باعترافات العملاء.. قطاعُ النفط والمعادن اليمني في دائرة أطماع اللِّص الأمريكي
المسيرة: خاص
لقد أظهرت اعترافاتُ خلية التجسس الأمريكية الإسرائيلية حجمَ الهجمة الأمريكية الشرسة التي كانت تستهدفُ اليمن أرضاً وإنساناً ومقدرات، حَيثُ كانت واشنطن في طريقها إلى بسطِ كاملِ النفوذ على كافة المقدرات، ومثلما كان الأمن والجيش والاقتصاد العام للدولة داخل دائرة الاستهداف، فَــإنَّ قطاع النفط والمعادن كان داخل دائرة الاستهداف وبشكل مباشر عبر عدة أقنعة تتحَرّك بها أمريكا، وهنا تسلط صحيفة “المسيرة” الضوء على جانب من تصريحات اعترافات خلية التجسس الأمريكية الإسرائيلية بشأن الاستهداف الأمريكي لقطاع النفط والمعادن على مسار السيطرة عليه ونهب ثروات الشعب كما حصل خلال سنوات العدوان والحصار الأمريكي السعوديّة الإماراتي.
وفي السياق يقول الجاسوس جميل الفقيه، في اعترافاته التي نشرتها الأجهزة الأمنية “كان الأمريكي مركِّزاً بشكل كبير على جمع معلومات عن القطاع النفطي بشكل كامل، سواء على القطاع الحكومي أَو القطاع التجاري؛ فالقطاع الحكومي على سبيل المثال وزارة النفط، كان عن خطط الوزارة وطبيعة نشاط الوزارة على الجهات التي تتبعها، مهمة الوزارة، القوانين التي تنظم عمل الوزارة”.
ويضيف الجاسوس الفقيه “كذلك يجمع معلومات عن شركات النفط، عن شركة الغاز، هيئة استكشاف واستخراج النفط، وكلّ هذه المعلومات، كمية النفط الذي تستهلكه الدولة، كمية النفط المستورد، كمية النفط الذي تنتج من البلد مخازن شركة النفط، كذلك شركة الغاز كمية الغاز التي تستورد موانئ الاستيراد، كيف تنقل الكمية للغاز، كذلك هيئة استكشاف النفط يعني كيف تنظم العلاقة بين الشركات النفطية، كم عدد الشركات النفطية العاملة في البلد؟”.
من جهته يقول الجاسوس جميل الفقيه: “طلب مني الضابط دارين إعداد دراسة عن الشركات النفطية العاملة في البلد، سواء شركة الإنتاج أَو شركة الخدمات النفطية، وتضمنت الدراسة معلومات عن مدى تفاعل الشركة مع الجهات الإدارية للتواصل وطبيعة عمل الشركة وهذه طبعاً تخدم الجانب الأمريكي أنها تعطي لهم نظرة عامة وشاملة عن القطاع النفطي بشكل كامل والشركات المتواجدة فيه”.
ويلفت الجاسوس جميل الفقيه إلى أن “الجانب الأمريكي أَيْـضاً كان مركِّزاً على موضوع التغيرات السعرية في أسعار الوقود سواءً في الشمال أَو في الجنوب”، موضحًا أن تلك المعلومات هي إحدى المؤشرات التي تضاف إلى مؤشر تواجد الوقود وتقلبات أسعار الصرافة وأسعار المواد الغذائية وكلها مؤشرات في خدمة توجيهات الأمريكيين في فرض عوائق وصعوبات أكثر على الاقتصاد.
من جهته يقول الجاسوس هشام الوزير: إن أهم المعلومات التي كان يركز عليها الأمريكيون “الحصول على مستجدات الإنتاج، أوضاع الإنتاج في الحقول النفطية، العوائد المالية المحقّقة من الإنتاج، المشاكل التي تواجهها الشركات هذه في مناطق وحقول الإنتاج خُصُوصاً مع القبائل ومع المجتمعات المحلية في مناطق الإنتاج، وكذلك علاقة هذه الشركات بالحكومة”.
