يحصل في الجبهة اللبنانية يتم الإعلان عنه، لا نحتاج إلى الدخول في تفاصيله.
الجبهة العراقية اتَّجهت من جديد إلى التصعيد، ونحن نشيد بهذا التوجّـه، بهذا التفاعل، بهذا الاهتمام الكبير، وفي هذا الأسبوع كان هناك قرابة الاثني عشر هجوماً بصواريخ كروز، والطائرات المسيَّرة، وقد يكون الرقم أكبر من ذلك، ليس عندي إحصاء دقيق، ولكن من الواضح أنهم اتَّجهوا للتصعيد بشكل كبير، ويؤمل فيهم -إن شاء الله- المزيد والمزيد من الفاعلية والتصعيد.
فيما يتعلق بجبهة اليمن (في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس)، العمليات المنفذة ضد العدوّ الصهيوني إلى فلسطين المحتلّة، قد بلغت (أربعين عملية)، بـ (مِئتين وأحدَ عشرَ صاروخاً)، هذا باتّجاه فلسطين المحتلّة ضد العدوّ الإسرائيلي، من غير البحار، هذا منذ بداية الأحداث.
أما العمليات المنفذة في هذا الأسبوع، فهي (سبع عمليات)، نُفِّذت بـ (ثلاثةَ عشرَ صاروخاً باليستياً، ومجنَّحاً، ومسيَّرة)، في البحر الأحمر، وخليج عدن، والمحيط الهندي، وبدأ التدشين باتّجاه البحر الأبيض المتوسط بعمليتين.
العمليات على السفن الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن قد بلغت أكثر من مِئة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيَّرة، هذا فيما يخص السفن الأمريكية. في المحيط الهندي يسعى الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني لتغيير مسارهم في الابتعاد، في الابتعاد شرقاً، في مساحات أبعدَ في المحيط الهندي، لمحاولة أن يكونوا أكثر بعداً عن المسافات التي يُستهدفون فيها، ولكن ذلك يضيف عليهم كلفةً أكبر، وأعباء إضافية، ولن يفيدَهم ذلك، هم كلما ابتعدوا أكثر؛ كلما ساهموا في تطوير قدراتنا الصاروخية، وفي الطائرات المسيَّرة لتكون في مدى أبعد، ولتصل إلى مديات أبعد؛ ولذلك قلنا من بداية الأحداث: أنهم يساهمون هم بتصرفاتهم هذه في تطوير قدراتنا العسكرية.
المرحلة الرابعة التي بدأت، وأعلن عنها جيشنا اليمني، مع بداية تصعيد العدوّ باتّجاه رفح، هي مرحلة مهمة؛ لأنها تستهدف سفن جميع الشركات التي تنقل البضائع والمؤن إلى العدوّ الإسرائيلي، باتّجاه أي ميناء من موانئه، هذه السفن التي تقوم بهذا العمل، والشركات نفسها التي تقوم بهذا العمل، سيتم استهداف سفنها في أي مكان تطاله قدرات الجيش اليمني، يعني: ليس هذا حصراً باتّجاه البحر الأبيض المتوسط، البحر الأبيض هو هدف، ولكن أي سفينة يتم التعرف على أنها تنقل إلى أي ميناء من موانئ فلسطين المحتلّة، لصالح العدوّ الإسرائيلي، ستكون هدفاً أينما طالتها قدرات الجيش اليمني، وَأَيْـضاً سفن تلك الشركة بنفسها، التي تتبعها تلك السفينة، ستكون أَيْـضاً هدفاً.
في هذا السياق أنا أذكِّر البعض من الدول، التي كان لها موقف إيجابي في تفهمها في مرحلة البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي، مثلاً: بعض السفن التي تتبع شركات صينية، أَو شركات روسية، أَو شركات لدول أُخرى، حتى دول أُورُوبية، تفهَّمت الإجراء الذي أعلن عنه في البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي؛ وبالتالي توقَّفت عن النقل لصالح العدوّ الإسرائيلي عبر هذا المسار، وحظيت بالأمن والاطمئنان، وبقيت حركتها آمنة مطمئنة، تعبر من خليج عدن، باب المندب باتّجاه البحر الأحمر، وهي في أمن واطمئنان؛ لأنَّها تفهَّمت هذا الإجراء، وهي مدركة بكل وضوح، أنَّ المسألة مرتبطة بما يحصل على غزة، وأنَّ الموقف اليمني هو إسناد للشعب الفلسطيني، في خطوة إنسانية، وشرعية، ومعتبرة بكل الاعتبارات؛ لأنه من حق الشعب الفلسطيني أن يصل إليه الغذاء والدواء، وأن تتوقف ضده جرائم الإبادة الجماعية.
أنا آمل من الصين، من روسيا… من مختلف البلدان، الدول الشرقية، الدول الآسيوية، الدول الأُورُوبية… مختلف الدول، أن تتفهم أَيْـضاً الإجراء فيما يتعلق بالنقل إلى بقية الموانئ الفلسطينية المحتلّة لصالح العدوّ الإسرائيلي، وأن تكف النقل، أن تكف عن النقل؛ لأن إجراء بلدنا هو إجراء من دافع إنساني، وأخلاقي، وديني، وعلى الكل أن يتفهَّم هذا الإجراء.
