السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطوُّرات والمستجدَّات: الردُّ آتٍ لا بُـدَّ منه على ما قام به العدوُّ الإسرائيلي من عدوانٍ على الحديدة وعملياتُنا المسانِدةُ متواصلةٌ في المرحلة الخامسة
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
قال اللهُ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {قُلْ يَا أهل الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أكثركُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئك شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}[المائدة: 59-60]، وقال تعالى: {وَتَرَى كَثيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[المائدة: 62]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.
العدوُّ الإسرائيلي، واستمرارًا على ذلك النهج الإجرامي الضال المفسد، الذي تحدثت عنه الآيات المباركة، يستمر في عدوانه الهمجي، الإجرامي، الوحشي، وحربه التي هي إبادة جماعيةٌ ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ونحن في الشهر العاشر، وللأسبوع الثاني والأربعين، وَأَيْـضاً لمِئتين وثلاثةٍ وتسعين يوماً، وهو مُستمرٌّ في عدوانه الذي لا مثيل له، وإبادته الجماعية التي تشمل النساء والأطفال والكبار والصغار في قطاع غزة، وبلغت المجازر: أكثر من (ثلاثة آلاف وأربعمِئة وخمسٍ وسبعين مجزرة)، وبلغ عددُ الشهداء والمفقودين: أكثرَ من (تسعةٍ وأربعين ألفاً ومِئتَيْ شهيدٍ ومفقود)، والجرحى: أكثر من (تسعين ألفاً وخمسمِئةِ جريح)، والإجمال مع المختطفين: ما يزيد على (مِئة ألفٍ وخمسة وخمسين ألفاً وخمسمِئة فلسطيني).
في هذا الأسبوع كانت الجرائم: أكثر من (ثمانٍ وعشرين مجزرة) على مستوى المجازر الجماعية، أسفرت عن استشهاد وجرح أكثر من (ألفٍ ومِئتين وخمسين فلسطينياً) أكثرُهم من النساء والأطفال.
وكان من أبرز الجرائم التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي في هذا الأسبوع: جرائمه في خان يونس، في عدوانه المتكرّر على الأحياء الشرقية للمدينة، بعد أن كانت قد شهدت قليلًا من الهدوء، وبدأت مظاهر الحياة تعود إليها على نحوٍ بسيطٍ جداً؛ فالعدوّ عاد لعدوانه عليها من جديد، وضغط على أهلها واستهدفهم لإخراجهم منها، وبلغ عددُ النازحين حسب تقديرات الأمم المتحدة: (مِئة وخمسين ألفاً) في يومٍ واحد، والعدوُّ في اعتداءاته في مختلف أنحاء قطاع غزة يركز بشكلٍ كبير على مدارس الإيواء للنازحين، والمناطق الإنسانية، والمناطق التي يعلنها مناطق آمنة حتى يأويَ إليها الأهالي وينزحون إليها ثم يبدأ باستهدافهم.
حجمُ الإجرام فظيعٌ جداً، تشهدُ له المشاهد التي تبثها القنوات الفضائية في مختلف أرجاء العالم، ويشهد له أَيْـضاً الأطباء الذين يتواجدون في قطاع غزة، حتى من البلدان الغربية، ولذلك كان مما أعلن في هذا الأسبوع شهادة لطبيب أخصائي جراحة عظام أمريكي، من الأمريكيين، وكان يعمل في قطاع غزة، وتتضمن شهاداته واعترافاته ما يدل -وهو واضحٌ لكل من يتابع الأحداث ويشاهد مشاهد الفيديو التي تظهر فيها جرائم العدوّ الإسرائيلي- أن الحرب استهدفت الأطفال بشكلٍ كبير، هي تستهدفُ كُـلَّ الأهالي في قطاع غزة، ومن ضمنهم الأطفال، حَيثُ يجعل منهم جنود العدوّ الإسرائيلي أهدافاً متعمدةً مقصودة، لاستهدافهم بالقناصة، بالقصف، بكل وسائل القتل.
ذلك الأخصائيُّ الأمريكي، الذي هو أخصائيُّ جراحة عظام وكان يعمل في غزة، عندما طُلِب منه على قناةٍ أمريكية أن يصف ما شهده هناك في قطاع غزة، أجاب بما ترجمته على النحو التالي: يقول: [كل الكوارث شهدتها مجتمعةً]، يعني: في تجاربه في حياته شاهد الكثير من الكوارث بأنواعها، [أربعون رحلة عمل، وَثلاثون عاماً وزلازل، وكل ذلك مجتمعاً لا تعادل مستوى الدمار الذي شهدته ضد المدنيين في أسبوعي الأول في غزة]، يعني يقول: مجموع تجاربه خلال ثلاثين سنة، شاهد خلالها الكثير من الكوارث حتى الزلازل، وكوارث متنوعة، لكن مجموع ما شاهده من كوارث خلال ثلاثين عاماً، لا يساوي ما شهده خلال أسبوع واحد فقط في قطاع غزة، يقول: [لقد رأيتُ أطفالاً محترقين أكثرَ مما رأيته في حياتي كلها مجتمعةً]، على مدى حياته، لم يشاهِدْ في كُـلّ ما قد مضى من حياته مثلَ ذلك المشهد من الأطفال المحترقين بالقصف الإسرائيلي والاعتداء الإسرائيلي.
