أمرُ الولاية في الإسلام

أم المختار مهدي

من أهم المواضيع التي أكّـدها الله تعالى في دينه الحنيف هو موضوع الولاية بعد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.

أمر مهم بقدر حرارة الآية: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَـمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعصِمُوكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)؛ لما يترتب عليه في شأن الأُمَّــة والدين، حيثُ إنه يجب أن يكون من يتولى أمر الأُمَّــة رجل مرتبط بالله ذو إيمان قوي يحمل مسؤولية صلاح الأُمَّــة وعزها ومنعتها، وأن تكون ولايته مرتبطة بولاية الله ورسوله؛ وإلا ستحصل ولاية من مسار آخر تُسقط الأُمَّــة بدلًا من أن ترفعها، وتذلها بدلًا عن أن تعزها، وتظلها بدلًا من أن تهديها، وهذا الأمر لأهميته وعظمته تكفل به الله تعالى الذي يعرف صلاح الأُمَّــة ونجاتها؛ فأمر رسول الله بتبليغ أمر الولاية وأمر الأُمَّــة بالانصياع في خطبة طويلة لآلاف المسلمين من كُـلّ بلد؛ لئلا يكون له على الناس حجّـة بتركهم بلا ولي يحرص على صلاحهم أكثر منهم، وكان المختار لهذه الولاية هو الإمام علي بفضائله التي لا تخفى على الصديق ولا على العدوّ، وبمنزلته الرفيعة عند الله ورسوله وفي دينه؛ جرَّا عمله الدؤوب في نصر الإسلام ورفع الحق ونصره الله والمستضعفين، فكان هو المختار من باب الجدارة لا من باب القرابة.

فهو من نزلت في أمر ولايته آية غاية في الوضوح لا تحتاج إلى تبيين وتفسير، هي آية الولاية قال تعالى:

(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).

فربط الله تعالى ولاية الإمام علي بولايته وولاية رسوله ولاية ممتدة لا انفصام لها.

ومن مواضع تلك الخطبة أَيْـضاً التوصية بالثقلين كتاب الله وعترة رسول الله فإنهما لا يفترقا، فكانت ولاية أهل البيت ضرورية؛ لبقاء القرآن عمليًّا في الأُمَّــة، حيثُ إنهما قرينان.

وعندما فرطت الأُمَّــة بولاية الإمام علي؛ حبًّا للجاه والسلطة وقلة وعي وإيمان وبصيرة وعدم اكتراث بالمسؤولية تسلط عليها ولاة جائرون مفسدون في الأرض، وأُقصي أهل البيت عن الولاية وهم الجديرون بها.

الزمن في كُـلّ مرحلة يعيد نفسه، والولاية اليوم ممتدة للولاية في زمن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- لكلا الطرفين:

أهل البيت وأعداؤهم.

 اليوم هناك وَلايتان لا ثالثَ لهما:

 إمَّا ولايةُ الله ورسوله وأهل البيت، وإما ولايةُ اليهود والنصارى وعملائهم.

ومما لا شك فيه أن الدين والأمة يدفعان ثمن التفريط من يوم السقيفة وإلى يومنا هذا والواقع يشهد، حيثُ إن الأُمَّــة اليوم أصبحت منحرفة بشكل رهيب خاضعة خانعة للولاة الظالمين يخيم عليها الضلال ويسودها التفرق والتشتت ولا حَـلّ لها ولا مخرج سوى الرجوع إلى الولاية بمفهومها الصحيح وأحقانيتها لأهل البيت -عليهم السلام- فعز الأُمَّــة وغلبتها ونصرها مرتبطة بهذه الولاية قال تعالى:

(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com