كـربلاءُ نهــجٌ يضـمنُ الـحريـة
إلــهام الأبيض
وحسم الشعب خيارَه حاضراً في العاصمة والمحافظات ملبياً هُتافَ الإباء والثورة الحسينية الخالدة، وعلى خطى الإمام الحُسَين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- أكّـد السيد القائد أن التصدي للعدوان وللهيمنة الأمريكية والإسرائيلية مبدأٌ لن يحيد عنه اليمنُ، وهو ماضٍ في نهج حسيني من شأنه أن يحقّق ما تصبو إليه الأُمَّــة من كرامة واستقلال، نهجٌ يضمن الحريةَ والخلاص من التبعية، ومهما كان مستوى التحديات وحجم التضحيات فشعبنا اليمني متوكل على الله لن يألوَ جُهدًا في القيام بمسؤولية المواجهة، يقيناً بأن عواقب الاستسلام أكبر وأخطر وأفدح، والمواقفُ من قضايا الأُمَّــة وفي المقدمة فلسطين ثابتة ولا تقبل المساومة، وتزداد رسوخاً مع رؤية تيار النفاق مهرولاً نحو موالاة كيان إسرائيلي مردوع بمعادلة ثبتتها المقاومة الإسلامية على مدى سنوات الصراع.
وبروحيّة الثورةِ في وجهِ الظالمينَ والمستكبرينَ شهدت العاصمةُ صنعاء والمحافظات مسيراتٍ جماهيريةً حاشدةً إحياءً لذكرى ثورةٍ طالما مثّلت وَقودًا للثوراتِ على مرِّ العصور، وبإحياءِ ذكرى ثورةِ الإمامِ الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- تطلّعٌ شعبيٌّ جماهيريٌّ نحو حشدِ كُـلّ الطاقاتِ والقدراتِ نصرةً لفلسطين لما تمثلُّه من قضيّةٍ مقدّسة ٍتعرّضت للغدرِ من أنظمة التطبيعِ والخيانة، لكنها تأبى إلا أن تظلَّ قضيةً تتصدّرُ أولوياتِ شعوبِ المنطقة، وشعبُنا اليمنيُّ على إدراكٍ بما عليه من مسؤوليةٍ تجاه هذه القضيّةِ وهو يوليها كُـلّ الاهتمام، واعيًا بأنَّ العدوانَ القائمَ على بلدِه أمرٌ متصلٌ بموقفِه المبدئيِّ من فلسطين، وأنَّ جماعةَ التطبيعِ مع العدوّ الإسرائيليِّ هي دولُ العدوان على اليمن.
الشعب اليمني يعد ذكرى عاشوراء محطة يأخذ منها الدروس والعبر، ومنها الأسباب والخلفيات التي جعلت من حادثة كهذه تحصل ومنها يجعل موقع الهداية وفيها موقع القيادة، وفي الموقع الذي يتحَرّك فيه بالأمة ضمن هُــوِيَّتها الإسلامية بقيمها الإسلامية بمبادئها الإسلامية الحقة.
يستفيد الشعب اليمني من إحياء ذكرى عاشوراء؛ ليتزود منها قوة الإرادَة وقوة العزم وصلابة الموقف والثبات، الثبات الدائم، الثبات المبدئي، الثبات المستند إلى جوهر الإسلام وإلى قيمه، الثبات المستند إلى الإيمان بحقيقته.
خروج الشعب اليمني لإحيائه ذكرى كربلاء، إذ يرى الشعب اليمني في الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- الأسوة والقُدوة وعلم الهدى، الذي نحتذي به كمسلمين وكمؤمنين، نقتدي به ونتأسى به، ونسير في دربه بالمنطلقات نفسها، بالمبادئ نفسها، بالقيم نفسها التي حملها الإمام الحسين، والتي تمسك بها والتي تحَرّك على أَسَاسها.
لقد خرج الشعب اليمني ليثبت للعالم أجمع أن أهل البيت -عليهم السلام- ما زالوا أحياء، أحياء بمبادئهم وحقيقة إيمانهم وصدق توليهم لله، لقد عمل بنو أمية على تغييب أهل البيت من ذاكرة الأُمَّــة، هكذا يُنسى الحسين كما يُنسى قبله محمد كما يُنسى فيما بينهما علي، كما يُنسى القرآن الكريم، كما تتجاهل كُـلّ تلك الآيات القرآنية التي تتحدث عن جهاد أهل البيت وفضلهم.
لقد صور بنو أمية صوراً أُخرى عن الدين وعن الإسلام كما قال رسول الله -صلوات الله عليه وآله: {إذَا بلغ بنو أمية أربعين اتخذوا دين الله دغلاً وعباد الله خولاً ومال الله دولاً} تحريف المفاهيم الدينية بما يخدم سياستهم الجائرة الظالمة، وجعلوا عبادة الله قربة لطاعة الظالمين، ومن أعجب ما حصل في تاريخ الأُمَّــة الإسلامية أن تصبح شرعية، ويصبح دين الله عبادة وقربة للظالمين الجائرين من بني أمية، جعلوا من واقع الحياة ظلمًا ومعاناة، شقاءً واضطهادًا، وقهرًا، واستعبادًا وتجبرًا.
في ذكرى عاشوراء يؤكّـد الشعب اليمني أن الأُمَّــة بخِذلانها للحق وابتعادها عن أعلام الهدى تدفع ضريبة باهظة وثمناً كَبيراً لقاء ذلك في الدنيا والآخرة، تدفع ثمناً كَبيراً خسران الدنيا والآخرة.