لا عزةَ لشعوب الأُمَّــة دون الانتصار لغزة
ق. حسين بن محمد المهدي
مما لا ريب فيه أن من صدَقَ مقالُه جَلَّ قدرُه وحَسُنَ ذكرُه ولم تزَلْ به إلى الحضيضِ قَدَمُه.
فمن نصح إخوانَه وجمع على الحق أنصارَه وأعوانَه كان ناصحًا أمينًا.
فمن نصح الناسَ اكتسب شكرَهم وناله الأجرُ والثواب.
ومن غشهم اجتلب شرهم، فأحسن الكلام ما زانه التمام وعرفه الخاص والعام وجاء مقتدياً بهدي النبي -عليه وآله أفضل الصلاة والسلام-.
الدين رزق، والوقار حلم، واليُمْن مع الإيمان، والنجاة في الصدق مع الرحمن، والعز والأُبهة والمجد مع طاعة الله والاتباع لرسوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً).
المسلمون جميعاً إخوة (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وفي الحديث (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه).
وهذا هو مقتضى الولاية التي تربط المسلمين بعضهم ببعض (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ).
إن القرآن الكريم قد صرح بوجوب نصرة أية جماعة مؤمنة تستنصر عامة المسلمين (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأموالهِمْ وَأنفسهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئك بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ).
إن من الواجب على المسلمين أن يعتبروا الاعتداء على غزة اعتداء على المسلمين جميعاً ويجب عليهم أن يقاتلوا الذين يذلون الشعب الفلسطيني المسلم وأن يرفعوا الظلم عنهم، فإن لم يفعلوا ذلك فَــإنَّهم لا يكونون آخذين بمبادئ الإسلام، ولا مطيعين لأوامر القرآن، ولا مقتدين بمنهج رسول الإسلام.
إن الجهاد فريضة على كُـلّ مسلم لا مناص منها ولا مفر معها (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شيئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شيئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
فالجهاد عزة، وَقوة، وفلاح ونصر، ولن يكون للمسلمين عزة إلا بالجهاد.
ولن يكون للمسلمين عزة وما زالت غزة تعاني من كبرياء اليهود وإفكهم وظلمهم، فالقرآن يناديكم (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ).
إن أَسَاس الروح العسكرية لرفع القوة المعنوية أمران: الطاعة والنظام، وقد جمعهما الله في كتابه، الطاعة في سورة محمد (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ، طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ).
أما توحيد الصفوف والنظام وحسن الإعداد لملاقاة الأعداء وَالعمل بما أرشد إليه القرآن فقد جاء في العديد من آيات القرآن ففي سورة الصف (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ).
فالنظام المتكامل وإعداد القوة في القرآن (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).
إن من أخلاق المسلمين التكاتف والتعاون والتناصر والتناصح اتباعاً لهدي النبي الكريم (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ).
فالأخذ بالأسباب سبيل النجاح، أما النصر فهو من عند الله، فإذا أراد غلب (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّـهِ).
فالأسباب الحسية ضرورية، وأن كان الله سبحانه وتعالى ينفذ بمشيئته نصره لمن أخذ بها معتمداً على الله ويميت الأعداء ويقتلهم (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى).
فإذا أردت الأُمَّــة الإسلامية العزة فلتتحد (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّـة واحِدَةً) (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
وليبتعد شعوب الأُمَّــة عن التنازع والاختلاف؛ لأَنَّ فيه الفشل والذلة (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
إذا أراد المسلمون العزة فلتكن يدهم واحدة، لتكون مشيئة الله معهم (وَعَلَى اللَّـهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
فلا تهولَنَّكم الصهيونيةُ فستهزم بإذن الله (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأحزاب قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً).
أما من يتخاذل عن نصرة غزة فسيصاب بالذلة والصغار، وتتبدل دولتهم وعزتهم، ويكون تثاقلهم عذاباً عليهم، هذا وعد الله (إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شيئاً وَاللَّهُ عَلى كُـلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
الشكر والثناء الجميل لقائد المسيرة القرآنية السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- وأنصار الله على نصرتهم لفلسطين وإعدادهم للقوة الرادعة؛ فالله سبحانه وتعالى يرفع من مكانتهم ويزيدهم قوة إلى قوتهم.
والشكر أَيْـضاً لأبناء فلسطين المجاهدين الثابتين في غزة وكلّ من نصرهم من أبناء الأُمَّــة الإسلامية وللمجاهدين البواسل من أبناء حزب الله في لبنان وفي الشعب العراقي الأبي الذين ينسقون مع أنصار الله في قتال اليهود الظالمين الضالين، والنصر بإذن الله حليفكم (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ).
والشكر إلى كُـلّ من خرج إلى الميادين مناصراً للشعب الفلسطيني فذلك جهاد في سبيل الله.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).