المقاومةُ تتفنَّنُ بنصب “كمائن الموت” ضد قوات الاحتلال في الشجاعيّة ورفح

المسيرة | حاص

تواصلُ فصائلُ الجهاد والمقاومة الفلسطينية خوضَها المعاركَ الشرسةَ وتنفيذَها الكمائنَ المتعدِّدةَ ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، عند محاور القتال والاشتباك كافة في قطاع غزة، وتركز قتالها في اليوم الـ267 من معركة (طوفان الأقصى) البطولية، في مدينة غزة، ولا سيما في “حي الشجاعية”، الذي تنوعت فيه “كمائنُ الموت” ضد قوات الاحتلال، وجرت في أزقته المدمّـرة معركة كبيرة، حصدت معها الخسائر في العديد والعتاد الصهيوني.

 

المرحلة الثالثة من الحرب الصهيونية: حي الشجاعية للمرة الثانية:

وفيما يبدو أنّه انتقال لمرحلة جديدة من الحرب ترتكز على عمليّات نوعيّة موضعيّة، شنّ جيش الكيان الصهيوني هجوماً عسكريًّا مباغتاً على “حي الشجاعية”، شرقي مدينة غزّة، بدأ بقصفٍ جوّي مكثّـف قبل أن يتحوّل إلى توغّلٍ بريّ للمدرّعات والجنود، أَدَّى إلى معاركَ عنيفة مع مجاهدي المقاومة استمرّت حتى وقت متأخّر من مساء الجمعة وصباح السبت.

وقبل أَيَّـام، سرّبت وسائل إعلام عبريّة معلوماتٍ بشأن نيّة وزير الحرب الصهيوني “يوآف غالانت” “إبلاغ الإدارة الأمريكيّة بقرب “انتقال الجيش الإسرائيلي للمرحلة الثالثة من الحرب التي يشنّها منذ الـ7 من أُكتوبر، مع قرب انتهاء الهجوم على رفح”، وتتضمّن المرحلة الجديدة “تخفيف العمليات العسكريّة والتحوّل إلى عمليات محدودة”.

ويرى خبراء عسكريون أنّ “العمليات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في الأيّام الأخيرة ليست عبثيّة، بل جرى التخطيط لها والتنسيق مع الأمريكي مسبقًا، وتزامنها مع الحديث عن الانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب يمنحنا صورة واضحة عن النمط الذي ستتخذه”، وهذه المرحلة ستكون عبارة عن “عمليّات مفاجئة وغارات سريعة تهدف بالأَسَاس إلى منع المقاومة من إعادة بناء قوّتها” في المناطق التي أعلنت “إسرائيل” سابقًا أنّها “قضت على كتائب حماس” فيها.

ويُذكر أنهُ وفي الأسابيع الأولى للهجوم البرّي الإسرائيلي على قطاع غزّة، اقتحم جنود من “لواء غولاني” و”الفيلق 188″ مدرع حي الشجاعية، وآنذاك، أعلن الجيش الصهيوني في نهاية العملية أنّه تمّ “تفكيك القدرات الأَسَاسية لحماس”.

لكن وبحسب المعطيات الميدانية فَــإنَّ كُـلّ منطقةٍ دخلت إليها القوات الصهيونية المتوغلة، وقالت إنّها “حسمت المعركة فيها”، لا يعني أنّها باتت خالية من المقاومة، التي اعترف الإسرائيليون أنفسهم بقدرتها الكبيرة على التجديد والعودة بسرعة للميدان، وحوّلت هذه الأحياء مجدّدًا إلى نقاط ارتكاز لمهاجمة جنود العدوّ، وبالتالي؛ ما يعني أنه لا بقاء لقوى الغزو داخل المناطق الفلسطينية لوقتٍ طويل؛ إذ ليس في مصلحتها التمركز والاستقرار في أماكنَ محدّدة حتى لا تتحول لأهداف سهلة للمجاهدين.