يقولُ أيضاً: [لقد رأيت أطفالاً ممزقين]، يعني: مزَّقتهم القنابل الأمريكية التي يستخدمها الإسرائيلي، ضد الأطفال وضد النساء، ضد المدنيين بكلهم في قطاع غزة، [أجزاء من أجساد مفقودة]، تمزِّقُهم القنابلُ الأمريكية والقذائف الأمريكية إلى أشلاء، [أو رصاص، أَو مسحوقين] مسحوقين ممن يسحقون بجنازير الدبابات الإسرائيلية والآليات الإسرائيلية، [لقد انتزعنا شظايا بحجم إبهامي من أطفال في الثامنة من العمر، ثم هناك رصاص القناصة]، وهو يلحظ أن هناك استهداف كثير من جهة القناصة للأطفال بشكلٍ متعمد، [عالجتُ أطفالاً أُصيب الواحد منهم برصاصتين، عالجت طفلين لدي صور لهما أُصيبا إما في الصدر بشكلٍ مباشر، لدرجة أنني لم أستطع وَضْعَ سماعة الطبيب على قلبه بشكلٍ أكثر دقة، وعلى جانب الرأس مباشرةً في نفس الطفل]، بمعنى: أنها استهدافات قاتلة من القناصة الإسرائيليين، يستهدفون أطفالاً البعض منهم في الثامنة، البعض منهم أصغر، وبشكلٍ متعمد على الصدر استهدافات قاتلة، أَو في الرأس، ثم يقول: [لا يصاب طفلٌ صغيرٌ برصاصتَينِ عن طريق الخطأ من قبل أفضل قناص في العالم]، يعني: قناصة يمتلكون المهارة في القناصة، ليسوا مبتدئين، من أمهر القناصين في جيش العدوّ الإسرائيلي، وهم يقنصون بتعمد، وليس عن طريق الخطأ، [كما تعاملت مع حالةٍ أصابتها طلقتان في منتصف الرأس تماما]، ذلك الطبيب قال: [إنه سمع كَثيراً عبارةً في الوسط الطبي في غزة، طفلٌ جريحٌ ليس لديه عائلة على قيد الحياة]، يعني: كَثيراً من الأطفال هم يتاما، بل لم يبق لهم أحد من عائلاتهم.
كذلك هناك شهادات لأكثر من عشرين طبيباً في غزة، عن إصابات ناجمة عن طلقات نارية تَعَرَض لها الأطفال بشكلٍ مباشر، أحد الأطباء عبَّر عن دهشته من العدد الكبير من الأطفال، الذين يدخلون المستشفيات ومصابين بطلقات نارية في الرأس.
فما يفعله العدوّ الإسرائيلي هو إجرام، وعدوان، همجية، وطغيان، ووحشية، وكل الأوصاف المعبِّرة عن الشر، والسوء، والجريمة، هي تنطبق على ما يفعله العدوّ الإسرائيلي، وعلى جريمته الكبرى بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حَيثُ لا يستثني أحداً، الاستهداف حتى للأطفال بتلك الصورة الهمجية والإجرامية والوحشية، تدل بشكلٍ واضح على أن كُـلّ المنتسبين إلى كيان العدوّ الإسرائيلي تجردوا تماماً من أية ذرةٍ من المشاعر الإنسانية.
على مستوى التجويع، هناك في إحصائيات تابعة للأمم المتحدة تقول: إن 96 % من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، يعني: أصبح الحال السائد، الحال الذي يشمل السكان بشكلٍ عام هو الجوع، والنقص الحاد جِـدًّا في توفر الغذاء الضروري للحياة.
ثم على مستوى الضفة الغربية، يواصل العدوّ الإسرائيلي اعتداءاته وهجماته على المدن والبلدات والقرى في أنحاء واسعة من الضفة الغربية: (في نابلس، والخليل، وبيت لحم، وقلقيلية، وجينين، وطوباس وطولكرم)، وكان هناك تصعيد ملحوظ ضد الأهالي في (طولكرم)، وكذلك في القدس، كما كثّـف العدوّ الإسرائيلي خلال هذا الأسبوع من الاقتحامات للأقصى الشريف، والتدنيس لباحاته، وكان على رأس بعض تلك الاقتحامات بعض القادة من العدوّ الإسرائيلي، الذين حضروا للتباهي بجرائمهم، وتقديم المزيد من الوعيد والتهديد للمسلمين والعرب، وللفلسطينيين في المقدمة.
أمام كُـلّ ذلك العدوان، وتلك الهمجية، والإجرام، والوحشية، والدمار، والخراب، الذي يشارك فيه الأمريكي ويدعمه الغرب، إلَّا أن الصمود الفلسطيني مُستمرّ بشكلٍ عظيم، على مستوى صمود الإخوة المجاهدين في قطاع غزة من مختلف الفصائل، وعلى رأسهم كتائب القسام وسرايا القدس، ويقاتلون ببسالة، ويتصدون للعدو الإسرائيلي في مختلف محاور القتال ببسالة وثبات منقطعين النظير، فالإخوة المجاهدون مُستمرُّون في الاستهداف لآليات العدوّ بشكلٍ فعَّال، وبشكلٍ متزايدٍ وملحوظ، حَيثُ يظهر أن الرقم الذي قد أُنجز في هذا الجانب: ما يقارب إصابة وإعطاب (خمسمِئة دبابة إسرائيلية) وخروجها عن الخدمة، وهذا عدد كبير من الدبابات، ما بالك ببقية الآليات العسكرية. العدوّ أَيْـضاً في إحصائياته للجرحى من جنوده المقاتلين، يُقدِّم في رقم قد يكون غير واقعي، قد يكون قليلًا بالنسبة للرقم الحقيقي والواقعي: (تسعة آلاف ومِئتين وخمسين)، هذه إحصائية رسمية للجرحى من الجنود المقاتلين.
لا يزال الإخوة المجاهدون في قطاع غزة يتحَرّكون في الاستهداف للعدو الإسرائيلي بنشاط وفعالية عالية، على مستوى الكمائن، والرشقات الصاروخية، واستخدام العبوات الناسفة، وكذلك بقذائف الهاون، بقذائف الهاون وبمختلف الوسائل المتوفرة لديهم، وفي هذا الأسبوع أَيْـضاً كان هناك استهداف لمروحية أباتشي بـ (صاروخ سام 7).
أيضا في السياق الفلسطيني نفسه، كان هناك في هذا الأسبوع إعلان من قبل الفصائل الفلسطينية (في بكين)، على توقيع اتّفاق شمل أربعة عشر فصيلاً فلسطينياً، وهذا مهمٌ جداً، لتعزيز حالة التوحد والتعاون فيما بين الإخوة الفلسطينيين، وهذا مهمٌّ جِـدًّا في مواجهة العدوّ الإسرائيلي، وخطوة متقدمة في مقابل الانقسامات التي تزداد أكثر وأكثر في كيان العدوّ الإسرائيلي المجرم، الغاصب، المحتلّ.
فيما يتعلق بجبهات الإسناد:
عمليات حزب الله كانت في هذا الأسبوع مكثّـفة، واستهدفت منشآت ومواقع تابعة للعدو الإسرائيلي في شمال فلسطين المحتلّة، وكذلك في الجولان السوري المحتلّ، واستهدفت مغتصبات جديدة، في توسيعٍ لدائرة العمليات.
