ذاكرة العدوان في 3 يونيو خلال 9 أعوام.. جرائمُ إبادة جماعية تحصُـدُ 126 شهيداً وجريحاً في استهداف العدوان للأحياء السكنية ومنازل المواطنين بصعدةَ وصنعاء
المسيرة: منصور البكالي
في مثل هذا اليوم 3 يونيو من الأعوام 2015م، و2017م، و2018م، واصل طيرانُ العدوان السعوديّ الأمريكي، استهداف منازل المواطنين في مديريتي سحار وباقم بصعدة، وعدد من الأحياء السكنية وسط العاصمة صنعاء، أسفرت عن جريمتَي حرب ضد الإنسانية، وحالات رعب وخوف، وموجات نزوح جماعية، ودمار واسع لمنازل وممتلكات الأهالي الخَاصَّة والعامة.
منازلُ المواطنين والأحياء السكنية ومركز “الكوليرا” حوّلها العدوانُ إلى أهداف عسكرية، في ظل صمت وتواطؤ المجتمع الدولي، ومختلف المنظمات والهيئات الإنسانية والحقوقية والقانونية طول 9 أعوام من العدوان على اليمن.
وفيما يلي أبرز تفاصيل جرائم العدوان في مثل هذا اليوم:
3 يونيو 2015.. 55 شهيداً و14 جريحاً في مجزرة وحشية لطيران العدوان بصعدة:
في مثل هذا اليوم 3 يونيو من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي منازل المواطنين بمنطقة صبر بني معاذ في مديرية سحار بمحافظة صعدة.
أسفرت غاراتُ العدوان عن 55 شهيداً بينهم 36 طفلاً و9 نساء، و14 جريحاً، وتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها، ونفوق الماشي بكاملها، في جريمة حرب وإبادة جماعية منظمة، كانت الغارة الأولى طعماً لتجميع المزيد من الأهالي، فيما الغارة الثانية استهدفت جرحى الغارة الأولى والمنقذين، ولتليها الغارة الثالثة التي قضت على جرحى الغارتين الأولى والثانية وتليها الغارة الرابعة والخامسة.
تفاصيلُ الجريمة موحشة، بدأت بغارة وضحايا ثم غارات ومجازر بالعشرات، حتى بات الإنقاذ شبه مستحيل ومن جرح في الغارات الأُخرى لم يجد من ينقذه أَو يسعفه حتى فارق الحياة، إنه القتل والإبادة في أدق معانيها وصورها.
هنا جثث الطفولة الموءودة متراصة على مسرح الجريمة، إخوةٌ وجيران كانوا يلعبون ويمرحون في أَيَّـام ما قبل الغارات التي جمعتهم مرة أُخرى ولكن هذه المرة جثث وأشلاء.
خلّفت غارات العدوان مآسيَ، منها قصة “خديجة الرضيعة” التي فقدت أقاربها وكل أفراد أسرتها وتبنتها إحدى الممراضات، ليتفاجأ أبوها بعد 6 أشهر بالناجية الوحيدة التي لم يكن يعرف أنها لا تزال على قيد الحياة.
خديجة حية اليوم وتسأل عمن الذي قتل أمها وأخواتها وإخوتها وكل جيرانها؟ وهو ذات السؤال الذي يتكرّر على ألسنة كُـلّ أجيال اليمن الصاعدة.
جريمة استهداف منازل المواطنين بمن فيها في بني معاذ واحدة من مئات جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي مارسها العدوان السعوديّ الأمريكي بحق الشعب اليمني خلال 9 أعوام متواصلة، أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهيئاتها الإنسانية والحقوقية والقانونية.
وفي ذات اليوم 3 يونيو حزيران من العام 2015م، في محافظة صعدة أَيْـضاً، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، عدداً من منازل المواطنين في منطقة المسلحقات.