وفي هذا السياق، يؤكّـد مصدر في “حماس” أنّ المقاومة تتوقّع أن تستمرّ هذه المرحلة “لأشهر”، مُشيراً إلى أنّ الحرب تتحوّل إلى “عمليّة استنزاف وتسجيل نقاط في غزة وجنوب لبنان”.

ويضيف، أن “بنك الأهداف العسكريّة الإسرائيليّة في غزّة انتهى دون تحقيق انتصار فعلي، والآن ستتحوّل “إسرائيل” إلى تنفيذ عمليّات محدودة مثل التي رأيناها في الشجاعية، وغيرها من محاولات اغتيال لقادة ميدانيين”، وهذا الواقع “قد يستمرّ حتى التوصُّلِ إلى اتّفاقٍ شاملٍ مع “حماس” يُعِيدُ الأسرى ويُخرِجُ القوات الإسرائيليّة من غزّة ويوقفُ الحرب ويؤمِّنُ إعادة الإعمار وعودة السكان إلى منازلهم.

 

الموقفُ العملياتي للمقاومة في ساحات القتال الرئيسية:

بناء على البيانات ووقائع الأحداث التي جرت خلال الـ48 الساعة الماضية، يتضح أن محافظة “رفح”، بما في ذلك مخيم “يبنا” ومخيم “الشابورة” كانت المحور الرئيسي للقتال والعمليات العسكرية خلال هذه الفترة، وشهدت محافظة “رفح”، تركيزًا عاليًا للعمليات، حصدت أكبر عددٍ من عمليات القصف الصاروخي والمدفعي، واستهداف الدبابات والآليات العسكرية، وكذلك الاشتباكات المسلحة.

وتركزت عمليات المقاومة بشكلٍ خاص في، مخيم “الشابورة”، الذي شهد العديد من الاشتباكات المسلحة، وكمائن ناجحة أسفرت عن تدمير دبابات وآليات عسكرية وقتلى في صفوف جنود الاحتلال، كما شهد مخيم “يبنا”، قصفاً مكثّـفاً بصواريخ الهاون، وذلك بالتنسيق بين سرايا القدس وكتائب القسام، إلى جانب مناطق أُخرى، مثل “تل زعرب”، “الحي السعوديّ”، و”شارع البحر”، والتي شهدت بدورها قصفاً صاروخياً واشتباكات مسلحة.

وخلال الـ24 الساعة الماضية، شهدت محافظة غزة، تركيزًا عاليًا من عمليات المقاومة، مع تركيز ملحوظ على، حي الشجاعية، الذي شهد العديد من العمليات التي استهدفت الآليات العسكرية الإسرائيلية باستخدام العبوات الناسفة، وذلك بالتزامن مع اشتباكات مسلحة، وأنشطة محدودة في محافظات أُخرى.

في الإطار؛ وبالتزامن مع عمليات المقاومة، أقرّت وسائل إعلام إسرائيلية بأنّ مروحية عسكرية نقلت جنديَّينِ إسرائيليَّينِ من حي الشجاعية إلى أحد المستشفيات، كما تحدّثت عن مروحية أُخرى نقلت جندياً أُصيب في المعارك إلى مستشفى “بيلينسون”، ولاحقاً اعترفت وسائل إعلام إسرائيلية عقب ذلك بسقوط 4 قتلى في صفوف “الجيش” الإسرائيلي في الشجاعية.

وخاضت المقاومة الفلسطينية، السبت، معاركَ ضارية ونفذت العمليات ضد قوات الاحتلال في الشجاعية؛ إذ أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، خوضَها اشتباكاتٍ من المسافة صفر مع قوات الاحتلال، مؤكّـدةً إيقاع قتلى وجرحى في صفوفها، وهبوط الطيران المروحي؛ مِن أجلِ إجلائهم، وأضافت أنها دكّت تجمعاً لجنود الاحتلال وآلياته في شارع بغداد، في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، بقذائف “الهاون”.

