مقاربةٌ بين الأمم المتحدة والجامعة العربية
د. شعفل علي عمير
لم يعرف العالَمُ حقيقةَ الأمم المتحدة ومنظماتها بالشكل الذي يعرفه الآن، فبعد أن كانت هذه المنظمات كما يعتقد البعص هي الملاذ الآمن الذي تلجأ إليه أية دولة تُنتهَكُ سيادتها أَو أي شعب يتعرض للعدوان والإبادة، أصبحت اليومَ الملاذَ الذي يقي المجرمَ من إجرامه، بل إنها أصبحت اليوم أحدَ مؤيدي الإجرام المنظَّم، ليس لأَنَّها أُنشئت أصلاً كمنظمة إرهابية، وإنما لكونها أنشئت منظمة تخدُمُ باسم القانون الدولي أجندة وأهداف من أسّسوها، أجندة الكبار حتى ولو كانت أعمالُهم وجرائمهم ترقى إلى العمل الإرهابي؛ فحينما تتعرَّضُ مصالحُهم تنبري الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة لتدافعَ عن القانون الدولي وحقوق الإنسان وحق التعبير الذي تكفله هذه المنظمات.
وحتى نستطيعَ معرفة طبيعة عمل هذه المنظمات فَــإنَّنا يجب أن نشير إلى أنها في كُـلّ تاريخها لم تقم بأي إجراء ينصف المظلومين من الشعوب الأُخرى (وفلسطين شاهدة) وَإذَا اتخذت أية خطوة فَــإنَّها لا تتعدى بياناتِ الاستنكار.
وعلى المستوى العربي والإسلامي هناك منظمتان هامتان هما الجامعةُ العربية ومنظمةُ التعاون الإسلامي، وَتهدف منظمة التعاون الإسلامي إلى تحقيق عدة أهداف:- منها تعزيز الوحدة والتضامن والتعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء، إضافة إلى حماية حقوق ومصالح المسلمين وغيرها الكثير من الأهداف التي لم ينفَّذ منها ما يمكن ذكره، وعلى المستوى العربي فقد قامت الجامعة العربية لتحقّق الأهداف التالية:- تعزيز التعاون الأمني والدفاعي بين الدول الأعضاء، والتصدي للتحديات الإقليمية والدولية التي تواجه الدول العربية، ولم تنسَ الجامعة العربية فلسطين فقد أفردت لها فقرةً هي دعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وغيرها من الأهداف التي لم ينفَّذ منها إلا ما يخلُّ بكل أهداف هذه الجامعة؛ فقد وظَّفت مكانتها لتبرير العدوان على اليمن، وكانت هذه آخر أعمالها التي تناقض أهدافها، أما فيما يخُصُّ القضية العربية قضية فلسطين فقد كانت فعلاً ضمن أهدافها، ولكنها ليست ضمن أجندتها، وهو ما لا ينكرُه أي عربي؛ فإذا لم يكن للجامعة العربية أي دور فاعل في ما يرتكبه العدوّ الصهيوني من مجازرَ فمتى يأتي دورها؟!
وفي مقارنةٍ بسيطةٍ بين منظمات الأمم المتحدة وبين الجامعة العربية نجدُ أوجُهَ التشابه تكاد تكونُ متطابقة؛ ففي حين يحتاجُ مموِّلو الجامعة العربية منها القيامَ بأي عمل يخدُمُهم فَــإنَّ الجامعة العربية لا تتردّدُ تحت تهديد قطع التمويل أَو المساعدات؛ بمعنى أن هذه الجامعة أصبحت تنفِّذُ أجندةَ مموليها، الذين بدورهم ينفذون أوامرَ مموِّلي الأمم المتحدة ومنظماتها.
وهنا يجب على كُـلِّ الشعوب العربية والإسلامية أن يعبِّروا عن مواقفهم الحقيقية وليس موقف حكوماتهم؛ كونهم المعنيين بقضايا أمتهم عندما تتخلى منظماتهم وحكوماتهم عنها.