لماذا لا يصرف العدوانُ ومرتزقته رواتب الموظفين؟!
المسيرة | عباس القاعدي
تصر حكومة المرتزِقة على إبقاء معاناة موظفي الدولة، الذين يواجهون عقاباً جماعياً منذ أكثر من تسعة أعوام، لا سِـيَّـما بعد المبادرة التي قدمتها صنعاء مرات عديدة كحل لأزمة انقطاع الرواتب، إلا أن تلك المبادرات قوبلت برفض من قبل العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي؛ الأمر الذي كشف حقيقة العدوان في تأزيم الأوضاع الإنسانية وأسقط كُـلّ الذرائع والمبرّرات لحكومة المرتزِقة.
وفي هذا الصدد وعن أسباب رفض حكومة المرتزِقة لكل الحلول التي تضعها صنعاء بشأن صرف مرتبات الموظفين بشكل مُستمرّ كما كان قبل العدوان، يقول الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي: إن “حكومة المرتزِقة لا ترفض القرار أَو الحلول بشأن صرف المرتبات وإنما لا تمتلك القرار ولا تستطيع أن تتخذه؛ لأَنَّ ملف المرتبات والحرب الاقتصادية خطة أمريكية تديرها الرباعية ممثلة بالولايات المتحدة وبريطانيا وأدواتها السعوديّة والإمارات.
ورغم أن الحقول النفطية تقع تحت سيطرت المرتزِقة التي تخضع لولاءات متعددة منهم من يخضع للإمارات، والجزء الآخر يخضع للسعوديّة، إلا أن الأخيرة تتحكم في إيرادات النفط عبر البنك الأهلي السعوديّ، وبالتالي نؤكّـد أن أمريكا وعبر السعوديّة تتحكم في مِلف المرتبات الذي يعتبر كغيره من الملفات التي تتحكم فيها أمريكا أبرزها مِلَفُّ الأسرى الذي لا تستطيعُ حكومة المرتزِقة أن تتخذَ أيَّ قرار بشأنه، والسبب أنه لا يوجد مرتزِق يتخذ القرار؛ لأَنَّه فقط منفِّذٌ للقرارات التي تُملَى عليه من الأمريكي”.
ويؤكّـد الجعدبي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”، أن “الحلَّ الأمثلَ لتسليم المرتبات، لا يترتب في مخاطرة حكومة المرتزِقة أَو أن تسمح حكومة صنعاء، بتصدير النفط في المرحلة القادمة، بل يترتب على القوة والتحَرُّك، كما قال السيد القائد يومَ الصمود: (يجب على السعوديّ أن ينتقلَ من مرحلة خفض التصعيد إلى مرحلة السلام الحقيقي وإلا سيدفعُ الثمن)، وهذا يشير إلى تطبيق معادلة الاقتصاد مقابل الاقتصاد، وبالتالي فَــإنَّ هذه الأيّام تعتبر الوقت المناسب للتخاطب مع العدوّ السعوديّ بخصوص المرتبات، رغم أنه لا ينفع معه إلا لغة القوة؛ لأَنَّه أداة في يد أمريكا.
وبالإضافة إلى ذلك يمكن التخاطب معه عن إيرادات النفط التي تم توريدها إلى البنك الأهلي السعوديّ، وقد تناقلت تسريبات خلال الأيّام الماضية بأنه تم اختراق حساب البنك الأهلي السعوديّ، ووجد أن حساب البنك المركزي اليمني فيه بما يعادل 18 مليار دولار، وَإذَا رجعنا إلى تاريخ أُكتوبر 2022 الماضي، وما بعده عندما صرح بعدها بثلاثة أشهر المرتزِق معين عبدالملك قال بأن عمليات القوات المسلحة اليمنية منعتهم من النهب وكلَّفتهم حوالي مليار دولار وهذا خلال ثلاثة أشهر فقط؛ بمعنى أننا نتحدث عن إيرادات النفط، ليس كما كان يخفيها المرتزِقةُ والعدوان الأمريكي والسعوديّ الإماراتي، التي كانت تصلُ إلى أربعة مليارات دولار سنوياً، ونتحدث عن ثماني سنوات التي تصل فيها الإيرادات إلى 32 مليار دولار، مع العلم أن مرتباتِ أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب ترليون ريال يمني؛ أي بما يعادل أربعة مليارات دولار بحسب سعر الصرف 250 ريالاً، وبالتالي عندما نتحدث عن 32 مليار دولار نتحدث عن مرتبات أبناء الشعب اليمني لمدة ثماني سنوات” بحسب الجعدبي.
ولهذا يقول الجعدبي: “يجب على القيادة في صنعاء أن تبدأ في خطوات التصعيد، والتحَرّك باتّجاه السعوديّة ومخاطبه العدوّ السعوديّ بتسلم المرتبات؛ فهو ومعه الأمريكي من يحاصر أبناء الشعب اليمني عبر مطار صنعاء الدولي، ويتكبد المرضى المعاناة والخسائر المالية وفي النهاية الموت والسبب الحصار الأمريكي السعوديّ المفروض على المطارات وكذلك محاصرة الموانئ”.
