المأزِقُ السعوديّ بين سندان الأمريكي ومطرقة اليمن
فهد الرباعي
لم أشاهد السيد القائد غاضباً قط؛ كما شاهدته في خطابه الأخير، وهو يخاطب النظام السعوديّ ويوجه إليه رسائلَ شديدة اللهجة مفادها “طفحُ الكيل، وبلغ السيلُ الزُّبَى” والاستمرار في السياسات العدائية تجاه البلد والتصعيد في الحرب الاقتصادية سينذر بقيام الحرب الكبرى التي لا هوادة فيها، وسيدفعنا إلى تثبيت معادلة الردع، حَيثُ سيكون مقابل مطار صنعاء أن تغلق مطارات المملكة حتى إشعارٌ مجهول، ومقابل بنك صنعاء استهداف بنوك الرياض؛ علاوةً على استهداف الأهداف الحساسة بطول المملكة وعرضها، وإشعال فتيل النفط، وتجفيف حقوله، ودفع المملكة باتّجاه مسارٍ ماحق.
والعاقل هنا يتساءل: هل تُراهن السعوديّة مجدّدًا على جوادٍ خاسر، وتركن إلى أمريكا في حمايتها وهي العاجزة عن حماية بوارجها ومدمّـراتها من مُسيرات اليمن وصواريخه؟! وتعود إلى الحرب التي فقدت منطقها الأخلاقي والعسكري؟!
إن حدث ذلك فسيكون انتحاراً على الصعيد الاقتصادي والعسكري وربما السياسي، لا سِـيَّـما أن اليمن في جعبته الكثير من الأسلحة الجديدة والمتطورة التي ستدخل خط المواجهة وستكون لها تداعياتها الكارثية على الاقتصاد السعوديّ والعالمي.
والمؤشرات تقول إن السعوديّة راغبةٌ في السلام، لكنها مثقلةٌ بالابتزازات الأمريكية التي لا تنفَّك عن المطالبة بإشعال فتيل الحرب مجدّدًا إسناداً لحرب “إسرائيل” الظالمة على غزة، وهو ما عرّج عليه سيد الفتح الموعود في خطابه الأخير وحذر من مغبة التورط فيه، مؤكّـداً أن الجولة القادمة من الحرب إذَا اندلعت ستعود على المملكة بالتبعات الثقال، وستُعيدها سنوات كثيرة إلى الوراء.
لقد كانت أيدينا ولا تزالُ ممدودةً للسلام العادل والمشرف، بدليل أننا منحنا الطرفَ الآخر وقتاً كافياً للتحرّر من الإملاءات الأمريكية؛ لكن ما الحيلة وقد انزلق أعدائنا للفجور في الخصومة وبلغت بهم الخسة مبلغاً أن يحاربوا الشعب في قوته ومقومات حياته، ذلك معناه أن تعود الحرب مجدّدًا وهي ليست أمراً جديدًا على اليمنيين الرازحين تحت الحصار والتجويع منذ تسع سنوات، لكن هل يقوى عليها المتخمون بالنفط؟ أُولئك المطمئنون إلى وهم سلامتهم إذَا ما نال الشعب حقوقه المشروعة.
ذلك معناه أن الحرب ستعود أشد ضراوةً مما كانت عليه، وستترك أثراً بليغاً في الاقتصاد السعوديّ ستشقى به المملكة زمناً طويلًا.