خياراتُ التحالف المهزومة
محمد يحيى الضلعي
منذ الوهلة الأولى عندما شعرت المنطقةُ باستقلالية قرار صنعاء وخروجه من تحت الوصاية، بدأت التحَرّكات لكسر شموخ وعنفوان صنعاء، محاولة إرجاعها إلى تحت الوصاية كما كانت عقودًا من الزمن قبل ذلك، ليضع تحالف العدوان بتوجيهات أمريكية غربية العديد من الخيارات والتوجّـهات التي رأوا حينها في جدوى تلك الخيارات لإخضاع صنعاء وعودتها لحاضنة الارتهان ومصادرة القرار.
ومن ذلك المنطلق ذهب التحالف للضغط على صنعاء بكل الوسائل، فمن البديهي أن يبدأ أي ضغط بخيار التهديد أَو قطع التمويل أَو أشياء أُخرى يستند إليها، وعاشت السعوديّة بالخصوص على الوهم الذي جعلها بمستنقع اليمن والذي لا يمكن أن ينسى اليمنيون جرائمها جيلاً بعد جيل، ومن غباء المملكة أنها باستهتار تام استخدمت الخيار العسكري قبل كُـلّ شيء لجهلها المطبق ولكبريائها المفرط أنها ستحتل اليمن في أسابيع وتصنع القرار في صنعاء حسب كيفها ووفق طلب واليها أمريكا و”إسرائيل” فحين وقعت مُرِّغت في التراب؛ فقامرت وجلبت المرتزِقة من دول عدة يقاتلون إلى جانبها ولم تسلم هي حتى تبخر الحلم عن صنعاء والوصول إليها لتجند الآلاف من المرتزِقة اليمنيين للدفاع عن حدودها وفوق كُـلّ هذا لم تسلم حدودها ولا مواقعها.
وحين أعلن اليمنيون عن بنك الأهداف للقوة الصاروخية أخذت المملكة نصيبها وبقيق وأرامكو ومطار أبها وغيرها شاهدة على ذلك، حينها أفاقت الجارة الشريرة عن غفلتها وندمت إلى داخلها عن فعلتها، بل وأيقنت أنها بلعت الطعم وأن من باع وطنه لغيره لا يمكن أن يكون ذا فائدة.
وجاء التحالف على استحياء لمسقط وصنعاء مستنجداً بالسلام في ظاهره لأجل اليمن واليمنيين وفي باطنه نعرفه جميعاً، نحن والتحالف وحتى العالم يعرف لماذا تبحث السعوديّة عن السلام فجاءت في حينها مسمى الهدنة ليستغلها ويناور عليها التحالف ليبقى فيها ويماطل في حقوق تلك الهدنة وحقوق شعب وتعويض لا يمكن أن يعوض، ولكن من باب وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله، فما زال اليمنيون من تلك الفترة في إقامة الحجّـة عن عبث تم وعبث يتم الآن من قبل الأتباع في حرب اقتصادية عبثية استفزازية بإيحاء قذر وبحرب باردة من تحالف عاجز لمرتزِق رخيص، الهدف منه إشعال حرباً أهلية لكي ننتقل من مربع دفع الرواتب ودفع تعويضات الحرب من المملكة وأخواتها إلى طحن اليمنيين أنفسهم بأنفسهم.
وهذه الأهداف المرسومة تأتي من الغرب قبل العربان نصرة لإسرائيل وخذلاناً لغزة، وواقعنا يشهد ويؤكّـد مضمون الكلام أنه تم تحريك كَثيراً من الأتباع في بنك عدن وغيره في هذا التوقيت بعد أن عجزوا عن إقناع صنعاء بإيقاف ضربات البحر الأحمر والعربي وحتى المتوسط والمحيط وضربات موجعة يئن منها كُـلّ عدو، والله المستعان.
يحاول التحالف اليوم عبر مرتزِقته أن يركع صنعاء من خلال قرارات البنك التي تحارب الشعب اليمني مستغلاً اعتراف أُولئك به كونه تابعاً لهم، فسعى لتدمير الاقتصاد وضرب البنوك والتهديد بتدمير العملة الوطنية، في انسلاخ كامل من قبل المرتزِقة عن وطنيتهم وحبهم لهذا البلد، وأتبعوا ذلك بإغلاق مطار صنعاء الدولي في حصار مقيت لأغلبية الشعب.
يعتقد التحالف ومرتزِقته أن خيارات صنعاء لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية منعدمة، وأن صنعاء ستقف تستجدي باب أروقة التحالف طلبًا للرحمة، متجاهلًا عنفوانَ وكبرياء وقوة وعظمة صنعاء التي كسرت أمريكا في البحار والمحيطات وأركعت كُـلّ عدو لها.
لن تقف صنعاء مكتوفة الأيدي، وفي الكف خيارات موجعة للتحالف ومرتزِقته، فلن يموت ثلاثين مليون يمني ووطني في المحافظات المحرّرة؛ بسَببِ قرار من مرتزِق لا يقدم ولا يؤخر، وعليكم أن تقرؤوا التاريخ القريب جيِّدًا، فمن لم يساعده تحالف العالم لينتصر عسكريًّا، لن يفيده اعترافه لينتصر اقتصاديًّا، ومن كسب معركة البارود أجدر به أن يكسب الرهان في مختلف المجالات والشواهد كثيرة، والأيّام القادمة ستثبت ذلك، والله على ما نقول شهيـد.