مديرُ مكتب الإرشاد بأمانة العاصمة الدكتور قيس الطل في حوار لصحيفة “المسيرة”: الشعبُ اليمني وهو في إطار ولاية الله يتميَّزُ بمواقفه العظيمة مع القضية الفلسطينية

المسيرة| حاوره أيمن قائد

قال مديرُ مكتب الإرشاد بأمانة العاصمة الدكتور قيس الطل: “إنّ مبدأ الولاية الإلهية يمثل الضمان الوحيد لإنقاذ الإنسان والأمَّة من المخاطر، موضحًا أنّ هذا المبدأ يجعل من الأُمَّــة حرةً مستقلةً، ويتحقّق لها الإنجازات والانتصارات في واقعها”.

وأشَارَ الطل في حوار لصحيفة “المسيرة” إلى مساعي اليهود المُستمرّة في فصل الأُمَّــة عن مصادر الهداية لتصبحَ ضحيةً لهم لاستغلالهم وإذلالهم، معتبرًا أنّ غياب مبدأ الولاية الإلهية هو ما جعل الكثير من الدول العربية والإسلامية تتجه إلى التطبيع مع كيان العدوّ الصهيوني.

وذكر أنّ الشعب اليمني وهو في إطار ولاية الله يتميز بمواقفَ عظيمة مع القضية الفلسطينية وهو ما جعله قوةً يحسب لها الأعداء ألفَ حساب، داعياً كافة أبناء الأُمَّــة إلى العودة الجادة لمصادر القوة والعزة ليتسنى لها تحقيق الانتصارات والغلبة على مؤامرات الأعداء ومواجهة التحديات.

إلى نص الحوار:

 

– ما هي دلالاتُ إحياء يوم الولاية؟ وما الأثر الذي يتركه هذا اليوم في نفوس المؤمنين؟

إنّ إحياءَنا لهذه المناسبة العظيمة له عدةُ دلالاتٍ، منها الاعترافُ بكمال الدين وإتمامُ النعمة والحمد والشكر لله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” على إكمال الدين وعلى إتمام النعمة، كذلك إحياؤنا لهذه المناسبة هو من باب تقديمِ الشهادة لرسول الله -صَلَوَاتُ الله وسلامُه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ- أنه قد بلَّغ ما أمَرَه اللهُ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وكذلك القيام بمسؤوليتنا في إيصال هذا البلاغ الهام للأجيال كما أمر النبي -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ- عندما قال في نهاية هذا الحديث: “ألَّا فليُبَلِّغِ الشاهدُ منكم الغائب”.

كما أنّ إحياءَنا لهذه المناسبة العظيمة هو تجديدُ الولاء للإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-، وإجابةٌ لكلام النبي -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ- عندما قال: “فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه”، ونحن بتلك الحشود اليمانية الهائلة نقول لرسول الله -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ-: نحن يا رسولَ الله قد تولينا الله وتوليناك وتولينا من أمرتنا بتوليه وهو أمير المؤمنين الإمَـام عَلِـيٌّ بن أبي طالب -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ-.

كما أننا عندما نحيي هذه الفعالية المهمة وهذه الذكرى العظيمة إنما نعلنُ للعالم أننا في خطِّ الولاية الإلهية ولن نكونَ أبداً في خط الولاية الشيطانية وولاية الطاغوت، بل إننا نعلنُ براءتَنا من هذا الخط ومن يسير فيه من الطواغيت واليهود والنصارى والمنافقين.

 

– هل هناك علاقةٌ وارتباطٌ بين مواقف الإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- البطولية مع الرسول الأعظم -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ- في الغزوات، وبين ما تحقّقه القواتُ المسلحة اليمنية من عمليات نصرة للمستضعفين من أبناء غزة؟ وكيف؟

طبعاً، عندما نحيي ذكرى الولاية ولايةَ الإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- فنحن ندرك جيِّدًا أنها ولايةٌ عملية؛ فالإمَـامُ عَلِـيٌّ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- كان رَجُلَ الإسلام الأولَ بعد رسول الله -صلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آله-، وكان هو المجاهِدَ والمتفانيَ والعالِـمَ والعابدَ والزاهدَ والبطلَ والشجاع والمقدام والرحيم بالأمة والذي قدّم النموذجَ الأرقى وقدّم الشاهدَ الأعظمَ على عظمة دين الله وعلى عظمة رسول الله -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ-.

