جبهةُ الإسناد اليمنية نحو مواصلة التصعيد “كَمًّا ونوعًا”: تحذيرٌ للسعوديّة من “صب الزيت على النار”

المسيرة: خاص:

مع مضي اليمن في توسيعِ المرحلة الرابعة من التصعيد كَمًّا ونوعًا وببشائرَ حملها أسبوعٌ حافلٌ بالضربات البحرية والجوية، اندفع الأعداءُ نحو تصعيد إجراءاتهم الانتقامية من الشعب اليمني في المِلف الاقتصادي، من خلال الضغط على البنوك العاملة في صنعاء لنقل مراكزها إلى عدن المحتلّة؛ بهَدفِ ابتزاز اليمن ودفعه لوقف مساندة غزة؛ ليأتيهم الرد صريحًا وقويًّا من قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، بتأكيد جديد حاسم على المضي في زيادة وتيرة عمليات معركة “الفتح الموعود” مع تحذير صارم ومباشر للعدو السعوديّ من عواقب العدوان الاقتصادي؛ الأمر الذي يضع جبهة الأعداء بأكملها أمام خيارَينِ: توسيع نطاق التصعيد الإقليمي وضرب المزيد من مصالحهم ومصالح أداوتهم، أَو إيقاف الإجراءات العقابية الاقتصادية والاعتراف بالفشل، وهما خياران يؤدِّيان إلى نتيجةٍ واحدةٍ هي أن تأثيرَ الجبهة اليمنية في الصراع مع العدوّ الصهيوني لا يمكنُ تجنُّبُه أبدًا.

 

أسبوعُ توسيع المرحلة الرابعة من التصعيد:

شهد الأسبوع الماضي زيادةً كبيرةً ونوعيةً في زخم ونوعية العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة، بصورة جَسَّدت وعدَ قائد الثورة في خطابه قبل الأخير، حَيثُ تم الإعلان منذ يوم الجمعة، الماضي عن 15 عملية، استهدفت 12 سفينة ومدمّـرتين أمريكيتين، إلى جانب إسقاط طائرة أمريكية مقاتلة بدون طيار من نوع (إم كيو-9) المتطورة والمرتفعة التكلفة، لتكون الطائرة السادسة من نوعها التي يتم إسقاطها في اليمن منذ نوفمبر، والعاشرة منذ بدء العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن، وهو رقمٌ تأريخي ينفرد به اليمن على الساحة العالمية بفارقٍ هائلٍ عن بقية الأماكن التي شهدت سقوط هذا النوع من الطائرات.

يشار إلى أن القواتِ المسلحةَ أعلنت في بيان واحد يوم الأربعاء الماضي عن استهداف ست سفن؛ بسَببِ انتهاكِها قرارَ حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلّة؛ وهو ما جسد بوضوح وعيد قائد الثورة في الخطاب قبل الأخير بشأن زيادة زخم وتأثير عمليات المرحلة الرابعة من التصعيد، فإلى جانب الكثافة العددية لوحظ أَيْـضاً ارتفاع شدة الضربات، حَيثُ تعرضت السفينة “لاكس” لأضرار بالغة أَدَّت إلى تسرب المياه إليها، ونشرت البحرية الفرنسية صُوَرًا أظهرت تعرضها للإصابة المباشرة في أكثر من مكان.

وقد توعد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابِه الأسبوعي الجديد، الخميس، بأن العمليات ستمضي في تصاعد مُستمرٌّ كَمًّا ونوعًا؛ وهو ما يعني أن الأيّامَ القادمةَ ستشهدُ المزيدَ من العمليات التي تثبت معادلات المرحلة الرابعة من التصعيد، سواء على مستوى تطبيق حظر الوصول إلى الموانئ المحتلّة في البحر الأبيض المتوسط، أَو معاقبة سفن الشركات التي تنتهك هذا الحظر في مختلف مناطق العمليات.

وفي هذا السياق أَيْـضاً فقد لوحظ أن ثلاث سفن من التي تم الإعلان عن استهدافها منذ يوم الجمعة، الماضي؛ بسَببِ انتهاكها حظرَ الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلّة كانت تابعةً لشركة “إيسترن ميديتيرينيان ماريتايم” اليونانية، وهو ما يشير إلى اطلاع استخباراتي دقيق تملكُه القواتُ المسلحة على حركة الشحن الصهيونية؛ لأَنَّ الشركاتِ التي توقفت عن نقل الوصول إلى الموانئ المحتلّة، صارت تفرِّغُ حمولتها في اليونان؛ لتقومَ شركات شحن أُخرى بنقلها إلى العدوّ بكلفة أعلى، واستهداف سفن هذه الشركات من شأنه أن يقلِّلَ قدرةَ العدوّ على توصيل تلك البضائع.