من مصلحة كُـلّ الشركات التي تتبع لكل الدول، أن تتوقف عن النقل لصالح العدوّ الإسرائيلي، سواءً باتّجاه البحر الأبيض المتوسط، أَو في أي اتّجاه، أن تتوقف عن ذلك، ونحن نحرص على أن نوصل إليهم هذا الصوت، وأن يتفهَّموا هذا الإجراء، وأن يدركوا أنه إجراء إنساني، إنساني وأخلاقي، وأن يتجه الجميع للضغط على العدوّ الإسرائيلي لإيقاف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وأن يوقف التجويع والحصار للشعب الفلسطيني في غزة.
فالمرحلة الرابعة التي هي تحت هذا العنوان، وفيها هذا الإجراء، نحن سنسعى لتقويتها، على مستوى الزخم، على مستوى قوة الضربات، بالرغم من أنَّ الأعداء يحاولون أن يشكِّلوا أحزمة متعددة لحماية أنفسهم وسفنهم في البحر الأبيض المتوسط، وعلى النطاق (نطاق المدى البعيد)، الذي يمكن أن يشمله هذا الإجراء، لكننا سنسعى مهما كانت إجراءاتهم، كما فعلوا سابقًا في البحر الأحمر، في البحر العربي، في المحيط الهندي، كانوا يحاولون أن يمتلكوا القدرة على الاعتراض، في الأخير فشلوا، مساعيهم الأُخرى في الاعتراض نحو المديات الأبعد، وخيارات المرحلة الرابعة، سيفشلون فيها بإذن الله تعالى، والعمل مُستمرّ في تجاوز تقنياتهم، وتجاوز ما يعملونه أَيْـضاً ويشكِّلونه من أحزمة متعددة مكثّـفة، يشغِّلون فيها التشويش، طائرات الاستطلاع التجسُّسي، طيران الحرب الإلكتروني… وغيرها، مساعيهم كلها ستفشل بإذن الله، وسنتمكّن من تجاوزها بإذن الله، كما تم ذلك قبل في البحر الأحمر، في البحر العربي، في خليج عدن، وباتّجاه المحيط الهندي.
استمرار العدوّ الإسرائيلي في العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي الحصار والتجويع، وفي مساعيه أَيْـضاً للتوغل في رفح، يعني: ضرورة السعي للتصعيد أكثر في كُـلّ جبهات الإسناد، هذا هو المؤمل في بقية الجبهات، ونأمل -إن شاء الله- أن يشتركَ معنا إخوتُنا العراقيون فيما يتعلق بالمرحلة الرابعة، لن نألوَ جهداً من جهتنا في ذلك، وسنعمل على تقوية المرحلة الرابعة، والإعداد لما بعدها، للمرحلة الخامسة وغيرها، هذا في المسار العسكري.
فيما يتعلق بالأنشطة الشعبيّة: التعبئة العسكرية الشعبيّة نشطة جِـدًّا، قد تجاوزت (ثلاثمِئة ألف متدرب)، بزيادة (ثلاثة عشرَ ألفًا وتسعمِئة وتسعة وخمسين متدرِّباً)، وستصل -إن شاء الله- إلى نصف مليون وإلى أكثر، المناورات أَيْـضاً العسكرية التابعة للتعبئة نفسها، قد بلغت إلى (سبعمِئة وخمسة وثلاثين مناورة).
كذلك فيما يتعلق بالوقفات، والندوات، والفعاليات، لم أدخل في تفاصيلها؛ لأنها كثيرة جِـدًّا، ولكنها قد بلغت مئات الآلاف.