أيضاً في هذا الأسبوع نشر حزب الله تسجيلاً جديداً، يظهر استطلاع (طائرة هدهد) على قاعدة (رامات الجوية)، التابعة للعدو الإسرائيلي في شمال فلسطين المحتلّة، بكل تفاصيلها، دون أن يتمكّن العدوّ الإسرائيلي من اكتشاف الطائرة أثناء استطلاعها، ولا من استهدافها، ولم يتمكّن من حماية أجواء قاعدة عسكرية جوية، وهذا يُظهِرُ ضَعفاً كبيراً، وعجزاً كبيراً، أمام التصدّي لطائرة تؤدي هذه المهمة الاستطلاعية العسكرية، في أجواء قاعدة عسكرية جوية.
المقاومةُ الإسلامية في العراق أعلنت عن تنفيذ عدة عمليات في حيفا وأم الرشراش، بواسطة صاروخ جديد متطور (صاروخ الأرقب)، والمسار المشترك أَيْـضاً ما بين الجيش اليمني والمقاومة الإسلامية في العراق، سيشهد -إن شاء الله- تطوراً مهماً في العمليات المشتركة في المرحلة القادمة بإذن الله.
فيما يتعلق بجبهة الإسناد في يمن الإيمان والجهاد، في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، كان في بداية هذا الأسبوع، في ختام الأسبوع الماضي ولهذا الأسبوع أيضاً: تدشين المرحلة الخامسة من التصعيد بـ (عملية يافا)، إلى يافا المحتلّة التي يسميها العدوّ [تل أبيب]، وفيها المركز التجاري والإداري والأمني، الذي يعتبر قلباً للعدو.
العدوّ كان مندهشاً ومصدوماً بهذه العملية، حيثُ إن أهميتها من جوانب متعددة:
- أولاً: الهدف المستهدف في هذه العملية، وهو: ما يطلق عليه العدوّ بـ (تل أبيب).
- ثم أَيْـضاً المسافة الكبيرة التي قطعتها الطائرة المسيَّرة، وهي مسافة أكثر من (2200 كيلو)، اخترقت فيها كُـلّ الأسوار والأطواق التي يحتمي بها العدو، من قبل حماته، ومن قبل من يتجندون معه ويدعمونه، لتصل إلى قلب ذلك المركز الذي يعتبره العدوّ بمنزلة العاصمة، وهو وكره الذي يعتمد عليه كوكرٍ فيه أهم مراكزه، وأهم مواقعه من منشآت، وقواعد، ومراكز إدارية… وغير ذلك.
- هو أَيْـضاً يمثِّل نقطةً حساسةً لألم العدو، ولتكبره وغطرسته، وقد أصابت هذه العملية المحتلّين في يافا نفسها بالهلع بشكلٍ عام، وخرج الكثير منهم إلى الشوارع، هربوا من منازلهم، لا سِـيَّـما في الحي نفسه، الذي وصلت إليه الطائرة المسيَّرة وهربوا إلى الخارج، خرجوا وهم في حالة من الهلع والرعب الواضح.
- وتميَّزت تلك الطائرة المسيَّرة (يافا)، التي هي يمنية الصنع، بقدرتها على قطع المسافات البعيدة، واختراق أنظمة الحماية المتطوِّرة، وقوة التدمير والتفجير، عندها قوة جيدة في التفجير؛ ولذلك كانت قوة الانفجار ملحوظة، حَيثُ هزَّ حياً بأكمله، وتصور البعض من الأهالي في ذلك الحي من أُولئك المغتصبين الصهاينة، أنه زلزالٌ قد وقع، وكانت العملية لاستهداف هدفٍ محدّد مقصودٍ تمت إصابته بدقة، ومن هذه المسافة البعيدة جداً، وهذا أرعب كلاً من الإسرائيلي والأمريكي.
عبَّر قادةُ العدوّ الإسرائيلي عن الصدمة والذهول من العملية، وقال أحدهم، وهو من أسوئهم، وأحقدهم، ومن أكثرهم إجراماً، ولا يستحق أن نذكر اسمه؛ لسوئه، قال: [لقد فقدنا الأمن في إسرائيل، وتم تجاوز الخطوط الحمراء]، بهذا التعبير، وبهذا الاعتراف، وفعلاً وصول العملية، وصول تلك الطائرة المسيَّرة إلى ذلك الهدف، فيما يسميه العدوّ بـ [تل أبيب]، يعني: أنَّ غير [تل أبيب] من الأماكن الأُخرى في فلسطين المحتلّة لن يأمن فيه الصهاينة اليهود، ويمكن أن يصل إليهم الاستهداف، وهناك تصريحات كثيرة لغيره من قادة العدو، وفعلاً لم يعد في فلسطين المحتلّة أي مكان يأمن فيه الصهاينة المجرمون.
عبَّرت أَيْـضاً وسائلُ الإعلام الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية عن حجم الصدمة، ومدى تأثير العملية، ووسائل الإعلام بمختلف أنواعها عبَّرت عن ذلك، ونذكر هنا بعضاً من المقتطفات فيما يتعلَّق بتعليقهم على العملية:
في أحد المواقع الإسرائيلية يقول: [خلل عملياتي خطير، وعمى كامل، رغم التأهب في جميع الجبهات]، هذا مما أقلقهم جداً، أنهم في حالة تأهب، في حالة مواجهة، في حالة استعداد، ومع ذلك يحصل هذا النجاح، وتصل الطائرة المسيَّرة إلى الهدف الذي أرسلت لاستهدافه وبدقة.
أيضاً في موقعٍ آخر يقول: [موازين لم تواجهها دولة إسرائيل، وجيش الدفاع الإسرائيلي، وسلاح الجو من قبل]، هذا تعبيرهم هم، نحن لا نعتبرهم دولة، هم مُجَـرّد عدوٍّ غاصب، لا شرعيةَ له، هم يقولون إنهم: [لم يواجهوا هذه الموازين من قبل، وتمثل بُعداً جويًّا جديدًا يتحدى قدرات سلاح الجو والجيش الإسرائيلي بأكمله]، وهذا اعتراف مهم، أنَّ الاختراق للطائرة المسيَّرة هو اختراق للتقنيات والقدرات التي يمتلكها العدوّ الإسرائيلي.
