الإمامُ زيد وموقفُه من علماء السوء
عدنان علي الكبسي
قد يقف الإنسان أمام الواقع السيء للأُمَّـة الإسلامية فيتبادر إلى أذهان الجميع عدة أسئلة، ولا بُـدَّ أن نضعها لنعرف أين الخلل، ومن وراء هذا الصمت الرهيب والتخاذل الكبير أمام ما يحصل في غزة.
ما الذي أصاب الأُمَّــة حتى أنها تقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد جرائم العدوّ الإسرائيلي في فلسطين؟، هل حكام المسلمين هم من كمموا أفواه المجتمعات الإسلامية حتى عن أن تتكلم بكلمة مساندة للفلسطينيين؟، هل سلاطين الجور من فرضوا ببطشهم وجبروتهم بأن تذعن الأُمَّــة للظلم والطغيان؟، هل يمكن للأُمَّـة أن تستسلم وتخضع لظلم حكامها على طول تاريخ الإسلام بدون بنيان مهده آخرون لهم؟
علماء المسلمين لهم دور كبير في صلاح الأُمَّــة أَو فسادها، هم لهم اليد فيما يحصل للأُمَّـة من ظلم واضطهاد وذل وقهر واستعباد، بهم يقتدي الناس، وبهم يتأسى المجتمع.
فنرى حقيقة، عندما أرادت أمريكا شن الحرب على إيران بعد قيام الثورة الإيرانية التي أطاحت بنظام العمالة، وتحرّرت إيران من الهيمنة الأمريكية، فتحَرّك الجيش العراقي ليعلن حربه ضد الثورة الإيرانية وتحَرّك علماء السوء بفتاوى وجوب الجهاد ضد الدولة الشيعية الرافضية المجوسية الإيرانية الكافرة حسب فتاويهم، ولما احتلت أمريكا العراق انتهى مفعول الجهاد لدى علماء السوء.
أرادت أمريكا شن الحرب ضد الاتّحاد السوفيتي في أفغانستان وتحَرّك علماء السوء وخطباء الضلال للحث على التحَرّك إلى أفغانستان لمواجهة الاتّحاد السوفيتي الشيوعي الماركسي الملحد الكافر، ولما احتلت أمريكا أفغانستان لا يجوز القتال في أفغانستان.
أرادت أمريكا ودول الغرب الكافر بناء قواعد عسكرية لهم في الجزيرة العربية، فأصدر علماء السوء فتاوى بوجوب الاستعانة بالكفار على قتال المتمردين من المسلمين حسب زعمهم.
أرادت أمريكا شن عدوان فاشي همجي على الشعب اليمني فتحَرّكت السعوديّة والإمارات في تحالف عبري لشن عدوان إجرامي على اليمن، وذهب علماء السوء لإصدار فتاوى بوجوب قتال الشعب اليمني الشيعي الرافضي المجوسي سباب الصحابة حسب زعمهم.
أرادت أمريكا تدمير سوريا فبادر علماء السوء بالتحريض والتأليب ضد الشعب السوري العلوي الكافر، والقواعد الأمريكية في سوريا لا جهاد ضدها.
أرادت أمريكا تدمير ليبيا فهب علماء السوء هبة علمائية بوجوب الجهاد في ليبيا ولا يجوز الجهاد في ليبيا ضد الاحتلال الغربي.
الشعب البحريني شيعة كفار، الشعب العراقي شيعة كفار، الصومال والسودان كفار، الشيعة بكل فئاتهم كفار، المذاهب السنية كفار، المالكية، الشافعية، الحنفية، الحنابلة، الصوفية كُـلّ هؤلاء وإن كانوا من أهل السنة والجماعة فهم مبتدعة كفار.
الملايين من أبناء الأُمَّــة الإسلامية قُتلوا ظلمًا وعدوانًا بفتاوى علماء السوء، دمّـرت البيوت، هُدمت المساجد، مُنعت الصلوات، بل وتم قتل المصلين داخل بيوت الله، ظهر الفساد، وتوسع الظلم، وانتشرت الفواحش بأنواعها (الزنا، والفاحشة المثلية)، وقُتل الأطفال والنساء، واُنتهكت الأعراض، وسُبيت النساء، ونُهبت ثروات الأُمَّــة، وشُربت الخمور، وتباهى الفاسقون بفسقهم، وتفاخر الظالمون بظلمهم، وعلماء السوء همهم تدجين الأُمَّــة لطاعة سلاطين الجور.
علماء السوء من أسس بنيان الظالمين، وثبت قواعد الطغاة، بهم صعد المجرمون سدة الحكم، وبهم استند العملاء، وبهم بُنيت قواعد عسكرية أمريكية ضخمة في البلدان الإسلامية، وبهم اعتمد المجرم الصهيوني في إبادة الشعب الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني يُباد في قطاع غزة ولا يرون وجوب الجهاد في سبيل الله لمواجهة العدوّ الإسرائيلي، بل ذهب علماء السوء إلى ما هو أكبر فنسبوا إلى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) بهتانًا وكذبًا (تصطلحون أنتم والروم، قالوا: (اليهود والنصارى)، قال: نعم، صلحًا عاماً، فتقاتلون عدوًا لكم وعدوًا لهم) في تهيئة واضحة وصريحة لمساندة العدوّ الصهيوني، والقتال بجانب اليهود ضد أولياء الله المجاهدين الأحرار الشرفاء الذين هم في مسار المواجهة ضد العدوّ الإسرائيلي.
كلّ جريمة في هذا العالم المسؤول الأول عنها هم العلماء بما استحفظهم الله من كتابه وسنة نبيه (صلوات الله عليه وعلى آله)، فاشتركوا مع المجرمين في إجرامهم ومع القتلة في قتلهم، ومع المفسدين في إفسادهم، ومع الظالمين في ظلمهم، ومع الطغاة في طغيانهم، وكلّ دم يُسفك في فلسطين بيد العدوّ الصهيوني فهم مع اليهود فيه شركاء.
الإمام زيد -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- في رسالته إلى علماء الأُمَّــة يقول: (فيا علماء السوء، هذا مهادكم الذي مَهَدَتمُوه للظالمين، وهذا أمانكم الذي ائتمنتموه للخائنين، وهذه شهادتكم للمبطلين، فأنتم معهم في النار غدًا خالدون: {ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} فلو كنتم سلمتم إلى أهل الحق حقهم، وأقرّرتم لأهل الفضل بفضلهم، لكنتم أولياء الله، ولكنتم من العلماء به حقًا الذين امتدحهم الله عز وجل في كتابه بالخشية منه).