من دروس السيد القائد الولاية طريق الحضارة الصحيحة
فضل فارس
دروس القيادة الحكيمة التي تتعنَّى -كمسؤولية تتقرب بها إلى الله- في إصلاح واقع هذه الأُمَّــة، الواقع الداخلي المليء بالقصور السلبي فيما يتعلق بالإدارة الصحية وفق الرؤية الحكيمة والعدل الإلهي لقوام شؤون وإدارة هذه الأُمَّــة الرسمية والعامة في هذه الأيّام المباركة من شهر ذي الحجّـة.
هي دروس عظيمة ومباركة يتلذذ ويطيب بها الإنسان المؤمن في أية مسؤولية أَو منصب حكومي رسمي أَو مجتمعي؛ وذلك بغية التحقّق لإصلاح ما فيه من قصور، كذلك ليتزود ويتنور بهذه الدرر الحكيمة التي تنير وتعبد الطريق والمسالك الملتوية لكل مؤمن وفق مشروع وَقانون الله القويم ورؤيته الحكيمة الصائبة في إدارة هذه الحياة التي خلقنا جميعاً فيها؛ لما تعنيه حكمة الله من الاستخلاف في الأرض نعمر، نقيم، نثبت العدل الإلهي في ربوعها.
بالتالي ومن هذا المنطلق يتضح لنا ومن خلال درر وجوهر كلام السيد القائد في محاضراته عن الرؤية الصحيحة لمعنى المسؤولية الملقاة على عاتق الإنسان في الأرض أن آفة الحب والعشق للمنصب هي مشكلة خطيرة تتعاظم وتتعاظم في نفس الإنسان، وذلك إذَا لم يتذكر ويراجع نفسه أَو بالأحرى يرجع إلى أصله ونفسيته السابقة إلى أن تملك هواه وكيانه.
بالتالي يصبح بها وبجمال رونقها الأخَّاذ والغرور إما عائشاً في الوهم منتظراً قطر السراب أَو لاهثاً إليها فيظلم؛ مِن أجلِها ويبطش ويفتعل المحرمات، وحينها يصبح الإنسان الساعي وراء هذه السلبيات وهو من ضمن أعمدة هذه الأُمَّــة في أي موقع كان بتعصبه لهذه القضية مصدر إشكال سلبي وعائق أمام كيان هذه الأُمَّــة في أن تنهض لأداء مسؤولياتها المنشودة.
كذلك أمام القيادة الحكيمة في أن تسمو بالأمة السمو الروحي والفكري التربوي والنهضوي الذي يوصلها إلى الموقع الحضاري القوي والمتمكّن الذي أراد الله أن تصل إليه.
وكلاهما مما قد ذكر من سلبيات حب المنصب والسلطة الأخاذة والتعصب مِن أجلِهما، سوءاً أكانت شخصية تصدر من شخص في أي موقع كان من أبناء هذه الأُمَّــة أَو مجتمع وجماعة معينة داخل ميدان هذه الأُمَّــة سيء وَموحش، بعيدًا كُـلّ البعد عن قيم ومبادئ مشروع الله وقانونه في الاستخلاف لعباده في الأرض، وعما أَيْـضاً أراده الله للإنسان وللمجتمع المسلم من رشد وسمو حضاري وَمجتمعي إسلامي في بنيان هذه الأُمَّــة.
بالتالي على كُـلّ إنسان وحسب كل هذه المنطلقات الحكيمة والرشيدة لمشروع الله السليم والصحيح الذي أمرنا وفطرنا عليه حينما استخلفنا في الأرض يمكننا أن نصلح أولاً أنفسنا وواقع مجتمعاتنا، من ثم نصلح الأرض ونعمرها على أَسَاس من تقوى الله سبحانه وتعالى، وتشريعاته الصحيحة والسليمة على أَسَاس من مبادئ وقيم الولاية الإلهية التي أمرنا الله بها، من خلال الصدق في تولينا للرسول وللإمام علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- وأهل بيته أعلام الهدى ومصابيح الرشاد في هذه الأُمَّــة.
يمكننا -بتمكين الله ومشيئته- أن نبنيَ وَننشئَ حضارة إسلامية صحيحة، حضارة إسلامية تسود وتعم العالم أجمع مبنية ركائزها على العدل الإلهي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتلك هي الحضارة الصحيحة التي أراد الله لها أن تعم هذه الأرض بكلها.