عدوانٌ اقتصاديٌّ أمريكي.. مصيرُه الفشل

 

محمد علي الحريشي

من الأيّام الأولى التي شن فيها التحالف الأمريكي السعوديّ العدوان على اليمن عام 2015، والإدارة الأمريكيّة تشن عدواناً اقتصاديًّا على اليمن لا يقل في نتائجه الكارثية المدمّـرة على الاقتصاد الوطني عن العدوان العسكري، مارست أمريكا أبشع حرب اقتصادية على الشعب اليمني، تمثلت في الحصار الشامل ومنع دخول السفن التجارية إلى الموانئ اليمنية على ساحل البحر الأحمر، وإجبار السفن التجارية للتوجّـه إلى ميناء جيبوتي بحجّـة تفتيشها من قبل لجنة العقوبات الأممية، وهي لجنة تضم ضباط في المخابرات الأمريكية والصهيونية، ثم تساق السفن التي تم تفتيشها إلى ميناء جدة السعوديّ وهناك تفتش مرة أُخرى وتمكث لأَيَّـام كثيرة، وبعد السماح لها بالاتّجاه إلى موانئ الحديدة يتم اعتراضها في عرض البحر من قبل القوات البحرية لتحالف العدوان، طال الحصار الأمريكي السعوديّ المطارات اليمنية خَاصَّة مطار صنعاء الدولي، الذي نتج عن حصاره وفاة آلاف المرضى الذين كانوا يعانون من أمراض تحتاج إلى العلاج خارج اليمن، شجعت أمريكا على تدمير الاقتصاد اليمني أثناء مرحلة العدوان بنقل وظيفة البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن، نتج عن ذلك النقل انقطاع رواتب الموظفِين، ومن النتائج الكارثية التي نتجت عن نقل وظيفة البنك المركزي إلى مدينة عدن، توقف عدد من بنود ميزانية الدولة في الجوانب الخدمية مثل قطاعات التربية والصحة والكهرباء والنظافة وغيرها من الخدمات، وشجعت حكومة الفنادق على طبع كميات ضخمة من عملة الريال اليمني تقدر بعشرات التريليونات بدون غطاء قانوني.

وكان ضخُّ ذلك الكم الهائل من العملة الجديدة المطبوعة في السوق المحلية كفيلًا بتدمير الاقتصاد الوطني والسقوط به إلى الهاوية، وبهبوط قيمة الريال اليمني إلى عشرات الأضعاف من قيمته الشرائية، وتم السيطرة من قبل المرتزِقة وبدعم أمريكي سعوديّ على مناطق إنتاج النفط والغاز، وتوريد قيمة ما يتم تصديره وإيداع الأموال في البنك الأهلي السعوديّ، رغم النتائج الكارثية للحرب الاقتصادية، لكن القيادة والشعب اليمني عملوا على إفشال الحرب الاقتصادية المعادية، وعدم تحقيق أهدافها في تركيع اليمن وإجباره على القبول بالشروط الأمريكية في وقف العدوان والحصار؛ لأَنَّ قيادة اليمن رفضت الهيمنة الأمريكية والتبعية للنظام السعوديّ الذين يتحكمون في حاضره ومستقبل اليمن ويفرضون عليه النظام السياسي الذي يدور في فلكهم ليتم تقسيم اليمن إلى أقاليم انفصالية مناطقية، لكن بفضل الله -سبحانه وتعالى-، وبحكمة قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله- وبصبر وشجاعة الشعب اليمني وبصمود الجيش واللجان الشعبيّة في مختلف الجبهات تم التغلب على الحرب الاقتصادية الأمريكية وإفشالها، فقد تم مواجهة نقل وظيفة البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدنَ بعمل حملة شعبيّة واسعة لدعم البنك المركزي اليمني وفتح حسابات بنكية للمواطنين وإيداع كميات من النقود في خزينة البنك المركزي بصنعاء، تعاون الشعب اليمني مع حملة التبرعات والتفوا حول القيادة الثورية، هبوا هبة رجل واحد من المدن والقرى ومن مختلف المحافظات أمام البنك المركزي وفروعه في المدن ومراكز المحافظات، وأمام الهيئة العامة للبريد وفروعها، كان لتفاعل أبناء الشعب اليمني مع حملة دعم البنك المركزي في صنعاء أكبر رد شعبي ضد الحرب الاقتصادية الأمريكية، هذا العمل الكبير الذي قامت به قيادة اليمن أفشل أهم المخطّطات الأمريكية التي كانت تهدف إلى خلق حالة فوضى عامة وانهيار في بنية الجهاز الإداري للدولة في العاصمة صنعاء، وانهيار خدمات التعليم والصحة وبقية الخدمات، تم إفشال المخطّطات والحرب الاقتصادية، اتخذت القيادة والحكومة قرارات شجاعة ضد إغراق السوق المحلية بالعملة اليمنية المطبوعة بكميات هائلة، تم حظر التداول بالعملة الجديدة في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، واعتبارها عملة مزورة لا قيمة لها ومنع التعامل بها وتداولها، أفشل اليمن الأهداف الأمريكية الخبيثة في إغراق السوق المحلية بالعملة الجديدة، التف الشعب مع قيادته، وتم تجاوز المرحلة الخطيرة التي فرضها العدوان على الشعب اليمني.

وبسبب مواقف اليمن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لعدوان أمريكي صهيوني ظالم، تمارس أمريكا عدواناً عسكريًّا وحرباً اقتصادية جديدة على اليمن؛ بهَدفِ تراجع مواقفه المساندة مع الشعب الفلسطيني، لكن القيادة والشعب الذين أفشلوا المؤامرات الأمريكية الاقتصادية على اليمن عام 2016، هم قادرون على إفشال الحرب الاقتصادية الأمريكية الجديدة، فالأوضاع السياسية والعسكرية اليمنية والتماسك الشعبي والإيمان بعدالة المواقف اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني والأوراق السياسية والعسكرية التي يمتلكها اليمن في الوقت الحاضر كفيلة بنسف الحرب الاقتصادية الأمريكية الجديدة وقلب الطاولة على تحالف الشر والعدوان، هذا ما دلت عليه القيادة اليمنية في الأيّام القليلة الماضية من رسائل سياسية وعسكرية التي طالت أضخم حاملات الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر وهي حاملة الطائرات الأمريكية «آيزنهاور»، الشعب اليمني ملتف حول قيادته.

أما المواقفُ الثابتةُ لليمن فلن تتبدل حتى يتم إنهاء العدوان الأمريكي الصهيوني وفكّ الحصار عن الشعب الفلسطيني.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com