نقل وظائف البنك وتدمير العُملة واستهدافُ مصادر الإيرادات المتاحة بعد مصادرة النفط والغاز: إجراءاتُ الحرب الاقتصادية على اليمن خلال فترة العدوان والحصار.. أمريكا رأسُ الحربة

المسيرة: خاص

أظهرت الاعترافاتُ الأخيرةُ لجواسيس الاستخبارات الأمريكية الإسرائيلية، التي نشرتها الأجهزةُ الأمنية، مساء السبت، جُملةً من الجوانب العدائية الأمريكية التي أكّـدت وقوفَ واشنطن بشكل مباشر وراء إجراءات الحرب الاقتصادية على اليمن والشعب اليمني؛ بغية إركاعه، بعد فشل الخيارات العسكرية والأمنية؛ ليتأكّـد للجميع أن تحَرّكات الولايات المتحدة تحت أية عناوين، إنما هي ممارسات عدائية مدمّـرة تستهدف البلدان والشعوب بسترات دبلوماسية وإنسانية.

ولأن الحرب الاقتصادية على اليمن، طيلة سنوات العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ الإماراتي، قد أفرزت معاناة كبيرة في صفوف الشعب، فَــإنَّ تلك المعاناة كانت وراءها أمريكا، وذلك من خلال إشرافها وتنفيذها المباشر لتلك الإجراءات، والتي من بينها نقل البنك، وتدمير العملة، واستهداف المؤسّسات الإيرادية.

وقد أظهرت اعترافات جواسيس أمريكا و”إسرائيل”، جانباً من التحَرّكات الأمريكية المباشرة، لشن الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني، بدءاً من نقل البنك وُصُـولاً إلى الحصار الشامل.

 

نقل وظائف البنك.. خطوة أمريكية خالصة:

قامت الولايات المتحدة الأمريكية بنقل وظائف البنك المركزي اليمني، بتنفيذ مباشر عبر جواسيسها، حَيثُ يقول الجاسوس “شايف الهمداني” ضمن اعترافاته “عام 2016م كلفني السيد براد هانسن الذي كان نائباً للسفير الأمريكي ومسؤول الاستخبارات الأمريكية باستلام شفرة البنك المركزي من السيد إبراهيم النهاري ونقلها إلى عدن”، مُضيفاً “استلمت الشفرة ونقلتها إلى عدن وسلمتها إلى شخص في قسم النقد الدولي في البنك المركزي في عدن اسمه علي همداني في فندق كور هِل وبقيت في عدن لمدة ثلاثة أَيَّـام ثم عُدت بعدها إلى صنعاء”، وتعتبر هذه الاعترافات تأكيداً على وقوف أمريكا وراء نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وهو ما ترتب عليها معاناة كبيرة تكبدها الشعب اليمني بفعل انقطاع المرتبات ونهب الثروات، وفرض القيود على التحويلات وغيرها.

وفي السياق ذاته يعترف الجاسوس “جميل الفقيه” بقوله إن “الجانب الأمريكي كان مهتماً بشكل كبير بعد عملية نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن لمعرفة أثر عملية النقل وأسبابه وما هي النتائج التي ترتبت على ذلك وأسعار الصرف”، مُشيراً إلى أن واشنطن وضباطها كانوا دائمي السؤال عن “الأدوات والإجراءات التي كان يقوم بها البنك المركزي سواءً في صنعاء أَو في عدن للسيطرة على سوق الصرافة، وعن فوارق أسعار الصرف في صنعاء أَو في عدن وكيف يقومون بمكافحة هذا التدهور وما هو وضع البنوك بشكل عام كيف تجاوبت مع قرار نقل البنك المركزي”، في إشارة إلى الحرص الأمريكي على إنجاح المؤامرة التي رسمها من وراء عملية نقل وظائف البنك.

ويضيف الجاسوس الفقيه بالقول: “الجانب الأمريكي مهتم بهذا الجانب؛ لأَنَّ لهم دورًا كَبيراً في نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وهدفهم أَيْـضاً تدهور الاقتصاد في البلد، ووضع معوقات أكثر أمام التنمية، وعمل أعباء أكثر على صنعاء وعلى البنك المركزي في صنعاء حتى ينهك الاقتصاد أكثر وأكثر ويتم السيطرة بما يخدم أغراضه في المنطقة”.

