لو كان يُشترى
زياد الحداء
غباءٌ رهيبٌ على مدى عقود زاد عن المستوى الذي يستسيغه الإنسان السوي الذي يرى الأحداث ويتابعها، بل حتى للأعمى الذي لا يُبصر.
أن يقتلك عدوك وينهب ثروتك ويخرج اخوانك من ارضهم وديارهم ويغتصب ممتلكاتهم ويبقيك تحت التهديد المُستمرّ والاستفزاز في كُـلّ المجالات ويعيشك في الوهم وهو يستغل ثرواتك وخيراتك ليطور نفسه ويضمن لنفسه التفوق الدائم بحقوقك ويسعى للفساد في أرضك في كُـلّ مجالات الحياة، فيفسد الناس على كُـلّ المستويات وعلى كُـلّ صعيد ويفسد الحياة ويغرقك وشعبك في مستنقعات من الفساد والحروب والأزمَات الداخلية، يصدّر لك أزمَات ليس لها نهاية وَإذَا ما انتهت أولاهما أتى إليك بأدهى منها.
يأتي من كُـلّ أصقاع الأرض ليحتل أرضك ويستحوذ على ثروتك بل ويمنعك من الانتفاع بأرضك وبخيراتها حتى على مستوى الزراعة، يتدخل في شؤون شعبك وبلدك فيمنعك حتى من الانتفاع بأبناء شعبك.
يغرّرك بالدخول بالسلام معه وشيئاً فشيئاً يسعى لتجريدك من عناصر قوتك ويدفع بك إلى كثير من التنازلات التي تجرك وتجر من خلفك للهلاك وتجد نفسك لا تهتدي سبيلا إلا سبيل تلبية رغباته التي لا نهاية لها، تبيع له شعبك وبلدك وإخوانك الذين هم من جلدتك ويحملون دمك ويدينون دينك والواجب عليك نصرتهم ثم ما تلبث أن تكون في الأخير قربان نصرهم عليك وعلى من حولك الذين قيدتهم وجعلتهم أذلاءً، ومنعتهم من الحركة والجهاد والدفاع عن أنفسهم بل على أقل تقدير لم تتركهم يبنون أنفسهم ليوفروا حتى لقمة عيشهم، ترى نفسك في الأخير قد أسلمتهم إلى عدوٍّ ماكر لا يرحم ولا يحمل من قيم الإنسانية مثقال ذرة ليعيشوا بعدها المعاناة والحرمانَ والظلم بحقهم؛ بسَببِ جهلك وغبائك وتفريطك، فأنت الذي غررت بهم ومنَّيْتَهم، وهم الذين وثقوا بك وأعطوك الثقة لتكون قائدهم وممثلهم، بل إنهم طالما تغنوا بك ومجَّدوك بألقاب عظيمة ورنانة فسموك (فارس العرب، القائد المغوار، خادم الحرمين وغيرها)، لتوصلهم لهذا المستوى.
لِمَ لمْ تعتبر ممن سبقك؟ ثم لماذا لم تثق بالقرآن أَسَاساً الذي اخبرك أن هؤلاء أعداء وأنهم لا يريدون لك الخير حتى من الله؟
لِمَ لم تنتبه لكثرة نقضهم للعهود معك؟ هل التزموا معك باتّفاق؟ هل تركوا ميثاق لم ينقضوه معك؟!!
لماذا لا تستفيق أيها الغافل؟ لم كُـلّ هذا الغباء؟
تنظر إليهم يقتلون إخوتك ويهجرونهم ويظلمونهم ويفعلون معهم أسوأ أنواع الإجرام الذي لم يحصل له نظير في تاريخ البشر ثم أنت ذلك المتبلد الذي لا يحركه واجب الدين ونداء القرآن (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْـمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِـمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) وحين يقول (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)، ولا يحركك دافع إنساني ولا اخوي ولاحتى من باب ردع الخطر القادم اليك!!!
ثم تتحَرّك في اتّجاه موازٍ للعدو وتقف مواقفه وتتبنى ما يقول وتفعل ما يريد هو حتى لتقفَ في وجه إخوتك مع عدوك وعدوهم.
ما هذا الغباء الذي تحمله؟!
لقد وصل البعض إلى درجة أنه لا يمتلك ذرة ذكاء واحدة.
فلو كان الذكاء يُشترَى لاشتريناه لك أيها العربي الغافل.