اليمن.. ثباتُ المواقف
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
ما تزالُ أمريكا تأملُ أن يتراجعَ اليمنُ عن مواقفه من معركة غزة، وأن يوقفَ عملياتِه العسكرية في البحار الأحمر والعربي والمتوسط والمحيط الهندي، إذَا ما زادت الضغوط عليه، ولذلك بدأت أمريكا بتحريك بعض الأوراق التي تزيد من الصعوبات الاقتصادية والمعيشية على الشعب اليمني الواقع تحت حصار أممي بقيادة أمريكا.
أوحت إلى أدواتها في حكومة المرتزِقة وبمساندة من دول العدوان لاتِّخاذ قرارات تتعلق بالبنوك وأعمالها وبالعملة الوطنية ومشروعيتها، وسارعت الدول المعادية إلى إعلان دعمها الكامل لتلك القرارات، وفي المقابل قام البنكُ المركَزي في صنعاء باتِّخاذ إجراءات اقتصادية مناسبة؛ لامتصاص تأثير قرارات حكومة المرتزِقة التي تخدم السياسة الأمريكية، كما بدأت حكومة المرتزِقة بالتهديد بتوقيف الرحلات الجوية من مطار صنعاء الدولي تحت مبرّرات تم دحضُها سابقًا، ثم تم التهديدُ بتحريكِ الجبهات الخاضعة للتهدئة، وبالفعل بدأت بعض الجبهات بالتحَرّك ولكن كان الفشل من نصيبها؛ بسَببِ يقظة المجاهدين في الجيش اليمني الذين تمكّنوا من القضاء على تلك التحَرّكات في بداياتها.
وما زالت الضغوط الأمريكية مُستمرّةً على اليمن، ومنها تصريحات السفير الأمريكي الأخيرة، التي أشار فيها إلى أن مكوّنَ أنصار الله أصبح مكوِّنًا سياسيًّا فاعلًا يجبُ أخذُه بالاعتبار في أية تسوية سياسية مقبلة، ثم أكّـد على أن ذلك لن يتم إلَّا إذَا توقف الجيش اليمني عن تهديد خطوط التجارة العالمية في البحر الأحمر.
ومؤخّراً صرّح مسؤولٌ أمريكي لقناة “الجزيرة” بأن خارطة الطريق للسلام في اليمن لن يتم تنفيذُها إلَّا إذَا توقفت العمليات العسكرية في البحر الأحمر وفي المناطق المجاورة له.
من خلال ما سبق نجد أن أمريكا ما تزالُ تفكِّرُ في معالجة قضية اليمن بالعقلية الأمريكية الاستعلائية، والتي رفضَ اليمن التعامل معها قبل العدوان وخلال العدوان وأثناء المواجهات مع القِطَع الأمريكية البحرية في البحر الأحمر.
والسبب أن أمريكا تنظُرُ إلى الإجراءات التي اتخذها الجيش اليمني في البحار؛ نصرةً لغزة من منظور سياسي نفعي يمكن توقيفُه، من خلال ضغوط سياسية واقتصادية أَو من خلال تقديم بعض الحوافز والمكاسب لحكومة صنعاء، ولكن الواقع الذي لم يفهمْه الأمريكي أن الموقفَ اليمنيَّ جاء بدافع ديني وإنساني وأخوي، ولا يمكنُ التراجُعُ عنه إلَّا بوقفِ الحرب على غزة ورفع الحصار، واليمنيون -قيادةً وشعبًا- على يقينٍ بأن نصرَ الله قادم.