بدورها، أعلنت سرايا القدس، الجناحُ العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، استهدافَها مركَزَ قيادة الاحتلال لعمليات التوغل في الشجاعية، وتجمعاً لآليات الاحتلال وجنوده المتمركزين هناك، وذلك بقذائف “الهاون” النظامي، وأكّـدت السرايا الإجهاز على قوةٍ للاحتلال، تمّ استدراجها إلى فوهة نفق داخل مبنى في الحي بعد تفخيخه بصاروخ طائرة “إف 16″، سبق أن أطلقه الاحتلال على الفلسطينيين، ولم ينفجر، مشيرةً إلى أنّ مهندسيها عملوا على إعادة استخدامه وتفعيله وتفجيره بالقوة.

وفي سياق التنسيق بين مختلف الفصائل، أعلنت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، خوض اشتباكات ضارية بالأسلحة المتنوعة مع قوات الاحتلال في الحي نفسه، وأعلنت كتائب المجاهدين تفجير عبوة مضادة للدروع في دبابة للاحتلال وإصابتها مع طاقمها، بصورة مباشرة في محور صد التقدم في الشجاعية، كما أعلنت دكّها مقر قيادة الاحتلال لفرقة غزة في “ريعيم “، وذلك برشقة صاروخية، موثقة ذلك في مقاطع مصورة.

كتائب شهداء الأقصى، أكّـدت بدورها استهداف تحشدات قوات الاحتلال في محور وسط رفح، برشقة صاروخية وقذائف “الهاون” من العيار الثقيل، ونشرت مشاهد توثّق استهدافها القوات الإسرائيلية في محور شرقي رفح، برشقة صاروخية من نوع “107” وقذائف “الهاون” من العيار الثقيل.

 

القسَّامُ لجيش الاحتلال: لن تجدوا سوى كمائن الموت

لا تزال المقاومة الفلسطينية تركز على الكمائن والاشتباكات المباشرة، حَيثُ اعتمدت في “رفح”، وحَـاليًّا في “الشجاعية” على تكتيك الكر والفر، وذلك من خلال نصب العديد من الكمائن لقوات الاحتلال المتوغلة في المناطق المدمّـرة، واستخدام العبوات الناسفة والأسلحة الموجهة والقذائف لتكبيدها أكبر قدر من الخسائر، ويشير تركيز العمليات في الشجاعية، إلى استغلال فصائل المقاومة للمناطق المبنية التي تعطيها ميزة الرؤيا والتغطية لمفاجأة قوات العدوّ.

ويمكن فهم تكتيكات فصائل المقاومة؛ ما يؤكّـد أن لكل فصيل من فصائلها له تكتيكاتِه ودورَه الخاصَّ بخطط التصدي للعدو؛ الأمر الذي ينعكسُ على نوعية وتوزيع العمليات التي نفذتها وتنفذها فصائل الجهاد والمقاومة في كُـلّ منطقة.

في الأثناء؛ بثت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مقطعًا مصوَّرًا بعنوان “كمائن الموت” تضمن مشاهد من كمائنَ سابقة أوقعت فيها جيشَ الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة منذ 7 أُكتوبر الماضي، وأظهرت المشاهد نماذج متعددة من الكمائن التي نفذتها القسام، ومنها كمين “الشابورة” المركَّب برفح الذي نفذ منذ أسبوع، أجهزت فيه على جنود للاحتلال من المسافة صفر.

كما تضمّن المقطع لقطات رصد لجنود جيش الاحتلال خلال استدراجهم إلى كمائنَ مختلفة ومشاهد تفجير دبابات وناقلات جند وجرافات وكذلك قنص جنود، إضافة إلى مشاهد بقايا أسلحة وعتاد تم الاستيلاء عليها عقب تنفيذ عدد من تلك الكمائن.

وفي نهاية المقطع ظهرت صورة الناطق باسم القسام أبو عبيدة وإلى جواره عبارة: “لن يجد جيش الاحتلال سوى كمائن الموت في أية بقعة من أرضنا بعون الله”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com