الإنذارُ الأخيرُ لقوى العدوان
نبيل بن جبل
الحربُ على اليمن من بدايتها صهيونية أمريكية المنشأ والأهداف والمصلحة والإدارة والقرار، النظامُ السعوديّ بقيادته لتحالف الحرب يؤدِّي دوراً وظيفياً لا أكثرَ.
ومن الواضح أنه لم يستفد بعدُ من فشله الكبير خلال السنوات الماضية، وما يزال يصدِّقُ مقنِعاً نفسَه أن باستطاعة أمريكا حمايتَه وهي التي تبحثُ عمن يحميها من بأس اليمانيين في البحار اليمنية، ويعتقدُ وسيداه الأمريكي والبريطاني أن بوسعهم فرضَ إرادتهم على شعب اليمن العظيم صاحب الحضارة التاريخية العريقة، ورجاله المؤمنين أصحاب الهُــوِيَّة الإيمانية والعقيدة القتالية والمعنوية العالية، والشجاعة الفريدة والعروبة الأصلية والحقيقية، والإرادَة القوية التي تحطمت أمامها أعتى الإمبراطوريات حتى عُرفت أرضها تاريخيًّا بـ “مقبرة الغزاة ومحطمة الطغاة”، من خلال تصعيد الحرب الاقتصادية على صنعاء، وأن ذلك التصعيد سيحدُّ من قدراتها العسكرية ويسهّل لهم من بعدها اجتثاثَ أنصار الله، حسب زعمهم، وإعادة هيمنتهم ووصايتهم عبر مرتزِقتهم المأجورين المحسوبين (زوراً) على البلد، وسيبقون جاثمين وإلى أبد الآبدين على صدور اليمنيين، ولكنهم بذلك الاعتقاد واهمون جِـدًّا ويعيشون أحلاماً سرابية يستحيل تحقيقها، وستكون عواقبها وخيمة ترتد عليهم بالخُسران المبين والهزيمة المدوية والنهاية المخزية، ونتاج ارتدادها سيعُمُّ نفوذَهم في المنطقة قاطبةً.
ولمن يتساءلُ: متى تنتهي العدوان على اليمن؟ ولمن يظن أن في الحرب ضعفاً! وأن الاستسلامَ والخضوع والرضوخ والصمت أمام المؤامرات التي تمس الكرامة الإنسانية والسيادة الوطنية هو الحل والمخرج، عليه أن يعيدَ النظرَ في التاريخ الإسلامي والمعاصر؛ ليستفيد ويتحلى بالحكمة والبصيرة والوعي اللازم، ويسلّم تسليماً مطلقاً للقيادة الربانية الحكيمة؛ لكي لا يسقط في وحل الباطل ويصيبه ما أصاب المفرِّطين والمقصِّرين عبر تاريخ الأُمَّــة، قال الإمام علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- عندما منع معاويةُ جيشَه من الوصول إلى النهر: “رَوُّوا السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ”، وما أشبه الليلة بالبارحة فالأمريكي وعبر حليفه السعوديّ وتوابعهم قد منعوا عن اليمنيين كُـلّ متطلبات الحياة وحاصروهم حصاراً جائراً في مختلف المجالات الاقتصادية بعد عدوانهم وقتلهم للنساء والأطفال، وتدميرهم لكل ما له صلة بحياة الإنسان اليمني طيلة التسعة الأعوام الماضية، ويسعون هذه الفترة للتصعيد أكثر وأكثر لحرمان اليمنيين من كُـلّ ما تبقى لهم من مصادر الحياة، من خلال تصعيد إجراءات بنك واتصالات عدن وهيئة الطيران المدني ومنع التعامل مع صنعاء وتشديد الحصار على مطارها وإنسانها، وذلك ما صرَّح به الأمريكي وعمل به الخونة عبر النظام السعوديّ، وهم بذلك (قد استطعموكم القتال)؛ أي أن تصرفهم هذا هو حربٌ حقيقية وليس تهويلًا.
ليس ثمة حَـلٌّ، خَاصَّة بعد الصبر الاستراتيجي لليمن خلال فترة خفض التصعيد، ومرحلة النَّفَس الطويل، والفرصة الكافية التي أتاحتها القيادة اليمنية لخروج النظام السعوديّ من المأزِق اليمني، والتي كانت من باب إقامة الحُجّـة عليه أمام الله وأمام العالم، وبعد مماطلته من التوقيع على خارطة السلام التي تم الاتّفاقُ عليها بوساطة الأشقاء في سلطنة عُمان، وبعد فشل كُـلّ مساعي التفاهم والحل السياسي سوى اللجوء إلى الحرب واستخدام القوة وضرب العدوِّ في عمقه “رَوُّوا السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ” والباقي واضح ولا يحتاج إلى مزيد من البيان.