ويلفت إلى أنه “كان هناك اجتماعات سرية يقوم بها رولاند مكاي بنفسه مع مدراء هذه الشركات إما في منازلهم مثلاً في منازل مدراء هذه الشركات أَو في منزل رولاند، أَو في الحفلات التي كانت تنظم الخَاصَّة بالأجانب أنفسهم ما كان يتم يعني اطلاعي عليها”، وهذا يكشفُ حجمَ اللهث الأمريكي وراء السيطرة على القطاع النفطي في اليمن.
ويواصل الجاسوس هشام الوزير في اعترافاته “ومن المعلومات التي ذكرها لي مديري في العمل رولاند مكاي أنه كان يتم حفر آبار يجدوا فيها نفط مثلاً في منطقة في محافظة شبوة وأجزاء من محافظة حضرموت ويتم إغلاقها عبر شركة أوكسيا وشركة توتال؛ لأَنَّهم يريدون أن يؤجلوا استخراج النفط فيها لأوقات ثانية لتحقيق مكاسبَ أكبر ويستفيدوا كذلك من صفقات الفساد مع الحكومة بحيثُ إنهم يأخذون هذه الآبار بأقل تكلفة ممكنة وبأفضل امتيَازات تجارية لصالحهم من ناحية النسبة”.
ويستطرد “هذه الآبار أُغلقت وعُتِّمت ولا أحد مطلع عليها إلا أشخاص محدودون جِـدًّا في الحكومة في ذلك الوقت في نظام الحكم مثلاً عفاش نفسه علي عبد الله صالح وعياله ومثلاً شخص مثل محمد بن ناجي الشايف؛ لأَنَّه من أقرب المقربين لآل عفاش في ذلك الوقت والأمريكيون أنفسهم والخرائط التي تحدّد أماكن هذه الآبار هي مع الشركات التي قامت بعملية الاستكشاف”، مُشيراً إلى أن “أبرز هذه الشركات التي قامت بعملية الاستكشاف في هذه المناطق كانت شركة أوكسل الأمريكية وشركة توتال وشركة إكسون موبيل”.
وعن حجم النفوذ الأمريكي والسيطرة على هذا القطاع أكثر من الدولة ذاتها، يورد الجاسوس الوزير في تصريحاته “الذي معهم هذه الخرائط ويحتفظوا بها ولم يتم اطلاع أحد على هذه الخرائط وحتى وزارة النفط والمعادن وهيئة استكشاف وإنتاج النفط لا تمتلك هذه الخرائط، وما هو موجود من خرائط رسمية لا يبين إلا القطاعات النفطية الواعدة فقط”.
قطاع المعادن أَيْـضاً، كان هو الآخر داخل دائرة الاستهداف الأمريكي والمطامع الكبيرة لواشنطن، حَيثُ يؤكّـد الجاسوس الوزير بالقول: “كان الأمريكيون مركِّزين على جانب المعادن في اليمن: الحصول على المعلومات من هيئة المساحة الجيولوجية عن الأماكن الواعدة لإنتاج المعادن في اليمن، والتركيز على القطاعات الواعدة في اليمن، الذي فيها فعلاً مصلحة للأمريكيين؛ بمعنى مثلاً القطاع النفطي، القطاع الغازي، قطاع المعادن، قطاع الطاقة، هذه الأمريكيون كانوا يرون فيها أنها قطاعات واعدة في اليمن وممكن يكون فيها نجاح كبير وفيها مصلحة للشركات الأمريكية أنها تستفيد بها وأنها تشتغل بها شغلاً مباشراً، مثلاً في الاستثمارات النفطية، مثلاً في إنتاج الغاز، استخراج المعادن النفيسة مثل الذهب، مثل الأحجار الكريمة والزجاج والحديد والنحاس، هذا يعني كانت من أهم الأشياء التي يسعى الأمريكيون أن يكون للشركات الأمريكية حظ ونصيب كبير بها، وخُصُوصاً قطاع الكهرباء”.
وفي ختام اعترافاته بهذا الشأن، يلفت الجاسوس الوزير إلى أن الأمريكيين كان لديهم “معلومات خَاصَّة عن اليمن، عن كُـلّ ما تملكه اليمن من إمْكَانات نفطية وغازية ومعدنية عبر هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية نفسها، هذه معلومات سرية ما يطلعُ عليها حتى اليمنيون، وتطلع عليها الحكومة الأمريكية وتطلع عليها الشركات التابعة لها”.