في صحيفة إسرائيلية يقولون: [العملية تمثل مرحلةً جديدةً في الحرب؛ مما يجعلها صراعاً إقليمياً متعدد الجبهات]، وهذا اعترافٌ بأهميّة هذه العملية وتأثيرها، وفعلاً هي مرحلة جديدة، ونحن اعتبرناها المرحلة الخامسة من التصعيد ضد العدوّ الإسرائيلي؛ إسناداً للشعب الفلسطيني.
أيضاً يقولون في صحيفةٍ الإسرائيلية، وهم يتحدثون عن الشعب اليمني، وقواته المسلحة: [هذه المجموعة عدوٌّ مصمِّمٌ، ومتطرف، يصعُبُ ردعُه]، يعني: هم يعرفون مدى جديَّة الشعب اليمني، وقواته المسلحة، وتوجّـهه الصادق رسميًّا وشعبيًّا لإسناد الشعب الفلسطيني، والتصميم على ذلك، حتى إيقاف العدوان والحصار عن قطاع عزة.
في موقعٍ آخرَ يقولون أيضاً: [الحوثيون أثبتوا من خلال الضربة التي نفَّذتها بطائرة بدون طيار، أنهم يشكِّلون مشكلةً خطيرةً بالنسبة لإسرائيل]، وأكيد هذا ما نريده، ونرغب به، ونسعى له: أن نكونَ مشكلةً كبرى للعدو الإسرائيلي.
أيضاً في وسيلة إعلام أُخرى يقولون: [المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية تعيش حالة من الصدمة الكاملة]، وإن شاء الله ستأتي صدماتٌ أكبرُ من هذه الصدمة التي صُدِموا بها.
في وسائل إعلام أمريكية، في موقعٍ أمريكي، يقولون عن العملية أنها: [أحد أخطر الهجمات على تل أبيب منذ هجوم حماس في السابع من أُكتوبر]، ويقولون: [أحد أكثر الهجمات تخريباً لأمن إسرائيل]، في مجلة أُخرى هذا، [منذ هجوم حماس في السابع من أُكتوبر].
في صحيفةٍ بريطانية يقولون: [ضربة صادمة، والطائرة عبرت مساحةً كبيرةً من البلاد عبر الدفاعات الجوية متعددة الطبقات]، هم يندهشون من هذه الحقيقة: أنها تمكّنت من أن تجتاز كُـلّ ما هناك من حماية، من أنظمة، من دول، من جيوش، تؤدِّي هذا الدور لحماية إسرائيل، حتى وصلت إلى فلسطين المحتلّة.
في صحيفةٍ أُخرى يقولون: [لقد نجح الحوثيون في إغلاق كُـلّ طرق الشحن الغربية في البحر الأحمر؛ مما أَدَّى إلى تكبُّد الشركات والمستهلكين العالميين تكاليف باهظة]، وهم يتحدثون عن فاعلية العمليات البحرية في البحر.
كذلك فيما يتعلَّق أَيْـضاً بعدم جدوائية العدوان الإسرائيلي لتحقيق الردع، عدوان العدوّ الإسرائيلي على الحديدة، أنه لن يجدي شيئاً أبداً في استعادة أَو تحقيق الردع لمنع العمليات اليمنية، التي هي إسناد للشعب الفلسطيني في غزة، في القناة الثانية عشرة الإسرائيلية يقولون: [من الواضح أنَّ الحوثيين أنشأوا في السنوات الأخيرة خط إنتاج محلي، للصواريخ والطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة المتقدِّمة، لضرب أهداف في إسرائيل بشكلٍ فعَّال]، وهم يعترفون، يعترفون بأنَّ هذا تصنيعٌ يمني، وإنتاج يمني، إنتاج محلي للصواريخ والطائرات بدون طيار.
كذلك يعترفون بتأثيرِ العملية على الوضع الاقتصادي الإسرائيلي، [أدَّت التوترات]، يقولون في صحيفة معاريف الإسرائيلية، [مع الحوثيين إلى تراجع البورصة الإسرائيلية، حَيثُ افتتح أسبوع التداول، مع انخفاض الأسعار مواصلاً الاتّجاه الهبوطي، الذي ضرب سوق الأسهم خلال عطلة نهاية الأسبوع، وتأثرت شركات الطاقة والعقارات بشكلٍ خاص بالتوترات العسكرية]، يؤثِّر على وضعهم الاقتصادي والأمني بشكلٍ كبير.
ثم أَيْـضاً هناك في موقع أمريكي اعتراف بأنه: طالما كان هناك استمرارية في العدوان على قطاع غزة والحصار، فالحرب مُستمرّة، والاستهداف للعدو الإسرائيلي سيستمر، يقولون: [إنَّ الحرب في غزة هي المحرك الرئيسي لكل هذه الصراعات الأُخرى]؛ لأنها جبهات إسناد لمناصرة الشعب الفلسطيني، ولن يتم حَـلُّ أيٍّ منها بنجاح حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحصار الذي يخنق الشعب الفلسطيني هناك.
أيضاً من الاعترافات التي اعترف بها بعضُ الصهاينة، قولهم: [نحن نميلُ إلى التقليل من شأن الحوثيين؛ بسَببِ الصور التي نراها، هذا عدوٌّ خطيرٌ للغاية، ومجهزٌ بأحدث الأسلحة، ولديهم بنكٌ من الأهداف، وهم على استعداد جيد لمهاجمة إسرائيل]، وهذا شيء جيد، أن تكون نظرة العدوّ إلى الشعب اليمني، وقواته المسلحة، ومجاهديه الأعزاء، بأنهم: [عدوٌّ خطيرٌ للغاية]، هذا يدل على فاعلية ما يقوم به المجاهدون الأعزاء في الجيش اليمني، والقوات المسلحة بشكلٍ كبير.
أيضاً أقرَّ العدوّ بأن القوات المسلحة اليمنية استهدفت أم الرشراش، لاستهداف أهداف تابعة للعدو الصهيوني، بأكثر من (مائتين صاروخ وطائرة مسيَّرة).
يقولُ أَيْـضاً أحدُ الصهاينة فيما يتعلَّق بالوضع في أم الرشراش التي يسميها العدوّ بـ [إيلات]، عن مدى القلق الذي يعاني منه اليهود الصهاينة هناك: [نحن نشعر بالقلق]، ونحن نريدهم أن يقلقوا جداً، [هناك أشخاصٌ في حالة قلق دائم، الهجمات لا تنتهي، والإنذارات أصبحت شيئاً عادياً في المدينة]، يعني: شيئاً مُستمرّاً لا يكاد توقف، [الناس لا ينامون ليلاً]، ونحن نريدهم أن يكونوا في منتهى القلق، وألَّا يناموا، وألَّا ينعموا أبداً بالاستقرار، وهم محتلّون، مجرمون، مغتصبون، ظالمون.