أسفرت غاراتُ العدوان المرصودة وجرائمه المقصودة بدمار كبير وهائل في منازل المواطنين وتشريدهم منها، فقدوا معها كُـلّ ما يملكونه مع فقد أمنهم واستقرارهم وحقهم في العيش والحياة الكريمة مثل بقية البشر في هذا العالم.
وشهدَ ذاتُ اليوم 3 يونيو من العام 2015م، أَيْـضاً استهداف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، منزلَ المواطن “سعيد الرزامي” في منطقة المقاش مديرية سحار بصعدة.
الغاراتُ التي سجلتها عدسة قناة “المسيرة” دمَّرت المنزل المكون من 3 طوابق، وتضررت المنازل المجاورة، وحالة خوف ورعب خلفتها الغاراتُ في نفوس المواطنين، وموجة نزوح ثالثة في يوم واحد بذات المحافظة، نحو المجهول.
استهدافُ منازل المواطنين في محافظة صعدة، جزء من استهداف العدوان للأعيان المدنية، وامتهانه للقانون الدولي العام، ومختلف المواثيق والمعاهدات الإنسانية، وصورة واحدة في يوم واحد من آلاف جرائمه المرتكبة بحق الشعب اليمني ومنازل شعبه طيلة 9 سنوات متتالية.
3 يونيو 2015.. 44 شهيداً وجريحاً في استهداف العدوان لحي سكني بصنعاء:
في مثل هذا اليوم 3 يونيو حزيران من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، حي سواد حنش بمديرية الثورة في أمانة العاصمة صنعاء، بسلسلة غارات عمياء والناس نيام.
أسفرت غارات العدوان عن شهيدين و42 جريحاً بينهم أطفال ونساء، وحالة خوف وذعر بين صفوف أهالي الحي تسببت بموجة نزوح كبرى، بعد دمار وتضرر منازلهم، وممتلكاتهم الخَاصَّة والعامة.
هنا أب يروي تفاصيلَ ليلته مع أطفاله قائلاً: “أرعبوا الأطفال اليوم، الغارات متتالية صاروخاً تلو آخر، وهم يبكون ويصرخون يا باه خرجنا.. فين أخرجهم؟ الحي كله يشتعل دمار وغارات، فين أديهم أين أخرجهم! لا أعرف ما ينتظرنا في الخارج، كانت ليلة موحشة جِـدًّا قضيتها تحت سقف منزلي المدمّـر”.
وهنا أم مع كامل أطفالها وبناتها على متن “باص” تركت منزلها، وتبحث عن مكان آمن تنزح إليه في تلك الليلة، ولسان حالها يقول: “حرام عليهم هؤلاء ما يخافون الله يقصفون منازلنا، الله يخرجهم من منازلهم كما أخرجونا”، آهات القهر والأسى والكمد تخنق عباراتها المتلعثمة بالبكاء والارتجاف.
مراصدُ حقوقية أكّـدت حصولِ أضرار نفسية أصابت الأطفال والنساء، مشيرةً إلى أن أضرارَ غارات العدوان على الأحياء السكنية ومنازل المواطنين لم تنحصر على الخسائر البشرية كالشهداء والجرحى، أَو الخسائر المادية، بل تجاوزت ذلك إلى الأضرار النفسية الأشد خطورة على الصحة والسلامة النفسية والعقلية للأطفال اليمنيين من الجيل الصاعد.
استهداف حي سواد حنش جريمة واحدة من آلاف الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني، على مدى 9 أعوام، خلفت آلاف المآسي والأحزان الموغلة في أعماق ووجدان شعب بأجياله المتعاقبة، وصفحة سوداء في جبين الإنسانية، والضمير العالمي الصامت عن كُـلّ تلك المجازر وجرائم الحرب بحق اليمنيين.
أيضًا في ذات اليوم 3 يونيو من العام 2015م، استهدف طيران العدوان أحياء سكنية وسط العاصمة صنعاء جوار الإذاعة بمديرية الثورة.