ولهذا فنحن عندما نعلنُ ولاءَنا للإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- فنحن ندركُ أنه لا بُـدَّ أن نسيرَ في خط الإمَـام عَلِـيٍّ وأن نجاهد كما جاهد الإمَـامُ عَلِـيٌّ وأن نضحِّي كما ضحى وأن نصبِرَ كما صبر ونتفانى في سبيل الله كما تفانى؛ ولذلك فقد كانت مواقفُ الشعب اليمني هي المواقف المتميزة والمواقف الأقوى تجاه القضية الفلسطينية ونصرة أطفال ونساء غزة، وفي مواجهة قوى محور الشر واللوبي الصهيوني وأذرعة أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا، وقد شاهد العالَمُ الجرأةَ اليمانيةَ والشجاعة الحيدرية في قصفنا لسفن وبوارج أمريكا وبريطانيا واستهدافنا للأماكن الحساسة للعدو الصهيوني في فلسطين المحتلّة، وحصارنا لهذا الكيان الغاصب وإطباق الحصار عليه من البحر الأحمر إلى البحر العربي إلى المحيط الهندي وإلى البحر الأبيض المتوسط، كذلك استهدافنا وملاحقتنا لحاملة الطائرات الأمريكية “آيزنهاور” والتي هربت من الصواريخ والطائرات اليمنية، وقد شاهد العالم كذلك التفاعل الشعبي المنقطع النظير مع الشعب الفلسطيني في الفعاليات الشعبيّة المختلفة والتي تجاوزت نصف مليون فعالية، سواءً ندوات أَو محاضرات أَو وقفات وما إلى ذلك، وقد شاهد الجميع الروحية الجهادية العالية لدى شعبنا اليمني العظيم من خلال تخرج مئات الآلاف من الرجال من دورات (طوفان الأقصى)، كُـلّ هذا وغيره ما كان ليكون لولا دخولُنا في إطار الولاية الإلهية من خلال تولينا للإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-.

 

– نحن نعيش في زمن يندفع فيه معظمُ العرب والمسلمين لتقديم الولاء للعدو الأمريكي والإسرائيلي، ومحاربة كُـلّ من يتجه بالولاء لله ورسوله والمؤمنين؛ ما تعليقكم على ذلك!!!

غيابُ مبدأ الولاية الإلهية هو الذي جعل الكثيرَ من الدول العربية والإسلامية تتجه إلى التطبيع مع كيان العدوّ الصهيوني والتنكر للقضية الفلسطينية؛ ولهذا يسعى اليهود دائماً إلى فصلنا عن الولاية الإلهية وعن مصادر الهداية وفصلنا عن القرآن الكريم كمنهج وفصلنا عن رسول الله والإمَـام عَلِـيٍّ وأعلام الهدى كقادة وقُدوة؛ حتى تصبح هذه الأُمَّــة ضحيةً لهم وتتجه لإعلان ولايتهم فيتجهون إلى استغلالها واستعبادِها وإذلالها، ويتجهون إلى إفسادها وتضليلها.

ولو أن مبدأ الولاية الإلهية كان موجوداً في وسط هذه الأُمَّــة في وسائل إعلامها وفي قنواتها وفي منابرها وفي مناهجها في مدارسها وجامعاتها، لو رُسِّخَ هذا المبدأُ المهم في أجيالها لصَنَعَ من هذه الأُمَّــة أُمَّـةً حرةً مستقلة تعتز بربها ودينها وأعلامها وتبني واقعها وتبني حضارتها وتحمي بلادها ومقدساتها وتحقّق الإنجازات والانتصارات في واقعها.

 

– سعت الوهَّـابية وأتباعُها إلى طمس مناسبة عيد الغدير “يوم الولاية”؛ برأيكم ما أهدافهم من وراء ذلك!!!، وكيف نحيي هذا اليوم العظيم من وجهة نظركم؟

الوهَّـابية هي جندي اليهودية، وكلّ ما تتحَرّك فيه الوهَّـابية إنما هو يصب في خدمة المشروع الصهيوني اليهودي ولكن تحت عباءة الدين؛ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ).

وتهدف الوهَّـابية من خلال فتاواها الخبيثة وذكرها الخبيث وأعمالها الإجرامية إلى فصل الأُمَّــة عن منهجها وعن قادتها، فهي تعمل على فصل الأُمَّــة عن القرآن الكريم بإيجاد البدائل الكثيرة من الكتب والمؤلفات وتقديمها ككتب مقدسة للأُمَّـة ولكنها مليئة بالضلال وتمجيد المضلين.

كما تعمل الوهَّـابية على فصل الأُمَّــة عن نبيها من خلال الكثير من الفتاوى التي تجعل علاقة الإنسان المسلم برسول الله -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ- علاقة جافة وسطحية بل وَتقدم النبي -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ- في صورة مشوَّهةٍ وقاصرة، الهدفُ منها استهدافُ عظمةِ رسول الله في قلوب الناس وفي مشاعرهم؛ حتى ينفصلوا عنه في واقعهم وأعمالهم.

أما بالنسبة للإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- ولأعلام الهدى من أهل البيت؛ فالوهَّـابية يرون أن من يرتبط بهم هو عبارة عن رافضي ومجوسي وكافر ومرتد وما إلى ذلك من المصطلحات التي نسمعها دائماً من الوهَّـابيين التكفيريين، كُـلّ هذا يهدف إلى فصل الأُمَّــة عن مصادر عزتها وعن مصادر هدايتها حتى تصبح ضحية لليهود ولقمة سائغة للصهيونية العالمية.

وفي المقابل يجب علينا أن نعملَ على ربط الأُمَّــة بمصادره هدايتها وعزتها وأن نحيي في الأُمَّــة هذه المناسبات التي لها علاقةٌ بأعلام الهدى وأن نرسخ هذه الثقافة في أجيالنا وبكل الوسائل التثقيفية والتعليمية والإعلامية وغيرها، وهذا يعتبر من أهم وأقدس الأعمال التي نتقرب بها إلى الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”.

 

– نعم بالفعل.. وكيف تنظرون إلى الفئات أَو الجماعات التي هي بعيدة عن إطار ومبدأ ولاية الله ورسوله والمؤمنين؟ وما الأثر الذي يتركه مبدأ الولاية في مواجهة قوى الظلم والاستكبار والطغيان؟

الموضوعُ هو ولايةُ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ومبدأُ الولاية الإلهية هو أهمُّ مبدأ في دين الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وعندما نتحدث عن ولاية الإمَـام عَلِـيٍّ وأعلام الهدى إنما كامتداد لولايةِ رسول الله -صلواتُ الله عليه وآله- الذي هو يمثل الامتدادَ الوحيدَ لولاية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وبهذا ندخل في إطار الولاية الإلهية ونخرُجُ من الولاية الشيطانية، ومن ينفصل عن أعلام الهدى ويعاديهم فَــإنَّما هو يدخل في إطار ولاية الشيطان وولاية الطاغوت؛ لأَنَّه لا يوجد مكان آخر فإما أن تكون في إطار ولاية الله أَو ستكون بالتأكيد في ولاية الشيطان، وللإنسان أن يضعَ نفسَه أينما يشاء.

فولايةُ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” هي تخرجنا من الظلمات إلى النور ومن الذل إلى العز ومن المهانة إلى الكرامة، بينما ولاية الشيطان هي تخرِجُ الناسَ من النور إلى الظلمات ومن العز إلى الذل ومن الكرامة إلى المهانة، ونحن نرى اليوم أمريكا طاغوت هذا العصر كيف تدفعُ الناسَ والبشرية إلى الانحطاط الأخلاقي وتفرض الشذوذ والجريمة المثلية وتنشر الكفر والشرك والإلحاد، وليس أمام الإنسان إلا العودة إلى ولاية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” لينقذ نفسه من هذه المخاطر الخطيرة جِـدًّا على دينه ودنياه وأخرته.