فيما يتعلَّق أَيْـضاً بالجانب الأمريكي، في فشله الكبير على مستوى منع العمليات في البحر الأحمر، هناك أَيْـضاً مما هو بارزٌ في هذا السياق، وهو تقريرٌ لصحيفة (وول ستريت جورنال – Wall Street Journal)، يقول: [إنَّ القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، وجَّه مؤخّراً في رسالةٍ سرية إلى وزير الدفاع الأمريكي، من أنَّ العمليات العسكرية في المنطقة فشلت في ردع هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، وأنَّ هناك حاجةً إلى نهجٍ أوسعَ وفقاً لمسؤولين أمريكيين]. أَيْـضاً في سياقٍ موازٍ، هناك كاتبٌ وباحثٌ في معهدٍ أمريكي، قال: [إنَّ عملية حارس الازدهار انتهت إلى فشل مهين].
فيما يتعلَّق أَيْـضاً بالإعلام الصهيوني وتعليقه على العملية (عملية يافا)، التي هزت كيان العدوّ الصهيوني، في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية الصهيونية، يقولون: [يشكِّل الحوثيون مشكلة بالنسبة لإسرائيل ومشكلةً صعبة، منذ انضمام الحوثيين إلى القتال ضد إسرائيل، لم تتوقف التهديدات القادمة من اليمن لحظةً واحدة، ولا ينبغي تجاهل القوة البشرية الهائلة للحوثيين، لقد نفَّذوا في الأشهر الأخيرة تدريبات في أراضيهم، صحيحٌ أنهم بعيدون جِـدًّا عن إسرائيل، وصحيح أنَّ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هو الذي نفَّذ معظم الهجمات ضد أهداف الحوثيين في اليمن في الأشهر الأخيرة، لكن هذه المرة ثبت أنَّهم مشكلة للإسرائيليين أيضاً، ومشكلة خطيرة]، هذه التوصيفات التي يصف بها الإسرائيليون يصفون الشعب اليمني ومجاهديه الأعزاء بهذه الأوصاف: بأنهم [مشكلة بالنسبة للإسرائيليين، ومشكلة صعبة، ومشكلة خطيرة، وعدوٌ خطيرٌ للغاية]، هذا ما نتمنى، وما نسعى له، وما نريده، نريد أن يكون دور شعبنا العزيز يمن الإيمان والحكمة، وقواته المسلحة، مجاهديه الأعزاء، أن يكون الوضع بالنسبة لنا في هذا البلد على المستوى الرسمي والشعبي بهذا المستوى من التأثير، والفاعلية، والحضور الكبير لإسناد الشعب الفلسطيني، بما يؤثِّر على العدوّ الإسرائيلي، بما يقلقه، بما يضغط عليه، بما ينكِّل به، بما يُلحِق به الضرر البالغ، هذا ما نسعى له بمعونة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
هناك أَيْـضاً الكثير من التصريحات المتعلِّقة بهذا الموضوع، لا نكثر منها؛ إنما نوردُ القليل، وهناك الكثير جداً؛ لأن الإعلام الإسرائيلي تحوَّل إلى الحديث عن (عملية يافا)، وما يترتب عليها، وكذلك في الإعلام الأمريكي والبريطاني بشكلٍ كبير، فكانت من أكثر المواضيع التي احتلت مكانةً كبيرة في الحديث عنها، والتعليق عليها.
وصَفَ مسؤولٌ كبيرٌ في جيش الاحتلال الإسرائيلي العملية اليمنية التي استهدفت ما يسميه العدوّ [تل أبيب]، أنها [7 أُكتوبر الدفاع الجوي الإسرائيلي]، يعني: يشبهها فيما يتعلَّق بالدفاع الجوي، والنكسة التي كانت نكسةً حقيقيةً له، كما النكسة للجيش الإسرائيلي المجرم في (عملية (طوفان الأقصى) في السابع من أُكتوبر، وقال المسؤول الذي هو في الجيش الإسرائيلي: [إنَّ نجاح اليمن في إطلاق المسيَّرة المتفجر إلى وسط تل أبيب، هو فشلٌ مُدَوٍّ لنظام الدفاع الجوي، والذي يمثل نهاية عصر السماء النظيفة، الذي كانت تتغنى فيه إسرائيل لعدة سنوات]، لعدة سنوات والعدوّ الإسرائيلي يتباهى بنظام دفاعه الجوي، وأنَّه متطورٌ للغاية، ويطلق عليه عناوين وأسماء كثيرة، فإذا به يفشل كُـلّ هذا الفشل، وهو في ذروة الأحداث والتحديات، ويفترض أنه في منتهى الجهوزية والاستعداد، ثم يفشل بذلك المستوى من الفشل.
ثم فيما يتعلَّق بالعدوان الذي نفَّذه العدوّ الإسرائيلي في الحديدة، يقول موقع أمريكي، وهو ينقل عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين يقدِّرون [أنَّ الهجوم على الحديدة لن يردع الحوثيين عن مضايقة إسرائيل]، بهذا التعبير يقولون، ومصدر أمني إسرائيلي كبير، يقول كذلك: [الحوثيون في حالة حربٍ مع كُـلّ ما يحيط بهم منذ سنوات عديدة، ويعرفون كيفية استيعاب الضربات]، وقال: [الحوثيون عدوٌّ غريب، ولا تنطبق عليهم قواعد الردع المعتادة]، هو يعرف بالتجربة تصميم الجيش اليمني، وثباته، وعزمه، بفعل انتمائه الإيماني، ووعيه القرآني.
كذلك فيما يتعلَّق بالهجوم على ميناء الحديدة، يقولون: [من المشكوك فيه أن يكون لهذا الرد تأثير دائمٌ على قدرة الحوثيين، أَو دوافعهم لشن المزيد من الهجمات]، فهم يدركون أنَّ الجيش اليمني سيستمر في عملياته، وأنَّ العدوان الإسرائيلي لن يؤثر عليه، وهناك الكثير جِـدًّا مما يمكن أن تلحظه وسائل الإعلام من التعليقات والمواقف التي تعبِّر عن الصدمة، والإحباط الحقيقي لدى العدوّ الإسرائيلي، تجاه هذه العمليات.
