ذكرى النكبة وسنويةُ الصرخة.. الفشلُ الصهيوني وعالميةُ الشعار القرآني
عبدالجبار الغراب
تماشت أوضاع العالمين العربي والإسلامي وفق العديد من المعالم والوقائع البارزة في الوجود، والتي ساهمت وتعمدت في تأسيسها وافتعالها قوى خارجية جعلت من نفسها وصية على شعوب منطقتنا العربية والإسلامية، فصار لكل ما تم الإعداد له تماشيه مع مخطّطاتهم المرسومة وترتيباتهم الموضوعة ووفق مساراتها العديدة وأهدافها المتنوعة، ولأجل ذلك وضعوا السيناريوهات والعديد من الأوراق لتحقيق مختلف الأهداف فبلغ استحواذهم على عديد الدول العربية والإسلامية في نواحي ومجالات كثيرة، وأدرجوا عدة عوامل تمكّنهم من التماشي لوضع الحسابات التي تم تسخيرها لهم بفعل قوى العملاء والخونة، وجماعات معينة تم إعدادها لتنفيذ الأجندة التي وضعت لها، ليتم إطلاق العديد من الأسماء وإيجاد مختلف المصطلحات، وعبر ذلك يتم تنفيذ المهام الموكلة لهم، وعلى هذا الأَسَاس تم الإعداد لأجل الانطلاق إلى دول العالمين الإسلامي والعربي وتحديداً منطقه الشرق الأوسط.
تمر الذكرى الـ 76 ليوم النكبة العربية الإسلامية، والتي تم فيها التهجير والترحيل القسري المتعمد والجبان لحوالي أكثر من (750.000) ألف فلسطيني من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي، في ظل أوضاع حالية مشابهة لماضٍ أليم، وبحرب عبثية همجية يشنها كيان الاحتلال على قطاع غزة والتي دخلت شهرها الثامن، في أطول وأشرس حرب خاضها الاحتلال منذ نشأته، والتي مارس من خلالها أغراضه الخبيثة لمحاولة تكرار الذكرى الأليمة لنكبة 1948 بتهجير سكان قطاع غزة عن طريق ارتكابه لكل الأنواع والأساليب الإجرامية القذرة مخلفاً أكثر من (3200) مجزرة بحق الفلسطينيين، راح ضحيتها أكثر من (35.600) شهيد وَأكثر من (79.350) جريحاً مدمّـرين بذلك ما نسبته (75) % من منازل ومساكن القطاع، جاعلين كُـلّ مناطق القطاع غير صالحة للسكن الآدمي؛ لأغراضهم ومآربهم الخبيثة لتهجير وترحيل سكان قطاع غزة، إلا أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً رغم حصولهم على كُـلّ وسائل وأشكال الدعم الكبير من قبل الأمريكان والغرب وبمختلف الأسلحة المتطورة والفتاكة ولأكثر من (300) رحلة جوية محملة بالقنابل والذخائر والأسلحة وبـ (50) سفينة بحرية وصلت للكيان الصهيوني، وبالغطاء السياسي والدعم المالي وبمئات المليارات من الدولارات قدمها الأمريكان في سبيل تحقيق أهداف الكيان لتدمير كُـلّ القطاع والقضاء على حركة المقاومة وإعادة الأسرى وتهجير السكان، لتتبخر وتفشل كُـلّ أمانيهم وَمحاولاتهم، ويقعون في مأزق وورطة ودوامة عدوانهم على قطاع غزة وَعدم قدرتهم على تحقيق أهدافهم المعلنة ولا حتى المخفية.
التماسك الأُسطوري والصمود الشعبي الذي قدمه الشعب الفلسطيني بتمسكهم بأرضهم ومواجهتهم للعدوان الإسرائيلي وبمقاومتهم الجهادية حقّقوا الانتصارات وألحقوا بهم الخسائر العسكرية الكبيرة، وما قدمته جبهات الإسناد لمحور المقاومة من دعم سخي عسكري مباشر، كما هو حال الشعب اليمني وإسنادهم التاريخي للشعب الفلسطيني، أثبتت عناوينها البارزة فهتفت بشعار الصرخة في وجه قوى الاستكبار بوقوفهم مع المستضعفين، مغيرين بذلك الأوضاع الحالية، فارضين وقائع ومعطيات جديدة غيَّرت ماضيَ الخنوع والتبعية والولاء والانصياع لقوى الشر والاستكبار، وأعطوا حقائقَ مضافةً لكيفية الوقوف والتصدي لقوى الشر والضلال والغطرسة؛ فالصرخة القرآنية من يمن الإيمان والحكمة انطلقت، والشعار تردّد وهي في كامل كلماتها، ومعانيها تجذرت وتأصلت وارتبطت بثقافة ربانية الرسالة، مفهومة الهداية، معلومة النزول، ومشهودة الاعتناق برب العباد، ومنها تجذرت وارتبطت بثقافة القرآن الكريم.
والصرخة في وجه المستكبرين هي رسائل إلهية النزول، روحانية الارتباط بمن هم ملتزمون بهدى الله ومعرفته؛ لأجل تبليغها ونشرها وتفسير كامل معانيها، جاعلة منه مسترشداً بجميع ما تحمله من مفاهيم سامية وفضائل خالدة، مرتبطة بثقافة القرآن ومقترنة ومتوافقة بجميع معاني القيم والمبادئ الإنسانية، لترجمتها على كامل الوقائع والأحداث الجارية، فكان لشخص الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- حامل هذه الرسالة الإلهية لأجل تبليغها، ونشرها لعوام الناس على أسس رفيعة في الهدى، ومعان قيمة في الوضوح والتقوى.
الصرخة في وجه المستكبرين هو الشعار الذي هز أركان ومضاجع الصهاينة والأمريكان، وغرس لديهم المخاوف الكثيرة، وفضح فيهم مواقفهم الكاذبة، وكشفهم على حقيقتهم الكاملة، الذين أخذوا من الاستضعاف للعرب والمسلمين أساليبهم الدائمة لتحقيق كُـلّ رغباتهم وأهدافهم في السيطرة والاستيلاء على ثروات العرب والمسلمين، ليتوسع النطاق لشعار الصرخة ويعلو صداها عالميًّا ويصرخ ويهتف بها أغلب الشعوب العالمية، وهو إحقاق لأفعال صادقة قدمها اليمنيون في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية، فكان لهم الإسناد منذ انطلاق معركة (طوفان الأقصى) وبعمليات عسكرية قوية في البحار والمحيطات، وبضرب مباشر للأراضي المحتلّة بالصواريخ والطائرات المسيّرة، ليفرضوا الإغلاق التام على كيان الاحتلال بتنفيذهم لأربع جولات عسكرية كانت آخرها الجولة الرابعة التصعيدية والتي تم تدشينها بعمليتين في البحر الأبيض المتوسط، لتتضح قوة الأفعال العسكرية اليمنية بأقوال واعترافات وزير البحرية الأمريكية بأن المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة التي أطلقها الجيش اليمني خلال ستة أشهر قد استهدفت قواتهم في البحر الأحمر، وأنهم تعرضوا لأكثر من٣٠٠ هجوم ضد سفنهم ومدمّـراتهم وبوارجهم العسكرية والحربية وسفن حلفائهم، مؤكّـداً أنهم مؤخراً أسقطوا عدداً من الصواريخ البالستية في البحر الأبيض المتوسط قادمة من اليمن.