 

– ماذا عن علاقة اليمنيين بالإمَـام عَلِـيٍّ وأهل البيت -عَلَيْـهِمُ السَّـلَامُ-؟

يتميز الشعب اليمني بعلاقته المتميزة والقوية برسول الله وبالإمَـام عَلِـيٍّ وأهل البيت عليهم السلام، ويعبرون عن هذه العلاقة المتميزة من خلال الفعاليات والمهرجانات الشعبيّة والتي ليس لها مثيل في هذا العالم؛ وعلى سبيل المثال مناسبة المولد النبوي الشريف ومناسبة عيد الغدير والهُــوِيَّة الإيمانية وغيرها من الفعاليات والمناسبات الكثيرة والمرتبطة بأعلام الهدى، والتي تعكس الارتباط الإيماني والوجداني بأعلام الهدى لدى أبناء شعبنا اليمني المؤمن العظيم، ولا غرابة في ذلك.

فالشعب اليمني هو شعب الإيمان والحكمة كما ورد عن النبي -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- وأهل البيت -عليهم السلام- لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق؛ ولذلك كان من الطبيعي أن نجد الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه يحب أهل البيت ويتولى أهل البيت ومتشيعًا في أهل البيت ولم تؤثر فيه المحاولات الوهَّـابية التكفيرية البائسة لفصله عن أهل البيت عليهم السلام، بل ازداد لهم حباً وازداد فيهم تشيعاً وولاء، وهذا فضلٌ من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” على هذا الشعب العظيم.

 

– ونحن في هذه المناسبة العظيمة، ما رسالتكم لأبناء الأُمَّــة الإسلامية عُمُـومًا وللشعب اليمني على وجه الخصوص؟

نصيحتي ووصيتي للشعب اليمني وللأمة العربية والإسلامية أنه لا مجال لنا ونحن نواجه طواغيت الأرض ومحور الشر واللوبي الصهيوني إلا العودة إلى ولاية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ولن تتحقّقَ لنا ولايةُ الله إلا بولاية رسوله -صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ-، ولن يتحقّقَ لنا ولاية رسوله إلا بولاية الإمَـام عَلِـيٍّ -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-.

وبالتالي لن تتحقّق لنا ولاية الإمَـام عَلِـيٍّ إلا بولاية أعلام الهدى، وفي زمننا وعصرنا سيدي ومولاي عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي اصطفاه الله واختاره لنا في هذا الزمن ليكون إمامَ عصرنا وعَلَمَ زماننا، وقد رأينا فيه شجاعةَ الإمَـام عَلِـيٍّ وإقدامَ الإمَـام عَلِـيٍّ وصدقَ الإمَـام عَلِـيٍّ وإخلاصَ الإمَـام عَلِـيٍّ ورحمةَ الإمَـام عَلِـيٍّ وعِلمَ الإمَـام عَلِـيٍّ وأخلاقَ الإمَـام عَلِـيٍّ وقِيَمَ الإمَـام عَلِـيٍّ؛ وما علينا إلا التسليمُ لأمره والطاعة لتوجيهاته والتولي الصادق والعملي له؛ حتى ندخل في إطار ولاية الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” فننال رعاية الله وهداه ورحمته وتوفيقه.

وكلما ذُبْنَا في هذه الولاية كلما منّ الله علينا من تأييده ونصره، وحقّق على أيدينا وعودَه للمؤمنين ونصرَه للمستضعفين؛ فنسأل اللهَ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” أن يحفظَه بحفظه، وأن يرعاه برعايته، وأن يؤيِّدَه بتأييده، وأن يجعلَنا من خِيرة أعوانه ورجاله وأنصاره، وصلى الله وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آله الطاهرين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com