وعن المهام الموكلة إليه في هذا السياق، يواصل الجاسوس جميل الفقيه اعترافاته “بالنسبة للعمليات البنكية يعني أنا أرسلت معلومات عن العمليات البنكية المختلفة التي تأثرت بها البنوك التجارية من عملية نقل البنك المركزي وخُصُوصاً بما يتعلق بموضوع الحوالات؛ لأَنَّها كانت تعتبر هي إحدى المؤشرات الاقتصادية التي يقيس فيها أداء الاقتصاد ومعرفة أسباب تدهور أسعار الصرافة وكان الجانب الأمريكي دائماً يبحث عن موضوع تدهور أسعار الصرف وكيف ثباتها في صنعاء وفي عدن وأسباب ثباتها أكثر في صنعاء لغرض تضييق الخناق أكثر وتدهور أسعار العملة أكثر وتدهور الاقتصاد بشكل كبير ومحاربة العملة، وكلّ هذه مؤشرات”.

وبيّن الجاسوس الفقيه التحَرّكاتِ الحثيثة للأمريكيين بغرض مضاعفة التدهور الاقتصادي، حَيثُ أكّـد أنه “كلما عرف الجانب الأمريكي أن هناك استقراراً أكثر في الشمال أَو في موضوع أسعار الصرافة يقوم بالتضييق أكثر على البنوك بحيث التضييق على الحوالات أكثر حتى يحصل تدهور في الأسعار بشكل كبير”.

 

آلة الدمار الأمريكية تواصل الزحف باتّجاه العملة:

وإلى جانب أوجه الاستهداف الأمريكي المباشرة للاقتصاد الوطني، فقد كان لواشنطن بصمتها الواضحة والفاضحة في تدمير العملة الوطنية، وذلك بجملة من التحَرّكات المشبوهة والإجراءات العدائية.

وفي هذا السياق، يقول الجاسوس شايف الهمداني “من الأهداف التدميرية التي عملت عليها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هو العمل على تدمير الاقتصاد اليمني وذلك من خلال نشر العملة التي تم طباعتها بطريقة غير قانونية في المحافظات الشمالية”.

ويلفت الجاسوس الهمداني إلى أن “السيد مايك مارتن مسؤول ملف النمو الاقتصادي طرح الموضوع وأنه لماذا لا يتم ضخ هذه العملة في المحافظات الشمالية لسد العجز في السيولة وهذا يؤدي إلى أضرار كبيرة بسعر صرف العملة وزيادة معاناة المواطنين على المستوى الاقتصادي وارتفاع الأسعار في المواد الغذائية والاستهلاكية”.

ويضيف “السيد مايك مارتن طرح في أكثر من اجتماع أنه لماذا لا يتم ذلك وكان آخرها في الاجتماع مع نافانتي، حَيثُ طلب الحديث معهم عن كيفية العمل في هذا الجانب وتم الحديث على أن يجتمعَ هو ومسؤولة مكتب البرامج وممثلة مسؤولة تعاقد مع نافانتي لبحث هذا الموضوع جانبياً والعمل على تحقيق هذا الهدف التدميري الذي يزيد من معاناة اليمنيين”.

أما الجاسوس جميل الفقيه، فيشير إلى جوانب أُخرى من التحَرّكات الأمريكية على مسار تدمير العملة الوطنية، حَيثُ يؤكّـد أن “الجانب الأمريكي كان مهتماً بمدى تواجد العملة الصعبة في البلد وكيف البنوك هل لديها القدرة على ترحيل العملة الصعبة أَو لا؛ مما جعل تهريبها أَو تحويلها إلى الخارج حتى يتم استبدالها أمراً صعباً؛ ولذلك ظلت تدور في داخل البلد وكانت هذه إحدى الأسباب التي يبحث عنها الجانب الأمريكي أنه عندما تكون متواجدة العملة الصعبة في المناطق المختلفة سواءً في الشمال أَو في الجنوب يكون لها دور في موضوع ثبات استقرار سعر الصرف أَو تدهوره”.

ويتابع الجاسوس الفقيه في اعترافاته “ذكرت أن الخدمات المالية ما زالت في بدايتها وأنها قد تكون لها بديل عن تداول النقد اليدوي أَو العملة النقدية التي مهترئة وأنه الآن الجهات الحكومية والبنوك تحاول تتنافس على إصدار شركات نقدية مالية وأرسلت الدراسة إلى عند الضابط دارين على أَسَاس أنه يطلع فيها وأن فيها معلومات أكثر مفصلة”.

ويبين الجاسوس الفقيه مستوى زخم التحَرّكات الأمريكية بقوله “وطلب مني كذلك النزول فعملت نزولاً كباحث وجمعت له المعلومات هذه وأرسلت له معلومات أن خدمة كاك بنك عملت أَو أنشأت شبكة خدمة الريال الإلكتروني التي عن طريقها يقوم المستهلكون بدفع الرواتب أَو بدفع فواتير الكهرباء والماء أَو الحوالات المالية الداخلية وهذا أَيْـضاً له دور كبير في موضوع تثبيت أسعار الصرف والحِفاظ على العملة من الاهتراء بشكل أكبر”.

