ماذا تعني حفاوة الكونجرس الأمريكي بمجرم الحرب «نتنياهو»؟
محمد علي الحريشي
شاهد العالم أجمع مشاهد المسرحية الكوميدية التي حدثت فصولها نهاية الأسبوع المنصرم تحت قبة الكونجرس الأمريكي في واشنطن عندما ألقى مجرم الحرب رئيس وزراء حكومة الكيان الغاصب «ناتنياهو» خطاب الفشل وخيبة الأمل أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي الذين يمثلون اللوبي الصهيوني، فمن تحليل الحبكات المسرحية الكوميدية مثل تكرار النهوض بالوقوف والتصفيق الحار والطويل من قبل أعضاء الكونجرس، يتضح أن المسرحية بجميع مشاهدها موجهة نحو الداخل الصهيوني بعد أنّ فقد الأمل بالأمن ودبت في نفوس المستوطنين مشاعر القلق من تنامي الخطر الذي يشكله عليهم قوى محور المقاومة الذي وصلت صواريخهم إلى قلب الكيان المحتلّ في تل أبيب، ما هي الرسالة التي حملها أعضاء الكونجرس الأمريكي بحفاوتهم المصطنعة لمجرم الحرب ناتنياهو الذي وصل إليهم ويداه ملطختان بدماء أطفال ونساء وشيوخ فلسطين؟ وما هي الرسالة المقابلة التي أراد إيصالها عدد من اليهود الأمريكان المحتجين في ساحة الكونجرس والرافضين للمجازر الصهيونية في قطاع غزة؟
نعم حدث في نفس الوقت مشهدان متناقضان لهما دلالات بالغة، المشهد الأول داخل الكونجرس الأمريكي وهو مجرم حرب يلقي خطاباً استعطافياً مهزوماً ومهزوزاً، ومجموعة من أعضاء الكونجرس يصفقون وينهضون واقفين على أقدامهم تأييداً ومناصرة لمجرم الحرب الذي يقف أمامهم، المشهد الثاني مجموعة من اليهود محتجين رافضين لوجود ناتنياهو في أمريكا ويهتفون ضده ورافضين لحربه المدمّـرة والوحشية في قطاع غزة ضد الفلسطينيين، هذا التناقض الدراماتيكي يكشف مدى وخطورة الانقسام داخل المجتمع الأمريكي؛ بسَببِ السياسات الفاشلة التي تنتهجها إدارة البيت الأبيض الأمريكي تجاه عدد من القضايا الدولية ونزعتها الانتقامية التي نتج عنها إثارة حرب استنزاف ضد روسيا تضرر الشعب الأمريكي في الجانب الاقتصادي منها ومن تبعاتها وكذا وقوفها المتهور مع حكومة الكيان المحتلّ؛ الأمر الذي نتج عنه تضرر مصالح الشعب الأمريكي الاقتصادية جراء الإنفاق الباهظ في صفقات السلاح لحكومة العدوّ وما ترتب على تدخلها العسكري في البحر الأحمر لفك الحصار الاقتصادي عن الموانئ الصهيونية وما جرى لبحريتها وحاملات طائراتها وبوارجها الحربية من ضربات عسكرية في البحر الأحمر من قبل القوات المسلحة اليمنية، هذا الفشل العسكري لم تعهده البحرية الأمريكية منذ أربعينيات القرن الماضي.
لم ولن تحدث مشاهد مسرحية الكونجرس الأمريكي الأثر والنتائج المرجوة لصالح مجرم الحرب في استعادة مكانته داخل المجتمع الصهيوني؛ لأَنَّ رئيس وزراء العدوّ لم يأتِ إلى واشنطن وفي جعبته أوراق سياسية تجعله يرفع رأسه بل وصل وهو محمل بهزائم وفشل كبير حَـلّ به من قبل المقاومة الفلسطينية ومعها قوى محور المقاومة، وصل إلى واشنطن وهو محمل بمقدار كبير من الخيبة جراء الصدمة والمفاجأة التي أرسلها إليه الجيش اليمني وبسبب الفشل الذي يواجهه في الشمال الفلسطيني المحتلّ من قبل مقاومة حزب الله، وصل ناتنياهو إلى واشنطن في نفس الوقت الذي تشهد فيه الإدارة الأمريكية نكسة مؤثرة؛ بسَببِ تنامي الخلافات السياسية داخل الحزب الديمقراطي الحاكم وما جرى من إعلان مفاجئ للرئيس الأمريكي بتنحيه عن الترشح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر القادم، ففي ظل هذه الأوضاع السياسية المربكة والمشحونة داخل الولايات المتحدة الأمريكية لم يجد نَتنياهو المكتب البيضاوي في استقباله الذي عادة ما يحتفي بزيارات رؤساء وزراء الحكومة الصهيونية؛ لأَنَّ سيد البيت الأبيض هو الآخر معزول ومخلوع من الرئاسة الأمريكية القادمة ويعاني الفشل وخيبة الأمل التي يعانيها رئيس الوزراء الصهيوني نفسه، لذلك لم يجد اللوبي اليهودي بداً من عمل مسرحية الكونجرس للحفاوة بنَتنياهو.
ما حدث في الكونجرس الأمريكي هي مسرحية هزلية وَزخرفة إعلامية يراد منها رفع معنويات المهزوم رئيس وزراء العدوّ وصرف الأنظار عن فشل زيارته لواشنطن، ورفع شعبيته داخل المجتمع الصهيوني، ويراد منها تخويف قوى محور المقاومة وإرسال إشارات إليها أن أمريكا لن تترك ناتنياهو وحيداً تتقاذفه أمواج قوى محور المقاومة، كُـلّ ذلك لم يحقّق شيئاً وسوف يصحو مجرم الحرب الصهيوني على واقع عسكري جديد ترسله إليه قوى محور المقاومة وسوف يتبدل التصفيق والقيام داخل الكونجرس الأمريكي إلى لطم على الخدود وسقوط على الأرض وحينها سوف يدرك مجرم الحرب ناتنياهو أنه كان يعيش في أحلام يقظة ويسبح في أوهام الجنون بالعظمة التي هشمتها وحطمتها المقاومة الفلسطينية وقوى محور المقاومة.