مستقبلُ التحالف القديم الجديد تحدِّدُه رُؤيةُ السيد القائد
عبد القوي السِّباعي
لم تعد معلومةً بالنسبة للتحالف الأمريكي السعوديّ الإماراتي البريطاني الصهيوني، أيةُ جبهة تحظى بالأولوية لدى القيادة الثورية السياسية والعسكرية اليمنية، لكن المعلومَ الوحيدَ لديها أنها تدرك جيِّدًا أن هذه القيادة تستطيع متى أرادت تحقيق هدفها الاستراتيجي، في الوقت المناسب، وعلى الجبهة التي تختارها، سواءٌ أكان هدفاً عسكريًّا، أَو هدفاً يتصل ببلوغ القيمة الاستراتيجية على كافة المستويات، والتي تحمل صفة الضرورة الوطنية، ويستدعي دونها التصادم الأعنف.
وبغضّ النظر عن الأولوية اليمنية في سياق معركتها الإقليمية الداخلية مع التحالف القديم بكل أدواته، أَو ضمن معركتها العالمية الجديدة؛ دعماً وإسناداً للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، ومع ذات العدوّ؛ فقد صار محسوماً أننا على موعدٍ مع معركتَينِ متلاحقتين، سيسهم الانتصارُ في إحداهما بالفوز والانتصار في الأُخرى، بعد أن بات مستقبل هذا التحالف، رهن رؤية السيد القائد، وتفوقها في الميدان العسكري والسياسي والاقتصادي والإنساني والأخلاقي.
وبعد أن عشنا وعايشنا وعلى مدى تسع سنوات من العدوان، كُـلّ الخطط والاستراتيجيات والقرارات والأساليب المتعددة التي اعتمدها هذا التحالف؛ للضغط على اليمن وقيادته الحرة، ومحاولة إخضاعها لإرادته، غير أن كُـلّ ذلك كان دائماً ما يصل إلى طريق مسدود؛ إذ لم تستطع واشنطن وحلفاؤها كسر العزيمة اليمنية، بل إنها في كُـلّ مرحلة كانت تجد نفسها أمام واقع مغاير لأهدافها وأطماعها في اليمن.
حينما راهنت واشنطن خلال كُـلّ هذه الفترة على إضعاف اليمن عسكريًّا، تكشّف لها حجم ما تتمتع به القوات المسلحة اليمنية من قدرات عسكرية هائلة، بل وتزايد وتراكم قدراتها باستمرار، وأصبحت الترسانة اليمنية تشكل تهديداً وجودياً لكيان الاحتلال الإسرائيلي، وقد تأكّـد له في المحيط الهندي، والبحار الأحمر، وَالعربي، والأبيض المتوسط، والداخل المحتلّ، بل وقادرة أَيْـضاً على مواجهة وتحدي وضرب داعميه أَو المتحالفين معه في أية نقطةٍ تطالها.
وكما كان المسار العسكري، نجده على المسار الاقتصادي؛ إذ ما تزال رؤية السيد القائد هي التي باتت تحدّد مستقبل العلاقة التي يجب أن تربط هذا التحالف وفي إطار المعركتين، بأية دولة إقليمية، أَو أي فصيل محلي؛ ما يعني ذلك ضمناً تحييدها جميعاً، رغم تقاربها الشديد وارتباطها؛ جعلها تعيش واقع الانفصال عن بعضها، ورأينا في آخر خطابٍ له ومن باب إبلاغ الحجّـة كان السيد القائد قد “وجَّهَ النصح للسعوديّ ليحذِّرَ من الإيقاع به من قبل الأمريكي؛ خدمةً للعدو الإسرائيلي، على اعتبار أن استهدافَ البنوك في صنعاء عدوانٌ في المجال الاقتصادي، وَإذَا تورط السعوديّ؛ خدمةً لـ “إسرائيل” سيقع في مشكلة كبيرة”، وبالطبع “السعوديّ في غنىً عن المشاكل”.
ورغم أن سياسةَ الحرب الاقتصادية حُكِمَ عليها بالفشل مسبقًا، بعد رفض البنوك وشركات الصرافة نقل مركزها إلى عدن؛ بسَببِ عدم توفر بيئة مناسبة لعملها، وفي مقدمتها عدم توفر الأمن والاستقرار الاقتصادي والسياسي، وعدم توفر بِنية تحتية وتجهيزات وكوادرَ فنية، غير أن الإصرار من واشنطن على زج الرياض إلى خط المواجهة مرة أُخرى، لا يبرّر لها أن تتخذ مثلَ هذه القرارات، بعد أن حذَّر السيد القائد وعدَّها خطواتٍ داعمةً للعدو الإسرائيلي، مؤكّـداً “أننا سنبقى في موقفنا الإيماني الجهادي لنصرة الشعب الفلسطيني، ولن يرُدَّنا أحدٌ عن هذا الموقف”.
والملاحَظُ أن قرارَ البنك المركزي في عدن، لم يكن قراراً عبثياً، بل يحملُ في طياته أهدافاً غربيةً أمريكية وأطماعاً تسعى دول العدوان إلى تحقيقها بعد فشلها الذريع في العدوان على اليمن، والضغط على صنعاء؛ مِن أجلِ وقفِ عمليات الإسناد لغزةَ وشعبها، وسبق أن شنت القنواتُ التابعة للسعوديّة ومن لَفَّ لفيفَها حملاتٍ دعائيةً تحذر من خطورة تهاون الغرب مع مخاطر سيطرة صنعاء على كامل الجغرافيا اليمنية.
وهو ما يعكسُ فقدانَ الأمل من القدرة على التأثير بمسار الأحداث العسكرية المقبلة، وأن الأمر برمته باتَ مسألة وقت فقط، ويدرك الغرب عُمُـومًا والأمريكيون خُصُوصاً، أن ما عادت بأيديهم فرص التفكير بمغامرة جديدة تؤدي إلى التورط بحربٍ تزيد كلفتها عن قدرتهم على مجابهة المخاطرة، خُصُوصاً مع إعلان السيد القائد للمرحلة الرابعة وفعالياتها خلال معركة (طوفان الأقصى).
وعليه؛ فَــإنَّ حماقةَ إشعالِ الحربِ على البنوك اليمنية العاملة في العاصمة صنعاء، هي خطوةٌ خطيرةٌ يقف خلفها الأمريكي ويسعى لتوريط دولٍ أُخرى ومنها السعوديّة في حرب تجويع الشعب اليمني؛ ما سيمنحُ صنعاءَ فعاليةً إضافيةً، ستفتح بها مِلَفَّ رفع الحصار تماماً عن اليمن كواقعٍ لا مفر منه، ولا يعتقد أحد أن تقفَ قواتنا المسلحة مكتوفة الأيدي أمام مثل هذه القرارات؛ فهناك خيارات اقتصادية وعسكرية ربما قد تؤدِّي إلى ضرب المناطق الاقتصادية الحسَّاسة سواء في السعوديّة أَو المصالح الأمريكية في المنطقة، والمتوقعُ أنها لن تتردّدَ بالردِّ ضمن الخيار العسكري الأقوى فعالية والأشدَّ تأثيرًا وفتكًا.