فيما يتعلَّق بالعدوان الإسرائيلي، الذي استهدف خزانات المازوت والديزل في ميناء الحديدة، الذي يستقبل ما يأتي به التجار ليبيعوه للشعب اليمني، العدوان الإسرائيلي -كما تحدثنا عنه- كان:
- استعراضياً من جهة، يعني: استهدف المازوت والديزل لإحداث حرائق؛ مِن أجلِ المشهد، ليكون مشهداً استعراضياً للنيران المشتغلة، والدخان المتصاعد منها أمام جمهوره اليائس، الغاضب، الخائف من جهة.
- ومن جهةٍ ثانية: هو في سياق الاستهداف الاقتصادي لشعبنا العزيز.
- ومن جهة ثالثة: الهدف الرئيسي الذي هو أكثر أهميّة من بقية الأهداف، هو محاولة الردع، ومنع بلدنا من مواصلة الإسناد للشعب الفلسطيني بهذا المستوى المتقدِّم، والمتصاعد من العمليات ضد العدوّ الإسرائيلي.
العدوان الإسرائيلي لن يعيد الردع للعدو الإسرائيلي أبداً؛ لأننا أَسَاساً لم نكن من قبل هذه العملية وهذا المستوى من التصعيد في حالة ردع من جهتنا؛ إنما كنا نسعى باستمرار إلى تطوير قدراتنا بشكلٍ أكبر، لتحقيق مثل هذه الأهداف، ولا نزال في تطوير مُستمرّ -بالاستعانة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- للقدرات لتكون أكثر فاعلية، أكثر قدرة، أكثر تدميراً، أكثر ضرراً على العدو، وتنكيلاً به إن شاء الله.
موقف شعبنا اليمني قويٌّ جداً، وهو ثابتٌ عليه، لن يتزحزح عنه، مهما كانت ردة الفعل من قِبَل العدوّ الإسرائيلي، مهما كانت استعراضية، أَو مهما نتج عنها؛ إنما سيكون كُـلّ ما يحصل من جانب العدوّ الإسرائيلي أَيْـضاً محفزاً أكثر لتصميمٍ أكبر على الانتقام من جهة، وعلى مواصلة نصرة الشعب الفلسطيني، وهو الهدف الأَسَاس من جهةٍ أُخرى؛ ولذلك الرد آتٍ لا بُـدَّ منه على ما قام به العدوّ الإسرائيلي من عدوان على الحديدة، ومن جهةٍ أُخرى: عملياتنا مُستمرّة متواصلة في المرحلة الخامسة، وفي عملٍ مُستمرّ ودؤوب للتصعيد بكل ما يمكننا، لن نتردّد في ذلك أبداً، لإسناد الشعب الفلسطيني المظلوم، المعتدى عليه، ضد العدوّ الإسرائيلي، حتى يوقف إبادته الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويوقف حصاره الخانق، الذي يمنع فيه عن الشعب الفلسطيني الغذاء، والدواء، والمتطلبات الضرورية والأَسَاسية للحياة.
عندما أتى العدوان الإسرائيلي المباشر على الحديدة، كان هناك تضامنٌ كبيرٌ جداً:
- أولاً: من إخوتنا في المحور: من الجمهورية الإسلامية في إيران، من حزب الله في لبنان، من فصائل المقاومة الفلسطينية في فلسطين، وكذلك أَيْـضاً من إخوتنا في العراق، هذا على مستوى المحور، من سوريا، سوريا الإباء.
- ثم أَيْـضاً من خارج المحور، كان هناك على المستوى الرسمي كثير أَو بعضٌ، لا نقول كثيراً، البعض من الأنظمة العربية والإسلامية عبَّرت عن تضامنها مع الشعب اليمني، وعن إدانتها الصريحة والواضحة للعدوان الإسرائيلي.
- البعض كان هناك من قِبَلهم بيانات لا بأس بها، وإن لم تصرِّح بوضوح بالإدانة، لكن عبَّرت عن قلق، أَو نحواً من ذلك.
- على المستوى الشعبي كان هناك تضامنٌ واسع، من جهات، من مؤسّسات، من أحزاب، من شخصيات… من مختلف العالم العربي والإسلامي، ومواقف مشرِّفة أيضاً.
- في الداخل الفلسطيني كان هناك ارتياح كبير جِـدًّا لـ (عملية يافا) من جهة، وتضامناً مع شعبنا العزيز تجاه العدوان الإسرائيلي من جهةٍ أُخرى، هذا فيما يتعلَّق بـ (عملية يافا)، وما تبعها أيضاً، وما بعدها من جانب العدوان الإسرائيلي المستهدف للحديدة.
فيما يتعلَّق بالشأن الفلسطيني أيضاً، كان هناك خطاب للمجرم نتنياهو في الكونغرس الأمريكي، نتحدث عنه باختصارٍ وإيجاز:
أولاً: بالنسبة لنتنياهو المجرم، الذي هو من أبشع المجرمين في هذا القرن، مجرمٌ سيء، تلطَّخت يداه بالدماء، دماء الأطفال والنساء، من أكبر المجرمين في هذا العصر، عندما وقف في الكونغرس ليلقيَ خطابَه، كان من الملفت حجمُ الاحتفاء به داخل الكونغرس الأمريكي، وحظي باحتفاءٍ لم يحظَّ به حتى الرئيسُ الأمريكي هناك عادةً، لم نشاهد مشهداً مثل ذلك المستوى من الاحتفاء في الكونغرس الأمريكي لأي رئيسٍ أمريكي، أَو لشخصية أمريكية، وذلك الاحتفاء في الكونغرس الأمريكي بذلك المستوى، بالمجرم الذي هو مجرم العصر، المجرم المتلطخة يداه بالدماء، هو احتفاء بالإجرام، هو احتفاء بالطغيان، احتفاء بالإبادة الجماعية، وهو يدل على مستوى الدور الأمريكي المشترك في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وقفوا له: (ثمانيَ وخمسين مرةً)، وصفَّقوا له أكثرَ من: (خمسٍ وسبعين مرةً)، يعني: أكثروا من القيام والوقوف له، وكذلك التصفيق الحار له.