وعن الاستياء الأمريكي من إجراءات صنعاء المضادة، الرامية إلى تثبيت الأسعار وحماية الاقتصاد، يقول الجاسوس جميل الفقيه: “الجانب الأمريكي ما يعجبه هذا الكلام، إنه كلما كانت هناك إجراءات تصب في مصلحة الاقتصاد أكثر؛ لأَنَّه أصلاً يستهدف الاقتصاد، ولذلك كلما كانت هناك إجراءات كلما اتخذوا ضدها إجراءات أكثر للمجابهة”.

 

أمريكا تتجه لتدمير مصادر الإيرادات:

آلة الدمار الأمريكية التي تشن الحرب الاقتصادية على اليمن، لم تتوقف أَو تكتفِ بحد معين، بل عملت واشنطن جاهدة على تعزيز إجراءاتها العدائية لتصعيد الحرب الاقتصادية ضد الشعب اليمني بشكل أكبر، وحرَّكت أذيالَها لاستهداف المؤسّسات الإيرادية التي تعزز خزينةَ الدولة، بما تيسر من العائدات في ظل مصادرة موارد الثروات النفطية والغازية، والتي كانت تشكل ما نسبته 80 – 85 % من الموازنة العامة للدولة.

وفي هذا السياق، يقول الجاسوس جميل الفقيه “تم تجنيد العديد من المصادر في وزارة المالية والضرائب والجمارك وكانوا يقومون بتزويد الجانب الأمريكي بمعلومات عن وزارة المالية ونشاطها والموازنة العامة للدولة، وتبويبات الموازنة، وَصعوبات إعداد الموازنة العامة، وتخصيصات الموازنة.

ويضيف الجاسوس الفقيه “كلفني الضابط دارين بجمع معلومات عن إيرادات حكومة صنعاء والموازنة العامة للدولة وكيفية إعدادها للموازنة، وذكرت له البيانات كيف تمول حكومة صنعاء مواردها وأنه الموازنة العامة للدولة أَيْـضاً كيف تتم أَو تعد في وزارة المالية لما لها من دور أَسَاسي في معرفة إيرادات الدولة ومعرفة وجهات الدولة ومعرفة مشاريعها؛ وبهذا يستطيعون من خلالها بناء خططهم لاستهداف الاقتصاد بشكل أكبر واستهداف الجهات التي لها دور حيوي في موضوع النمو الاقتصادي مما يخدم هدفهم في موضوع تدهور الاقتصاد ووضع أعباء أكبر على الجانب الوطني وعلى جانب الدولة وعلى حكومة صنعاء”.

وكذلك من بين المؤسّسات الإيرادية التي استهدفتها واشنطن، كانت المؤسّسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، حَيثُ يؤكّـد الجاسوس الفقيه أن “الجانبَ الأمريكي كان مركِّزاً على جانب الاتصالات؛ لأَنَّه لديهم شبكة مصادر في شركات الاتصالات سواءً في إم تي إن أَو في المؤسّسة العامة للاتصالات ويمن موبايل”.

ويتابع في اعترافاته “سألني الضابط دارين عن موضوع عدد المشتركين النشطين والخاملين في الاتصالات، ونوع الأنظمة المستخدمة التي هي سي دي إم وإلا جي إس إم وخدمات الشركات المقدمة المختلفة سواءً خدمات التراسل أَو خدمات الإنترنت أَو ما هي خطط الشركة المستقبلية، هل مثلاً ما زال الوضع أن السوق تقبل شركة إضافية جديدة أَو لا”.

ويستطرد “وذكرت له الباقات وأسعارها، الجانب الأمريكي مهتم في موضوع جانب الاتصالات وبشكل كبير يجمع المعلومات عنها، نطاق التغطية لشركات الاتصالات وكل هذا يصب في مصلحة الجانب الأمريكي في معرفة المقاييس وكذلك في موضوع الاقتصاد وكذلك يعتبر أنه استهداف لأمن البلد واستهداف لسياسة البلد الداخلية”، في حين أنه ومن خلال هذه الاعترافات، يتأكّـد للجميع خفايا الاستهداف المباشر لقطاع الاتصالات اليمنية خلال سنوات العدوان والحصار والحرب الاقتصادية، وذلك بالقصف المباشر أَو بحظر دخول المعدات.

آلة الدمار الأمريكية لم تكن وليدة اللحظة أَو مقتصرة على سنوات الحرب الاقتصادية والعدوان والحصار، بل إن هناك تحَرّكاتٍ عدائيةً شاملةً ضد الاقتصاد الوطني ككل، ومنذ عقود طويلة، سوف تستعرضها صحيفة المسيرة في تقرير قادم، ليتأكّـد الجميع أن كُـلّ المعاناة التي يكابدها الشعب اليمني تقف وراءَها أمريكا من قبل ومن بعد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com