الأبعادُ السياسية والتداعياتُ لضرب تل أبيب بطائرة مسيَّرة
د. عبدالملك محمد عيسى
اليمنُ جزءٌ أَسَاسيٌّ في محور المقاومة، وقد تحدَّثَ السيدُ القائدُ عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- بأن الأمريكيَّ حاول عزلَ الفلسطينيين؛ مِن أجلِ تصفية القضية الفلسطينية، لكن جبهات الإسناد للمقاومة من لبنان والعراق واليمن لم تمكِّنِ الأمريكي من هذا الهدف، بل قامت بمهاجمة “إسرائيل” منذ اليوم الثامن من أُكتوبر عبر حزب الله اللبناني، ومن ثَمَّ دخلت اليمن في استهداف الكيان الإسرائيلي على مراحلَ حتى وصلت إلى استهداف تل أبيب عاصمة الصهاينة، هذا الهجوم سيُقرَأُ بأنه تصعيدٌ خطيرٌ في نظر ما يسمى المجتمع الدولي لاعتبارَينِ اثنين:
الأول: أنه استهدافٌ مباشرٌ للكيان الإسرائيلي بطائرة مسيَّرة من اليمن.
الثاني: أنه استهدف عاصمةَ الكيان الإسرائيلي؛ مما أوجد حالة من الذهول والفوضى والقتلى؛ بسَببِ العملية المفاجئة.
هذا الأمر سيكون مرعبًا للكيان الإسرائيلي وستعتبر الهجوم تهديدًا لأمنها القومي، وسيقوم بتحريض العالم وخَاصَّة الأمريكي والسعوديّ والإماراتي؛ مِن أجلِ رد قوي على هذا الاستهداف المبارك.
أول الأمور سيقوم المنافقون بالتسخيف لهذه العملية المباركة ومن ثَم سيقومون بتحميل إيران المسؤولية كما هي عادة الأمريكي وفقَ كتالوج التعامل مع الأمور التي تفاجِئُ الأمريكي.
من المتوقع قيامُ الكيان الإسرائيلي بمهاجمة أهداف إيرانية في سوريا أَو لحزب الله في لبنان والطلب من رباعي الشر بمهاجمة أهداف في اليمن والقول بأنهم دمّـروا مِنصاتِ صواريخ وطائرات مسيَّرة ورادرات كما هي عادة الأمريكي بعد كُـلّ فشل ذريع.
وقد تطلب أمريكا عقدَ اجتماع لمجلس الأمن؛ لإدانة هذا الفعل الرهيب والتصعيد العالي (مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا) كما يقول الله على لسان قوم إبراهيم “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ” إضافة إلى طلب أسلحة أمريكية جديدة للكيان الإسرائيلي.
التصعيد في المرحلة الخامسة ستكونُ له تداعياتٌ كبيرة جِـدًّا على مستوى الشرق الأوسط بأكمله، أولى هذه التداعيات (عسكرية) فهي ضربةٌ للكيان الإسرائيلي ورسالةٌ هامةٌ لثلاثي الشر ومعها السعوديّ والإماراتي بأن الجيشَ اليمني أصبحت يدُه طويلةً جِـدًّا ولديه تقنيات معقَّدة تغلَّبت على القِباب الحديدية التي حاولت الإماراتُ والسعوديّةُ في الدخول في علاقة مع الكيان الإسرائيلي؛ مِن أجلِ شراء هذه المنظمة الفاشلة.
ثاني هذه التداعيات (اقتصادية) فالضربة الأخيرة للطائرة ضربت العمقَ الاستراتيجي والاقتصادي للكيان الإسرائيلي بعد قامت صنعاءُ بمنع مرور السفن التجارية إلى الكيان والذي كان له تأثيرٌ اقتصادي واضح؛ فهذه المنطقة هي منطقة الأمان للكيان الإسرائيلي وفيها الشركات والسكان يشعرون بالأمان فيها فَــأنْ تقومَ بعمليات عسكرية فيها سيفقدُ “إسرائيلَ” الأمانَ الوهميَّ الذي يعيشه.
أما ثالث هذه التداعيات فهو (سياسي)؛ فدخولُ اليمن كعامل عسكري واقتصادي للتأثير على الداخل الإسرائيلي فهو تطوُّرٌ نوعي يعزز من واقعِ المقاومة الإسلامية في فلسطين ويكون جزءًا من الانقسام الداخلي الإسرائيلي ضد النتن ياهو، وسيضغط على الجبهة الداخلية على الكيان، وقد يدفعُ بعضَ الدول العربية كالسعوديّة والإمارات لإعادة النظر في علاقتها مع الكيان وتتخذ مواقفَ أكثرَ حذراً من التورط مع الكيان الإسرائيلي.
لا مجالَ أمام الكيان الإسرائيلي سوى حَـلٍّ واحد فقط وهو وقفُ العدوان على قطاع غزة ورفعُ الحصار والتفاوُضُ مع حماس للوصول إلى حَـلٍّ يُرضِي الفلسطينيين وَإلَّا فالقادمُ يمني.
ولله عاقبة الأمور.