وعدُ الله وعبادُ الرحمن
ونيسة أحمد مقبل
جرت العادة لدى العرب منذ القدم على أنّ القائد أَو الشيخ أَو زعيم القبيلة يعطي الراية بعده لأفضل أولاده فإن لم يكن لديه أولاد يعطيها لأخيه، المهم أن يكون أفضل القوم فروسية وخُلقُاً حتى يكون حامل وحامي الراية.
والرسول الكريم “عليه وعلى آله الصلاة والسلام” ليس له أولاد فقد شاءت قدرة الله عز وجل أن يموت أولاده أطفالاً لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى.
وشاء الله أن يهيئ الإمامَ عليًّا -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- لحمل راية الإسلام وذلك بأن جعل تربية الإمام علي كانت في كنف خير خلق الله وخير من داس على الثرى (محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فارتوى الوصي من أخلاق النبي الخاتم “عليه أفضل الصلوات والتسليم وعلى آله”.
وأخذ تعاليم الدين الحنيف من سيد الخلق -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- حتى قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها).
وسبحان الله الذي أمره بين كاف ونون، رتب أقداره كعادة العرب حتى لا يكون للناس حجّـة على رسوله، بحيث لم يكن للرسول الكريم أولاد وكان الإمام علي بن أبي طالب -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- هو ابن عمه في القرابة وابنه بالتربية وزوج البتول قرة عين الرسول، سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت محمد (حبيب الله وخاتم خلقه) عليهم صلوات الله وسلامه، وَأخوه حين آخى بين المهاجرين والأنصار؛ فحاز (الإمام الوصي) كُـلّ رتب الشرف والعلاقة مع الله ورسوله فكان الوحيد الذي يستحق شرف الإمامة والخلافة بالعلم والإيمان والأخلاق أمام الله وفي قرابته بالرسول الكريم أمام الناس فنزل أمر الله للرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وَسَلَّـمَ- الأمر بإعلان ولاية الإمام علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- في حجّـة الوداع فقال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
1- وقال تعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).
2- وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا).
وكأن الله سبحانه وتعالى في الآية الثانية يجيب على طلب الرسول الكريم في الآية الأولى وضمن محبة المؤمنين والصالحين في قلوب الناس مهما طال الزمن؛ لأَنَّهم عباد الرحمن الذي أحبهم فجعل حبهم من محبته سبحانه وتعالى.
وهذا الحاصل اليوم وبعد 1400 عام نرى المسلمين في كُـلّ مكان يحتفلون بعيد الغدير ويجددون العهد والولاية للإمام علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- وهذا بفضل الله سبحانه وتعالى، الذي أرسل لنا الإسلام نعمة وهدى ونوراً وَحفظ دينه وأتم نوره رغماً عن المشركين والمخربين الذين طالما حاولوا تحريف الدين وتشويه الإسلام.
وذلك على يد جنوده في أرضه، حَيثُ أرسل الله عباداً وجعل تعميد الأسس ونشر الثقافة القرآنية الصحيحة على أيديهم، فسلام على أُولئك الجنود في كُـلّ بقاع الأرض، والحمد لله الذي جعل قائد ثورتنا السيد عبد الملك بدر الدين، من عباد الرحمن الذين إذَا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا.