أيها المسلمون تذكّروا واذكروا أنكم ستقفون بين يدي الله

العلامة/ محمد محمد المطاع

أرجو من القراء أن تتوسع صدروهم؛ لأَنَّ المقال فيه عدة رسائل والكاتب لها داخل في عموم كلامه غير مستثنى من الأخذ بهذه الرسائل.

إن ما حدث ولا زال يحدث من مجازر ومذابح في فلسطين وغزة بالذات وتفرج المسلمين على هذه المذابح التي تهز الجبال لو كانت تنطق، وما حدث مع فلسطين منذ أكثر من سبعين عاماً من اليهود الغاصبين المتوحشين الطغاة الظالمين والقتلة جعلتني أصرخ وأدعو المسلمين إلى أن يتحملوا واجباتهم ومسؤولياتهم؛ لأَنَّ مسؤوليتهم أمام الله كبيرة وعظيمة، وسوف يندمون، حَيثُ لا ينفع الندم.

وإذا كان منهم قلة صغيرة مؤمنة أَدَّت واجبها ولا تزال، هذا إن دل على شيء فَــإنَّما يدل على أن الإيمان قد تغلغل في قلوبهم وفي أعماقهم وذكروا وتذكّروا أنهم أمام مسؤولية قد أحاطت بهم وهم في الصراط المستقيم منذ نعومة أظفارهم، ونصرة المظلوم من أوجب واجباتهم، ودفع الظلم والبغي والعدوان هو نهجهم.

وقد كانت اليمن بقيادتها الشجاعة، وحزب الله في المقدمة فلم تكن دعوة رسول الله لليمن والشام بالبركة من فراغ، ولم يكن امتناعه عن الدعاء لنجد بالبركة من فراغ، بل لعلم علمه الله بأنها ستكون قرن الشيطان في تلك المرحلة وهذه المرحلة، قرن لرأس الشر والتطبيع مع اليهود.

وإني وإن كانت شمسي قد غربت ومعيني قد نضب وأصبح نظري إلى القبر أقرب منه إلى غيره إلا أني أخاف الله أن يسألني لماذا لا تذكر وتذكر ما ورد في القرآن العظيم! واقرأ سورة القمر تجد فيها من التخويف ما يهز عرش الرحمن.

الآية الأولى (15) قال تعالى فيها: (وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) في قضية نبي الله نوح -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- وما حدث لقومه من العقوبة لجحودهم وظلمهم، وما أنجاه الله وأهله ومن معه من المؤمنين إلا ابنه الذي قال الله عنه رداً لنبي الله نوح -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) وفي هذا عبرة لمن اعتبر، فاللُّحُوقُ بالآباء الصالحين لا يكون إلا لمن صَلحَ من الأبناء وعلى الأبناء أن ينتبهوا أين يضعون أقدامهم، والأربع الآيات الأخرى رقم (17) (22) (32) (40) بصيغة واحدة بقوله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) والتكرار نفسه يهز مشاعر المؤمنين ويجعلهم يتذكروا ويذكروا ويعلموا علم اليقين أن الأمر جد، وعلى العالم الإسلامي أن يذكر ويتذكر ويعملوا وإلا فقد أحاطت بهم خطيئتهم، ولله در من تذكر وعمل بما يرضي الله ورسوله، وطوبى لهم فقد كانوا عند حسن ظن الله بهم، وقد برز منهم في فلسطين وفي غزة بالذات ما يدل على توفيقهم وتذكرهم وقيامهم بواجبهم.

والآية السادسة في التذكير برقم (51) ونصها في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) المشاركون في الشرك والكفر والبغي لن ينجو أَو يفلت من عذاب الله أحد منهم، ومن سلك مسلكهم (فهل من مدكر)؟

وبقدر المكانة والإجلال والتقدير والاحترام للمؤمنين الذين يقومون بواجبهم فَــإنَّ عليهم أن يذكروا دائماً وأبداً أن الزلة التي تحدث منهم عن عمد أَو جهل، يجب أن يتنبهوا دائماً وأبداً ويكونوا على حذر فقد تجد مؤمنين في مستوى واحد من الإيمان وطموحهما وتفانيهما في رضا الله وفي دخول الجنة، وقد تجد من الفتور في أحدهما دون مبرّر، وقد يقع في خطأ خفيف.

