الحج.. بين الحِرمان وكمائنِ المكاء والتصدية
دينا الرميمة
انقضت الأيّامُ المعلوماتُ وما حملته من شعائرَ تعظيمُها يعد من تقوى القلوب ومع رحيلها حفت إلى ربها أسماء من لبوا نداءه بالحج بينما تركت في قلوبنا غصة أننا لم نكن في عِدادهم!
فجميعنا كأمة محمدية ما إن نقف على آيات الحج الفريضة دونًا عن بقية الفرائض أخذت مساحة كبيرة في كتاب الله الكريم وخصها الله بسورة كاملة توضح مناسكها وتفاصيل ادائها ومقاصدها التي دعا الله عبادها لتحقيقها وكان النداء لها مختلف عن النداء مختلف عن النداءات لبقية الفرائض «وأذِّنْ»، حينها تنتابنا رغبةٌ جموحةٌ لشد رحالنا نحو بيت الله الحرام تلبية لندائه، وأن تحلق أرواحنا في سماء العشق الإلهي فتكون في رحاب الملبين هناك عند بيته الحرام لنخوض تجربة إيمَـانية ذات أهميّة كبرى تزكي النفس وتجردها من كُـلّ متطلبات الدنيا الفانية.
لنسعى ونطوف ونشهد منافع لنا ونذكره وَنبثه شكوانا وهموم اثكلت قلوبنا واسقام اعجزت أجساد البعض منا، ودعوات قلوبنا وامنياتها بالغفران والصفح عن كُـلّ زلل وذنب ارتكبناه عمدا أَو على ذات غفلة منا وَرجاء العودة بصحائف بيضاء وأجساد وأرواح طاهرة كيوم ولادتنا وتوبة نصوح نعقد العزم فيها إلَّا نعود لسابق عهدنا من التقصير والخطأ.
وكان لهذه الفريضة رمزيتها المكانية والزمانية فيها تذكير سنوي للأُمَّـة بدينها وبعظمتها وواجبتها الدينية والجهادية وعلى ارض مكة يكون الجميع في أمن ومثابة والجميع يغدون وعلى اختلاف اشكالهم ولكناتهم متوحدون في هيئاتهم سواء العاكف فيه وَالباد مطلبهم واحد وذات الغاية يرجونها فيكون تجمعهم بمثابة أكبر مؤتمر إسلامي يهدف للبراءة من أعداء الله ورسوله ويناقش كُـلّ ما يعتري الأُمَّــة من خطوب وما يحاك ضدها من قبل أعدائها الذين أهم مقاصد الحج البراءة منهم الأمر الذي جعلهم يعظون اناملهم من الغيظ من هذه الفريضة وعليها لسنوات يحيكون المكائد للحول دون الوصول لأدائها!!
وهم بالفعل قد نجحوا في ذلك وبمساعدة القائمين على الحج الذين انصاعوا لتنفيذ مخطّطات الصهيونية في تغير المقاصد العظيمة للحج وغيروا الكثير من ملامح مقدساتها ومناسكها وجعلوا تكاليفها باهظة كنوع من الصد عنها تنفيذا لرغبات اسيادهم من اليهود الذين يرون في توحد المسلمين ضعفا لقوتهم وبهتان لمخطّطاتهم القذرة على الإسلام وامته، وكما عملوا تسيسها واستغلالها لما يخدم مصالح مملكتهم كما هو الحال في مذبحة تنومة التي قُتلوا فيها ثلاثة آلاف من الحجاج اليمنيين وهم في الطريق إلى الحج؛ بهَدفِ تهديد اليمن ليتوقفوا عن المطالبة بعسير الأرض اليمنية التي ضمها بن سعود لمملكته لمأرب أُخرى دينية واقتصادية لامجال هنا للحديث عنها.
وكما أن آل سعود جعلوا من هذه الفريضة مصيدة لكل من يخالفهم الرأي من الحجاج الذين لهم انتماء سياسي من دول معارضة لسياسة النظام السعوديّ أَو الغربي وَاعتقال العلماء المسلمين الذين لم يستطيع أعداء الله الوصول إليهم وهناك تم ترصدهم واعتقالهم..
أضف إلى المخاطر الكبيرة التي أحاطوا بها هذه الفريضة تسببت بالكثير من الحوادث حتى لم يعد يمر موسم حج دون أن يكون فيه ضحايا أغلبها يعود للتعديلات التي اجروها على الحرم ومواضع تأدية الشعائر؛ بهَدفِ التوسيع فيها؛ ما جعل حوادث التدافع التي يذهب ضحيتها مئات الحجاج تزيد.
في فعل يدل على تعمدهم تخويف الناس من الحج حتى يقل الراغبين فيها إلى أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه الحرم المكي خالياً تماماً!!
وبالفعل جاء اليوم الذي رأينا فيه مكة مفرغة من الحجيج «سنوات كورونا» الفيروس الصغير الذي حقّق للصهاينة مبتغاهم في رؤية هذه المشاعر خالية؛ بسَببِ قيود السفر والتزاحم التي فرضت على الحجاج حتى أصبحوا بعدد الاصابع وأثبت لكل ذي عقل أن هذا الفيروس لم يكن إلا خدعة صهيونية للوصول إلى هذا المشهد الذي قرت به أعينهم بينما الذي أبكى أُمَّـة بأكملها وبكته طيور الحرم وَالمواضع الخالية من الحجيج وصوت تلبيتهم!!
غير أنه في ذات الوقت راينا الاكتظاظ الكبير الذي شهدته دور الترفيه والابتذال التي افتتحها آل سعود تقليدا للحضارة الغربية وعلى مقربة من مكة والمدينة جعلوها مفتوحة على مصراعيها للراغبين فيها دون أن فرض أية قيود أَو تخوفا من كرونا الذي ربما أنه قد لبس ثوب احرامه وظل فقط يتتبع الحجيج.
كما أنهم جعلوا من الأيّام الفضيلة كرمضان ومواسم الحج والعمرة مواسم لتنظيم مهرجانات الابتذال وتسميتها بأسماء دينية في تشويه متعمد لهذه الشعائر التي جعل الله منها محطات روحية وإيمَـانية تسمو بالروح وتقربها من ربها طاهرة مما اثقلها من رذيلات الخطايا وَكرب الحياة.
وربما الآن قد صار واضحًا أن القائمين على هذه الفريضة قد أصبحت صلاتهم عند البيت الحرام مكاء وتصدية وتنفير وأبعاد عن مقاصد الحج التي وضحها الله ورسوله وارادوها للأُمَّـة المحمدية التي رحل الكثير من ابنائها وفي قلوبهم غصة عدم تمكّنهم من تلبية نداء ربهم بالحج ودون أن تقر اعينهم وقلوبهم برؤية بيت الله وربما عند ربنا يشكون صمتنا على هذه الممارسات الخبيثة على الحج التي جعلته حكرا فقط على ارباب المال والسلطة الموالية لآل سعود أَو مجازفة قد تكون نهايتها عدم العودة إلَّا جثامين كما حدث هذا العام الذي توفى فيه قرابة آلاف حاج!!
ولذا صار لزاما التصدي لاجتثات الكمائن القذرة التي وضعت في طريق الحج وأن يكون مطلبنا انتزاع هذه الفريضة من يد أُولئك الذين أثبتوا انهم ليسوا إلَّا يدٌ صهيونية تنفذ ما يتلى عليها ضد الأُمَّــة المحمدية ودينها وجعلوا من المقدسات الدينية في مكة والمدينة منابر لنشر ثقافة التطبيع والولاء لليهود وزرع الشقاق بين الأُمَّــة الواحدة وتمرير مأرب أعدائها والدعاء على كُـلّ من يقف ضدهم وما كانوا يوماً أولياءَه إنما أولياؤُه من يعظم هذه الشعيرة ممن امتلأت قلوبهم بقيم الدين المحمدي الأصيل لا الإسلام الوهَّـابي الدخيل علينا والمدمّـر لعقيدتنا المحمدية.