أسفرت عن تضرر منازل المواطنين وممتلكاتهم الخَاصَّة والعامة، وحالة خوف ورعب تبعها موجات نزوح جماعية من الأحياء المجاورة، نحو المجهول، فهذا يخرج بكل أهله تاركاً منزله، وآخر منعته الغارات من الوصول إلى الحي، والكل يصرخون ويبكون ويستنجدون أطفالاً ونساء، جموع يخرجون ويهربون إلى غير وُجهةٍ، والغاراتُ تحيط بهم من كُـلّ مكان.
3 يونيو 2017.. العدوان ينشرُ الكوليرا ويمنعُ علاجَها بصعدة:
في مثل هذا اليوم 3 يونيو من 2017م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي مركَزَ “قحزة” لاستقبال ومعالجة حالات “الكوليرا” شمال مدينة صعدة، بعدد من القنابل المتفجرة والصواريخ المدمّـرة.
أسفرت غارات العدوان عن إصابة طفل داخل المركز وأضرار بالغة في المبنى وخراب البيوت المجاورة، وحالة من الخوف والهلع في نفوس المواطنين، وموجة نزوح متكرّرة كُـلّ يوم من كُـلّ منطقة تطالها غارات العدوان، نحو الجبال والكهوف والملاجئ إن وجدت.
مشاهد الدمار الذي خلّفته غارات العدوان في مكان الجريمة وصورة الهلع في وجه الطفل المصاب تؤكّـد حقيقةً ثابتةً مفادها بأن أمريكا تقتل بألف وسيلة وجريمة، وكل ما هو إنساني يقدم للشعب اليمني هو في الحقيقة مُجَـرّد طعم مصيدة للقتل أكثر.
3 يونيو 2018.. إبادة جماعية لأسرة حاولت العودة لدارها بصعدة:
في مثل هذا اليوم 3 يونيو من العام 2018م، في العام الرابع للعدوان، استهدف الطيران السعوديّ الأمريكي منزل المواطن علي جارالله حجار في منطقة العشة بمديرية باقم الحدودية بصعدة.
أسفرت الغارة عن مجزرة إبادة جماعية وجريمة حرب ضد الإنسانية في اليمن، قوامها أسرة بكاملها 12 شهيداً منهم شهيدتان وأطفالهما العشرة، وجريحان، كانوا يغطون في النوم الساعة الـ 2 بعد منتصف الليل، تحت سقف منزلهم الذي عادوا إليه بعد سنوات من التشرد والنزوح.
طيران العدوان حوّل الأطفال النائمين وأُمهاتهم إلى أشلاء ممزقة ومتفرقة تحت الأنقاض والدمار، ليكون جمع الأشلاء تحدياً آخر للمسعفين المغامرين تحت التحليق المُستمرّ للطيران.
هنا أحد المنقذين وهو يرفع الدمار ويبحث عن جثث الشهداء من تحتها وجد صورة أحد الأطفال سالمة، بعد أن مزقت الغارة جثته، قائلاً: “هذا أحد الشهداء لم يتبقَّ منه إلا الصورة فيما نحن نبحث عن أشلائه بين الأنقاض لساعات ولم يكتمل الحصول عليها”.
أحد الناجين وهو على ركام منزله المدمّـر الذي عاد إليه يقول وهو يرفع جثة طفلته الشهيدة من تحت الأنقاض: “راحوا إخوتي وخواتي وأمي وأبي ولم يتبقَّ منهم سوى 3 منهم جريحان، والحمد لله على هذا العطاء ونسأله التقبل”.
جريمة الإبادة الجماعية لأسرة المواطن جار الله بكاملها تحتَ سقف منزلها واحدةٌ من آلاف جرائم الحرب بحق الإنسانية التي ارتكبها العدوان السعوديّ الأمريكي ولم يتحَرّك المجتمعُ الدولي والجهات الحقوقية والإنسانية والقانونية لمحاكمة مجرمي الحرب، عليها، مع أن الحق لن يسقُطَ بالتقادم.