فيجب على كُـلّ مؤمن أن يحسن الظن بأخيه المؤمن لكي لا يحصل شرخ بينهم ولا يتسرع فيما تحدث به نفسه من الوهم، والتوهم، والظنون المكذوبة.

وكم هي الآيات القرآنية التي حذرت النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- وهو رسول الله، اختصه الله من بين البشر (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ) وكم هي الآيات الكثيرة في هذا الموضوع.

فيجب ألا يعتقد المؤمن أنه منزه عن الخطأ وأنه لا ينطق عن الهوى؛ فالذي لا ينطق عن الهوى هو القرآن والنبي الكريم، والعصمة خَاصَّة بالأنبياء والكمال المطلق لا يكون إلا لله، والنقص والضعف ملازم لكل إنسان مهما كان ذكاؤه ونبوغه،

وعلى كُـلّ مؤمن أن يظل دائماً وأبداً في خندق واحد وهو رضا الله، وفي عصرنا هذا في خندق الجهاد وهو أفضل الخنادق.

وعلى المؤمن أن يحاول قدر الإمْكَان أن يضم إليه أكثر المؤمنين الصادقين وَمن العلماء العاملين، وسوء الظن والوسوسة وحديث النفس المباين لأخلاق المؤمن يجب أن يضعها المؤمن تحت قدمه وإلا سوف يغرد وحده خارج السرب، ويتذكر قول الله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ؛ إذ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، والمتلقيان هما الملكان في اليمين والشمال يسجلان كُـلّ صغيرة وكبيرة على الإنسان.

وأنا لا أتفق مع كُـلّ مؤمن يتهم أخاه المؤمن بشيء لا أصل له في الواقع، وأنا أشفق عليه أن يقع في خطأ وهو مؤمن.

فسلام على المؤمنين الذين استشهدوا في سبيل الله وصاروا ضيوفاً عند أرحم الراحمين، وكم هو واجب رعاية عوائلهم، وهنيئاً لمن كان حياً وهو مؤمن ومجاهد يدافع عن الدين والوطن وعن المظلومين وحياته كلها خير وبركة.

وأتمنى أن يكون قائد اليمن الولد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- هو من أشرنا إليه من النبل والفضيلة واسأل الله أن يهدي المسلمين إلى أن يقوموا بواجبهم؛ فقد شرفهم الله بالإسلام ونبي الإسلام وبالقرآن العظيم وإلا فيا حسرتاه عليهم.

وتحية للمقاومة التي قاومت الطغيان والبغي والعدوان، وتحية للعاملين في التصنيع العسكري والجوي الذين رفعوا شأن اليمن وأسمعوا صوته في أنحاء العالم بعد أن كان نسياً منسياً، والفضل في ذلك كله للعاملين عليها وللقيادة الشجاعة.

نأمل من أصحاب الأموال والتجار أن يدعموا هذه الصناعة، ألا يبخلوا على أموالهم فتكون عليهم حسرة.

وشكراً وتقديراً واحتراماً للقوات البحرية التي قصمت ظهر البغي والعدوان، ولقد أنصفهم القائد العظيم بقوله: أنتم تاج على رأسي ونفسي لكم الفداء.

وأما الذين يقولون ولا يعملون فقد خابت آمالهم، وَالعصر عصر عمل لا عصر قال ويقول.

انظروا إلى قائد اليمن لم يقل شيئاً إلا وقد سبق فعله قوله أَو يتبع فعله قوله، ويعجبني أبو عصام الذي يعمل بصمت فلله دره، ولا يعجبني من أنصار الله أَو غيرهم من يساند الباطل ويتجاهل الفضلاء الذين لا يتسرب إليهم الشك.

والعاقبة للمتقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com