الاختراقُ المخابراتي الأمريكي وتأثيرُه على المجتمع اليمني
د. عبدالملك محمد عيسى
اليمنُ البلدُ ذو التاريخ الغني والتراث العميق الذي يتمتعُ بثقافة إيمَـانية عميقةٍ بشهادة النبي الأكرم محمد “صلى الله عليه وآله وسلم”: الإيمَـان يمان والحكمة يمانية.. يشهد تداعيات وتحولات جذرية؛ نتيجة للتدخلات الخارجية -الأمريكية تحديدًا-، بما في ذلك الاختراقات المخابراتية التي ينسجمُ موضوعُها مع التوجّـهات الاستراتيجية للقوى العالمية الكبرى التي تسعى للهيمنة على الشعوب وسلب ثرواتها، فقد قامت أمريكا بتجنيد عدد من الجواسيس الموظفين في سفارتها لتدمير مقدرات الشعب اليمني في كُـلّ المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، ولكن جهاز الأمن والمخابرات قام بجهد جبار في إلقاء القبض على هذه الشبكة ونشر اعترافاتها للمجتمع؛ لمعرفة عمق الاختراق وخطورته على المجتمع اليمني.
التدخل الخارجي -ولا سيما التدخلات المخابراتية- تسببت في تقديم تحديات جديدة للمجتمع اليمني، خُصُوصاً فيما يتعلق بالتماسك الاجتماعي والنظام العُرفي والتحالفات القبلية التي هي مصادرُ القوة للقبيلة اليمنية، هذه التدخلات تقوض التوازن الطبيعي الذي اعتمد عليه المجتمع اليمني لقرون طويلة؛ مما يؤدي إلى انقسامات وتمزقات في النسيج الاجتماعي وهو هدف أمريكي قامت به عبر جواسيسها؛ مِن أجلِ تدمير مصادر القوة في القبيلة اليمنية ونقاط القوة لدى المرأة اليمنية، مستخدمًا عناوينَ براقة كحقوق المرأة وحَلِّ النزاعات.
فالمرأة اليمنيةُ -كما في كثير من الأماكن- تأثرت بشكل بارز بالتغيرات الناجمة عن هذه التدخلات، ورغم التحديات، تظهر النساء اليمنيات صمودًا وقوة داخلية هائلة، يتمثل ذلك في العمل الجاد الذي تقوم به في المنازل والحقول والأنشطة التجارية، حَيثُ يسهم عملهن في دعم الأسر والمجتمعات المحلية.
المشاركة المجتمعية أَيْـضاً تشكل جزءًا أَسَاسيًّا من دورهن، حَيثُ يسعين للمساهمة في تعزيز التضامن والتعاون الاجتماعي، بالإضافة إلى ذلك، تبرز شجاعتهن في مواجهة التحديات المتزايدة، سواءٌ أكانت اقتصادية أَو اجتماعية أَو سياسية.
كل نقاط القوة هذه حاولت أمريكا إضعافها عبر الاستهداف لها بمحاولة إفساد أخلاقها وقيمها، ولكن هيهات؛ فالمرأة اليمنية محصنة بإيمانها ودعم الأسرة اليمنية لها؛ فالمرأة هي قلب الأسرة، والدفاع عنها جزء من شرف الأسرة والقبيلة في اليمن.
ورغم كُـلّ المحاولات ورغم التأثير الكبير للاختراق المخابراتي الأمريكي على المجتمع اليمني، حَيثُ يجد المرء أنه لا يمكن التجاهل؛ لما له من تأثير عميق على حياة الناس، بما في ذلك النساء اليمنيات اللواتي يواجهن التحديات بشجاعة ويسهمن في استمرارية المجتمع بكل قوة وعزم، إلَّا أن الاختراق المخابراتي -سواء للقبيلة اليمنية أَو للمرأة- عجز عن إحداث أثر حقيقي فيهما؛ فَــإنَّ المرونة والصمود الثقافي سماتٌ تُمَيِّزُ هذا الشعبَ العريقَ والمقاومَ؛ لذلك شاهدنا صمود هذا الشعب العظيم على مدى عشر سنوات من العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي.