ما بين مستنقعات أمريكا وبراكين اليمن يتدحرج النظام السعوديّ
زياد الحداء
(وإمَّا تخافَنَّ من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء) هذه الآية تبين أنه لا يجوز التغاضي أَو السكوت عن الخيانة في العهود والمواثيق حتى وإن كانت تسمى اليوم باسم “هدنة” أَو “تهدئة” فهذه هي مقتضى حكمة الله الذي يرى ويعلم حالة عباده وخلقه ويعلم ما يصلح حالهم وهو أَيْـضاً ما لحظناه في خطاب السيد القائد في بداية السنة الهجرية الجديدة 1446هـ الذي كان خطابا تاريخيًّا وفاصلا في هذا العصر وخَاصَّة في صراع اليمن مع أدوات الغرب المتواجدة على الأرض العربية وعلى رأسها السعوديّ، كما أنه كان حاسمًا في تاريخ اليمن ونظامها السياسي والمسار المعيشي والاقتصادي للبلد من خلال الإعلان عن مرحلة التغيير الجذري والتغيير في المسار القضائي والعمل على استصلاح القضاء.
وفي الحديث عن هذا فَــإنَّه هو ما تحتاجُه وتفتقره البلد لفترة طويلة وتحتاجه وتفتقره الأُمَّــة العربية والإسلامية بل والبشرية بكلها -وأنا بكلامي هنا لست اعني الحاجة فقط إلى التغيير بقدر ما أعني الحاجة إلى القيادة نفسها التي تزكّينا وتعلمنا ولا نحتاج إلى أن نزكيها وتعطينا أسباب الفوز والفلاح والنصر على أهل الكتاب بل وتحبنا وتدافع عنا وتثور وتغضب لأجلنا إذَا استهدفنا بأي نوع من الاستهداف، ففي وقت تجلد الشعوب وتستباح لأجل مناصب وأشخاص نحن في اليمن ننعم بقيادة كما كان رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله في رحمته واهتمامه بأمر أمته لدرجة أن قال الله له: (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) وهذا ما رأيناه في ملامح السيد القائد من الغضب والضيق والهَمّ عندما كان يتحدث عن معاناة هذا الشعب وما يجره الآخرون عليه من ويلات ومآسٍ فهو يكرِّس كُـلَّ جهده ووقته لخدمة هذا الشعب بل وخدمة الأُمَّــة بكلها فهو لم ينشغل بـ (طوفان الأقصى) وما يدور في فلسطين عن الاهتمام بأمور الشعب وحاله المعيشي واموره الداخلية والسعي في عمليه التغيير الجذري والعكس كذلك.
وكما أن هذا الخطاب مثّل نقطه تحول في حياة الشعب اليمني فهو وضع النقاط على الحروف فيما يخص معركة الأُمَّــة مع حركة النفاق التابعة للعدو الصهيوني لمن يلحظ ذلك فهو حذر النظام السعوديّ -الذي يعتبر رأس حربة النفاق وقائدهم- أمام العالم ولم يراعِ أيةَ جوانبَ في كلامه، في إشارة واضحة للأُمَّـة بكلها إلى أنه الخطاب الأخير وأن هذا النظام لم يعد في مقام أن يؤتمن على ارض عربية تحتوي مقدسات الأُمَّــة بكلها فهو بما هو عليه من سوء إلى درجة أن يستهدف الشعوب العربية المسلمة خدمة لـ “إسرائيل” وأن يحرّف ويغيّر مناهج التربية والتعليم بما يخدم اليهود بل ويغير هُــوِيَّة وثقافة شعبه بأكمله خدمة لمشروعهم.
وعندما يتحدث السيد القائد عن أن النظام السعوديّ ليس بمأمن، وبالعودة إلى ما بدأناه في بداية الكلام فَــإنَّ النظام السعوديّ قد وصل بالخيانة إلى مرحلة بعيدة وخطيرة جِـدًّا، والأكبر من هذا والأخطر أنه في خدمة أمريكا و”إسرائيل”؛ أي إنها تعتبر خيانةً مركَّبة فهي خيانة لما تم الاتّفاق عليه من قبل عامين وشروع في عدوان جديد بالنسبه لنا كيمنيين، ومن جانب آخر فهي خيانة للإسلام وللأُمَّـة الإسلامية بكلها وخَاصَّة الفلسطينيين.
فعندما يقوم النظام السعوديّ بما يقوم به في حربه على اليمنيين المساندين للشعب الفلسطيني المظلوم؛ حفاظًا على مصالح “إسرائيل” فهذا تعتبر خيانة لم تحصل في التاريخ ابدا، وفي هذا البلاء الأكبر أنها تأتي ممن يسمون بخدامِ مقدسات المسلمين وأنهم هم من يمثلون الإسلام أمام العالم…، وهنا تكمن المشكلة!!؛ إذ كيف لرأس الإسلام -كما يُنظرُ إليه- بالقيام بهذا الجرم وهذه الخيانة.
ولكن من وجه نظر أُخرى ومقابل جرأة سيد اليمن وشعب الأنصار أهل الباس الشديد فالأحرى بالنظام السعوديّ هو التراجع عما يفعله من خيانة وهذا هو عينُ الصواب والمنطق فهو في غنى عن أن يجر الويلات والأزمات لنفسه ولشعبه بل وربما شعوب الجزيرة العربية كلها من خلال تبعات استهدافه للشعب اليمني خدمة لمشاريع الغرب.
كلام سيد اليمن واضح جِـدًّا أن من أنه لن يبقيَ أية ركيزة للاقتصاد وإلا وستدمّـر وهذا معناه حرب لا طاقة لهم بها تسقط على إثرها دول وممالك ويعاد رسم الخارطة من جديد ويتغير حال الشعوب وتتفاقم معيشتها خلال الحرب، وهذا لم يعد مستبعداً أبداً فالذي لحظناه خلال التسعة الشهور الماضية يبين معنى هذا والمفكر الذي ينظر بعين الحكمة يعرف ذلك، كما أن كُـلّ مقومات هذا التغيير من قوة عسكرية وجرأة في اتِّخاذ القرار وإمْكَانات بشرية لدى الشعب اليمني وقيادته بالإضافة إلى مطلبهم المحق وقضيتهم العادلة وحاة السخط العارمة تجاه النظام السعوديّ جراء ما يقوم به من استفزاز لمشاعر المسلمين والتجرُّؤ على الدين والمقدسات، وخِذلانه للشعب الفلسطيني، وحروبه ضد البلدان العربية والإسلامية، والمساهمة في دمار معظم البلدان العربية، وتحويله مقدسات المسلمين إلى وأراضيهم المقدسة إلى مستوطنات وقواعد للجيوش الغربية كُـلّ ذلك قد خلق حاله سخط كبيرة ستجعل منه لقمة سائغة للطوفان اليمني إذَا ما ثار وحينها لن يجد من يتكلم عنه، وكما قال السيد القائد لن ينفعه الأمريكي فهو فاشل لم يستطع حماية نفسه ونفعها.
فإذًا النظام السعوديّ ومن على شاكلته-لأنه برأيي ما حصل مع السعوديّ سيحصل مع غيره ممن ينتهج منهجه- متورط ورطه حقيقية جِـدًّا ولا مجال له إلا بالتراجع إذَا كان متاحًا له.