سيرةُ “قرين الهدى والدين” دروسٌ في الوَحدة والقيادة
صالح القحم
لطالما كانت العلاقة بين الإنسان وخالقه عاملاً أَسَاسيًّا في تشكيل الأفراد والمجتمعات عبر التاريخ.
في سياقنا الإسلامي، تعد هذه العلاقةُ حجرَ الأَسَاس الذي ترتكزُ عليه القيمُ والأخلاقُ والأعمال، “مع الله بايعنا قرين الهدى والدين”، هذه العبارة لا تمثِّلُ مُجَـرّد شعار، بل هي تعبيرٌ عن التزام روحي وديني عميق يجسد التلازم بين العبادة والعمل في سبيل الله.
يعكسُ التزامُنا تجاهَ الله وَدينِه بُعدًا فريدًا من الإخلاص والوفاء لمسار الهدى والإيمان، حَيثُ يتعيَّنُ على المؤمن أن يضعَ ثقتَه الكاملةَ في الله ويسلك طريق الدين بكل قوة وثبات، يرمز “قرين الهدى والدين” إلى ذلك الارتباط الروحي والعقائدي الذي ينبغي أن يسود حياة المؤمن، وأن الإيمان ليس مُجَـرّد شعور داخلي بل هو منهج حياة كامل.
“قرين الهدى والدين” الذي يجمع بين الإرشاد الروحي والالتزام الديني في مسيرته، هذا المصطلح يعكس مدى العمق والارتباط بين العقيدة والعمل، حَيثُ يعيش الفرد وفق مبادئ الدين وتعاليمه في كُـلّ مناحي حياته، ويجسدها في تصرفاته واختياراته.
إن الالتزام في سبيل الله يمثل ذروة الإيمان والتعبد؛ إذ يسعى المؤمنون ليكونوا في خير ما يمكنهم في جميع جوانب حياتهم، محتذين بسلوكيات تعكس فهمهم وتقديرهم للدين، الالتزام بتوجيهات الله وتعاليم الدين يعزز من الثبات الروحي ويوفر معنى أعمق للحياة.
يعتبر تعزيز الصفوف والوحدة بين الأتباع من الأسس الهامة لتحقيق النجاح والقوة، هذه الوحدة تعكس التزاماً جماعيًا نحو هدف مشترك، تتجلى فيه القيم الأَسَاسية للإيمان مثل التعاون والتآزر والمحبة في الله، “نرص الصفوف معك يا ابن بدر الدين” هي دعوة للتماسك والعمل الجماعي تحت قيادة فعّالة.
يتجسد في شخصية السيد عبدالملك بن بدر الدين، مثال القائد الرشيد الذي يعي تماماً أبعادَ مسؤولياته تجاه أمته ودينه، كقائد، لعب دورًا حاسمًا في توجيه وتحفيز جنوده، مؤكّـداً على الوحدة والثبات في مواجهة التحديات، “اضرب بنا أين ما شئت ولن يختل منا رجل واحد”، هذه العبارة تعبر عن استعدادنا والاتباع والتضحية تحت قيادته.
ثباتنا والتزامنا بأوامره، بأوامرِ قائدنا يعكس مستوىً عالياً من الإيمان والثقة المتبادلة، هذا الثبات لا يأتي فقط من الالتزام الخارجي، بل من قناعة داخلية بصحة الطريق وأهميّة الهدف، الثقة بالقائد والرسالة تُترجم إلى عزيمة لا تتزعزع وولاء لا ينثني.
في ضوء ما تقدم، يظل التزامنا “مع الله بايعنا قرين الهدى والدين” مصدر إلهام وتوجيه في مسيرتنا الروحية والدنيوية، أن الفهم العميق لهذا الارتباط وتجسيده في سلوكنا وتعاملاتنا يعد دعوة مُستمرّة لكل مؤمن يسعى ليكون خير سفير لدينه ومعتقده، وبهذه الروح، نتطلع لمستقبل يسوده الوعي والتلاحم والسير قدمًا نحو تحقيق أسمى المعاني والأهداف.