ويوضح أن “السعوديّة لو كان عندها نوايا صادقة كان من المفترض بالسفير السعوديّ محمد آل جابر، عندما وصل إلى صنعاء، أن يتم التوقيع والبدء بالملف الإنساني وأبرزه تسليم المرتبات، وفتح الطرقات، وخروج المحتلّ من الأراضي اليمنية، وإنهاء الحصار الجوي والبحري”.
ووفقاً للجعدبي فَــإنَّ “السعوديّة والإمارات، اليوم في مرحلة حرجة ومن يحميهم الأمريكي والبريطاني والفرنسي يتم إهانتهم في البحر الأحمر، وبالتالي الآن السعوديّة تمثل الشيء الكبير للأمريكي والبريطاني، ولو تم الضغط عليها، سيتم صرف المرتبات التي هي من الحقوق للشعب ونهبت ووردت إلى البنك الأهلي السعوديّ”.
ويشير إلى أن “الوضع المالي في السعوديّة وضع صعب، حَيثُ أكّـد ذلك المجرم ابن سلمان، الذي أعلن عن طرح سندات بحولي خمسة مليارات دولار، لمحاولة إيجاد تمويلات لمدينة نيوم التي تحتاج حوالي 1.5 ترليون دولار، وهذا يؤكّـد أن الوضع المالي في السعوديّة سيئ، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الذهب بشكل مفاجئ، وهذا يؤكّـد أن هناك انهياراً كبيراً للاقتصاد السعوديّ، وأن المستثمرين بدأوا يفقدون ثقتهم بالدولار”.
ولأن السعوديّة عبارة عن خزانة أمريكية، يوضح الجعدبي أن “الدين الأمريكي ارتفع خلال الثلاثة الأشهر الأولى من العام 2024، ما يعادل 680 مليار دولار، وهذ نتيجة انخفاض القيمة السوقية لشركة أرامكوا التي تعتبر شركة صهيونية وتمتلكها عائلة روتشيلد.
وبالتالي فَــإنَّه لو تم الضغط على السعوديّة وتوجيه السهام إليها لدفعت مرتبات الشعب اليمني؛ بمعنى لو تم تهديد السعوديّة اليوم بضرب المنشآت النفطية سوف تدفع كُـلّ المرتبات؛ لأَنَّ ذلك يؤدي إلى انهيار وضعف اقتصادي كبير ويتأثر الصهيوني”.
ورقة ابتزاز:
وفيما يخص الجانب الاقتصادي يقول الخبير الاقتصادي رشيد الحداد: إن “حكومة المرتزِقة أصبحت أدَاة لتنفيذ التوجيهات والأجندات الأمريكية؛ لذا فَــإنَّ أمريكا منذ 2016 وحتى اليوم، لا تزال هي المسؤولة عن الحرب الاقتصادية والحصار المفروض على اليمن، وكذلك عن معاناة الموظفين في مختلف المحافظات اليمنية”.
ويضيف أنه “عندما أوقفت صنعاء عملية تهريب النفط اليمني، قدمت مبادرة وأكّـدت أنه يتم ضبط إيرادات النفط وتصرف لمرتبات موظفي الدولة، خَاصَّة وأن هذه الثروة سيادية وهي ملك لكل اليمنيين وفق القانون والدستور اليمني”.
ويؤكّـد الحداد في تصريح خاص لـ “المسيرة”، أن “إيرادات النفط كانت قبل العدوان مرتبطة كليًّا بصرف رواتب موظفي الدولة، وهي أحد أهم الموارد الرئيسية لموازنة الدولة، والتي كان منها تصرف المرتبات، موضحًا أن مبادرة صنعاء التي تحدث عنها مؤخّراً نائب وزير الخارجية حسين العزي، كانت ستشكل خطوة من خطوات الثقة بين المجتمع اليمني، وتدفع نحو معالجات للأوضاع الاقتصادية للبلد والانقسام المالي والنقدي، ولكن حكومة المرتزِقة لا تمتلك القرار؛ لأَنَّ القرار بيد أمريكا، والمرتزِقة لا يستطيعون العيش دون الارتزاق، ودون تنفيذ أجندات الخارج”.
وقال الحداد: “إن ملف المرتبات يأتي ضمن أوراق الضغط الاقتصادي التي تستخدمها وتراهن عليها أمريكا ضد الشعب اليمني”، لافتاً إلى أن “اللعب على هذا الملف، يؤكّـد أن هناك رغبة أمريكية بتعميق الأزمة الاقتصادية في اليمن، وهذا واضح من خلال تدخلات أمريكا، في مختلف جولات المفاوضات التي جرت، ومن خلال الإمساك بالأوراق الاقتصادية والتدخل بخارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوثُ الأممي آخر سبتمبر الماضي، وقام بتعديلها كما حدث خلال شهر مارس الماضي”.
ويبيِّنُ الحداد أن “المبعوث الأمريكي قام بتعديل أحد البنود التي تتعلق بالربط بين إعادة استئناف وإنتاج وتصدير النفط اليمني وبين تسليم مرتبات موظفي الدولة، وكذلك من خلال العروض التي يحاول أن يقدمها الجانب الأمريكي عبر الوسطاء لصنعاء، مقابل وقف العمليات العسكرية ضد الملاحة الإسرائيلية؛ وهذا يؤكّـد أن أمريكا تتخذ من رواتب الموظفين ورقة ابتزاز ضد الشعب اليمني وضد القوى الوطنية في صنعاء، برغم أنها قضية إنسانية”.