الحُسَينُ شمعةٌ ثوريةٌ يمتدُ فتيلُها لِتُشعِلَ ثوراتِ الأحرار في العالم
سهام وجيه الدين
ونحن في شهر الجهاد والعزة والاباء، شهر البطولةِ والفداء هو شهرٌ لطالما اقترن اسمه باسم الإمَام الحُسَين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” سيد الشهداء، تهب علينا نسائم عاشوراء، فتأخذُنا ذاكرتُنا دون إرادَة منا إلى أحداث كربلاء، تلك الأرض التي سُقيت بدماءٍ طاهرة زكيةٍ، وفي كُـلّ عام بل وكل يومٍ نستلهم منها دروساً ومبادئً وقيماً عديدة غرسها فينا صاحبُ هذه الثورة الكربلائية وأخوهُ أبو الفضل العباس قمر بني هاشم “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” وابنه الإمام عليٌّ السجاد وبقية أبنائه وإخوته وأبناء عمومته وأصحابه “عليهم السلام” الذين قدموا أسمى وأرقى الصور في الشجاعة والوفاء والفداء والتسليم المطلق لقائدهم الإمَام الحُسَين بن علي “عليهما السلام”.
معركة كربلاء هي أنموذج يحتذي به كُـلّ أحرار وثوار العالم، فمن نهض مع قلة الناصر يستذكر سيدنا الحسين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” ومن نهض لتصحيح المسيرة والدعوة لإظهار الحقيقة استشهد بسيدنا الإمَام الحُسَين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-“، فهذا غاندي يستذكر سيدنا الإمَام الحُسَين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” عندما علم أنه يكافح ضد أعتى قوى العالم مع قلةِ الناصر فقال كلمته المشهورة «تعلمت من الإمَام الحُسَين أن أكون مظلوما فانتصر».
إن مُعظم الثورات والحركات التي حصلت بعد ثورة الإمَام الحُسَين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” كان قد تأثر زعمائها وقادتها البارزون بالنهضة الحسينية، واتخذوا من الإمَام الحُسَين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” مثلاً أعلى لهم؛ إذ إن تلك الثورات المتلاحقة قد أقلقت مضاجع الأمويين وهزت عروشهم حتى انتهت بسقوط دولتهم، ومن تلك الثورات ثورة التوابين التي قامت بعد واقعة كربلاء؛ بهَدفِ الثأر للإمَام الحُسَين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” وأصحابه الذين استُشهِدوا هناك، وكانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي عام 65 هـ / 684 م، ثم ثورة المختار بن أبي عبيد الثقفي التي قام بها طلباً للثأر بدم شهداء كربلاء عام 66 – 67 هـ/ 685 – 686 م، وغيرها من الثورات التي انتهت بسقوط الدولة الأموية، بعد أن كشفت ثورة الإمَام الحُسَين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” زيف شرعيتها المزعومة ومهدت الطريق لكل الأحرار؛ مِن أجلِ مقاومة الظلم والاستبداد الأموي، وبذلك أصبح الإمَام الحُسَين “-عَلَيْـهِ السَّـلَامُ-” مناراً للحق والتضحية والصدق ومثلاً أعلى لكل الثوار الأحرار المناهضين لقوى الشر والظلم والطغيان والحكام المستبدين على امتداد التاريخ، وفي كُـلّ بقاع العالم، فها نحن نرى اليوم أكبر مثالاً للاقتدَاء بثورة سيد الشهداء، حَيثُ نرى محور المقاومة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وإيران وكيف نكلوا بالعدوّ براً وبحراً وجواً واقفين بكل شموخ في وجه الشيطان الأكبر أمريكا وبقية قوى الشر والاستكبار والطغيان، ملبين نداء المظلومين في أرض فلسطين وانتصار لدماء الشهداء في “غزة هاشم”، فقد كشفت عمليات أنصار الله في البحر عن زيف القوة التي صدعوا بها رؤوسنا وأرعبوا فيها البسطاء من الناس وكشفت حقيقتها أنها أوهن من بيت العنكبوت بفضل ما رأيناه من شجاعة وبسالة أبطالنا في البر والبحر.
وهنا تتمثل مقولة الإمَام الحُسَين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- الشهيرة: “ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ونفوس أبيّة وأنوف حميّة من أن نُؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام”.