مع توسيع الحصار اليمني في المرحلة الرابعة من التصعيد.. هكذا ستتضرَّرُ موانئُ الكيان في البحر المتوسط
المسيرة – إبراهيم العنسي
لم يُفْصِحْ عن تفاصيلِ عملية البحر المتوسط؛ فبيانُ العميد يحيى سريع لم يذكُرْ سوى استهداف سفينتَينِ أمريكية وإسرائيلية، في وقت أكّـدت فيه القواتُ المسلحة اليمنية أن لا خطوطَ حمراءَ ستقفُ أمام استهداف كيان العدوّ.
والمؤكَّـدُ أن العمليةَ قد حدثت، وستعقبُها التفاصيل؛ ولهذا خرجت واشنطن للحديث عن قلقها من إمْكَان وصولِ صواريخ اليمن إلى المتوسط.
ومع بدء المرحلة الرابعة من التصعيد، التي تستهدفُ السفن المخترقة قرارَ حظر الملاحة الإسرائيلية والمتجهة إلى موانئ (فلسطين المحتلّة) من البحر المتوسط في أية منطقة تطالُها القواتُ المسلحة اليمنية”، فَــإنَّ هذا يعني أن الأمريكان وكيان العدوّ باتوا محصورين في الزاوية، بدءاً من الداخل الأمريكي، واحتجاجات الطلاب والنُّخَب، مُرورًا بالتذمُّر والسخط العالمي المتصاعد مع كُـلّ لحظة تمُرُّ بها غزة، إلى إعلان عقوبات على مجرمي “إسرائيل”، وُصُـولاً إلى توسيع اليمن لنطاق استهداف الكيان المؤقَّت إلى المنطقة الأكثر حيويةً له في البحر المتوسط.
ومع هذا التوسيع الذي يأتي ضمن مراحل تؤكّـد اليمن نجاحَها بقوة، في فرض حصار حقيقي على “إسرائيل”، وحيث يدرك العالم اليوم أنه تم تعطيلُ حركةِ السفن المرتبطة بالكيان عبر باب المندب والبحر الأحمر، في ظل عجز أمريكي غربي هو أبرز تجليات المرحلة، فَــإنَّ خطوات التصعيد تدق ناقوس الخطر في تل أبيب وواشنطن؛ إذ إن كُـلّ تهديدات تصدر عن صنعاء تُترجَمُ أفعالاً حقيقيةً ومؤثرة، وهذا ما بات معروفاً عن القيادة اليمنية.
لقد كانت العملياتُ البحرية اليمنية ضد سفن العدوّ في المحيط الهندي تمثل تصعيداً غير مسبوق -أخذًا في الاعتبار تماثل مسافات الاستهداف بين المحيط، وأقرب النقاط على المتوسط، وما رافق ذلك من دقة وقوة للضربات اليمنية، وما عبرت عنه من إمْكَانات تقنية وفنية عالية– وعلى ضوء القياس في المحيط فَــإنَّ مرحلة التصعيد القائمة ستكون ذات كلفة باهظة وأشد تأثيراً على كيان العدوّ، وعلى التواجد الأمريكي، حَيثُ المعطيات في المتوسط تقول ذلك، وحيث الحصار اليمني يتوسع من الجنوب إلى الشمال، مطبقاً الخناق على الموانئ الإسرائيلية في البحر المتوسط، بعد النجاح في محاصرة ميناء أم الرشراش “إيلات” بخليج العقبة على البحر الأحمر، وشل حركته على نحو شبه كامل.
وبحسب التوقعات فَــإنَّ التصعيد مع تدرجه في استهداف السفن المارة إلى موانئ “إسرائيل” في المتوسط سيؤدي إلى رفع أسعار التأمين على الشحنات بشكل كبير جِـدًّا، مع الارتفاع الذي سبق منذ بدء استهداف السفن المتجهة لـ “إسرائيل” عبر البحر الأحمر، وهذا سيقود إلى ارتفاع كلفة الشحن بشكل عام، وُصُـولاً إلى تعطيل حركة السفن إلى الموانئ الرئيسة شمال فلسطين المحتلة؛ فالسفن التي امتنعت قبلُ عن المرور عبر البحر الأحمر، ستمتنع عن المرور من البحر المتوسط طالما شكَّلَ ذلك خطراً عليها؛ وهذا ما يعني الكارثةَ للاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعاني في الأصل من أزمات متفاقمة.
قبل أَيَّـام أعلنت شركةُ “زيم” الإسرائيلية للشحن، رفعَ أسعار نقل الحاويات من الشرق إلى “إسرائيل”، على وَقْعِ تصاعُدِ عمليات القوات المسلحة اليمنية ضد السفن المتجهة إلى “إسرائيل”.
وكما تقولُ صحيفة “غلوبس” الاقتصادية العبرية “فَــإنَّ تكلفةَ نقل الحاويات من الشرق الأقصى إلى “إسرائيل”، ارتفع اعتباراً من 25 مايو مع فرض تكاليفَ إضافية أُخرى”.
وبحسب الصحيفة فَــإنَّ “السعر الأَسَاسي لشحن حاوية 20 قدماً على طريق الشرق الأقصى حَـاليًّا، قرابة 3.100 دولار، ولكنَّ رسومًا إضافية سترفعُ السقف؛ منها حوالي 100 دولار لخدمة الموانئ في الصين، 4 دولارات لنقل المعدات الخَاصَّة، و718 دولاراً للوقود الإضافي على الطريق الأطول، 80 دولاراً ضريبة الحرب، و10 دولارات لأمن الموانئ، و250 دولاراً لخدمات ميناء الوجهة”؛ أي أن السعرَ الجديدَ سيكون قرابة 4260 دولارًا.
هذا الارتفاع في الشحن الذي يشير إلى تكاليف الطريق الطويل، لم يتطرق حتى الآن لتوقف حركة السفن الذي قد يحصل مع منع القوات اليمنية وربما قوى من محور المقاومة من عبورها إلى الموانئ الإسرائيلية؛ إذ إن هذا سيكون معضلة حقيقية أمام النشاط التجاري للكيان؛ فالتأمين سيكون جنونياً للسفن المارة هناك، وهذا ما قد يدفع الشركات لإيقاف أنشطتها بـ “إسرائيل”.
قبلَ أشهرٍ في أعقابِ هجمات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، وافقت بعضُ شركات الشحن على عدم الإبحار إلى “إسرائيل”، وأبرزُها العملاقُ الصيني “كوسكو”، رابع أكبر شركة في العالم.. لقد تأثر بهذا القرار وبشكل مباشر ميناء خليج حيفا، الذي تشغِّلُه شركةٌ صينيةٌ أُخرى تعتمدُ في الغالب على تفريغ سفن “كوسكو” للحاويات، حَيثُ تستحوذُ الصينُ على عمليات الشحن للحاويات في “إسرائيل” بما يصلُ إلى 88 % من الحاويات القادمة.