خطابُهُ كان مأزوماً، ويظهر المأزِق الذي وصل إليه، كما يظهر عدوانيته وإجرامه، قال في خطابه: [نحن على مفترق طرقٍ تاريخي، والشرق الأوسط يغلي، والصراع ليس بين حضارات؛ وإنما بين البربرية والتحضر]، هذه الجملة إذَا أضيفت إليها مفردتان، تتحول إلى جملة واقعية، الجملة عندما نضيف إليها مفردات: (وإنما بين البربرية الإسرائيلية الصهيونية والتحضر الفلسطيني)، تتحول إلى جملة تكونُ هي أصدقَ جملةً في خطابه، فعلاً ما يجري هو مهمٌ جداً، على مفترق طرق تاريخي، وفعلاً المنطقة العربية بكلها ومحيطها تغلي، لكن لماذا؟ لأن هناك أكبر إبادة جماعية ترتكب في هذا العصر، في نطاق جغرافي محدود، هو قطاع غزة، يرتكبها العدوّ الإسرائيلي، البربري، الإجرامي، المتوحش، الذي تنطبق على جرائمه كُـلّ العبارات المعبِّرة عن الشر والإجرام.
كان خطابه مشحوناً بالأكاذيب، ومتنكراً للحقائق الكبرى المعلومة قطعاً، التي ملأت سمع الدنيا وبصرها، أنكر القتل للمدنيين، والمشاهد اليومية، مشاهد مباشرة، ومشاهد غير مباشرة، تتبع وتلحق، تقدِّم الصورة الحقيقية الواضحة من قطاع غزة للشهداء وكلهم مدنيون، شهداء أطفال ونساء، كباراً وصغاراً.
أيضاً في توصيفه لعدوانه والعدوان من العدوّ الإسرائيلي على غزة، كان واضحًا فيه التنكر للحقائق، والتزييف والافتراء والكذب، ركَّز في خطابه على التحريض للأمريكي؛ لدعمه أكثر، ولاشتراكه في الجرائم أكثر، ولتوسيع نطاق العدوان أكثر، وهذا ما يسعى له المجرم نتنياهو، يسعى له العدوّ الإسرائيلي بشكلٍ عام، هو يسعى لتحريض الأمريكي ليدعمه أكثر، مع أنه يقدِّم له دعماً كَبيراً جداً، ويشترك معه، لكنه يريد منه المزيد أكثر وأكثر، ويريد توسيع نطاق العدوان الأمريكي.
في خطابه ذلك كان يتحدث عن العرب بطريقة ساخرة، وبسفسطة، وكلام سخيف، وكأنهم لا قضية لهم، وكأنه لا وجود لفلسطين والأقصى، ولا للشعب الفلسطيني، وكأن المسألة فقط أنَّ هناك نزاع بين العدوّ الإسرائيلي من جهة، وإيران من جهة، فيطلب من العرب أن يتحالفوا معه (مع العدوّ الإسرائيلي) ضد إيران، ونحن هنا نتساءل: ما هو ذنب إيران؟ لماذا هذا العداء لإيران؟ ذنب إيران الوحيد: أنها دولةٌ إسلاميةٌ متحرّرةٌ من الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، وتؤدِّي واجبها الإسلامي في دعم الشعب الفلسطيني، ومساندته، ومساندة العرب عُمُـومًا ضد عدوهم، وعدو الإسلام والمسلمين، وعدو البشرية جمعاء، وهو العدوّ الإسرائيلي، الذي استهدف العرب من يومه الأول لاحتلال أرضهم، وأوطانهم، وقتلهم، وإبادتهم، وإذلالهم، واستهدافهم بكل أشكال الاستهداف، هذا هو ذنب إيران، ليس لها مشكلة أُخرى مع العدوّ الإسرائيلي إلَّا هذه المشكلة: أنها بلدٌ إسلاميٌّ حُـرٌّ، وفي نفس الوقت تؤدِّي واجبها الإسلامي في مناصرة بقية المسلمين، حينما يستهدفهم عدوهم الحقيقي.
أمَّا أنَّ إيران تحاول أن تتمترسَ بالعرب في مواجهة بينها وبين إسرائيل، هذا غيرُ صحيحٍ أبداً، إيران في موقع القوة، عندما استهدف العدوّ الإسرائيلي قنصليتها في دمشق، أمطرت العدوّ الإسرائيلي بالمئات من الصواريخ والطائرات المسيَّرة، هي تساند العرب، تدعمهم؛ لأن العدوّ الإسرائيلي استهدفهم هم، احتل فلسطين العربية، بلاد عربية إسلامية، استهدف لبنان، وسوريا، والأردن، ومصر، وكلها بلدان عربية إسلامية، كُـلّ تهديده بالدرجة الأولى، وقبل كُـلّ البلدان الأُخرى، يستهدف البلدان العربية، والشعب العربي، الجرائم التي ينفِّذها على مدى عشرة أشهر، جرائم إبادة جماعية يقتل بها الفلسطينيين العرب المسلمين، أَو أنه يقتل الشعب الإيراني، وحتى لو استهدف الشعب الإيراني المسلم، وشنَّ عدواناً ضد إيرانَ التي هي بلدٌ إسلامي؛ لَكَانَ من واجب المسلمين أن يقفوا مع إيران، لا مع العدوِّ الإسرائيلي.
كلمةُ الإسرائيلي عن تحالفٍ يسمِّيه تحالف [إبراهام]، يعني: إبراهيم، يطلب أن يتعاونَ معه العربُ، وفي واقع الحال هو يريدهم أن يتعاونوا ضد فلسطين، وضد أنفسهم كعرب، وضد المسلمين، وهو كلام سخيف جداً، سخيفٌ جداً، ولكن يتناغم معه البعض من العرب، ممن يحملون راية التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي، ويوالونه.
الإجرامُ الفظيعُ من العدوّ الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وما وراءه من خلفية عقائدية للعدو الإسرائيلي، هي تُثبِتُ عداءَه الشديد للمسلمين جميعاً، وفي مقدِّمتهم: العرب، الذين لا يعترفون بأنهم من البشر، لا يعتبرهم بشراً، هو يعتبرهم مُجَـرّد حيوانات، عندما أطلق هذا التوصيف على الشعب الفلسطيني العزيز في قطاع غزة، هو لا يقتصر عليه، هذه هي العقيدة الإسرائيلية، وهذا هو التوصيف الإسرائيلي، والموجود في كتب الإسرائيليين، في ثقافتهم، في معتقداتهم تجاه العرب جميعاً، وهم يهتفون بشعار: [الموت للعرب]، وهم يضمِّنون هذا المعتقد الباطل: [بأن العرب مُجَـرّد حيوانات بشكل بشر]، حتى في مناهجهم الدراسية الدينية، إلى هذا الحد! فمن هو الذي ينبغي أن يقف معه العرب: أن يقفوا مع أنفسهم، مع الشعب الفلسطيني، في قضاياهم هم ضد عدوهم الذي استهدفهم، أَو أن يقفوا مع عدوهم، الذي يستهدفهم بكل أشكال الاستهداف، ولا يعترف لهم حتى بأنهم من البشر؟!