الخروج المليوني المُستمرّ أسبوعياً بشكلٍ عظيم، يظهر مستوى التفاعل، والتوجّـه الشعبي دون كلل أَو ملل، وأصبح هذا ضمن الالتزامات الشعبيّة، هذا شيء عظيم، هذا شيء مهم جِـدًّا، الوعي والإحساس بالمسؤولية لدى الإنسان اليمني المسلم، الذي ينتمي للإيمان، عندما ارتقى إلى مستوى أن يكون ضمن اهتماماته الأسبوعية، والتزاماته الأسبوعية، أن يخرج ليهتف مسانداً للشعب الفلسطيني، وأن يخرج خروجاً مميزاً، يفوق فيه أي تحَرّك في أي شعبٍ آخر، أَو بلدٍ آخر، هذا شيء مهم جِـدًّا، شيء عظيم جِـدًّا، هذا يجسِّد الانتماء الإيماني لشعبنا العزيز، بالرغم من كُـلّ الهجمات الإعلامية، التي تستهدف هذا الشعب؛ بغية تثبيطه، وتخذيله، وإلهائه، وإغراقه بما يعانيه هو في وضعه الداخلي، هناك سعي كبير من جانب الأعداء في هجمتهم الإعلامية التي تستهدف شعبنا اليمني العزيز، وبالرغم من أنَّ هناك حملاتٍ إعلاميةً دعائية ضد كُـلّ الذين يقفون إلى جانب غزة، ومجاهديها، والشعب الفلسطيني، يعني: هناك استهداف لهم في كُـلّ جبهات الإسناد، إلَّا أنَّ الهجمة الإعلامية العدائية على جبهة اليمن أكثر من أية جبهة أُخرى، أكثر من أية جبهة أُخرى، هجمة مكثّـفة جِـدًّا، فيها كثير من الأبواق، والوسائل، والضخ الهائل بالدعايات، والافتراءات، والأكاذيب، والتركيز على أية قضية، أَو مشكلة، أَو موضوع في الداخل، لمحاولة تحويله هو إلى قضية القرن الحادي والعشرين، الذي يريدون من خلاله إنساء الشعب اليمني كُـلّ ما يجري في غزة، الهدف هو: أن يتوقف شعبنا، وأن يتراجع عن موقفه في مناصرة الشعب الفلسطيني، هذا هو هدف الأمريكي، هدف البريطاني والإسرائيلي، والذي يحرِّكون له أبواقهم، وكلابهم النَّابحة، التي تنبح على هذا الشعب ليلَ نهارَ، لا تتوقف عن نباحها، لكن مستوى الوعي لشعبنا العزيز خيَّب آمالهم، والحضور المليوني الأسبوعي يفحمهم، يقومون بالضخ الدعائي الهائل، والنباح المُستمرّ ليلَ نهارَ، يأتي يوم الجمعة، يتبخر كُـلّ ما قد بذلوه، وما بذلته دول عربية، وقدَّمته من أموال في سبيل ذلك، كُـلّ ذلك يتبخر ويتلاشى.
يخرج شعبنا العزيز في صنعاء بين المطر، في الحديدة بين الحر الشديد، الساحات الكثيرة في محافظة الحديدة، في ساحل حجّـة أَيْـضاً، هي في مناطق حارة جِـدًّا، ونحن دخلنا في الصيف، في حرارته الشديدة، ومع ذلك يخرجون، يهتفون للشعب الفلسطيني، يقفون مع أهل غزة أسبوعياً، الخروج في الحر طبعاً هو أكثر مشقةً وصعوبةً من الخروج بين المطر، ولكنه بكله يدل على مدى التفاعل، والإحساس بالمسؤولية، والاهتمام، أنَّ الضمير اليمني حيٌّ في وجدان هؤلاء كلهم، الذين يخرجون، ولا يرضون لأنفسهم أن يكونوا من الساكتين، الجامدين، المتخاذلين، من ميِّتي الأحياء، الذين ليس لهم صوت، ولا حركة، ولا موقف.
شاهدت بالأمس مظاهرات في هولندا، خرجت لمساندة الشعب الفلسطيني، وللتضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة، وتنادي بوقف العدوان والحصار ضد الشعب الفلسطيني في غزة، كانت مظاهرات بين المطر، المطر يهطل ويصب بغزارة عليهم، وهم يتحَرّكون في الشارع، قلت في نفسي: لو وقفت مظاهرات صنعاء؛ مِن أجلِ المطر، وشاهدت ذلك المشهد في هولندا؛ لشعرت بالخجل، من أن يخرج أهل هولندا ليتعاطفوا مع الشعب الفلسطيني، لينادوا بوقف العدوان والحصار ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وأن يتوقف سكان صنعاء عن الخروج؛ مِن أجلِ المطر، وأُولئك خرجوا بين المطر، لكني حمدت الله؛ لأنِّي أنتمي إلى هذا الشعب العزيز، الذي هو في إيمانه، في مواقفه، في ثباته، في وفائه، يرفع الرأس، ويبيِّض الوجه، ويقف المواقف المشرِّفة، فقلت: الحمد لله، الناس يخرجون حتى بين المطر، وأكثر من ذلك: يخرجون في الحر الشديد، كما يحصل في محافظة الحديدة، المنتمي إلى هذا الشعب اليماني، يمن الإيمان والحكمة، له أن يشعر بالاعتزاز وبالقدر؛ لهذه المواقف المشرِّفة.
أنا آمل -إن شاء الله- أن يستمر شعبنا العزيز في خروجه المليوني، بزخمٍ كبير، استجابة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، صبراً، ومصابرةً، ومرابطة، دون وهن، دون كلل، دون تراجع، كما هو الحال بالنسبة للتوجّـه في مسار التصعيد العسكري.
أدعو شعبنا العزيز للخروج المليوني يوم الغد -إن شاء الله تعالى- في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات، والمديريات في الساحات المعتمدة، حسب الإجراءات المعتمدة.
نَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُعَجِّلَ بِالنَّصرِ وَالفَرَجِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِي المَظلُوم، وَنَسْألُهُ “جَلَّ شَأنُهُ” أَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.