إيْــرَاداتُ الزكاة
تُعَـــدُّ الزكاةُ الركنَ الثالثَ من أركانِ الإسْـلَام بعد الصيام لأهميتها على حياة الفرد المسلم والمجتمع معاً، وقد حدّد اللهُ جل علاه مصارفَ الزكاة بالفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم والرقاب والغارمين وابن السبيل ومصرف ابن السبيل، وبالنسبة لوضعنا الحالي في اليمن معيشياً واقْتصَادياً الناتج عن الحصار فان إيْرَادات الزكاة بإمكانها أَن تحد من معاناة الآلاف من الفقراء والمساكين والنازحين والمعسرين في السجون والغارمين، بالإضَافَة إلَـى المجاهدين في سبيل الله.
فإيْرَادات الزكاة في اليمن تتجاوز الملايين إلَـى المليارات إلَـى عشرات المليارات ولكن للأسف لم تُصرف تلك الأَمْوَال الضخمة الكفيلة برفع معاناة الآلاف من المواطنين وفك عسر المئات من المعسرين وتقديم العون للنازحين والغارمين في مصارفها الشرعية ولا يزال مصيرها غامضاً، فهي موارد مشتركة بين السلطات المركزية والمحلية من جانب، كما أَن قانون السلطة المحلية يعتبرها مواردَ محلية خالصة بنسبة 100%.
ما لفت نظري حول هذا الموضوع الهام الخلافات التي أثارها مؤخراً مشروع إنشاء هيئة متخصصة للزكاة المقدم من قبل وزارة الإدَارَة المحلية لمجلس القائمين بأَعْمَال الوزراء والذي أقر خلال شهر رمضان الماضي، وعلى الرغم من الأَهْدَاف النبيلة التي يحملها مشروع الهيئة التي ستتولى تحسين وجباية وتنظيم صرف تلك الإيْرَادات على مصارفها الشرعية، إلا أَن السلطة المحلية في أمانة العاصمة صنعاء التي ارتفع إجمالي إيْرَاداتها الزكوية إلَـى أَكْثَر من 9 مليارات ريال اعترضت بقوة على المشروع، واجمعت في اجتماع استثنائي برئاسة أمين العاصمة عَبدالقادر على هلال على رفضه والوقوف ضده؛ كونه يستهدف شرعية المجالس المحلية المنتخبة من قبل الشعب، واعتبرت مشروع الهيئة مخالفاً لقانون السلطة المحلية وللدستور، وحَمَّل وزارة الإدَارَة المحلية ومجلس القائمين بأَعْمَال الوزراء مسئولية التداعيات والسلبيات والآثار المترتبة على ذلك القرار المجهض للتنمية حد وصفها، وأشارت إلَـى أَن تحويل هذه الموارد إلَـى مركزية سيخلق أضراراً كارثية على أداء السلطة المحلية وأجهزتها التنفيذية وسيكون لها تأثيرٌ سلبيّ على مصالح وخدمات المواطنين، وطالبت السلطة المحلية مجلس القائمين بالأَعْمَال بسرعة الغاء القرار ووقفة.
ولكن الحقيقة إلَـى أَن هيئة الزكاة المقترح انشائها وفق المشروع المقدم من قبل وزارة الإدَارَة المحلية لا يهدف إلَـى الغاء المجالس الحلية أَوْ انتزاع إيْرَاداتها المالية الممثلة بالزكاة، بل يهدف إلَـى تنظيم صرف تلك الأَمْوَال وفق مصارفها الشرعية تحت إشراف المجالس المحلية في العاصمة والمحافظات تنفيذاً لقانون السلطة المحلية رقم 4 لسنه 2000 ولائحته التنفيذية الذي يخول وزارة الإدَارَة المحلية تنظيم وتحسين تلك الإيْرَادات وغيرها من إيْرَادات السلطة المحلية.
ولذلك كان بالأحرى بالسلطة المحلية في أمانة العاصمة أَن تتجاوب مع المشروع؛ كون أَهْدَافه إنْسَـانية خيرية تنموية يستهدفُ شرائح الفقراء والمساكين والغارمين وبقية مصارف الزكاة، لا أَن تعترض عليه فنحن اليوم بأمسّ الحاجة إلَـى توظيف تلك الإيْرَادات الزكوية على مصارفها الشرعية للحد من معاناة المواطن اليمني وعدم الاتكال على الفتات التي تقدمه المنظمات الدولية من مساعدات ومنح إغاثية.