كونوا منصفين لله وللتاريخ!
سند الصيادي
الإصلاح دمّـر الدولة أَم مؤتمر عفاش، هذه حقيقةٌ بطرفَيها معًا أَو أحدهما، غير أن تحديد وتشخيص الطرف الفاعل في التدمير جدلية خَاصَّة بكم، وَالاتّهامات عن تدمير دولتكم المزعومة التي كانت، عليكم أن تتبادلوها فيما بينكم عتابًا أَو نقًدا أَو حرباً، الأهم أن لا تحشروا ثورة ٢١ سبتمبر ومكوناتها في هذه الاتّهامات.
نعلم أننا نتقاطع معكم تماماً في كُـلّ مفاهيمكم وأجندتكم، ولا زلنا نختلف معكم في النظرة للوطن الذي ننشده وتنشدونه، كما نختلف معكم فيما إذَا كان هناك دولة أم عصابة قبل ٢١ سبتمبر، لكن وبقليل من الإنصاف، فَــإنَّ تلك (الدولة – العصابة) أياً كانت، كنتم أنتم مكوناتها وأعمدتها كأحزاب، أَو كجناحات وتكوينات قبلية وعسكرية وسياسية، لا فرق.
لم تأتِ سبتمبر إلَّا على ركام أحدثتموه، سواء في عقود توافقكم أَو في مراحل صراعكم، حاولت الثورة الفتية انتشال وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة ترميم هذا البيت الكبير الذي يحتوينا جميعاً، غير أن “المُدمِّـرَ غلب ألفَ بانٍ” كما يقول المثل الشعبي، تذكروا أن هذه الثورة الفتية أتت على أنقاض دولة وعلى أنقاض مؤسّسات وعلى أنقاض عصابات متناحرة، لم يبقَ من إيجابية يمكن أن تتغنوا بها وبأن الثورة قضت عليها، أَو حتى جاءت وهي لا تزال حاضرة على أعقابكم.
لا تحاولوا اليوم أن تذرفوا دموع التماسيح في محاولة لاستمالة المواطن البسيط إلى جانبكم في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية التي خلّفتها سياساتكم في الماضي وَهرولتكم إلى أحضان الأعداء في الخارج؛ ليدمّـروا ما بقي من أركان وطن، لولا عبثكم وفسادكم وَاستفرادكم ومؤامراتكم الماضية والحاضرة لما وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم.
كل هذا الإرث الثقيل من التحديات والكوارث والمصاعب وَالمعاناة ليس إلَّا إرثكم وبضاعتكم، ولا زلتم تحاولون تكريسه بإمعان غريب!، لم تشبعوا أَو تندموا أَو تصحُ ضمائركم، أفسدتم علينا الماضي ولا زلتم تمعنون في محاولاتكم إجهاضَ كُـلّ طموح حاضر ومستقبل.
ورغم نواياكم وأفعالكم إلَّا أن الثورة قطعت شوطًا طويلًا وكَبيراً من المنجزات والمكاسب والانتصارات، بات لدينا جيش وَأمن قويان منتميان لله والوطن بخلاف جيشكم وأمنكم، وكما نجحت الثورة في بناء هاتين المؤسّستين بإعجاز وإبهار وفي ظروف قاسية وَزمن قياسي، فَــإنَّ المسار والمسير عازمٌ وماضٍ على بناء كُـلّ المؤسّسات بذات الوتيرة.