في خطابه شكا نتنياهو من (عملية يافا)، ونحن نؤكّـد له أنَّ المزيد من العمليات التي تستهدف العدوّ الإسرائيلي في يافا المحتلّة، التي يسميها بـ [تل أبيب]، آتٍ بإذن الله.
العدوان الهمجي للعدو الإسرائيلي على غزة، والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، يكفيان في تقديم وفرض الحقيقة الواضحة الناصعة: عن من هو العدوّ لهذه الأُمَّــة، وعن الهمجية والإجرام من جانب الأمريكي، المشترك مع الإسرائيلي في كُـلّ ما يحدث، وعن وحشية العدوِّ الإسرائيلي؛ فعندما نأتي -مثلاً- إلى خطاب نتنياهو وهو يتحدث عن العرب، وعن أهميّة تحالفهم معه، وشراكتهم معه، كيف يتحالفون مع مجرمٍ، متوحشٍ، يشكِّل خطراً على الأمن والاستقرار على المستوى العالمي!
الأمريكيون وهم هناك في أمريكا، في أوساط الشعب الأمريكي خرجت مظاهرات كبيرة للاحتجاج ضد نتنياهو، والعدوان الإسرائيلي على غزة، والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، في محيط الكونغرس، وهو يلقي خطابَه هناك آلافٌ من أوساط الشعب الأمريكي يتظاهرون احتجاجاً ضده؛ ولذلك من يتغابى من العرب، ويكرّر نفس المنطق الإسرائيلي بالعداء لمن يعادي إسرائيلَ، العداء للفصائل الفلسطينية التي تتصدى للعدو الإسرائيلي، العداء للمحور: محور القدس والأقصى، العداء لجمهورية إيران الإسلامية، ويتناسى ما يفعله العدوّ الإسرائيلي؛ فهو يصل في حالة الغباء الشديد جداً، أكثر من تغابي الإسرائيليين، أَو بني إسرائيل يوم قالوا: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}[البقرة:70]، كيف يشتبه على الإنسان من هو العدوّ الحقيقي للأُمَّـة، ومن هو الصديق! الأمور جلية وواضحة جداً، يخرج الشعب الأمريكي ليتظاهر الآلاف منه؛ إسناداً للشعب الفلسطيني، ضد العدوّ الإسرائيلي وضد نتنياهو، والبعض يتغابى أمام هذه الحقيقة.
أمَّا الأحرارُ من أبناء الأُمَّــة، فقد صنعوا معادلةً جديدةً، وفتحوا جبهاتِ الإسناد التي تتواصل وتصعِّد لدعم الشعب الفلسطيني، وكذلك هو التحَرّك الشعبي لكل الأحرار في كُـلّ الميادين: في الجبهة الإعلامية، في المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، المظاهرات أَيْـضاً مُستمرّة في دول متعددة، على المستوى الغربي، هناك دولٌ كثيرة تستمر فيها المظاهرات، في هذا الأسبوع خرجت مظاهرات في عدد من البلدان الغربية، وفي العالم العربي أَيْـضاً استمر الخروج في هذا الأسبوع في عشرات المدن المغربية، وأشادوا بالعمليات اليمنية، وكذلك هناك خروج كبير أَيْـضاً في الأردن.
شعبُنا العزيز كان خروجُه في الأسبوع الماضي عظيماً وكبيراً، في عدد (مِئتَينِ وثمانٍ وثمانين مسيرةً) تقريباً، وهُتافاتُ الملايين كانت مؤيِّدة لـ (عملية يافا).
العملياتُ العسكرية التي ينفِّذها جيشنا اليمني ستكون متواصلة في البحار، وإلى عمق فلسطين بإذن الله تعالى، الهجمات المعادية التي ينفِّذها الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني، لن توقفنا عن الاستمرار في العمليات، ولا عن التصعيد في المرحلة الخامسة، في هذا الأسبوع نفَّذ الطيرانُ الأمريكي غاراتٍ في الحديدة، وحجّـةَ، وتعز، وصعدة، إضافةً إلى العدوان الإسرائيلي في الحديدة.
غداً -إن شاء الله تعالى- يسمعُ العالَمُ كُلَّه، ويسمعُ الصديقُ والعدوُّ، هُتافاتِ شعبنا العزيز في خروجه المليوني الأسبوع، مؤكّـداً مواصلة العمليات، والفعاليات، والمظاهرات، ومؤكّـداً أَيْـضاً فشل العدوان الإسرائيلي في منع العمليات اليمنية المناصرة للشعب الفلسطيني المظلوم، الخروجُ يوم الغد هو مهمٌّ جِـدًّا للرد الشعبي على العدوان الإسرائيلي، وإن شاء الله ننبِّهُ الإخوةَ القائمين على البرنامج أن يتنبَّهوا من التطويل، لا يطولوا في البرنامج؛ حتى لا يتأخروا أثناءَ المظاهرات إن شاء الله، الحضور الشعبي الواسع يحضر فيه الكبار، الصغار، يحضر فيه الجميع شيباً وشباناً؛ ولذلك ينبغي عدم التطويل في البرنامج.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليوني يوم غد الجمعة، في العاصمة صنعاء وسائر المحافظات والمديريات، حسب الإجراءات المعتمدة، خروجُكم يوم الغد هو ذو أهميّة كبرى؛ ليؤكّـدَ للعدوِّ الإسرائيلي أنَّ هذا الشعب العزيز لا يرهبه أي عدوان مهما كان، وأنَّه مُستمرٌّ على موقفه الإيماني، المبدئي، الجهادي، الشجاع، والحر، والإنساني، والأخلاقي، لمناصرة الشعب الفلسطيني.
نَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصرِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِي المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَاء، وأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.