مرحلة “ما بعد الحصار اليمني ضد إسرائيل”.. استراتيجية جديدة في الحرب بدأت
أحمد زبيبة
النسختان الخامسة والسادسة من التصعيد اليمني المرتقَب ضد “إسرائيل” نصرةً لغزة ربما تكونان مغايرتَيْن للمتوقع والمألوف على الصعيد العسكري المساند لغزة، 6 أشهر من التحَرّك اليمني الفاعل في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن امتداداً إلى المحيط الهندي وُصُـولاً إلى البحر الأبيض المتوسط في مرحلة التصعيد الرابعة.
جميعها عنوان لمعركة أولية مفادها خنق “إسرائيل” اقتصاديًّا حتى توقف همجيتها وحرب إبادتها البشعة في حق أبناء غزة، فلا سفن وجدت أَو ستجد طريقاً إلى موانئ فلسطين المحتلّة، وأعين اليمن تترقب كُـلّ تحَرّك في البحر على امتداده من دون اكتراث لما جمعته “إسرائيل” من حلفاء لحمايتها وعلى رأسهم أميركا وبريطانيا كقوتين مرّغ اليمن أنفيهما في البحر، رغم ما تملكانه من ترسانة عسكرية وبوارج وفرقاطات وأجهزة كشف متطورة وصواريخ وحاملات طائرات، فالمعطيات الحالية والسابقة وما تحمله قيادة صنعاء من أوراق منذ انطلاق معركة ” (طوفان الأقصى) ” تكشف ” ما بعد حصار إسرائيل “.
تصريحات الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية الأخيرة العميد يحيى سريع تنذر بحرب مفتوحة وشاملة لا حدود لها عند الحصار البحري، والمهم في تصريحات العميد سريع قوله ” إذَا استمر العدوان على غزة فسنضرب أهدافاً لا يتخيلها الأعداء ولا فكروا فيها ولا يتوقعها اليمنيون أنفسهم ولا شعوب المنطقة ولا أميركا نفسها “.
هذه التصريحات المقتضبة للعميد بثقلها تشير إلى استراتيجية جديدة للحرب المفتوحة ليس ضد “إسرائيل” وحدها، بل ستتجه نحو أميركا وبشكل مباشر بداية بضربات تطال مصالحها في المنطقة، وفق ما أراه، وتمتد إلى أكثر من ذلك والمؤكّـد أن صنعاء تملك قائمة طويلة من تلك الأهداف لضربها وبدقة عالية مع تصاعد وتسارع تطويرها لترسانتها العسكرية من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، مستفيدة من خبرتها العسكرية المتراكمة منذ 9 سنوات من الحرب وَ6 أشهر من ” (طوفان الأقصى) “، والحرب المباشرة بحرياً مع أميركا وبريطانيا، وهي ترصد كُـلّ ما تملكانه من أسلحة متطورة وكيفية مواجهتها وتصنيع ما يفوقها في القدرات وأثبتت فاعليتها.
وفي الوقت نفسه تدرك قيادة صنعاء حجم المعركة وخطورتها وأبعادها السياسية والعسكرية بإعلانها الحرب ضد “إسرائيل” ما يعني أنها فتحت الباب على مصراعيه لحرب واسعة النطاق تستهدف اليمن، وفي أكثر من صعيد أبرزها توقف المفاوضات اليمنية – السعوديّة وتفاقم الأزمة الإنسانية، والأكثر من ذلك التحَرّكات الأميركية في المنطقة عبر حلفائها وتفعيل ورقة الترهيب تارة والترغيب تارة أُخرى، والضغط على السعوديّة والإمارات لتحريك المرتزِقة في الداخل اليمني لإشعال الحرب في أكثر من جبهة، بل إن أوراق الضغط الأميركية على اليمن تصاعدت بتكثيف عملياتها التجسسية على الأراضي اليمنية عبر طائراتها المسيرة في محاولة للرصد والتتبع لتحَرّكات الجيش اليمني في ظل معركة ” (طوفان الأقصى) “.
وكانت قيادة صنعاء مستوعبة حجم التهديدات وطورت من دفاعاتها الجوية التي استطاعت إسقاط 4 طائرات مسيرة أميركية من طراز MQ9 منذ الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 أي بعد إعلان القوات المسلحة اليمنية تنفيذ عمليات المساندة لأهل غزة والمقاومة الفلسطينية.
ناهيك بتفعيل الجانبين الأميركي والإسرائيلي لخلاياهما التجسسية في الداخل اليمني، وكانت الأجهزة الأمنية قد أعلنت القبض في 6 أيار/مايو الحالي على بعض العناصر المنتمية إلى ما يسمى “قوة ” 400 ” ممن تم تكليفهم بتجنيد جواسيس وإدارة شبكات تجسس في بعض محافظات الجمهورية اليمنية لصالح أميركا وَ”إسرائيل”.
كل تلك الحقائق تؤكّـد أن جميع أوراق الضغط الأميركية والإسرائيلية قد طرحت على الطاولة وتم تفعيلها والهدف حرف بوصلة نصرة اليمن لغزة؛ ما يعني أن صنعاء تدفع ثمن النصرة والإسناد ومهما كلفها ذلك من تضحيات، ورغم القائمة الطويلة من التحديات التي يواجهها اليمن فهو مُستمرٌّ بعملياته ولا سقف لها أَو خطوط حمر.
أما عن البحر فهو شاهد على ما وصلت إليه القوات البحرية اليمنية من تطور أذهل العالم وغيّر موازين القوى ومعادلات الحرب المختلفة منذ عقود، فالتصعيد اليمني كقوةٍ مهمة وبارزة في محور المقاومة ليس مُجَـرّد شعارات أَو لكسب شعبيّة بل هو موقف عملي معلن وواضح أعاد حسابات أميركا وَ”إسرائيل” في المنطقة، وسيوقف لا محالةَ العدوانُ على غزة لتنتصرَ المقاومةُ في آخر المطاف.