 

العدوان الاقتصادي الانتقامي: صَبُّ الزيت على النار:

على وَقْعِ هذا التصعيد الكبير، اندفع العدوّ الأمريكي بشكل رئيسي إلى تصعيد معاد كان قد هيأ له منذ مدة من خلال القرار الذي أصدره البنك المركزي التابع للمرتزِقة في عدن والذي طالب فيه البنوك العاملة في صنعاء بنقل مراكز عملياتها إلى عدن المحتلّة لضرب القطاع المصرفي ومضاعفة المعاناة المعيشية والاقتصادية للشعب اليمني، حَيثُ دفعت الولايات المتحدة هذا الأسبوع بالمرتزِقة إلى مضاعفة الضغط على البنوك من خلال إعلان قطع التعامل مع ستة منها، بالإضافة إلى إعلان سحب العملة القانونية من المناطق المحتلّة لتعميق الانقسام المالي.

قائد الثورة تطرق إلى هذا التصعيد الانتقامي في كلمته الأخيرة وأكّـد أنه تصعيد أمريكي يأتي في سياق محاولات إثناء اليمن عن موقفه المساند لغزة، لكنه لن يمُرَّ دون رَدٍّ، حَيثُ وجّه القائد تحذيرًا مباشرًا وصريحًا للسعوديّة من عواقب هذه الخطوة التي وصفها بأنه “صبٌّ للزيت على النار” و”عدوان اقتصادي” ليوصل بذلك رسالة واضحة بأن هذه الخطوة تتجاوز الخطوط الحمراء واعتبارات التهدئة، وتمثل اصطفافًا واضحًا في المعركة مع العدوّ الصهيوني.

وعزز رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام هذا التحذيرَ بالتأكيد على أن “إشعالَ الحرب على البنوك اليمنية العاملة في العاصمة صنعاء خطوةٌ خطيرة يقف خلفها الأمريكي ويسعى لتوريط دول أُخرى ومنها السعوديّة في حرب تجويع الشعب اليمني” فيما أكّـد عضو الوفد الوطني عبد الملك العجري أنه “يجب أخذ تحذيرات السيد القائد بخصوص البنوك على محمل الجد والجد البالغ” مُضيفاً أن “صنعاء جاهزة لكل احتمالات التصعيد”.

التحذير للسعوديّة من عواقب التصعيد الأمريكي يمثل مأزِقًا كَبيراً لواشنطن وللرياض على حَــدٍّ سواء؛ لأَنَّه من ناحية، يضع الرياض أمام ضرورة التوقُّف عن الاستجابة للرغبات الأمريكية والمسارعة إلى تنفيذ خارطة الحل؛ لأَنَّها بدون ذلك ستبقى شريكة مباشرة في أي تصعيد ينفّذُه الأمريكي عبر مرتزِقته ضد الشعب اليمني، وبالتالي تبقى معرضة بشكل أَسَاسي للعواقب، ومن ناحية أُخرى، فَــإنَّ التحذيرَ يضعُ واشنطن أمام حقيقة أن المضيَّ في التصعيد سيوسع رقعةَ الحرائق في المنطقة بشكل لا يمكن السيطرة عليه سواء عسكريًّا أَو حتى سياسيًّا ودبلوماسيًّا؛ فعودة السعوديّة إلى مربع الحرب ستخلق أزمة كبيرة بينها وبين الأمريكيين الذين لن يستطيعوا حمايتها.

وفي هذا السياق فقد أوضح نائب وزير الخارجية، حسين العزي، أَيْـضاً أن “استهداف النظام المصرفي يناقض بلا شك دعوات السلام” مؤكّـداً أن “من يظن أن شعبنا سيعاني لوحده فهو بالتأكيد غير منطقي وغير منصف” في رسالة واضحة بأن صنعاء لن تعتبر التصعيد الاقتصادي مُجَـرّد حادث عادي يمكن أن يتم تمريره تحت غطاء ضبط النفس والحفاظ على مسار السلام؛ لأَنَّ استهداف معيشة اليمنيين ينسف كُـلّ تفاهمات الملف الإنساني الذي يعتبر الملف الأبرز لخارطة الحل وللتهدئة.

وبالمحصلة فَــإنَّ كُـلّ الخيارات التي يتيحُها تحذيرُ قائد الثورة للأعداء تؤكّـدُ نتيجةً واحدةً حتميةً هي أنه لم يعد بالإمْكَان إزاحةُ الجبهة اليمنية عن موقعها المتقدم والرئيسي في الصراع مع العدوّ الصهيوني؛ فاليمنُ لن يرفُضَ فقط التراجُعَ عن خيار مساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته وتصعيد هذه المساندة، بل إنه على استعداد للتعامل مع أية جبهات أُخرى يتم فتحُها؛ لثنيه عن ذلك الخيار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com